البارت الثاني عشر
إستيقظت نيكولا في اليوم التالي قبل شروق الشمس بمده طويله.
أرادت أن تستعد لاستقبال يومها بنشاط. لقد طلبت من المجموعه أن يكونوا مستعدين لمغادرة المخيم الساعه الخامسه والنصف صباحا.
وقد إحتج قسم منهم لهذه الساعه المبكره، ولكن نيكولا أعلمتهم أن أحسن وقت لمشاهدة الحيوانات هو في الصباح الباكر، حتى جلوريا تقبلت الوضع أو لعلها لم ترحب في أن تترك بلاي يذهب بمفرده.
" أغلب المسافرين يكونون ذوي نوايا طيبه ولكن قسما منهم قد يرفض الإستيقاظ، فمن الواجب على المرشد السياحي أن يتولى إيقاظهم حتى لاتفوتهم الرحله." هذا ما كان يقوله المدرب لنيكولا.
كانت الحشائش والأعشاب مغطاة بقطرات الندى عندما خرجت نيكولا من غرفتها وسارت من باب إلى باب لإيقاظ مجموعتها ونصحت كل واحد منهم بارتداء ملابس دافئه لأن الجو لازال باردا، سيعودون إلى المخيم بعد ساعتين لتناول الإفطار وعندئذ يمكنهم تغيير ملابسهم وإرتداء ملابس صيفية.
نظرت نيكولا إلى ساعتها ووجدت أنه مازال لديها متسع من الوقت.
بإمكانها أن تعود إلى غرفتها لتستلقي على سريرها قليلا أو أن تتمشى قليلا في حديقة المخيم.
فضلت نيكولا الإختيار الثاني. كانت السماء لاتزال مظلمه قليلا، واتجهت لتقف قرب حاجز المخيم وأخذت تتأمل ماء النهر.
-- لقد إستيقظت مبكرا.
قال أحدهم، وتبينت نيكولا صاحب الصوت الذي سكن أحلامها الليلة الماضية.
وضعت نيكولا يدها على الحاجز وكأنها تبحث عن شيئ لتستند عليه، ثم أجابته:
-- لدي متسع من الوقت قبل بدء الرحله فجئت إلى هنا.
-- أعتقد أن لديك سببا أقوى من ذلك، كان بإمكانك أن تعودي إلى غرفتك. إني متأكد أنك تحبين هذا المكان يانيكولا.
لقد كان كثير الثقة بنفسه كما كان جوناثان. لقد كان جوناثان دائما واثقا من نفسه، يعلم مايريد.
فأجابته:
-- نعم إني أحب هذا المكان، أرى إنك قد نهضت مبكرا كذلك يابلاي.
أجاب بلاي مبتسما:
-- هذه صفة أخرى مشتركه بيننا.
-- أتعني ان كلينا يحب النهر؟
-- إني لا أمله أبدا.
-- بإمكانك أن تبقى سائق الباص. قالت وهي تمزح.
شاركها بلاي الضحك ثم قال:
-- لقد أحضرت لك قدحا من القهوة.
كان مظهر بلاي يليق بمدير شركه وليس بموظف عادي. كانت تصرفاته تدل على القوة والسيطره.
أنه رجل يعطي الأوامر ولايستلمها، لابد أنه يحتل مركزا كبيرا في الشركه.
نظرت نيكولا إليه وهو يناولها قدح القهوة.، إقتربت منه خطوة ثم توقفت، يجب أن تتوقف عن التفكير بهذا الرجل، لماذا تستجيب له هكذا؟!
-- بلاي يجب أن أذهب. قالت نيكولا بشيئ من التردد.
-- لاتزال أغلب مجموعتك نائمه.
قال بلاي برقة وكأنه قد شعر بترددها.
-- لدي أعمال يجب أن أقوم بها.
قالت نيكولا بصوت خافت.
-- لقد أنهيت كل أعمالك يانيكولا.
لقد كان صادقا، لقد أكملت جميع الإستعدادات.
إن رفضت شرب القهوة، ستبدو تصرفاتها طفولية.
لايجب أن يراها بلاي بيترسون تتصرف كطفله.
بالإضافة إلى ذلك فهي تريد أن تبقى هنا مع بلاي وأن تقترب منه.!
كانت القهوة ساخنة ولذيذه، أخذت نيكولا ترتشف القهوة وتتلذذ بدفئها.
إستندت في وقفتها إلى الحاجز وأمسكت بالقدح أمامها. كان البخار يتصاعد من قدح القهوة ليلتقي مع البخار المتصاعد من القدح الذي في يد بلاي كما إلتقت أصواتهما ليلة أمس.
-- أنظري. قال بلاي وهو يشير إلى شيئ ما.
نظرت نيكولا لترى غزالا يقف بالقرب من حاجز المخيم كان ينظر إليهما.
-- إنه لا يخافنا! قالت نيكولا بتعجب.
-- إن الحيوان يعلم بمن يثق.
-- كيف؟
-- لديه شعور داخلي.
صمت بلاي قليلا ثم عاد يتكلم بصوت فيه صلابه:
-- هل أنت متأكده من شعورك يانيكولا؟
-- أتمنى ذلك. أجابت نيكولا بشيئ من التأني، ماذا تعني؟
-- إني أتساءل، أجاب بلاي.
-- ماذا تقصد من كلامك هذا؟
-- كنت أفكر بديريك، والرجل الذي تركته وراءك.
أمسكت نيكولا قدح القهوه بقوة لئلا يقع من يدها.
-- لم يسبق لي أن حدثتك عن جوناثان. قالت نيكولا.
-- إسمه جوناثان إذن. قال بلاي.
هاهي قد وقعت في كمين نصبه بلاي بمهاره.
-- لم يكن ذلك ضروريا.
صمتت نيكولا قليلا وحاولت أن تستجمع أفكارها:
-- هل سألت عني؟
-- إنك تعلمين أني لم أفعل شيئا كهذا ، لقد لاحظت علامة خاتم على إصبع الخطوبة، وكانت عيناك تبدوان حزينتين.
تذكرت نيكولا أنه قد سألها أثناء المقابله فيما إذا كانت متزوجه أو على وشك الزواج، قد أجابته بالنفي، ولم يستمر هو في سؤالها، لابد أنه قد أدرك أن هناك رجلا في حياتها.
-- هل أنت مطلقة؟ سألها بلاي.
هل يجب أن يعلم كل شيئ؟ لماذا لم يسألني في المقابله؟
أخذت نيكولا نفسا عميقا وأجابته قائله:
-- لا. لقد تركني، أعني أنه هجرني.
-- هذه كلمة قبيحه. قال بلاي.
أخذت نيكولا رشفة من قدحها وتمنت لو أنها تشرب قليلا من البراندي.
-- نعم إنها كلمة قبيحة.!
-- هل تودين الكلام في هذا الموضوع؟
هزت نيكولا كتفها وعادت تنظر إلى البخار المتصاعد من قدح القهوة.
إن بلاي بيترسون يريد كافة المعلومات عن الفتاة التى تعمل في هذه الشركه.
-- إنها قصه عادية جدا.
كنا نعمل في نفس الشركه ونفس القسم، أحببنا بعضنا أو هيئ لنا ذلك ثم أتت إبنة مدير الشركه وانتهى كل شيئ.
-- إنه غبي وقد أحسنت بالتخلص منه. ألا زلت تحبينه؟
أخذت نيكولا تفكر لقد تصورت إني أحبه أما الآن فإني أتساءل إن كنت أحبه فعلا، إني أجد نفسي أكثر تفكيرا ببلاي بيترسون، ثم أجابت بصدق:
-- لا.
أخذ بلاي يدها بيده، ألا زلت تتألمين؟
ترددت نيكولا قبل أن تجيبه:
-- نعم قليلا!
-- إن الصد يؤلم دائما.
هل سبق لك أن صدتك إمرأة؟ إنك تبدو قويا شديد الوثوق بنفسك، هل سبق وأن أحزنتك إمرأة؟ سيكون ذلك سببا مقنعا يجعلك تكره النساء!
-- هل كان جوناثان سببا في تقدمك لهذه الوظيفه؟
نظرت نيكولا إلى عينيه وقالت:
-- لا، لقد كنت دائما أحلم بأن أعمل مرشدة سياحية.
-- إذن التوقيت كان مجرد صدفه؟
-- ليس بصوره كلية. لقد كنت حزينه وأردت أن أترك المكان الذي أعمل فيه، وكنت منذ طفولتي أحلم بعمل كهذا.
|