من النصرانيه الى الاسلام كيرك ديولان المهتدي/ كيرك ديولان :
تربيت وسط بيئة لا تعرف الإسلام وتسمع فقط عن المسلمين
الصلاة كانت مفتاحا لإسلامي ..
هناك فرق بين الهدى والضلال والظلمات والنور ...
تعرفت على الإسلام في اللجنة وأخذت وسائل بلغتي ساعدتني على الهداية .
لقد نشأت في بيئة نصرانية لا وجود فيها لأي من الديانات الأخرى، فقد رأت عيناي المسيحية ولا شيء غيرها، تربيت على تعاليمها، وفي أحضان الكنيسة تعلمت طقوسها، ولما كان أبواي من الملتزمين بالمسيحية سلوكاً ومنهجاً، حيث كانا حريصان منذ صغري على ذهابي معهم إلى الكنيسة، وفي طفولتي نظرت إلى هذا العالم نظرة المندهش لكل ما يدور حوله، فقد كنت أجلس بجوار والدي مردداً ما يردده، وشيئاً فشيئاً بدأت أكبر، ويكبر معي التزامي كوالدي، ولذلك فقد سلكت نفس المسلك، بل أصبحت أكثر التزاماً، حيث حرصت على أداء الصلوات في اليوم المخصص، وكنت استعد لهذا اليوم منذ آخر يوم قضيت فيه الصلاة، وأحيانا كنت أذهب في غير أيام الصلوات، يضاف إلى ذلك قراءتي المستمرة لتعاليم الإنجيل.
وتخطيت مرحلة الطفولة وبدأت الصورة تتضح أمامي، ووجدت نفسي أمام عالم متعدد المذاهب، وكل منهم يفسر الأمر حسب ما يريده، بل وجدت العديد من المتناقضات في الموضوع الواحد بين هذه المذاهب، وكأنهم قد اتفقوا على أن لا يتفقوا.
ولما كنت أسكن في منطقة كلها مما يدينون بديانتي، فلم أكن اسمع عن المسلمين شيئاً سوى ما كنت أراه على شاشة التلفاز أو في الصحف اليومية من أخبار متقطعة هنا وهناك، أما الإسلام كعقيدة وديانة فلم أكن أعرف شيئاً عنه مطلقاً.
وأثناء بحثي عن فرصة عمل داخل دولتي، وجدت فرصة للسفر لإحدى الدول الخليجية، ولم أكن أعرف أنها دولة الكويت، فقلت: إن حاجتي للعمل تفوق حاجتي لمعرفة وجهة سفري، ولم يخطر ببالي أن هذه الرحلة بالإضافة إلى كونها رحلة عمل، سوف تكون أيضاً رحلة هداية، وهكذا وافقت على السفر خارج بلادي للعمل.
وانطلقت بنا الطائرة محلقة في سماء الفلبين، وزرفت دموع الفراق ومحبة الوطن، فلم أكن في يوم من الأيام أفكر في السفر خارج حدود بلادي، وهبطت الطائرة في مطار الكويت، ووجدت انشراحاً وانبساطاً في صدري، فقد شعرت بالأمان بالرغم من الغربة التي وجدتها في كل شيء حولي.
ووجدت في الذهاب إلى الكنيسة ما يخفف عني وطأة غربتي، وذهبت لها أكثر من مرة، وفي هذه الأثناء وجدت نفس الانقسام السابق، بل وجدت أن الانقسام المحدود الذي كنت ألاحظه في وطني، يزداد نتيجة تعدد الجنسيات والأعراق، وفكرت كثيراً في هذا الانشقاق والانقسام وأي من تلك المذاهب صحيحاً، وأيهما أحق بالإتباع، لماذا كل تلك الفرق والمذاهب والاختلاف في العبادة..!!.
وانصرف اهتمامي إلى العمل نظراً لتكاثر الأعمال، وفي هذه الأثناء كان لي صديق "مصري" يدعى "عمر"، وكان هذا الإنسان مثار اهتمامي، فقد وجدت فيه صورةٌ لدينه، فكان يقيم الصلوات على فترات من اليوم، ولا أنسى أول مرة رأيته فيها، في حينها كنا قد اقتربنا من وقت الظهيرة، ولما كان الأمر هاماً، بحثت عنه في كل مكان، فقال لي أحدهم: إن عمر يصلي..، ووقفت كثيراً عند هذا القول: أحقاً يصلي، وهل يصلي مثلنا، وهل صلاته نفس صلاتنا؟، ومن يعبد حتى يعبده أثناء العمل؟..، أسئلة كثيرة دارت بخلده إلى أن وجد "عمر" ساجداً بأحد زوايا المصنع الذي يعمل به، وكان أمراً مثيراً لاهتمامي، وبعد أن أنهى صلاته، وجدت ابتسامة رقيقة، تعبر عن خلقٍ عالٍ، ودفعني الفضول إلى سؤاله، فقلت: ماذا كنت تفعل يا عمر؟..، فقال لي: أعبد الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن كفواً أحد، وكان لهذه الكلمات وقع كبير على نفسي، وقلت له: هيا بنا إلى العمل، حيث إن هناك أمراً لن يتم إلا بوجودك.
وانتهى اليوم، وذهب كل منا إلى حال سبيله، وليلتها لم أنم، أحقاً أن الله واحداً أحداً، لا ابن ولا أم، إن هذا الكلام لهو ما يوافق طبيعة البشر، وصممت على أن أتعرف أكثر على دين "عمر"، وفي اليوم التالي، اقتربت من "عمر" وسألته أكثر عن عبادته، فأجابني على سؤال، وقال لي: لماذا لا نذهب إلى لجنة التعريف بالإسلام، وهناك دعاة بنفس اللغة التي تتحدث بها، وهم أقدر مني كثيراً على تعريفك بالإسلام؟.
وهناك في اللجنة قابلنا الدعاة بابتسامة صادقة، وجلست مع أحد الدعاة الفلبينيين، وسألته عن سألته عن سر الاختلاف في المذاهب والفرق، ووضح لي التفرق والتشتت في ديانتي، وكيف أن عقيدة التوحيد تختلف عن التثليث، قال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) الأنبياء: 22.
وتكررت زيارتي للجنة، وأخذت من مكتبتها كتب وأشرطة بنفس اللغة التي أتحدث بها (التجالو)، وقابلت الدعاة مرة ثانية وثالثة أتناقش معهم في بعض الأمور التي تصعب عليَّ، وفي كل مرة تكون المقابلة بنفس الإبتسامة التي قوبلت بها أول مرة، مما شجعني أكثر وأكثر على معرفة الإسلام.
وحانت اللحظة التي اكتملت فيها معرفتي بالإسلام، والتي كنت قد انتهيت فيها من المقارنة بين ديني القديم والإسلام، وحقيقة وجدت هناك فرق كبير، بين الهدى والضلال، والنور والظلمات، ووسط أخواني في اللجنة أشهرت إسلامي، وارتضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
قال تعالى: (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) الأنعام: 125. |