عرض مشاركة واحدة
  #204  
قديم 10-18-2013, 04:19 PM
 
.













.






آرثر : سيدي الأمير ..

لويس : هل من مشكلة ؟

آرثر : لقد وقع حادث ما في المطبخ وأصيب به كل من أدريان وهنري .

لويس بحذر : حادث ماذا ؟؟

آرثر : لقد سُكب عليهما الحساء الذي كان ...

دانيل بقلق : هل كان ساخناً ؟؟

أرثر : أجل .

لويس : هل حُرقا ؟

آرثر : أجل .. لكن أدريان أُصيب لإنه هو من أسقط الوعاء ولكن هنري دفعه ليبعده قليلاً عن ذلك .

دانيل : وأين هما الآن ؟

آرثر : لقد اخذت هنري إلى غرفته لبعض الوقت .. وأظن أنني لمحت أدريان يجلس على كرسي ما في بداية القاعة .

غادر دانيل على عجل بإتجاه المكان الذي وصفه له آرثر .

.................


دانيل بهدوء ممزوج بالقلق : هل أنت بخير ؟

رفع أدريان رأسه ببطء ليرى دانيل يجلس مقابلاً له .. أشار برأسه بمعنى أجل .

دانيل : ولكنك لا تبدوا كذلك .. أخبرني هل تحتاج إلى طبيب ؟

أدريان : لا .. شكراً لك .

دانيل : حسناً كما تشاء .. ما رأيك ببعض العصير البارد إذن ؟

أدريان : أظن لا بأس به .

دانيل بإبتسامة : جيد .. سأحضره حالاً .

.................


ساد الهدوء على تلك الأجواء المتوترة لفترة من الزمن .. الحفلة شارفت على الإنتهاء .. الجميع بإنتظار أن تشير عقارب الساعة إلى الثانية عشرة أي إلى منتصف الليل .. حيث سيقوم جاك بإلقاء كلمته الأخيرة .. ومن ثم يذهب كل شخص إلى منزله ودولته .. وتعود الأمور إلى ما كانت عليه .. ولكن من أين لهم أن يستمر هذا الهدوء دون أن يعكر مزاج البعض .. كيف لذلك الهدوء أن يستمر دون أن يزيد من آلآم الآخرين .

كان جاك وفرناندو وبقية الحكام يقفون في منتصف القاعة بينما أولياء العهود كانوا يجلسون معاً صفاً واحداً :

فرناندو : أدريااااان .. تعال إلى هنا الآن وأحضر لي كوباً من العصير .

أدريان بتعب : أمرك سيدي .

جاك : يوجد العديد من الخدم هنا .. لماذا لا تطلب منهم ؟

فرناندو : هذا لا يهم .. دعه يحضره هو بدلاً من الجلوس .

كان أدريان يسير ببطء وهو يحاول أن يتماسك .. فهو يشعر بأنه على وشك أن يفقد وعيه في أي لحظة .. وصل أدريان أخيراً إلى مكان وقوف سيده إلا أنه وقبل أن يعطيه الكأس .. تعثر وأسقط الكأس ومحتوياته على جاك .. توقف كل الحضور وقد شهق معظمهم وبينما نظر آخرون إلى ذلك الفتى بشفقة .. و آخرون بإستخفاف .. بينما تجمد أدريان في مكانه وهو يبتلع رمقه برعب .. وقبل أن يتمكن من فتح فمه للأعتذار أو تبرير شعر بصفعة قوية على خده جعلته يسقط أرضاً .. ليمسك نفس ذلك الشخص بشعره ويرفعه إلى أعلى بكل قسوة .

فرناندو بغضب شديد : هل أنت أبله ؟؟ أأنت أعمى ؟؟

ليبدء بضربه بشدة ...

أدريان بألم شديد : أنا آسف .. أرجوك .. سيدي ...

جاك بحدة : هذا يكفي .. إنها ليست بالمشكلة المهمة .

فرناندو : ماذا تعني بذلك ؟؟ ذلك الأحمق سأقضي عليه في النهاية .

جاك : قلت لك أن هذه ليست مشكلة .. دع شخص ما يساعده على الذهاب ليغسل وجهه وجسده .. عن إذنكم سأذهب لتبديل ثيابي .

فرناندو : جاكوب تعال وخذه من هنا .

جاكوب بملل : تباً .. لماذا علي التدخل في كل مرة يقع بها بمشكلة ... لو أنه قتله كان الأمر سيكون أكثر إمتاعاً .

نظر آرثر الذي كان يقف بجانبه إليه بنظرة مشمئزة ليسير هو مبتعدا عن هذا المكان بأكمله .

تقدم جاكوب من أدريان وأبعده من وسط القاعة ووضعه في دورة المياه وخرج منها قام أدريان بمسح وجهه وهو يحاول جاهداً أن يكتم دموعه من الإنهمار .. وجهه الأحمر وعينيه المليئتين بالدموع .. ليجثي على ركبتيه بألم وحزن شديد .. لكنه شعر بيد ما على كتفيه .
دانيل بحزن عميق : هل أنت بخير ؟

أدريان بصوت شبه باكي : أنا .. لم أقصد .. أقسم بذلك .

دانيل بإبتسامة حزينة : أعلم ذلك .. لا تحزن .. سيدك ذاك .. لا تهتم لما حدث قبل قليل فهو لن يتكرر أبداً .. أقسم لك بذلك .

أدريان : لا بأس .. لم يعد الأمر مهماً .. بكل حال شكرا لك .

دانيل وهو يمد يده له : هيا إنهض .. أخبرني هل يوجد شيء ما أستطيع فعله ؟

أدريان : لا .. سوف أعود إلى الحفل بعد قليل .. لا داعي لبقائك .

دانيل : هل أنت واثق ؟ أعني حرارتك مرتفعة .. وقد حُرقت قبل قليل .. والآن قام ذلك .. بضربك .

أدريان : أنا بخير .. لا تهتم كثيراً .

دانيل : حسناً لا بأس .. سأنتظرك بالخارج .. لا تتأخر .

ليغادر بعدها المكان .

................


في مكان أخر في القصر :

هنري : أنا بخير الآن ويمكنني العودة إلى العمل .

آرثر : هل أنت واثق من ذلك ؟؟

هنري : أجل لا تقلق .

....................


عند أدريان :

بعد مغادرة دانيل المكان .. دخل أدريان إلى دورة المياه .. ولكنه قبل خروجه سمع صوت بعض الأشخاص حوله ..

الرجل 1 : إذن هل نحن متفقين ؟

الرجل 2 : أجل ولكن ماذا لو أصابت الرصاصة البابا بدلا من الحاكم ؟

الرجل 3 : سنقول أن رجال الحاكم هم من أطلقوا النار .

الرجل 1 : تماماً .. أحسنت .

حرك أدريان يده بسبب الصدمة إلا أنه ضرب بالباب .

الرجل 2 : من هناك ؟

أدريان : لا تباً .

الرجل 1 : أخرج الآن وإلا حطمت الباب فوق رأسك .

أغمض أدريان عينيه وهو يتنفس بصعوبة ليفتح الباب ويخرج منه بهدوء وهو متأهب لأي هجوم أو رصاصة قد يتعرض لها .

الرجل 3 : ألست الأبله الذي سكب على الحاكم العصير ؟

أدريان : لماذا تريدون قتل الحاكم ؟

الرجل 1 : لا شأن لمجرد خادم أو حارس بذلك .. بكل حال عقلك الصغير لن يفهم ذلك .

أدريان بقليل من السخرية : أتظن أنه يمكنكم السيطرة على فرنسا هكذا ؟ إياك وأن تستخف بجنودها يا سيد .. فنحن إن إجتمعنا عليكم .. أقسم بأن لا أحد سيخرج من بلادنا حي يرزق .

الرجل 2 : واااو وتستطيع الكلام بشكل جيد أيضاً .

الرجل 3 : بكل حال أيها الصغير .. حان موعد رحيلك .

أخرج أدريان سيفه وقد فعل الثلاثة المثل تماماً .. كانت معركة غير عادلة لمن يراها ثلاث رجال ضخام الجثة مجتمعون على فتى واحد ... ولكن ما إن بدئ الثلاثة بهجومهم على صديقنا حتى صد ضرباتهم بكل براعة وخفة بالرغم من الجروح التي أصابته بسبب الحرق والضرب الذي تعرض له ..

الرجل 3 : دعوه لي أولاً .. سأستمتع بتقطيعه إلى أشلاء صغيرة .

أدريان بإبتسامة : لا تغتر بنفسك كثيراً فأنت لا تعلم مع من تتحدث .

الرجل 3 بسخرية : أوووه يا إلهي ... لقد أخفتني إلى حد الموت .

أدريان : أبله .

ليهجم عليه بكل قوة من الممكن له أن يجمعها الآن إلا أن ذلك الرجل قام بصد ضرباته حتى تمكن من إبعاد السيف عنه و أسقاط أدريان أرضاً ليجلس فوقه مانعاً إياه من الحركة .

أدريان بألم : تباً لك .

الرجل 3 : إذن هل أقطع لك ذراعك أولاً ؟ أو ربما قدمك ..

أدريان : إبتعد عني يا أحمق ... لن أموت على يدك أبداً .

الرجل 3 بسخرية : لا لن تفعل فأنا سأجعل كلابي الأليفة تلتهمك وأنت حي

نظر أدريان حوله ليجد بجانبه عصى خشبية تحرك بصعوبة بالغة بينما كان ذلك الرجل مشغولاً بتحديد مكان طعنه مع زميليه .. ولكنه تفاجأ بضربة ما على رأسه جعلته ينهض من الألم .. إستغل أدريان فرصة إنهيار خصمه ليلتقط سيفه مجدداً ويقوم بطعنه حتى قضى عليه .

الرجل 1 بغضب شديد : لقد قتلته !!

الرجل 2 : إنها نهايتك .

أدريان بسخرية : أتمنى أن لاتكونا مثله .. مجرد ثرثارين .

الرجل 1 : سترى الآن .

ليبدأ هو الآخر بمهاجمة أدريان بضراوة شديدة .. إستطاع أدريان في بادئ الأمر أن يكون هو المسيطر على هذه المعركة .. ولكنه سرعان ما تعثر بقطعة من الصابون التي ألقاها الرجل الآخر ليسقط أرضاً .. إستغل خصمه هذه الفرصة وقام بطعنه بكتفه الأيسر .. وما إن حاول أدريان أن يزيل سيف خصمه من جسده حتى شعر بطعنة أخرى إخترقت ظهره من الجانب الأيمن .. نظر إلى الخلف بألم شديد ليرى الرجل الآخر ..

أدريان بألم : أيها .. أنتم .. مجموعة من الحثالة ... لن تتمكنوا .. من الخروج .. من هنا .. أبداً .. سيقضون .. عليكم .

أزال كلاهما سيفيه من جسد الجريح في وقت واحد .. جعل ذلك جسد أدريان يرتعش .. وقد بدء يبصق دماً ... إلى أن إنهار جسده تماماً .. وأغلق عينيه بإستسلام تام .

الرجل 2 : إذن ماذا نفعل بجثته الآن ؟؟

الرجل 1 : لا شيء دعه هنا .. سنأخذ جثة زميلنا فقط .. ودع معركة تنشب بينهم .. فلابد أن رجال الكنيسة سيتهمون رجال الحاكم بقتل تابعهم .

الرجل 2 بخبث : كم انت بارع .. لا بأس لنذهب إذاً .

................


في قاعة الحفل :

جاك : دانيل هل هنالك مشكلة ما ؟

دانيل بقلق : لا سيدي لا توجد أي مشكلة .

جاك : لا بأس .. دورثي هل إلتقيتي بماركوس ؟

دورثي : أجل يا أبي لقد فعلت .

جاك بتنهد : حسناً لا بأس .

دورثي : لكنه مجرد أبله ومغرور .

جاك بإبتسامة : إهدئي الآن .. فهذا ليس الوقت المناسب لشتمه فهو ضيف هنا كما تعلمين .

دورثي : أمرك أبي .

فرناندو بتدخل : إسمح لي بهذه النصيحة جاك .. لو كنت مكانك لوافقت على عرض ملك بريطانيا على الأقل هذا سيضمن السلام لها .. ومن ثم أن يحب الأمير فتاة من العامة ويتزوج بها لن يجلب العار للأسرة الحاكمة بل سيرفع من قدر تلك الأسرة ويجعلها من النبلاء ولكن إن فعلت الأميرة ذلك .. فهذا ما سيجلب العار .

جاك بإنزعاج : من فضلك لا تتدخل فيما لا يعنيك ولا تقل شيئاً الآن عن هذه المواضيع .

فرناندو : أتعني أنهما لا يعلمان ؟؟

جاك : لا .. لا يعلمان .

لويس بحيرة : نعلم ماذا يا أبي ؟؟

جاك : ستكون لنا جلسة بعد الحفل ستجعلكما تعلمان كل شيء لذلك لا تناقشني الآن

لويس : أمرك أبي .

هنري : سيدي الحاكم .. بعد أقل من ربع ساعة ستلقي كلمتك .

جاك بتنهد : وأخيراً ستنتهي هذه الليلة .. صحيح هل أنت بخير ؟

هنري وهو ينحني : أجل سيدي بخير .. شكرا لإهتمامك .

دانيل : سيدي إسمح لي بالمغادرة قليلاً .

جاك : لا .. فنحن على وشك الإنتهاء عليك أن تكون يقظاً الآن .

دانيل بإنزعاج : ولكن ...

جاكوب : سيدي فرناندو لم يظهر ذلك الأبله بعد .

فرناندو : أين ذهب ؟

دانيل : هذا ما أريد معرفته .

آرثر بفزع : سيدي .. إنها مصيبة !

جاك : ما بك ؟ ماذا حدث ؟؟

آرثر : أدريان .. لقد وجدناه ... أعني

لم يستطع دانيل إنتظار آرثر ليكمل كلامه فأسرع هو بإتجاه آخر مكان رأى شقيقه الأصغر به .. ليصعق عندما رأى الدماء المحيطة بالمكان وتلك الجثة الهامدة .. أسرع دانيل ليجثوا بالقرب منه وهو يأخذه بين ذراعيه وينادي عليه بينما ظهرت إبتسامة متشفية على وجه جاكوب الذي وقف خلفهما يراقب هذا المشهد بصمت .

دانيل برجاء : أدريان .. أدي أرجوك .. إنهض هيا .. أتوسل إليك .. لا ترحل بهذه الطريقة .. تباً إنهض وأخبرني من فعل هذا بك ؟

لويس بقلق شديد : دانيل .. هل هو .. يتنفس ؟؟

رفع دانيل بصره إلى لويس .. ليعيد نظره إلى شقيقه .. دقق نظره عليه حتى شعر بتنفسه البطيء .

دانيل بقليل من الأمل : أجل .. إنه يتنفس .. لازال حياً .. علينا أن نأخذه إلى أحد ما لعالجه حالاً .

جاك : أجل هيا بسرعة آرثر وهنري أطلبا من الحكيم أن يستعد .

آرثر وهنري : أمرك سيدي .

فرناندو : ولكن من قام بفعل ذلك ؟

جاك : لا أعلم .

فرناندو : أتريد أن تقول لي أنك لم تأمر أحد بهذا ؟

جاك : بالطبع لن أفعل لو أمرت أحداً ما للقضاء على أحد أتباعك لقتلت الأبله الواقف خلفك لأرتاح من هذه الإبتسامة على شفتيه .

جاكوب بسخرية : حقاً ؟؟ تتحدث وكأن جنودك قادرين على قتلي .

فرناندو : إذن من فعل ذلك ؟

جاك : أأنت واثق من أنها ليس إحدى خططك .. أردت التخلص من الفتى وإتهامنا نحن بقتله .

فرناندو : حتى لو فكرت بذلك لم أكن لأفعل هذا اليوم .. وليس هنا أيضاً .. فأنا يهمني أن تبقى فرنسا لنا نحن .. حتى أتمكن من السيطرة عليها لاحقاً و الإستمتاع بقتلك .

أدريان بتعب شديد : ماء .. أرجوك .. بعض الماء .

دانيل بسرعة : بالطبع يا صغيري تفضل ..

جاكوب : أدريان من فعل هذا بك ؟ أجب .

أدريان : إنهم .. أعني .. ( ليبدأ بالسعال بشدة )

دانيل بغضب : ليس وقت إستجوابه يا هذا .

ليحمله ويخرجه من هذا المكان بسرعة بعد أن أخبره آرثر بأن الحكيم مستعد .

جاك : قوموا بتجهيز الدفاعات و أيضاً .. راقبوا كل الحضور والمدعويين .. شددوا الحراسة .. وإياكم أن تغفلوا عن أي تفصيل صغير .

آرثر وهنري : أمرك سيدي .

................


في إحدى غرف القصر :

الحكيم : ستكون هذه الليلة شديدة الصعوبة .. قد يرحل إلى الأبد إن لم يقاوم هذا المرض بكل ما لديه من طاقة .

دانيل وهو يمسح على شعر أدريان : سيكون بخير أنا واثق من ذلك .. لن يحدث له أي مكروه .. سأكون هنا لأجله هذه الليلة .

نظر دانيل إلى وجه أخاه ليرى ملامحه المتألمة .

دعونا نرى معاً ماللذي يفكر به صديقنا المُصاب :

" أدريان بحيرة : أ .. أين أنا ؟

كان كل شيء حوله يحترق .. والعديد لا بل المئات من الرجال والنساء والأطفال يجروون بأقصى ما لديهم من سرعة .. تلك السهام الطائشة كانت تصيب أي شحص دون الإهتمام بعمره أو جنسه .

أدريان : إنهم جنودنا .. أعني جنود الكنسية لكن .. ماللذي يحدث ؟

حول أدريان نظره إلى طفلين كانا يهربان من تلك السهام الطائشة إلا أن الأكبر منهما قد أصيب بها .

أدريان بدهشة : ه .. هل أنا .. أعني .. ذاكرتي ؟

سار أدريان بإتجاه الطفلين وقد حاول أن يضع يده على أحدهما ولكنها إخترقتهما فحسب .. جلس بجوارهما وهو يراقب بصمت قلق وحذر .

أدريان ببكاء : د .. دانيل هل أنت بخير ؟

رفع المعني رأسه وهو ينظر إلى شقيقه بحنان ليأخذ نفساً عميقاً ثم يزيل ذلك السهم من جسده .. حاول أن يمنع نفسه من الصراخ ولكنه لم يستطع ذلك بسبب ذلك الألم الذي شعر به .. بينما زاد بكاء الصغير وتشبثه بشقيقه الأكبر .

دانيل بألم : لا تقلق .. سيكون كل شيء على .. ما يرام .. أنا لن أتركك .. إهدء .

ليحمله بعدها بصعوبة بالغة ويعود لركض به ."

فجأة ساد الصمت .. وقد أصبح كل شيء معتماً إختفت تلك الرؤيا .. إلتفت أدريان حوله وهو يحاول إستيعاب ما رآه قبل لحظات ولكن هاهي ذكرى أخرى أقل ألماً تعبر على ذاكرته :

" كان ذلك الطفل يبكي بمرارة وهو يجلس أمام النهر لوحده تماماً وماهي إلا لحظات حتى شعر بحركة شخص ما خلفه .. نظر إلى الخلف ليرى طفلاً آخر في مثل عمره تقريباً يحاول التحدث إليه .. إلا أنه تجاهله وعاد لبكائه مرة أخرى !

وهنا أتى شاب ربما في ثلاثة عشرة من عمره .. وقد رسم على وجهه إبتسامة جميلة .. حمل الطفل الثاني بين يديه وبدء بملاعبته ثم جلس بجانب الأول وهو يبتسم له .

أدريان ببكاء : إبتعد من هنا .. أنا لا أريد التحدث إلى أي أحد .

الشاب : ولماذا ؟ هل قام دانيل بإزعاجك ؟

أدريان ببكاء شديد : لقد صرخ بوجهي .. وطردني من غرفته .. وهو يرفض التحدث معي الآن .

الشاب بإستغراب : ولماذا فعل كل هذا ؟ ماللذي فعلته له حتى يغضب هكذا ؟

أدريان : لم أقصد .. أردت فقط أن ألعب ولكنني أفسدتُ له لعبته المفضلة وهو غضب بشدة .

الشاب بإبتسامة واسعة : لا بأس لن يبقى غاضباً .. سترى أنه سيهدأ وسعود للتحدث معك مجدداً .

أدريان : هل أنت واثق يا جاكوب ؟

جاكوب : أجل يا صغيري واثق والآن إمسح هذه الدموع .. لا تخف سيكون كل شيء على ما يرام .

أدريان : ولكنني لا أريد إغضابه .

جاكوب : أعلم ذلك .. دانيل محظوظ لوجود أخٍ مثلك له .

نهض الطفل الآخر من بين يدي جاكوب بإحتجاج وهو يرمقه شقيقه بغضب ليبتعد عنه .

جاكوب : مابك أنت أيضاً ؟

لم يجبه ذلك الطفل بل بقي ينظر إليه بغضب وعبوس .

جاكوب بضحكة خفيفة : وأنا محظوظ جداً بوجود أخٍ لي مثل تشارلي .

تشارلي وهو يقفز عليه : أنت كاذب يا أخي .

جاكوب بقليل من الألم : ولماذا ؟

تشارلي بغضب طفولي : أنت تحب أدريان شقيق دانيل أكثر مني .

جاكوب : ومن قال لك ذلك ؟؟ أنا هو شقيقك الأكبر .. بالطبع لن أحب أحداً أكثر منك .

تشارلي : كاااذب .

جاكوب بقليل من الإنزاعاج : يكفي تشارلي .. لن أحب أحداً أكثر منك يا أخي .. وأدريان هو صديقك صحيح ؟

تشارلي : لا .

أدريان بغضب : هذا أفضل .. من يريد مصادقة طفل مدلل مثلك .

تشارلي : هل سمعت ما قاله لي ؟

جاكوب : يا إلهي الرحمة .. إهدئا كلاكما .. تبا أين هو ذلك الأبله ليشعر بالصداع مثلي .

بقي الصغيران يتشاجران بينما تجاهل جاكوب ذلك الشجار وبدء يأمل النهر الجاري أمامه بإنزعاجٍ كبير وكأنه على وشك الإنفجار بالطفلين إلى أن قام تشارلي بدفع أدريان الذي إختل توازنه وسقط في النهر !

جاكوب برعب شديد : تباً .. أدرياان !!

ليخلع معطفه ويرمي نفسه في النهر محاولا الوصول إلى أدريان الذي كان يبكي ويسنتجد .. إلى أن تمكن أخيراً من الإمساك به وحمله إلى ضفة النهر

جاكوب بقلق : أخبرني هل انت بخير ؟

بقي أدريان يضم نفسه وهو يبكي بصمت دون الإجابة على تساؤلات جاكوب القلقة

جاكوب : هل تتألم ؟؟ أخبرني أرجوك .. تباً ماذا أفعل الآن ؟

دانيل بقلق : ماذا حدث ؟

نهض أدريان من بين يدي جاكوب ليتشبث بقدم شقيقه الذي إنخفض إلى مستواه وهو يشعر بقلق شديد .

دانيل بحنان وهو يمسح على شعره : أخبرني هل أنت بخير آد ؟

أدريان : لقد قام بدفعي إلى النهر .

رفع دانيل رأسه لينظر إلى تشارلي الذي كان يبكي بخوف بينما قام أخاه الأكبر بضمه إليه .. ليحول نظره بعدها إلى ما ينظر له جاكوب خلفه حيث رأى كلا والديه يقفان خلف إبنيهما !

دانيل محاولاً تهدئة أدريان : لا عليك .. تشارلي لم يقصد ذلك صحيح ؟

جون بهدوء : أخبرني أدريان مالذي حدث تماماً هنا ؟

أدريان : لقد كنا نتشاجر وهو دفعني بإتجاه النهر .. ولكن جاكوب أخرجني منه .

جون وهو يربت على رأسه : لا بأس .. الآن كل شيء بخير صحيح ؟ هيا عد للمنزل مع والدتك حتى تبدل ثيابك المبللة .

أدريان : حاضر .

جاكوب وقد أحنى رأسه قليلاً : سيدي أنا آسف على ما فعله تشارلي .. هو لم يقصد أن يلقيه بالنهر .. لقد كانا .. أعني كلاهما .. أرجوك لا تقم بإيذاء أخي فحسب .. ولا تخبر سيدي فرناندو عن هذه الحادثة لإنه سوف .. ( أحنى رأسه أكثر ليكمل ) : أرجوك فقط .

جون وهو يضع يده على رأس جاكوب : إهدء يا صغيري .. لن يحدث أي شيء .. بكل حال أدريان بخير وهذا هو المهم .. ولن أنسى أنك من قمت بإنقاذه .. لا تقلق فكل شيء على ما يرام الآن .

رفع جاكوب رأسه لينظر إلى محدثه بإبتسامة ممتنة قبل أن يردها له الآخر ويبتعد عن المكان .

دانيل : جاكوب هل أنت بخير ؟

جاكوب : أجل بخير .. لدي سؤال .

دانيل : وما هو ؟

جاكوب : كيف تستطيع العيش معه ؟

دانيل : ماذا تعني ؟

جاكوب : أنظر إليه .. أقسم أن التحدث وحده مع والدك يجعلني أشعر بالتوتر .. لديه نظرة حادة وصوت حاد وجاد .. إنه يشعرني بالخوف .

دانيل بإبتسامة بريئة : أبي ليس مخيفاً أبداً بل هو شخص لطيف للغاية .

جاكوب بشك : يمكنك وصفه بالطيبة ولكن بأنه لطيف .. حسناً لا أعلم .. إلى اللقاء .. أراك غداً .. أرجوك إعتني بأدريان جيداً وأعتذر على ما حدث قبل قليل .

دانيل : إلى اللقاء .. لا تقلق فهو أخي بالطبع سأفعل .. لا بأس ."

...........


عاد الظلام ليحيط حوله ولكنه هذه المرة بدء يشعر بجسده الجريح .. وبذلك الألم الذي إجتاحه فجأة .. لم يستطع أن يكتم صرخة صغيرة قام بإطلاقها رغماً عنه .. ليفتح عينيه بتعب شديد بعدها .

دانيل بقلق : أدريان .. هل تتألم ؟ هل أحضر لك الماء ؟ أم ترغب بشيء آخر ؟ أخبرني أرجوك .

نظر له أدريان بنظرة غريبة لم يعهدها دانيل على وجهه قبل أن يمسك بيده بقوة ويغمض عينيه مجدداً .

دانيل وهو يمسح على شعره : سيكون .. أقسم بأنني لا أجيد إلا قول هذه العبارة صحيح .. كل شيء سيكون بخير .. وبالرغم من ذلك .. لم يكن أي شيء بخير .. ولا أظن أنه سيكون كذلك .. سامحني لقد نكثت بوعودي كلها لك يا أخي .. لم أتمكن من حمايتك منهم قبل .. لم أتمكن إلا من البكاء وربما الشعور بالأسى .. في كل مرة تتألم بها أمامي لا أفعل شيئاً .. فقط أشعر بأنه لو تخلت الحياة عني لكان هذا أسهل بمئة مرة من رؤيتك تتألم دون أن أفعل أي شيء ولكن ما فائدة شعوري ؟؟ لا شيء .. أنا حقاً عديم الفائدة .. لا أظن أنني أستحق أن ...

لم يكمل دانيل جملته وهو يشعر بتلك اليد التي مدت على كتفه لينتبه إلى دموعه التي ملئت وجنتيه ويديه المرتجفتين عيناه اللتين صبغتا باللون الأحمر , قلبه الذي كاد أن ينفجر .. لم يجرأ على النظر إلى الشخص الذي رآه في هذه الحالة السيئة .. فهو حقاً يكره أن يظهر ضعفه إلى أي أحد .

آرثر بهدوء : سيكون بخير .. وكل شيء سيكون كذلك دانيل .

دانيل بألم : لا أظن ذلك .. لقد .. أنا حتى لا أستحق أن ينادي بأخي .. أقسم بأنني لم أعد أستحق ذلك .

هنري : أنت مخطئ .. لقد عانيت أنت أكثر منه هو .. فأخاك عاش حياته دون أن يعلم حتى بوجودك .. وألمه الوحيد كانت تلك المعاملة السيئة التي تلقاها .. ولكن أنت ..

أرثر : أنت عشت حياتك كلها وأنت تشعر بألم الإبتعاد عنه .. وتشعر بالحزن في كل مرة يصيبه مكروه ما .. شعرت بألم المعاملة التي تلقيتها هنا .. ثم ألم أن تكون بلا مأوى أو طعام ولا حتى صديق .. فقط طفل خائف وهارب .. ومن ثم شعرت بألم جميع من هم حولك لقد أضفت أحزانهم إلى حزنك .. دانيل أنت حملت قلبك أكثر مما يتحمل .. قلقك على أدريان .. قلقك على الثوار .. وقلقك على مدينتك ومن ثم .. قلقك علينا وعلى الأمير و الأسرة الحاكمة .. لقد قلقت على كل من إلتقيتهم .. ولكنك لم تقلق على نفسك قط .

هنري : إنه محق .. لست شخصا سيئا كما تظن .. سيكون أدريان محظوظاً لكونك أخاه .

أغلق دانيل عينيه بألم شديد .. أياً كان فهو لا يزال يرى نفسه مذنباً وبشدة .. على الأقل كان عليه أن لا يتركه لوحده وهو حزين .. كان عليه أن يبقى معه لو أنه فعل ذلك لما كان أدريان بهذا الوضع السيء أبداً .

آرثر : بكل حال .. لقد أمر سيدي الحاكم بأن لا أحد سيغادر القصر الليلة إلا أن يتم الكشف عن من قام بطعنه .

دانيل : هل نشر الخبر ؟؟ أعني كان يفترض للأمر أن يكون سراً !

آرثر : لا أعلم .

دانيل : حسناً .

هنري : عليك أن تحذر فالجميع يعلم بأن أدريان لازال على قيد الحياة .. ربما يحاول أحدهم التسلل وقتله حتى لا يفضح أمره عندما يستيقظ .

دانيل بشر : دعهم فقط يأتون وأقسم أنهم سيندمون على اليوم الذي قرروا به إيذاء أدريان .

...................


غادر كل من آرثر وهنري الغرفة .

آرثر : من كان يتخيل أن أخ دانيل هو أدريان ؟

هنري : هذا يفسر سبب تلك المعاملة السيئة التي يتلقاها ادريان من جاكوب

آرثر : أنت محق .



.





.
رد مع اقتباس