لفصل السادس والعشرون
دخلا إلى قاعة الاجتماعات لينضما إلى البقية... فاتجهت هاناي صوب يارا وقالت: هل أنت بخير؟؟ لقد تأخرت...
أومأت يارا برأسها بعد أن رسمت ابتسامة شفافة على شفتيها...
فاقتربت هاناي منها أكثر وهمست في أذنها: هناك مفاجأة في انتظارك...
نظرت إليها باستغراب لكنها لم تشأ السؤال... وفضلت الصمت...
فقال كيفن: هذا جيد... بما أن الجميع موجود... فلنستعد للانطلاق...
أومأ الجميع موافقين... فنظر كيفن صوب هيرو نظرة ذات معنى...
فهز هيرو رأسه بهدوء وقال: اتبعوني...
نظر الجميع نحوه بغباء... لكنه غادر متجاهلا إياهم... فتبعوه من دون النطق بحرف واحد...
وقفوا أمام باب حديدي عملاق –ذو لون رمادي- فظهرت أمامهم لوحة مفاتيح صغيرة...
أدخل هيرو شيفرة معينة... ففتح الباب...
ثم دخلوا إلى مكان لم يعلم أحد بوجوده في المنظمة سوى هيرو وكيفن... فوجدوا أنفسهم داخل مخزن عملاق للأسلحة...
فقال جاك: واو... كل هذه أسلحة وأنا آخر من يعلم؟؟
ابتسمت يارا... ثم اقتربت من هيرو وقالت: هل سنخرج في مهمة؟؟
نظر صوبها بحنان –غير معتاد- ثم ابتسم بلطف وقال: أجل... ومهمتنا هي القبض على وولف أندرسون...
شهقت يارا لا شعوريا... بينما واصل هيرو –وهو يتقدم ليحمل بندقية ذات إطلاق بعيد المدى-: نحن نخطط لهذا الأمر منذ مدة... ولا نعد بالحفاظ على حياة أي منكم... لذا من يريد الانسحاب فليفعل...
فقالت سيما بشجاعة تحسد عليها: هذا لن يحصل... لقد وافقنا على العمل هنا منذ البداية... ولن ننسحب في النهاية...
ابتسم هيرو بهدوء وقال: هذا جيد... اختاروا أسلحتكم إذن...
اقتربت يارا من مكان الأسلحة... ولكنها لم تعلم ما تختار... فقدم لها هيرو مسدسا فضيا وهو يقول: أنت تجيدين –على ما يبدو- استعمال هذا النوع... (إنه من ذات النوع الذي استعملته في مهمتها مع كاتيا)
همست لورا في أذن سيما بريبة: ألا تظنين أن هناك شيئا غريبا يحدث بينهما؟؟ هل سبق أن ابتسم هيرو من قبل؟؟
نظرت سيما نحوها... ثم أعادت نظرها نحو لورا وقالت: سأعرف ما يخفيانه عاجلا أم آجلا...
ابتسمت هاناي –التي سمعت حديثهما- بارتباك... ثم ما لبثت أن وجهت نحو يارا نظرات قلقة...
ابتعدت يارا قليلا عن مكان وقوف هيرو وقالت: أعتذر... علي إحضار شيء ما من مكاتبي...
أومأ هيرو دون يشك في أي أمر... فخرجت من المخزن مسرعة... واتجهت نحو غرفة الحاسوب المركزي...
وكما توقعت... كانت الحراسة مشددة على المكان... فحتى قائدو الوحدات لا يسمح لهم بدخول القاعة الرئيسية دون إذن من كيفن...
شدت قبضتها على المسدس... ثم تثبتت من أنه مزود بكاتم للصوت...
صوبت جيدا... ثم أطلقت رصاصتين... لتصيب بذلك آلتي المراقبة...
انتبه الحارسان لوجودها... فقال أحدهما مستغربا: العميلة يارا؟؟
لم يكد ينهي كلامه حتى ركلته يارا بقدمها على بطنه... ثم ضربته بمرفقه على رأسه ليسقط على الأرض مغشيا عليه...
فقال الحارس الآخر: ما الذي حدث أيتها العميلة؟؟
نظرت نحوه بعينين حادتين يتخللهما بعض الألم –وإن لم يكن ملاحظا-... ثم وقفت على يديها لتقوم بدورة كاملة وتركله العديد من الركلات المتتالية... فوقع بدوره على الأرض... إلى أن أغمي عليه من شدة الألم...
امتلأت عيناها بالدموع وهي ترى ما فعلت... لكن ما باليد حيلة... فهيرو أهم شخص بحياتها...
دخلت إلى تلك الغرفة المملوءة بالحواسيب... فلاحظت وجود حاسوب ضخم يتوسطها...
اقتربت منه ثم قامت بفتحه... وأدخلت في القارئ قرصا مضغوطا... حمّلت كل البيانات الموجودة ببرنامجه... ثم قامت بمحو كل الملفات من ذاكرته...
وقالت بعد أن غرزت إحدى العصي في شاشة الحاسوب: أنا لن أخون أصدقائي يا وولف...
ثم ابتسمت بثقة وهي تنظر إلى القرص المضغوط في يدها...
..
..
خرجت من المنظمة لترى أن الجميع كانوا بانتظارها...
اقترب هيرو منها وقال بهدوء: هل وجدت ما تبحثين عنه؟؟
هزت رأسها إيجابا... لكن لم يخف على هيرو ذلك الألم المشع من عينيها...
ثم توجه الجميع نحو شاحنة رمادية اللون... ليصعد فيها جاك ولورا وهاناي وسيما...
أما هيرو ويارا وشانا وكيفن... فقد استقلوا إحدى المروحيات (الهيليكوبتير)...
وطبعا كانوا مرافقين بالعديد من العملاء الآخرين كدعم إضافي...
..
ن هاتف يارا... فنظر جميع من بالمروحية صوبها باستغراب بينما قالت شانا: قد تكون والدتك...
أومأت يارا برأسها... وحاولت بصعوبة أن تخفي ارتباكها لدى معرفتها هوية المتصل...
وضعت الهاتف على أذنها وقالت: مرحبا...
فأتاها صوته قائلا: أنتم في مهمة للقبض علي كما يبدو...
لم تدر ما تقول... ففضلت الصمت... لكنه واصل: عندما تصلون إلى المكان المحدد لبدء المهمة... ستلاحظين وجود جرف عميق... عليك أن تصلي إلى أسفله دون أن تتركي أثرا وراءك...
فقالت بهدوء مناقض لارتباكها: لا بأس..
وأنهت الاتصال بكلمتها تلك...
فقال هيرو: أهي والدتك؟؟
هزت رأسها نفيا وقالت: إنه أبي...
ثم واصلت وهي تبتسم: يطلب مني الحذر...
ابتسم هيرو بدوره دون أن يشك بصدقها...
..
..
وصلت المروحية إلى غابة كثيفة الأشجار –تصلح مخبأ مميزا للمنظمات الإجرامية-... فنزل الجميع منها... وقرروا التروي إلى حين وصول البقية...
تقدمت يارا نحو كيفن وقالت: أحتاج إلى حبل وخنجر...
نظر إليها وقد رفع حاجبه استغرابا... لكنه ما لبث أن هز كتفيه بلامبالاة وأعطاها ما طلبت...
فربطت يارا الحبل حول جذع شجرة قريبة من ذلك الجرف والجميع يراقبها بصمت...
وربطت الطرف الآخر من الحبل حول خصرها فصرخت شانا بحدة: ما الذي تفعلينه؟؟
لم تجب... بل واصلت ما بدأته بصمت... فاقترب هيرو منها وأمسك يدها وهو يقول بحدة: أجيبي... إلام تخططين؟؟
لم تتمكن من منع دموعها من الهطول... خاصة عندما سمعت صوت رنين هاتف كيفن –فكما يبدو... لقد أفاق أحد الحارسين-...
صرخ كيفن بحدة وهو يجيب على الهاتف: ماذا؟؟
نظر الجميع نحوه بخوف... بينما أسرعت يارا لترمي بنفسها في ذلك الجرف...
فصرخ الجميع بفزع: يـــــــــــارا...
وصل البقية إلى المكان المحدد... فتساءل الجميع عما حدث عند رؤية دموع شانا..
اقترب هيرو من الحبل... وأخذ ينظر لأسفل... فقرر النزول بدوره...
ولكن... رمت يارا الخنجر بكل قوتها نحو الأعلى –بدقة طبعا- ليقع نهاية الحبل...
وما أن استقرت قدماها على اليابسة... حتى لاحظت وجود باب أخضر حديدي... اقتربت منه بعد أن فكت عقدة الحبل حول خصرها... ففتح تلقائيا...
..
..
-هذا مستحيل...
قالها هيرو ثم واصل وهو يلطم جذع الشجرة بقبضته: لا يمكن أن يكون هذا صحيحا... فيارا ليست خائنة...
فقال كيفن بخيبة أمل: ما باليد حيلة... فكل الأدلة تشير ضدها... لقد ضربت الحارسان...
وهنا تدخلت هاناي بقولها: وماذا إذا كانت مجبرة؟؟
نظر الجميع نحوها ليواجهوا نظراتها الجادة... فسأل جاك بارتباك: ماذا تقصدين؟؟
ازدردت هاناي ريقها بصعوبة وقالت: لقد وعدتها ألا أنطق بحرف واحد... لكني لن أسمح لأحد بأن يتهمها بما ليس لها يد فيه...
انحدرت على وجنتيها دمعتان ماسيتان... ثم واصلت: لقد هددها وولف بأنه سيؤذي هيرو إذا لم تنفذ ما يقوله...
شهقت سيما فزعا... بينما اتسعت عينا هيرو وظل يحدق فيها وقد اختفى بريق الأمل من عينيه جراء الصدمة...
فقال كيفن متسائلا: أأنت على ثقة بما تقولين؟؟
أومأت إيجابا... ثم واصلت: أجل... فقد كانت على موعد معه اليوم على الساعة الرابعة...
..
..
فتحت يارا الحقيبة الجلدية –التي مانت تحملها –والتي تحتوي على بعض الأسلحة- صوبته إلى أمامها بحذر وهي تقول: سأسهل الأمر على البقية...
وما أن أنهت جملتها... حتى ظهر أمامها عميلان... فقال أحدهما: أهلا بك... كان السيد في انتظارك...
ابتسمت بخبث... ثم قالت: شكرا على مجيئكما...
وأطلقت رصاصتين أصابتهما... لتلقيهما على الأرض جثتين هامدتين...
ركضت هنا وهناك من دون أن تحدد وجهتها... وكلما اعترضها أحد العملاء... أطلقت رصاصة لتصيبه... ولم تكن مهتمة بأن تعرف إذا ما كان قد مات أم لا...
..
..
غربت الشمس لترسل آخر أشعتها المنيرة... وما أن اختفت كليا... حتى قال كيفن: علينا أن ننطلق..
فأومأ الجميع بصمت... فجل ما كانوا يفكرون به هو مساعدة يارا...
..
..
نهاية الفصل