09-20-2013, 10:15 PM
|
|
الجزء الثالث الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له .. من اشتاق للجنة هجر الشهوات واللذات في الدنيا..الدنيا كالحلم تمر مرّ السحاب ساعة من زمن ثم تنقضي .. ألا إنها رحلة بدأت وسوف تنتهي.. هبّ الدنيا تساق إليك عفوا.. أليس مصير ذلك إلى انقضاء .. ومادنياك مثل ظل أظلك حيناً ثم آذن بالزوال... حبيباتى ليس المطلوب ترك الدنيا بتاتاً فإن هذا ليس بالإمكان .. ولكن المطلوب الاعتدال في طلبها على وجه المباح لا يصد عن ذكر الله وطاعته .. قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الْلَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ).. وقال : ( يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمَا لَّا يَجْزِيَ وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُوْدٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئا إِنَّ وَعْدَ الْلَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الْدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمُ بِالْلَّهِ الْغَرُوْرُ) لو لم يكن في الدنيا عيب إلا أن أهلها يموتون لكفاها .. فهيا نسمع خبر الموت بداية ونهاية .. الموت هو الحقيقة التي لا يستطيع الإنسان مؤمناً كان أو ملحداً أن يفر منها .. ذكره يردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي .. إنه أمر فظيع وأليم يفضح الأسرار ويهتك الأستار ويبدي العورات ويظهر الحسرات.. لو نجى منه أحد لنجى منه خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ ) فإنا لله وإنا إليه راجعون .. وقال له سبحانه : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّنَ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ،كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ). جاء عند أحمد يإسناد جيد أن نبي الله داود عليه السلام رأى يوماً رجلاً في داره فقال : من أنت ؟ ، فقال : أنا الذي لا أهاب الملوك ولايمنع مني الحجّاب ، فقال له دواد عليه السلام : فأنت والله إذاً ملك الموت .. لا يمنعه مانع ولا يحجزه حاجزٍ. أما أحوال الناس عند الموت فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : مرّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقال : " مستريح ومستراح منه " . قالوا : يا رسول الله ، ما المستريح والمستراح منه ؟ قال : " العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله ، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد ، والشجر والدواب ". قال لقمان لابنه : يا بني أمر لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفاجئك .. فكيف بك إذا نزل بك مرض الموت وحلت ساعة الاحتضار ووقف أبوك المشفق بجوارك وأمك الحنون وأولادك الصغار والكبار من حولك قد أحاطوا بك إحاطة السوار بالمعصم ينظرون إليك بعين الرحمة والعطف والشفقة..قد سالت دموعهم وحزنت قلوبهم يرجون لك الشفاء ويتمنون لك البقاء.. ولكن هيهات هيهات ( حيل بينهم وبين ما يشتهون ) فلا يملك أحد من الخلق ان يزيد في عمرك أو يرد إليك عافيتك.. إن الذي أعطاك الحياة بلا اختيار منك هو الذي يسلبها منك.." فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار ".إنا لله وإنا إليه راجعون.. قال سبحانه: ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِيْ تَفِرُّوْنَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيَكُمْ ثُمَّ تُرَدُّوْنَ إِلَىَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالَشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ) . قال رجل لداود الطائي : أوصني ، قال : عسكر الموت ينتظرونك .. كان مالك بن دينار يقول : والله لو استطعت أن لا أنام ما نمت ، فقيل : لماذا يا أبا يحيى ، قال : أخشى أن يأتيني ملك الموت وأنا نائم ولا أريد أن يأتيني إلا وأنا على عمل صالح .. فلله درهم ..لكن .. كيف ستكون الخواتيم .. سمع عامر بن عبد الله المؤذن يؤذن لصلاة المغرب وهو يجود بنفسه في مرض شديد فقال: خذوا بيدي.. فقيل له : إنك عليل وقد عذرك الله .. فقال : والله إني أستحي أن أسمع منادي الله ولا أجيب .. الله اكبر .. كم هم اليوم الذين يسمعون ولا يجيبون .. فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعة ثم مات ..انظرى كيف يبعث يوم القيامة ( يَا قَوْمَنَا أَجِيْبُوْا دَاعِيَ الْلَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّنَ ذُنُوْبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيْمٍ ، وَمَنْ لَّا يُجِبْ دَاعِيَ الْلَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِيْ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُوْنِهِ أَوْلِيَاءِ أُوْلَئِكَ فِيْ ضَلَالٍ مُّبِيْنٍ) |