في الذكرى الثالثة لرحيل الرمز ( ياسر عرفات )
سيادة الرئيس الخالد ' أبو عمار'
سلام عليك ورحمة من رب العباد وبعد.....
ثلاث سنوات على رحيلك المؤلم تنقضي لتتركنا في دوامة سوء الاحوال وقساوة الظروف ... ثلاث سنوات تمر على مشاهد الخراب السياسي والانهيار الأمني والانقسام الداخلي ، وكأنها لا تريد النظر إلينا وتصر على الهروب من مسار الطريق الذي حرفناه عن الهدف الذي قضيت من أجله يا سيد الرجال وقائد ثورة الاحرار والابطال !!! اليوم ... في ذكراك الثالثة يرتجف القلم أكثر مما مضى ويتساقط منه حبر الألم بغزارة فائقة ... فاليوم لو نزفت دفاتر التاريخ حروفها دما لما إستطاعت أن تكتب لرجل في إنسانيتك وحنكتك ورمزيتك ... لشخص ذو مكانة بين الأمم ... لرمز وضع منهاج الثورة وأسكت كل قزم ... لقائد هو التاريخ بعينه وهو الموقف الحاسم والاسطورة الساطعة ... لياسر هو السارية وهو العلم .
اليوم ... وقبل أن نبكي فراقك الموجع تنهمر دموعنا لوعة وحسرة على تلك الاوضاع المخجلة المخزية التي داهمت واقعنا وإغتالت بلا رحمة روح مستقبلنا الذي فارقتنا وانت ترسم خيوطه وتضاريسه البهية لنا وللأجيال القادمة !!! يغيب جسدك المنتصب وتبقى ذكراك ' أبا عمار ' يا أعز الشهداء وأعظمهم ... يا أستاذنا الجليل ويا حارس حلمنا الفلسطيني الجميل ... فمن سواك علمنا معنى الصبر والصمود والثبات في شدة البلاء وزرع في نفوسنا كنوز الحب والوفاء لله والارض والوطن !!! من غيرك كان يبدد غمامة الحزن من أعيننا ويزرع في نفوسنا البقاء ، فأنت جدول الحنان الناضب ومنارة الرحمة المضيئة !!! أنت الذي خلعت ثوب الدنيا الزائف وتحليت بزي الآخرة الحقيقي - تماما كما تحليت ببدلتك القاقية وكوفيتك البيضاء الموشحة بالسواد – تلك هي التي كنت تباهي بها الامم وتجبرهم على الاعتراف بفلسطينيتك ونضالك من أجل إعادة الأوطان إلى أصحابها الشرعيين !! فوالله لو كان الموت الحق يفتدى لأفتديناك ' سيدي ' بأرواحنا ولو كانت السنوات تعطى لوهبناك سنوات الصبا والشباب وأحلى أيام العمر .
والدنا المفدى ...
ما أصعب تلك الكلمات التي تهز القلوب وتجبر العيون على إنهمار الدموع عندما تشاهد ذلك القلب الحنون المليء بالعطاء والانتماء والحنان يرحل دون إذن أو موعد!!! ما أصعب تلك اللحظات التي تهتز فيها البلاد حين تشعر أن من كان يصنع لها الامان والأطمئنان والوئام قد غاب بلا توقيت أو ميعاد !!! ما أصعب الواقع والأيام التي نعيشها ' يا رمز وحدتنا ' ونحن نستغيث بأسمك ونهجك وعهدك !!! لكنك مازلت تصر على الغوط في نومك العميق ... لماذا تخذلنا هذه المرة ؟!! لماذا لا تهب لنجدتنا يا صانع المعجزات ويا منقذنا من ألازمات ؟!! يا راعي مسيرتنا ووحدتنا ، يا موحدنا وموجهنا ومعلمنا فن الصمود والتفاني بالعمل وصدق الولاء والانتماء !!! بك يا ' زعيمنا ' شمخت نفوسنا وعلت هممنا ورفعنا رؤوسنا ، فكيف لا نشمخ وأنت تسري في كل شيء جميل في حياتنا مسرى الدم في العروق ؟!! كيف لا نشمخ وأنت من قاد سفينة الحياة بنا فكانت صلابتك ورؤياك هي طريق النجاة إلى بر الآمان ؟!! فأرفع رأسك – ولو على مضض - أرفع رأسك فأنت هلال الشعب الذي لا يغيب ... أنت الفكر والنبض والبركان المهيب .
تأتي ذكراك أيها القائد المبجل لتزودك بأنباء مخزية وسر مخجل ... فاليوم صراعنا مع أخوة لنا أشداء على شعبهم بغضاء علينا ... يرسخون التفنن في إستباحة الدم ومحترفين في التكفير والتخوين ... إنتهكوا بصلافة وصايا أسرانا وعهود الجرحى والشهداء ... ولديهم خبرة لا توصف في التنكيل والتعذيب والخطف والتمثيل بالجثث وجرها في الحارات والشوارع تماما كما كان يفعل جنود الأحتلال ... أتذكر مشهد جر الشهيد شاكر حسونة ؟! لقد تكرر المشهد سيدي في شوارع غزة ، لكن بأيدي فلسطينية فذة !!! أعذرني يا صاحب الصدر الحنون يا ' مهندس الثورة الأول ' فوطننا اليوم مليء بمهندسي الهدم والتدمير ومبدعي سرعة التفجير وحرق البيوت على رؤوس سكانها الآمنين !!! آسف يا ' حارس القلاع وحامي الحصون ' فالمقار التي وضعت حجر الأساس لها قد إنهارت و' المنتدى' المشهور أصبح كالأطلال ' مبنى مجهول ' !!! و' تل الهوى' بلمح البصر قد هوى ... و' السفينة ' البارجة قد غرقت في رمل لا دم فيه ولا ماء !!!
آسف سيدي الختيار ... أعرف أن هذه الاخبار لا تسر البال والتفاصيل فيها مقيته إن قرأتها عليك ستبكي علينا دما ودموعا ... ولسوف تنتفض غاضبا وتنهض نافضا في وجوهنا التراب والغبار ... أرجوك قائدي ... لا تنتفض ولا تنهض ... فليس هناك ما يسر البال وليس هناك ما يزيل عنا ذلك التراجع والكساح الرهيب ... ليس هناك ما يمحو الدمار ولا العار الذي أطاح بنا ليعيدنا عشرات السنين إلى الوراء !!! فبعد رحيلك يا رمز الثورة وسيد الاوطان ... تساقطنا الواحد تلو الآخر وتهافتت علينا الانتكاسات والتراجعات وأستشرت في أوساطنا الكراهية والأحقاد والخلافات ... وأستفردت بنا المؤامرات والمكائد من الاعداء وممن كانوا يدعون أنهم شركاء أوفياء !!! لكننا في فتح ما زلنا نحاول النهوض ونمارس الديمقراطية ونجري الانتخابات الداخلية ونصر على عدم الحوار مع الانقلابين إلا إذا تراجعوا عن إنقلابهم وقدموا إعتذارهم للشعب والشهداء والجرحى وسلموا غزة ومقارها الرسمية للسلطة الشرعية !!!!
اليوم وبعد أن ظلمناك يا صاحب القلب الكبير وتعدينا حدودنا معك وأنتهكنا الحرمات التي طالما كنت تحذر من المساس بها ، نعاهدك أن لا نحيد عن الهدف الذي قدمت انت وكافة الشهداء أرواحكم من أجله ... نقسم أمامك أن نبقى الأمناء المحافظين على قداسة الدم الفلسطيني وطهارة الثوابت الوطنية والنضالية ... اليوم بالذات نتضرع إلى الله العلي القدير باكين داعين :- يا الله يا رحيم ... قبلنا بقضائك وقدرك بنفوس راضية مطمئنة ، لكننا محزونون ... يا الله يا حكيم قبلنا بحكمتك ، لكننا مكلومون ... ففراق ربان سفينتنا يدمي القلوب ... وعزاؤنا أنه اسس لنضال يستمر وعطاء يتواصل وإنتماء لا ينتهي ... فلك الله ما أعطيت وما أخذت وكل شيء عندك بأجل مسمى وإنا بقضاءك راضون ولا نقول إلا ما يرضيك ' وبشر الصابرين الذين أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ' صدق الله العظيم .