عرض مشاركة واحدة
  #258  
قديم 10-10-2013, 06:26 PM
 
الصوفية تَستَعْلِنُ بمذهبها

بقلم:

الشَّيخ سمير سمراد – حفظه الله


مبحث مستل من الكِتاب الفذّ :
مَواقِفُ المُصْلِحِينَ الجَزَائِريِّينَ مِنْ رُسُومِ المتُصَوّفِينَ وَأَوْضَاعِ الطُّرقيِّينَ



بسم الله الرحمن الرحيم


تقوّت المذاهب الصوفية على مرِّ الزمن ، وأخذت لها صبغةً خالصةً مستقلةً ، ووجدت لها موضعًا في هذه الأمة التي مزَّقتها البدع وفتَّتَتْ وحدتها ، وأفسدت دينها ، حيث " كان لأفكار الفُرْسِ الإلحادية تأثيرٌ كبيرٌ في هذا التصوف الفلسفي ، بل الفُرْسُ هم الذين دبَّروا المكيدة ضد الإسلام وعقيدته ، حيث تستَّروا باسم الإسلام ونشروا الزندقة والإلحاد والخلاعة والمجون باسم الدين ... وكان تركيزهم على بعض المبادئ والأفكار ... [ من ذلك:] عقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد ... والتركيز على النظام الباطني ... وكان وراء هذه الفتنة: ابن عربي والحلاج وابن الفارض ومن تبعهم، وهم اعتمدوا على " تأويل النصوص وتحريفها " ، و " الكشف " ، و " العلم الباطني " (1)

" والمطَّلِعُ على الحركة الصوفية من أول نشأتها إلى حين " ظهورها العَلَني " على هذا النحو يجدُ أساطين الفكر الصوفي في القرنين الثالث والرابع الهجري كانوا من الفُرْس ، وفي نهاية القرن الثالث استطاع الحلاَّج أن يظهر مُعْتَقَدَهُ على الملاء ، مِنْ أنَّ اللهَ حلَّ في شخصه : [ مذهب الحلول ] ، فأفتى علماء عصره بكفره وقتله سنة : 309 هــ " (2)

يقول الإمام الإبراهيمي – رحمه الله - : " وما كاد السيفُ الذي سُلَّ على الحلاج وصَرْعَى مَخْرَقَتِهِ يُغْمَدُ ويُوقِنُ القوم أنهم أصبحوا بمنجاةٍ من فَتكاتِهِ ، حتى أجمعوا أمرهم وأبَدوْا للناس بعض مكنونات أسرارهم ملفوفةً في أغشية جميلة من الألفاظ ، ومحفوفةً بظواهر مقبولة من الأعمال " (3) ، عمدوا إلى المغالطة والتمويه ، بل وإلى الكذب الصريح ، فكم روَّجوا للأحاديث الباطلة المكذوبة .

وحاولت المذاهب الصوفية أن تفتعل لها نسبةً وصلةً بالدين، فزعموا: أنها موروثةٌ عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وأن لها سندًا متصلاً إلى بعض الصحابة.

يقول الإمام الإبراهيمي – رحمه الله - : " وحاولوا أن يصلوا نِحْلَتُهمْ تلك بعُجَرِها بصاحب الشريعة أو بأحدِ أصحابه فلم يفلحوا ، وافتضحت حيلتهم وانقطع الحبل من أيديهم ، فرجعوا إلى ادّعاء الكشف وخَرْقِ الحُجُب والاطلاع على رواء الحس إلى آخر تلك "القائمة" التى لا زلت تسمعها من أفواه العامة وتجدها في معتقداتهم " (4)

واعلم أن كل صوفي يؤمن بالكشف ، الذي يعرّفه الصوفية بأنه : " الاطلاع على ما رواء الحجاب من المعاني الغيبية ، والأمور الحقيقية وجودًا وشهودًا " (5) ، والله تعالى قال : ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا الله ﴾ [ النمل:56]

قال أبو يعلي الزواوي رحمه الله (1862م-1952م) (6) عن المتصوّفة : " إنَّهم يثبتون الخيالات والأوهام المتقدِّمة [ عقيدة إسناد الحوادث إلى الأولياء الأموات أو لأهل الديوان ... ] – ولله الحمد – شريعة واضحة .. ﴿ وَأَنَّ هَذَاصِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [ الأنعام:153]... وعليه فالمتصوفة المسلمون مقيَّدون بالشريعة ولا سبيل إلى غيرها إلاّ بالمروق من شريعتهم " وقال: هذا هُوَ " الوهم والضلال الباطني الباطل الذي وقع فيه المتصوفة أكثر من غيرهم "إ.هــ (7)


الحواشي:

(1) : ينظر : مقدمة تحقيق كتاب "الزهد" للإمام وكيع ( الباب الثاني في الزهد والتصوف ) لعبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي (1/131) .

(2) : "الصوفية في ميزان الكتاب والسنة" لمحمد جميل زينو (ص:5) ، وقال ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص:166-167) : ( اتفق علماء العصر على إباحة دم الحلاج ... وقد تعصب للحلاج جماعة من الصوفية جهلاً منهم وقلّة مبالاة بإجماع الفقهاء ... وقد جمعت في أخبار الحلاج كتابًا بينت فيه حِيلَهُ ومخاريقه وما قال العلماء فيه ، والله المعين على قمع الجهال ) إ.هــ

(3) : آثار الإبراهيمي (1/167)

(4) : المصدر نفسهُ (1/167)

(5) : عبد الرحمن الوكيل : تحقيق كتاب "مصرع التصوف" للبقاعي (ص:188-192)

(6) : انظر ترجمته في : "من أعلام الإصلاح في الجزائر" للحسن فضلاء ، ومقال : (الشَّيخ أبو يعلي الزواوي الملقب بــــ "شيخ الشباب وشاب الشيوخ" أعدَّه : عز الدين رمضاني ، نُشر في مجلة الإصلاح [ تصدر عن دار الفضيلة ، الجزائر ] ، العدد الثَّاني ، ربيع الأول / ربيع الثاني 1428 هـــ الموافق لـــ:مارس/ أفريل 2007م ، (ص:56-65) .

(7) : مقالة: (التصوف ؟؟)، "البصائر" ، العدد (7)، (21) ذو القعدة 1354هـــ، (14) فيفري ، 1936م (ص:4-5) .
__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس