الموضوع: {Beyond the Silver moon }
عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 10-24-2013, 02:49 PM
 






البارت الخامس
{/ ريــديك }



هرعت تركض بين الأشجار بسرعة تريد أن تتم ما خططت له قبل أن يطلع النهار.. وهي ليست بطفلة صغيرة لقد تعدى سنها الرابعة عشرة.. و الفتيات بالملجأ يعاملن كسيدات و ليس كطفلات مدللات بالطبع... لكن أن اكتشفوا الأمر فلعقـاب سيكون قاسياً جداً ربما سيبعدونها من هنا..!!

خرجت من الغابة و هي موقنة بأنها بأمان حقاً بسبب القلادة الغريبة التي تخفى رائحتها حتى عن الحيوانات.. أخذت تلتقط أنفاسها وهي تمشي ببطء منهكة في شوارع البلدة..
طبعا الوقت تجاوز منتصف الليل و يبدو كل شيء مخيفا و مريباً و ظلال الأشياء تبدو كوحوش غامضة صامتة...جاهدت حتى تتماسك و أبقت صورة صديقتها في عقلها حتى لا تخاف أكثر.. خشيت أن يظهر شخص ما سيء و يؤذيها.. فأخذت تمشي بكل حذر وهي تحاول أن تتذكر الطريق إلى محله القديم... كان بطرف البلدة لكن بأي اتجاه..
أي حماقة جعلت من هذه الطفلة تخرج منتصف الليل من ملجأ يبعد أميال من القرية متجاوزة الغابة كي تقابل رجلا عجوزاً قد لا يقدر على مساعدتها... لكنه الأمل هو الوحيد الذي يجعل الشخص يقوم بكل هذا و الوفاء للصداقة ..

نعبت البومة فجأة من فوق أحد أعمدة الشارع المكسورة... حدقت بها ريمي... أنها تلك البومة البيضاء كانت تحدق بريمي بعينيها العسليتين الكبيرتين.. فجأة طارت البومة عالياً و سمعت ريمي صوت مشي خلفها.. فلتفتت فزعة.. و صدمت وهي ترى... رجلاً طويلاً يقف في نهاية الشارع.. تحت عمود أنارة
كان يلبس معطفاً بني داكن طويل إلى أسفل ساقيه و هو يمسك بيده اليسرى عصا خشبية لامعة و بان وجهه تحت الضوء – بينما ريمي تقف تحت عمود إنارة مكسور – كانت ملامحه هادئة شعره بني داكن طويل قليلا و عيناه رماديتان تنظران نحوها بكل هدوء و بشرته بيضاء صافية , يبدو من ملابسه بأن ثري جداً.. لكنه أكبر منها ربما بخمسة عشر عاما أو أكثر... في نهاية العشرين من عمره..

أومأ لها من بعيد كي يزيل الصدمة التي احتلت وجهها و كي تطمئن... و قد ارتاحت بالفعل بعض الشيء... اقترب خطوتين بكل وقار وهو يحرك عصاه بحركة رشيقة مع ساقيه ..
همس بصوت هادئ عذب : سيدتي الصغيرة , أليس الوقت متأخر على التنزه ؟!.
و توقف على بعد مترين أو أكثر منها... قالت ريمي بصوت يرتجف لا تدري برداً أم رهبة : أريد الذهاب.. لمكان ما... لكن...
_ " أضعت الطريق سيدتي..؟! , أين تريدين الذهاب ؟! "
كانت نبرة رقيقة و دافئة و راقية.. اطمأنت ريمي أكثر وهي تهمس : إلى رجل عجوز.. كي يساعدني..
طرف بعينيه و قال بهدوء : الرجل العجوز الوحيد الذي أعرف يسكن في آخر البلدة بمحل صغير مترب يثير الاشمئزاز , صحيح ؟!.
حدقت به مصدومة هو يعرف مكانه, قالت بخجل : أرجوك قدني إليه.. فأنا لا أدل الطريق..!
أخيراً ظهرت ابتسامته العذبة و هو يتقدم خطوتين و يمد يده ذات القفاز الأسود إليها : حسنا سيدتي الصغيرة لا تخشي شيئا.. أنا سآخذك إلى عمي "براون"..
حدقت بيده أولاً ثم عندما سمعت ماقاله صدمت مجدداً و قالت : عمك..!!
أمسك بيدها برقة و حثها على السير وهو يقول بمرح و خفه : أنها قصة مملة لا تودين سماعها وإلا نمت ونحن بمنتصف الطريق.. ما اسمك سيدتي..؟!
شعرت ريمي بالأحراج الشديد , فهو مهذب جداً , لكن لا ينبغى أن يناديها سيدتي طوال الوقت..!
قالت بخجل : ريمي..
_ اسم لطيف.. أنا أدعى "ريديك آيدنس ".. من أين أتيتِ تبدين مرهقة ؟!.
أجابت ريمي و كانو قد بدؤا السير معا : من الملجأ...
_ آوه يا صغيرة.. أتعلمين أنك في خطر شديد عندما تخرجين هكذا و بكل بساطة ! , حمداً لله أن رائحة أزهارك قادتني إليك.. لقد كنت أشعر بالريبة منذ أن دخلت البلدة قبل قليل..
حدقت به ريمي لثانية , فنظر نحوها و كانت عيناه الرماديتان توحيان بالكثير.. لكنه قال بعبوس
_ عمي أعطاك إياها صحيح , لا شك بأنك مررت بوقت عصيب.. هل أخبرتي أحداً ؟!.
لم تفهم ريمي لثوان ما يقول.. لكنها قالت : ليس تماماً , لقد... أخافني بشدة و آذى صديقتي..
حدق بها بشدة و قال بنبرة فزعة قليلا : حبا بالرب !! لا أصدق بأنك على قيد الحياة حتى الآن , كيف آذى صديقتك مالذي فعله..؟!
أنكمشت ريمي على نفسها و سحبت يدها وهي تقول بارتجاف : لقد كان يريدني أنا لكن تارا كانت بوجهه و قد جعلها نائمة طوال الوقت !!
حدقت بوجهه المصدوم و قالت : ماهو هذا الشيء ؟؟, و مالذي يريده مني ؟؟ لا أفهم شيئا فقد عشت أياما خائفة منه...
في الحقيقة عاشت سنوات...
قال الرجل بحدة وهو يمسك بيدها مجدداً : لا تخافي منذ الآن أنا سوف أتعامل بهذا الأمر.. لكن بالنسبة لصديقتك سوف نرى عميّ الآن..!
و فجأة وجدا نفسيهما أمام باب المحل المتكسر.. كان نور المصباح الزيتي القديم مشتعل فوق الباب..
رفع "ريديك" أحد حاجبيه وهمس : يبدو بأنه يتوقع زيارتنا...
و نعبت البومة من فوقهما قرب شجرة السرو الكبيرة.. نظرا نحوها و همس الرجل : هه و بومته لا تكف عن نقل الأخبار إليه..!!
قالت ريمي بلا شعور : لكني أحببت عمك , لقد ساعدني بدون أن أنطق شيئا..!
حدقت بها الرجل و قال محاولا أقناعها بطريقه مضحكة : من الذي يستطيع أن يحب وجها متجهماً ؟!
فجأة فتح باب المحل و أطل العجوز بوجهه المتجهم وهو يقول بغيض : أنت تشتمني عند باب بيتي..!! هيا عد أدراجك يا ولد لن أساعدك..!!
شعرت ريمي بالسعادة وهي ترى العجوز , بينما قال ريديك ببرود : لست قادما من أجلك بل من أجل أمي.. في كل الأحوال ساعدت هذه السيدة اللطيفة على بلوغ الباب..
قالت الفتاة : هل تسكن هنا عميّ ؟!
حدق بها العجوز متفحصاً ثم أفرج عن الباب كله و غمغم بقسوة : أدخلا..!! هذا محلي و بيتي بنفس الوقت يا طفلة...
همس ريديك باستفزاز : أنت لا تسكن هنا بل في الطابق الأعلى حيث الوضع أفضل قليلا من هذه الـ....
قاطعه العجوز بتهكم : هل تخشى على سترتك الفاخرة هذه من أعشاش عناكبي الصغيرة...
ثم حدق بالطفلة و أكمل: لكنها لم تتشكى مثلك..
وقف "ريديك" بخيلاء وسط ساحة خالية من الفوضى قرب تلك الطاولة الكبيرة و أخذ يتفرس بكومة من الأوراق المطوية القديمة... تقدمت ريمي و قالت للعجوز : أنني آسفة لقدومي بمثل هذا الوقت سيدي.. لكني.. بحاجة إلى مساعدتك...
حدق بها العجوز لثانية ثم نظر إلى ريديك و صرخ به : هل تعرف أن مصاص دماء متوحش يلاحق هذه الصغيرة منذ مدة طويلة.. لقد أعطيتها حماية لكنها لن تدوم...

استعت عينا ريمي وهو يتحدث... مالذي يقوله .. مصاص ماذا ؟!! ما يعني هذا ؟! هل هناك... أمر لا يصدق....!!! لا وجود لمصاصي الـ... دماء !!!..



قال ريديك بنبرة باردة : سوف أهتم بأمره.. لكن أخبريه يا سيدتي الصغيرة عن صديقتك..!
أفاقت ريمي من غرق أفكارها و قالت بصوت ضعيف :لقد.. آذى صديقتي وهي بغيبوبة.. لكن.. آ...
أخذ العجوز يعبث في أغراضه من الزجاجات مصدراً ضجيجا مزعجا... فحدقت ريمي بالرجل الآخر..
كان يمسك بورقة قديمة مصفرة ... ثم رفع بصره نحوها و ابتسم بخفه.
همس : لا تقلقي.. هو عصبي قليلا... , ثم عاد لتأمل الورقة أو قرائتها...
وضعت ريمي يدها على قلبها.. لا تدري كم من الوقت مضى ... لكن الوضع لا يبدو سهلاً..
فجأة رفع العجوز وجهه عن كومة الزجاجات و الأتربة و قال محدثا ريمي بنبرة غريبة : لن تفيق صديقتك أبداً...
حدقت به ريمي مصدومة و كررت بيأس : لن... تفيق... أرجوك قل أي شيء آخر.. أرجوك سيدي.. أرجوك ساعدها...
قال ريديك فجأة بعصبية : سوف تفيق إذا قتلته , أن قوته ستتلاشى و سيعود كل شيء كما كان..
حدقت به ريمي بتلك الصدمة التي لم تزول...
صرخ به العجوز : أنت لست بوعيّك قط...!! لا يمكنك قتل مصاص دماء...
رفع ريديك حاجبيه وهو يهز كتفيه بلا مبالاة و قال : لقد قتلت أربعة من قبل.. ولا مانع من أن أزيد القائمة..!
لا تزال ريمي مصدومة... قال العجوز باستخفاف : لا تغتر بنفسك.. فأنا من علمك.. لكن هل تعرف أن الذي يلاحقها هذا يقدر على التحكم بالعقل.. لن يكون سهلا و خطأ واحد منك سوف يقتلك...
ضيق ريديك حاجباه و بانت لمعة غريبة في عينيه الرماديتين الباردتين.. قال بنبرة غريبة و ثقة
_ سوف يؤذي الصغيرة مجدداً إلا أن أوقفته أنا...
قال هذه الجملة وهو يتعدل بشموخ وعصاه يضرب على الأرض المتربة مصدراً صوتا مكتوماً...
أفاقت ريمي من صدمتها و شعرت بالغضب ينمو وهو يناديها هكذا.. السيدة الصغيرة... السيدة الصغيرة ><... أنها ليست سيدة و ليست صغيرة ~~".. كيف يمكنه أن يجمع بين هاتي الكلمتين ؟!!.
" أنا لم أعد صغيرة...>< " قالت ريمي هذا بدون وعيّ.. حدق بها العجوز بغرابة و كأنه ينتبه لوجودها أول مرة و ابتسم ريديك بلطف وهو ينظر نحوها و كأنه فخور بها ... صر العجوز بين أسنانه و حك شعره الرمادي الخفيف.. و للتو تلاحظ ريمي أن لون عينيه مشابه للون عيني ريديك..!
قال ريديك بنعومة وهو يطرف بعينيه اللامعة : صحيح , أمي تسلم عليك عميّ براون.. تتسائل أن كان بأمكانك أن تأتي يوما ما إلينـ...
قاطعه بحدة وهو يكشر بوجهه و كأنه ذئب : بالطبع رولينا العزيزة هي الوحيدة من تهتم بعجوز مثلي أيها العاق , على العموم لا يمكنني الذهاب إلى قصركم ذاك الذي لا يعرف نافذته من بابه !!
بدا ريديك مستمتعاً جداً وهو يبتسم برقة بوجه عمه المتجهم العابس بينما ريمي متفاجئه جدا و مصدومة قليلا... قال برقة : سأبلغها سلامك بالطبع .. لكن فكر بالقدوم بجدية أرجوك...^^
قال العجوز وهو يحرك يده بقرف كأنه ينف ذبابا : حسنا.. حسنا أيا يكن... أخرجا من هنا هيا...
و طردهما ببرودة وهو يصفق الباب المترب من خلفهما .. وقفا خارج البيت و نظرت ريمي إلى الرجل الذي أخذ يتفحص رداءه لعل الغبار أصابه .. قالت بهدوء : سيد ريديك , لم يسكن عمك هنا وحده ؟!.
اعتدل و نظر نحوها رسم ابتسامه لطيفة و همس وهو يمسك بيدها برقته : ألم أذكر بأنه مهووس و مجنون تقريباً لكنه طيب.. ولا يؤذي السيدات الفاتنات مثلك..
رفعت ريمي أحد حاجبيها ثم تداركت الأمر و سألته بقلق : أنني لا أصدق بأن مصاص دماء كان يلاحقني لسنوات و ... لا أصدق بأنه يوجد أصلاً.. ماذا علي أن أفعل , ماذا علي أن أفعل ؟!!
بدت فزعة جداً وهي تتلفت حولها في الظلام.. هدأها ريديك بسرعة وهو يمسك بيدها مجدداً : لا تقلقي قط.. قلنا بأنني سأهتم بالأمر.. و الآن دعيني أوصلك إلى الملجأ..
مشوا قليلا و بدت ريمي مخدرة و صامتة .. حتى وصل إلى سيارة من طرازٍ حديثة سوداء قابعة في ركن مظلم من الشارع , فتح لها الباب وهو يقول بلطف : تفضلي سيدتي..
صعدت ريمي بلا أدنى أعادة تفكير و صعد هو سريعا ثم أنطلق بها بخفه و سرعة ...
سألها بتهذيب : الملجأ الذي بطرف الغابة , بدا مكانا جميلاً , هل كنت بخير هناك ؟!.
وجدت ريمي صعوبة حتى استردت صوتها و قالت بنبرة خفيضة طفولية و خجلة : أنني.. كنت سعيدة..
همهم بهدوء و قال وهو يلقي بنظرة سريعة عليها :كنتِ ؟! , لا تفكري كثيراً و حاولي النوم جيداً , بالرغم من أنه لم يتبقى وقت طويل على الفجر..
ظلت ريمي صامتة وهي تشعر بأنها وسط حلم مزعج...
قال الرجل بهدوء : مالذي يزعجك الآن يا صغيرتي ريمي ؟!.
أحمرت وجنتاها وغطست في مقعدها الجلدي وهي تهمس : لا شيء.. لكن لو تعلم المعلمة جودي سوف تطردني هذا إن لم تقتلني..!
ظهرت ابتسامه خفية وهو يلقي بنظرة سريعة عليها رد هامساً : هذا ليس سيئا , سوف تتخلصين من سلطتها... ثم أنه لن يمسك أحد بأذى.. أنت الآن تحت حمايتي..
و لأنها طفلة لم تبلغ الخامسة عشرة بعد فهي لم تفهم طبيعة كلامه جيداً ,قالت بتهذيب : شكرا سيد ريديك..!
نظر نحوها ثم أرخى أحد ذراعيه و بقي بيد واحدة يقود السيارة... رد بهدوء : لا تشكريني , لكن ناديني بـ ريديك فقط..
صمت قليلا ثم قال بمرح : نحن أصدقاء صحيح ؟!
أحمرت وجنتا ريمي بشدة و قالت بخجل : إذا توقفت عن مناداتي بالسيدة و الصغيرة..!
ضحك فجأة بصوت خفيض و ظهرت أسنانه اللؤلؤية.. أومأ برأسه وهو يقول : حسنا , هذا صعب قليلا.. لكني سأحاول...
تبسمت ريمي و هي التي قد نست الابتسامة فترة طويلة , فجأة قالت : لا شك بأنك قوي جداً قلت بأنك قتلت بعضهم , لماذا ؟!!.
كانوا يسيرون في طريق بين أشجار الغابة الآن.. شعرت بقوة عظلاته من تحت المعطف الفاخر .. و قبضة يديه الشديدة ... نظر نحوها مندهشا قليلا و قال : آوه صغيرتي ماذا قلت ؟!.
توترت وهي تعيد كلامها بصوت خفيض : هل يجب أن.. تقتل آ...
قاطعها ببرود غريب اجتاحه : بالطبع يجب التخلص منهم أنهم قتله لا يرحمون ! , لقد قتلوا صديق قديم و أنا أخذت بثأره !.
نظرت نحوه فكان يحدق بالطريق المظلم الحالك... شعره بغضب كبير يكتمه و شعرت بخوف غريب منه .. من يكون هذا الشخص..؟! أنه يقدر على قتل مصاصي دماء !!! عيناه بلون القمر الفضي ~ كم هما ساحرتان ..
أخذت تعبث في يديها بخجل وتوترها يزداد.. همست بعد دقائق ثقيلة من الصمت : آسفة..
هدأت سرعة السيارة و هو ينظر نحوها بهدوء رسم ابتسامه عذبة و قال وهو يغمز لها : لا تأسفي و لا تحزني منذ الآن ستتحسن الأمور..
قالت بقلق دون أن ترفع رأسها نحوه : لكن.. قد تتأذى...
توقف بالسيارة فجأة و نظر نحوها بشفقة وحزن , همس يطمئنها بصوت حنون : لا عزيزتي.. لن يمسني حتى.. هل أنت قلقة علي.. , أنني أفكر الآن كيف يمكنني تركك في هذا المكان الغير آمن قط..
اختطفت نظرة نحوه و هي تتنهد بحزن... رفعت يدها لتمسح على شعرها الفاتح.. لكنه رأى طرف جرح ما.. فأمسك بيدها فجأة... نظرت ريمي نحوه فزعة...
فقال مصدوماً : مهلا .. ما هذا ؟؟!!..
و رفع كم قميصها قليلا ليرى أثر جرح مريع من بداية رسغها حتى مرفقها...وهو قد تماثل للشفاء لكنه قد رسم ندبة لن تمحها السنين !!
ظل يحدق مشدوها مصدوماً , ثم رفع بصره إليها.. كانت عيناه تومضان بضوء فضي لا تعلم من أين أتى , و بدا غاضباً جداً , لكنه متماسك... قال بنبرة خفيضة : لقد... هاجمك !!.
سحبت ريمي يدها و قد بدت خائفة جداً وهي تسترد ما حدث و خائفة من هذا الرجل أيضا.. بدا و كأن عينيه تشابهان عينا ذلك الوحش.. باختلاف اللون فقط..!!
قال ريديك بغضب : ظننته هاجمة صديقتك فقط... لكنه استطاع الوصول إليك... ريمي أخبريني كيف ؟!!
خافت ريمي بشدة و دموعها بدأت تلمع.. قالت بارتجاف وهي تضم نفسها كآلية للدفاع : لقد.. كان يظهر فجأة.. لا أعرف حقا..!
أدرك ريديك أنه أفزعها و رأى الدموع تتجمع في عينيها الزرقاوات فأعاد بسرعة نبرة صوته الحنونة
وهو يمسح على يدها برقة : آوه يا صغيرة أنا آسف لإفزاعك..! كان عليك أخباري حتى أعرف إلى أي مدى قدر على الوصول إليك..هلا أخبرتني ؟!
هدأت ريمي قليلا ثم قالت بصوت ضعيف : كنت أراه فقط و أشعر بالبرودة.. ثم شيئا فشيئا يقترب .. ثم آذى صديقتي و قبل سنتين تقريبا قبل أن يعطني العم هذه التعليقه وجدته أمامي فجأة فهجم علي و...
أخذت تبكي فجأة وهي تشهق و تقول : ضربني بقوة و حطم الطاولة و تسبب بقلع شعري و أراد أكلي لكني وضعت يدي أمام وجهي فـ...فجرحني و.. لكنه اختفى بعدها فجأة مثلما ظهر...
_ آوه يا صغيرتي....
ضمها ريديك إليه وهو يمسح على رأسها برفق... و أخيراً أفصحت ريمي عن سر الكابوس الحقيقي الذي كان يلاحقها منذ سنوات حياتها الأولى ... منذ أن كانت غضة لا تفقه شيئا... هجم عليها بكوابيسه فحرمها الراحة أولاً ثم قرر بنفسه الظهور ليتخلص منها...
أخذت تبكي وهي تقول : لماذا أنا...؟! , و لم تارا... نحن... لم نفعل شيئا.. أنه... شرير....
ألتمعت عينا ريديك بوميض مخيف وهو يصر بين أسنانه و يضمها بقوة إليه : لا تخشي شيئا منذ الآن.. ليتني كنت هنا قبلاً... لم تخبري أحداً بهذا صحيح , و بقيت تواجهينه وحدك...يا سيدتي الشجاعة..
تركها بلطف فمسحت عينيها و نظرت إليه وهي تقول : آسفة , لقد أفسدت سترتك..!
ضحك وهو يضع يده على كتفها الضعيفة و قال : أنتِ أهم منها بكثير...
ثم نظر نحوها بحنان و قال : سأوصلك حتى فراشك كي تنامي بأمان بدون كوابيس..
نظرت نحوه بامتنان و همست : اوه شكرا سيد ريـ....
قاطعها وهو يفتح بابه : لا تقولي سيد.. أنني ريديك فقط.. نحن أصدقاء تذكري..!
انتبهت ريمي لتوها أنها ترى أمامها الثلاث مبانِ التابعة للملجأ ... فتح ريديك لها الباب و أخذ حقيبتها من ذراعها.. وهو يسير معها بهدوء و كأنهما يتمشيان في حديقة بوضح النهار كانت تلاحظ بأنه يتكأ قليلا على عصاه اللامعة المصقولة , ثم نظرت إلى قدمه...
عندما رفعت عينيها كان ينظر نحوها , فأحمر وجهها بشدة... قال بابتسامه لطيفة : أنه جرح صعب شفاءه , لدينا قاسم مشترك , أنها علامات لمحاربة تلك الوحوش..!
قالت ريمي بألم حقيقي وهي تمسك بيده : اوه هل يؤملك الآن..!
شعر بالسعادة للمستها فرفع يدها و قبلها برقة وهو يبتسم بسحر و يقول : كلا صغيرتي هذا منذ زمن بعيد.. يالي من محظوظ سيدتي الشجاعة متهمة بأمري..!
قالت ريمي بقلق : لكني لم أكن شجاعة لقد خفت حد الموت.. و أردت الهرب..
شد برفق على يدها و قال بعينين تلمعان بلون فضي : و ماذا عن خروجك في منتصف الليل وحدك لأجل انقاذ صديقة معرضة نفسك لخطر مميت..!
صمتت ريمي و لم تقدر على الرد... فضحك بصوت رقيق.. و همس : سوف تدركين الأمر عندما تكبرين قليلا بعد يا صغيرتي..!
أخذت ريمي تقوده إلى ما خلف المهجع... قال متسائلا وهو يرفع أحد حاجبيه: حسنا...؟!
قالت بهمس : سأدخل من نافذة الحمام التي خرجت منها خلسة...
وقفا أسفل نافذة صغيرة عالية مفتوحة نصف فتحة.. أخذ يحدق بنفس نظرته إلى محل عمه !!
قالت ريمي وهي تبحث حولها في الظلام : كان هنا كرسي مكسور أستخدمه للصعود.. آوه..!!
فجأة قال ريديك بثقة : سيدتي الصغيرة , تعالي من هنا.. خيل لي أننا مررنا من عند باب الـ....
قالت ريمي بقلق : ليس ذلك الباب الأمامي.. أنا لا أريد الموت قتلاً على الأقل..!
تنهد ثم قال : حسنا صغيرتي.. تعالي سأحملك على كتفاي..
أحمرت وجنتا ريمي و اقتربت بخجل ثم قالت : آسفة لأنني سببت لك...
_ لا تأسفي مجدداً و إلا سأغضب..
ثم انحنى نحوها و رفعها من وسطها بسرعة إلا بها جالسة على كتفه..
قال متعجبا : آوه وسادتي الريشية أثقل منك.. تناولي طعامك بشكل جيد المرة المقبلة...
ضحكت قليلا ثم تشبثت جيداً في النافذة و جلست عليها...
نظرت نحوه و ابتسمت حتى ظهرت أسنانها الصغيرة بادلها الابتسام بحب كبير , قال وهو يسلمها حقيبتها : كوني بخير , هل أقدر على زيارتك في الغد , لأنني لا أعرف نظام الملاجئ..
قالت ريمي بتردد : أظن نعم.. لقد رأيت بعض الزوار يأتون...لكن..أن تأتي آ...
وبدا عليها الخجل.. ابتسم نصف ابتسامه وهو يقول : نعم بصفتي ماذا ؟! , سيحققون معك و يقولون من أين لك بصديق !!.
قالت ريمي بخجل : آسفـة لكني لا أعرف...
رفع حاجبيه بثقة و قال : مهما يكن , سنتقابل غداً .. نامي جيداً اتفقنا و تناولي الطعام جيداً أيضا..
رفع يده يحييها ثم غادر في ستار الظلام...




ظلت ريمي تحدق به بسعادة بالغة... آوه و أخيراً ظهر شخص ما يخلصها من الكوابيس..

وضعت رأسها على وسادتها الباردة و لأول مرة تبتسم وهي تنام .. أخيراً لا دموع لا خوف .. لا ألم.. لقد أُنقذت... و فوق هذا أزاحت الحمل الثقيل... فكرت بـ تارا... سوف تكون بخير مؤكد... شعرت بثقة غامرة تحيطها تجاه ذلك الرجل الغامض الواثق و المهذب "ريــديك" ..
_ ريميييييي أفيقي لقد تأخر الوقت..!
فتحت ريمي عيناها الزرقاوان كالسماء بتثاقل.. و قالت : مالأمر...؟!
قالت الفتاة الصغيرة : لقد عادت السيدة ماري وهي تحمل أخباراً عظيمة...
نزلت ريمي بسرعة وهي لا تزال بثوبها النوم.. كانت الفتيات متجمعات حول السيدة ماري.. التي قالت بمرح : أنا أرفض أن أتكلم قبل أن تأتي ريمي...!
قالت ريمي وهي تهبط السلم بسرعة : سيدة مااااري...
و ألقت بنفسها عليها.. فعانقتها السيدة ماري وهي تضحك .. قالت بمرح : أنظري يا عزيزتي...
و أخرجت أوراقا غريبة و صورة قديمة... حدقت ريمي بالأوراق ثم بالسيدة ماري و قالت بعفوية : ماذا ؟؟ ظننت بأنه خبر عن تارا...!
و صمت الجميع يحدقون بها... صدمت السيدة ماري قليلا... فقالت ريمي بسرعة و قلق : لكن.. لكن ما هذه ... آوه .. آوه صوورة..!!
قالت السيدة ماري و قد تظاهرت بالمرح : أنها إثباتات لهويتك الحقيقية .. بالطبع اسمك الحقيقي هو "ريمي دانيل كراوس " و قد ترك لك والدك ثروة ليست بقليلة و هذه أوراق المحامي الذي سيأتي اليوم في وقت ما... وهذه الصورة لك و لأمك عندما كنت رضيعة .. أنظري إليها..
كانت ريمي مصدومة بشدة و أخذت الصورة و فاها مفتوح .. كانت بالأبيض و الأسود.. أمرأة جميلة للغاية تبدو شقراء تحتضن رضيعة وهي تضمها بكل دفء و عيناها تفيضان حبا...
شعرت ريمي و كأنها في أحضان أمها حقيقة .. فدمعت عيناها و ضمت الصورة.. أخذن الفتيات بالتأثر بسرعة و الدموع بدأت تترقرق... قالت السيدة ماري وهي تمسح دمعة خفية : هذا ليس كل شيء لديك عم يا ريمي لقد قابلت المحامي الذي وظفه في طريق عودتي و كان ينقب عنك.. لكني تكلمت عنك وشك بالأمر فأراني الصورة و قرنتها بهذه الصورة التي معي و جلبتها من الميتم التي تديره صديقتي وجدتها مع أغراض قديمة و كانت الصورة لك و مكتوب عليها اسمك بالكامل... و عمك في بلد بعيد وهو في طريقه إلى هنا ربما يصل بعد يومين أو ثلاث هو متلهف جداً لرؤيتك , يقول المحامي أنه كان يبحث عنك لفترة طويلة ثم يأس و وظف المحامي لأجل أكمال المهمة..!
أظهرت الصورة الأخرى و أعطتها ريمي... كانت في سنتها الثانية ربما.. تلبس ثوباً زهرياً و عيناها الواسعتان تحدقان أمامها ... و رأت مكتوب في الخلف "ريمي نيكولاي كراوس عام :::: " !!
أخذن الفتيات يصرخ بمرح... بينما قالت ريمي ببراءة : صورتي جميلة...
فضحكت السيدة ماري و قالت : حسنا..عزيزتي.. عندما يأتي المحامي سوف تتحدثين إليه و سيخبرك بكل شيء..
قالت ريمي بصدمة : لكن تقولين لي عم .. ما اسمه ؟!.
_ ذكر المحامي اسمه كاملاً " كريست كراوس "للأسف لم يكن لديه صورة له..!
فجأة أتت المعلمة جودي تركض وهي ترفع ثوبها و تقول : سيدة ماري... لقد تلقيت أتصالاً من المستشفى ..يريدون التحدث إليك حالاً...!!
هرولت السيدة ماري خلف المعلمة ومعها أوراق ريمي التي ركضت خلفهم أيضا.. فدخلت غرفة المكتب و هي ترى السيدة ماري تمسك بالسماعة.. حدقت بها بقلق..
ظلت السيدة ماري صامتة مصدومة تستمع... ثم قالت بتعثر: نعم.. أجل أيها الطبيب سآتي حالاً..
كانت المعلمة جودي تضع يدها على قلبها بينما ريمي تحدق بكل تركيز على وجه السيدة ماري..
التي هتفت فجأة بسعادة : لقـد أفااااقت تـــارا من الغيبوبة ...!! لقد أفاقت وهي بخير تماما و كأن شيئا لم يكن كما ذكر الطبيب..
صرخت ريـمي بقوة لا تصدق ... بينما شهقت المعلمة جودي وهي تبكي سعادة فدخلن الفتيات مصدومات .. قالت السيدة ماري مجددا وهي تمسك بالمعلمة جودي كي لا تسقط أرضا : ستعود تارا إلينا يا فتيــات .. استعدن للاحتفال اليوم من أجل تارا و ريمي كذلك...
فأخذت الفتيات يصرخن و يقفزن سعادة... فوضعت ريمي يدها على وجهها وهي تبكي و انسحبت بهدوء إلى الخارج... كل هذه الأشياء السعيدة حصلت فجأة... منذ أن ظهر ريديك..!
وجدت ريمي نفسها في الخارج وهي ترى الرجل يسير بهدوء على العشب الندي .. هتفت ريمي بصوت عالي : ريديك..!!
كان يبتسم لها.. و يبدو بخير تماما مثل الأمس.. ضحك وهو يقول : صغيرتي الشجاعة ريمي..!
ركضت ريمي نحوه دون أن تدري و تعلقت به... فضمها وهو يضحك و يقول : لقد انتهى الآن الكابوس.. ثم بداخل نفسه همس " لقد أريته الجحيم لأجلك..!! ".
ابعدها برقة و جلس القرفصاء أمامها وهو يمسك بيديها بين يديه اللتان بلا قفاز .. شبك عينيه الرمادية بعينيها الفاتحة, و قال : لكن علي المغادرة.. و لن أعود قبل ثلاث سنوات.. أنه أمر هام.. أمنحيني شيئا كذكرى..!
تلاشت الابتسامه بسرعة من وجه ريمي.. فقالت بحزن : ماذا ؟؟, لكني لم أخبرك.. لقد عرفوا هويتي الحقيقية.. و نحن.. نستعد للاحتفال.. ليتك تبقى..!
قال بحنان : سأعود لأجلك صغيرتي.. آوه خذي هذه الهدية مني..
و وضع بيدها سواران ذهبيان يلمعان تحت الشمس بشكل رائع.. صدمت ريمي و قالت : جميلة جداً..
ضحك وقال : هيا.. ماذا عني..؟!
شعرت ريمي بالخجل فقالت : هل تنتظر هنا قليلا..!!
نهض وهو يقول بصوت حالم : سأنتظرك طوال حياتي إذا لزم الأمر..
لكن ريمي لم تفهم و لم تسمعه بل ركضت عائدة إلى المبنى..دخلت غرفتها و أخذت تثير أدواتها و تخرج أغراضها.. حتى وجدت دبوس ملابس نحاسياً على شكل قمر .. بدا أقل من عادي..لكنها لم تجد شيئا يمكنها أن تعطيه لشخص كـ ريديك..
فهبطت عائدة وهي تسمع الفتيات ينادين عليها لكنها تجاهلتهن.. و رأته واقف بهدوء ينتظرها.. فابتسم بسحر لها وهي تركض إليه تمنى لو يمد يديه كي تتعلق به مجدداً لكنها توقفت على بعد خطوات قبل أن تصطدم به..!
قالت بخجل : انحنِ قليلا...
فاتسعت ابتسامه و انحنى نحوها.. اقتربت منه و علقت الدبوس على سترته الفاخرة..
استقام بوقفه وهو يمسك بسترته كي يرى الدبوس.. شعر بالسعادة و قال بعذوبة : هذا أجمل شيء رأيته في حياتي... شكرا صغيرتي..!
بينما هي مشغولة بالخجل من إطراءه .. ضمها إليه و قبل رأسها ثم قال : أنني سأودعك الآن لكنني سأعود... لا تنسينني يا سيدتي..
خجلت ريمي بشدة و قالت : لن أفعل.. لكن أريد سؤالك..
جلس القرفصاء مجدداً وهو يحدق بعينيها و كأنها سحرته بنظراتها البريئة..
أمسك بيديها مجدداً و قال : أسأليني أي شيء..
قالت بارتباك : لقد قتلته صحيح ؟!, لكنك بخير.. ألم يؤذك..؟!
رفع حاجبيه و قال و عيناه الرماديتان الباردتان تلمعان بشيء من الدفء : آوه صغيرتي قلقة عليّ ! , أنني بخير تماماً و ذلك الكابوس.. –تبدلت نبرته إلى نبرة مخيفة قليلا- زال إلى الأبـد... ستعيشين هنا بالأمان إلى ذلك الحين..!
ثم ابتسم بسحر أخاذ... خجلت ريمي قليلا لكنها قالت بمرح : كنت أعرف أنك قويّ..
ضحك و أمسك بوجهها وهو يركز نظرته في عينيها قال : عليك أن تأكلي جيداً لأنك لا تزالين صغيرة , و تنامي جيداً لقد عادت إليك صديقتك و غاب الخطر.. سأعود بعد ثلاث سنوات و سنتقابل هنا في نفس هذه البقعة , أليس كذلك..؟!
ضحكت ريمي و ضمته قليلا وهي تقول : أجل...



الأسئلة

1- ايش راايكم بالبااارت ^^؟؟
ريــديك" ؟؟

3- توقعاااتكم للبارتاات الجاية ؟؟

2- رائكم بشخصية "
العجوز



__________________
لا أقبل صداقة الذكــــــــــــــــــــــــــــــــور
أبى ♡
الغائب الذي لن يعود
وأنا المشتاق
الذى لم يجف عينه

التعديل الأخير تم بواسطة ام بطن ; 02-16-2014 الساعة 01:11 PM
رد مع اقتباس