فـنـجـان القـهــوة والمـوت الدمـاغي
" تمّ كتابة هذهِ الحادثة قبل ثلاثة أعوام تقريباً ، وهيَ واقعيّة "
طفلٌ مضى من عمرهِ تسع سنوات ، دخل إلى غرفة العمليات لإجراء عمليّة تعديل للعمود الفقري ، حيثُ كنتُ من ضمن الكادر المتواجد في غرفةِ العمليات ، اخصّائي جراحة العمود الفقري ، وطبيبَين آخرَين ، وثلاثة ممرّضين ، اخصّائي التخدير وفنّي التخدير .
بدأت العمليّة والأمور تسير على نحوٍ جيّد ، يتم تعويض الدماء المفقودة عن طريق وحدات الدم .
لم ينتبه أحد لغياب أي شخص في الغرفة فالكل منهمك في عمله ، وكأنّنا في غيبوبه استيقظنا منها على صرخةٍ مدويّه للأخصائي المسؤول عن العمليّة منادياً طبيب التخدير .
وتفاجأنا بعدم وجود طبيب التخدير والفني المساعد لهُ أيضاً .
ما الذي حدث ؟
عند تخدير المريض يتم إدخال انبوب إلى القصبات الهوائيّة ليتم تزويده بالأُكسجين عن طريق جهاز التنفّس الإصطناعي ، ويبدو أن فريق التخدير لم يتأكّد من اتّصال الانبوب بجهاز التنفّس بشكل محكم مما ادّى إلى انفصاله ، ينتج عن ذلك نقصان كمية الأُكسجين الواصلة للرئتين وبالتالي يؤدي إلى هبوط مؤشر إشباع الدم بالأُكسجين .
ولكن ما السبب وراء ذلك ؟
فنجان قهوة //
طبيب التخدير يُغادر غرفة العمليات أثناء إجراء عمليّة جراحيّة كُبرى لاحتساء فنجان من القهوة ، معتمداً على الفني المرافق له في إدارة الأمور لحين عودته ،
وفنّي التخدير يقول بأنّهُ غادر الغرفة من أجل الذهاب لدورةِ المياه على حدّ قوله .
والنتيجة :
" موتٌ دماغي "
والعقاب :
لا شئ ، تكتّم الجميع عن الموضوع وتمّ تبرير ما حصل ببراعة طبيّة فائقة ، وكأنّ من مضاعفات العمليّة الموت الدماغي !
الشئ الذي جَعَلَني أبتسم أذكرهُ في نقاطٍ رئيسية :
1. الوقاحة الغريبة في تبرير الخطأ .
2. الثقافة الطبيّة المفقودة لدى الكثير من الأهل ، فهذه الحالة تستدعي المساءلة القانونيّة .
3. وابتسمتُ أيضاً لابتسامةِ الطفل بإذن الله أمام رب العالمين وهو يأخذ حقّهُ ممّن ظلموه .
للتنويه :
طاقم التخدير هو مَن يتحمّل المسؤولية الكبرى عن هذهِ الحادثة وإن كان أيضاً تقصير من الآخرين لسوء المتابعة .
__________________
جِئتُ من أينَ ؟
" لا أدري "
ولَكنّي أتَيت
|