الفصل الخامس <أنا أكرهك>
لم تستيقظ كاثرن إلا في الساعة الحادية عشرة بعد أن تنعم جسمها بالفراش الدافئ والراحة بعد ليلة باردة مظلمة فتحت عينيها على صوت والدها ويده تلامس خدها بحنان
"كيف حالك يا عزيزتي "
قالت بعينين نصف مفتوحتين مبتسمة له
"أنا بخير"
حاولت الجلوس لكن والدها منعها
"أسترخ يا حبيبتي أنت مريضة...لقد أمضيت ليلة قاسية كان مارتن على حق ما كان علي تركك تذهبين إلى الغابة وحدك "
أعلنت احتجاجها بصوت ضعيف
"أبى"
"هذا يكفي من الآن وصاعدا لن تذهبي إلى أي مكان دون أن يكون معك احد "
"ولكن أنا.."
"هذا قراري سأتركك الآن"
وقف وهو يسعل بشدة انتبهت لوالدها وقالت له
"أنت مريض يا أبي أنا آسفة لقد سببت لك المتاعب"
"لم اتعب بقدر ما تعب مارتن الذي تركني أعود إلى البيت و بقي هو يبحث من غروب شمس الأمس إلى الصباح في جو قاسي ولم يرجع حتى وجدك"
وما ذكر أسم مارتن حتى تذكرت جولارى
"أبي جولاري"
"انسي كل ما حدث وارتاحي وإذا تحسنت سنتكلم في كل ما تردين علي الذهاب الآن اعتنى بنفسك في غيابي ولا تتعبي مارتن معك "
ابتسم لها وقبل جبينها ثم خرج أعاد عقلها كلمات أبيها بسرعة واستنتج نتيجة واحدة خافت منها وهي أن مارتن معها في البيت أبعدت هذه الفكرة من رأسها لأنها لم تعجبها. رفعت الغطاء عنها وهي تحس أن الحرارة جسدها قد اعتدلت. رأت قدمها ملفوفة بشاش أبيض وفوقها قطعة لشد القدم حاولت تحريكها وشعرت بألم فضيع ففضلة معه النوم إلى حين أن تشعر بنشاط .لم يكن نوم مريح كما أرادت فالأحلام المزعجة لم تتركها. أتستيقظ على طرقات احدهم على الباب وبصوته يناديها
"كاثرى هل يمكنني الدخول؟"
"ادخل"
دخل مارتن وبيديه وجبة الغداء وشعره البني متناثر فوق جبينه وعلامات الإرهاق والتعب على وجهه مشى و وضع الصينية على طاولة مجاورة لسريرها اتكأت على يديها لتعتدل وتجلس فتحرك مارتن يساعدها ويرتب الوسائد خلف ظهره وجلس على كرسي قريب منها لم يحجبه هذا أبدا فأخر شيء تريده هو أن تراه رفع رأسه إليها ونظر إلى وجهها الشاحب
"مساء الخير كيف حالك الآن "
"بخير و شكراً لك سيد روبرتسون ما كان عليك أن تتعب نفسك معي"
"قلت لك سابقا أن تناديني مارتن ثانيا ليس في ذلك تعب "
"هل سبق أن قلت لك أنك طبيب"
أبتسم من ملاحظتها وقال
" أجل "
"أين أبي؟....لماذا لم يأتني هو بالإفطار"
"أفهم من هذا أن وجودي غير مرغوب فيه يا كاثرى"
" لا ...لم أقصد لكن..."
"لماذا تنظرين إلي هكذا عليك تناول غدائك كي تستعيدي صحتك"
"ماذا؟؟ غدائي كم الساعة الآن؟ "
نظر إلى الساعة السوداء الكبيرة في معصمه
" إنها الواحدة والنصف"
"آه لقد نمت كثيرا اخبرني أين أبي؟"
"أتاه اتصال مهم وخرج قال لي انه سيعود قريباً... كيف هي حال قدمك هل لا زالت تألمك"
" إنها بخير ولم اعد أشعر بشيء"
كانت تكذب ومارتن يعلم هذا
"تناولي غدائك إذا وإذا ما احتجت إلى شيء فاطلبيني"
"الحقيقة ليس لدى رغبة في الأكل"
نظر مارتن لها وقد تغير من شخص لطيف وارتدى قناع الغرور و الكبر والتسلط
"حتى وان لم يكن لديك رغبة عليك أن تأكلي لكي لا تبقى في السرير طويلا"
"أنا لست طفلة لتقول لي ذلك "
"أعرف ...ولكنى مسئول عنك حتى يعود والدك و إلى حين عودته عليك أن تسمعي كلامي"
"ماذا؟؟؟ أنت لست مسئول عني و أنا لم اطلب منك الاعتناء بي "
"لكن والدك فعل ذلك"
" أبى !!"
"اجل لقد ذهب إلى القرية وقال انه لن يعود إلا في منتصف الليل وسألني أن أبقى معك"
"ما كان عليه أن يفعل ذلك وإذا كان مضطرا ليطلب شخصاً أخر غيرك"
"دعكي من هذا الآن وتناولي طعامك قبل أن يبرد وإلا سأفعل أنا ذلك"
قدم لها طعامها وجلس مقابل لها كان جاداً وعلمت أنها أن لم تفعل سينفذ ما قاله فبدأت تأكل وهو ينظر إلى شعرها الأحمر الأشعث وأهدابها الطويلة وأنفها الجميل وشفتيها ألممتلئة لاحظت كاثرن انه يحدق بها وهي تأكل ولم تشعر بالارتياح لذلك فهي تعلم أنها تبدو في حالة رثة غصة بلقمة أكلتها وانحنى مارتن نحوها وبيده كأس الماء كان لوجوده في غرفتها واهتمامه بها وقربه منها أثر كبير في نفسها . بعد أن انتهت من طعامها أخذه مارتن واتجه إلى الباب ليخرج ولكنه تذكر شيء فعاد إليها
"كاثرى لقد أتى الطبيب إلى هنا وأعطى لك دواء ستجدينه في الدرج المجاور لك مسكن للألم ودواء الزكام وعليها طريقة الاستعمال وكما قلت لك أذا احتجت إلى شيء فاطلبيني "
بعد أن خرج أحست كاثرن بفراغ كبير تناولت الدواء و حاولت تسلية نفسها بقراءة قصة بوليسية حتى غلبها النوم من الملل أما مارتن فكان منهمك في تنظيف البيت وترتيبه حتى لا يعود السيد ألبرت ويضطر إلى فعل ذلك ونسي مارتن أنه متعب و انه لم ينم غير ثلاث ساعات فقط في الصباح ثم عاد إلى بيته فبدل ملابس ونظر في إعمال مزرعته وأرسل طبيب ليهتم بكاثرن ثم اتصل بمساعدة وناقش معه مسار شركته ومشاريعه التي يديرها و عاد إلى السيد ألبرت ليساعده فهو لا يزال يعانى من المرض اثر تلك الليلة أوشك مارتن أن ينتهي من التنظيف التفت إلى الساعة إنها السادسة شعر أنه منهك فأنهى الذي بين يديه وشعر بقلق مفاجئ قد تكون كاثرى نادته وهو لم يسمعها فليس من المعقول أن تظل كل هذا الوقت بهدوء تام وهي فتاة مشاكسة عديمة الصبر صعد إلى غرفتها طرق الباب طرقا خفيفا وفتحه فوجد الغرفة شبه مظلمة. اتجه إليها كانت ملامح وجهها هادئة وهي تغط في نوم عميق. خرج بهدوء ونزل إلى الأسفل وجلس على الكنبة الحمراء حك رأسه وفرق شعره بأصابعه وفضل أن يرتاح لدقائق ثم يجهز العشاء له و لكاثرن فليس من الجيد أن تبقى طويلا دون طعام وأخذ من الطاولة التي أمامه مجلة ليقراها وتمدد على الكنبة التي كان أطول منها بكثير. جعل وسادة تحت رأسه وقلب صفحات المجلة و لم يشعر بنفسه إلا وقد نام. بعد ربع ساعة استيقظت كاثرن وأحست بتحسن بسيط وأرادت أن تشرب عصير أو قهوة ساخنة مع بسكويت الكاكاو. أنزلت قدميها من السرير وما أن لمست الأرض قدمها المصابة حتى شعرت بألم شديد ورفعتها بسرعة عن الأرض
"كيف سأنزل هل أنادى مارتن؟...لا لن افعل سأحاول القيام بذلك من دونه"
نزعت اللفائف من قدمها ببطء و قفزة بقدم واحدة حتى وصلت الحمام .ألقت بجسدها تحت المياه الدافئة المنعشة وما أن انتهت عادت إلى غرفتها وارتدت ملابسها أعادت اللفائف ومشطت شعرها ورتبت مظهرها ثم تساءلت كيف ستصل إلى المطبخ الآن رفعت قدمها المصابة وصارت تستند على كل شيء قريب منها وتقفز بقدمه الأخرى حتى وصلت إلى السلم ونزلت إلى الأسفل وقد أنهكها القفز على السلم
" غريب أين مارتن كل هذا الضجيج ولم يأتي المهم أنى وصلت قريب من المطبخ والقفز على الأرض أسهل بكثير من السلم"
استندت على الجدار بيديها وقفزت لتتجه إلى المطبخ التفتت عن شمالها إلى غرفت الجلوس ورأت مارتن متمدد على الكنبة وساقاه الطويلتان إلى خارجها و المجلة على وجهه وإحدى يديه على صدره والأخرى مرتخية إلى الأرض أكملت طريقها إلى المطبخ محاولة قدر ما استطاعت أن لا تحدث إي ضجة فيستيقظ .دخلت المطبخ وسخنت أبريق الماء وأحضرت فنجانها
"كان عليك أن تيقظيني لأجهز لك ما تريدين "
كان صوته غاضباً ومفاجئ فارتعدت وتمسكت بالمجلى أمامها التفتت إليه فراته قد سد الباب بعرض منكبيه وضخامته ورأت حاجباه البنيان العريضان معقودان وشعرة أشعث صرخ في وجهها
"لما لم تيقظيني؟"
"قل لي هل لديك موهبة إخافتي حتى تأتني بشكل مفاجئ وتكلمني حيث لا اعرف من أنت؟"
أقترب منها وهو متجهم الوجه
"قدمك لم تشفى بعد وقد طلبت منك أن تسأليني أن أردت شيء فلما لم تفعلي؟"
"لأني اشعر أنها تحسنت واني بخير"
" ما الذي كنت تريدين صنعه ؟"
"قهوة فقط "
"حسنا سأعدها أنا لك ثم بعدها بنصف ساعة سنتناول العشاء"
" لا داعي لذالك سأصنـ...."
لم يمكنها من إتمام حديثها بل أمسكها بذراعها وقال
"دعيني أساعدك في الوصول إلى غرفة الجلوس"
انتزعت ذراعها من يديه وقالت
" سأذهب وحدي"
"يبدو إننا سنمضى الليلة في نقاش تافه"
" لقد نزلت من غرفتي إلى هنا وحدي فكيف لا يمكنني الوصل إلى غرفة الجلوس الآن وهي قريبة مني"
أمسك بذراعها مرة أخرى وحاول أن يمشي لكنها ثبتت في مكانها فقال
"كاثرى دعيني أساعدك فهذا أفضل من أن أنفذ الذي في رأسي فتندمي و تكرهينني"
أفلتت ذراعها منه ورفعت وجهها إليه وقالت في تحد
" ماذا ستفعل؟ "
"لقد حذرتك فلست الملام على ما سيحدث"
ولم تشعر كاثرى إلا بقدمها تودع الأرض وهي في الهواء بين ذراعي مارتن حاولت أن تفلت منه لكن ضرباتها الضعيفة لم تؤثر فيه أتجه إلى غرفة الجلوس وأجلسها على الكنبة التي كان نائم عليها وعاد إلى المطبخ ولم يهتم لصراخها وهي تقول له
" كيف تجرؤ يا مارتن؟ سأجعلك تندم على فعلك هذا بي"
بعد دقائق عاد مارتن إليها وهو يبتسم في وجهها بلطف وهو يرى نار الغضب التي تضطرم في داخلها من عينيها كانت غاضبة من وقاحة هذا الرجل الذي قدم لها فنجان القهوة ويحدق في وجهها صرخت فيه
"لما تحدق في وجهي وكأنك ترى كائنا غريبا؟ "
ضحك منها وقال
" الحق يقال فعلاً أنت أغرب فتاة أراها في حياتي يا كاثرى"
" وأنت أوقح رجل أراه في حياتي "
" ألا تكفين عن التذمر يا طفلتي لماذا أنت مطرقة رأسك وكأنك تلقيت ضربة عليه"
نظرت إليه وعيناها محمرتان وفمها رسم خطاً صغير جميلاً وهي تشده من الغضب و صاحت
" قل لي أيها النبيل لما قتلت جولاري؟ "
وقف و مشى لينظر من النافذة ثم استدار لها وهو متكئ على النافذة ويمد ساقيه الطويلتين أمامه و يقول بطريقة غير مبالية وهو يرفع حاجبيه
" أنا لم اقتلها كما تقولين بل أرحتها لقد كانت تحتضر"
"تحتضر!!"
" أجل لا اعرف ما سبب ذلك لكنها كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة "
" كان من الممكن معالجتها ولكنك لم تهتم لهذا أليس كذلك يا مارتن؟ "
مشى مارتن حتى جلس على الطاولة مقابل لها
" أسمعي أنا اعرف في الخيل أكثر منك وإن كان هناك سبيل لعلاجها لفعلت لكنها كانت بحاجة إلى ذلك في وقت مبكر وعندما أتيت كان الوقت قد فات و اعلمي انك تتوهمين أمور غير صحيحة وإن كنت مصرة على إلقاء مهمة قتلها على أحد فليكن أنت لأنك أخذتها إلى الغابة وعجزت عن معرفة ما بها أو محاولة علاجها ثم أنك تبدين كطفلة صغيرة تبكي على قطتها المدللة بعد أن أغرقتها في النهر "
" أنا أكرهك"
أظلمت عيناه وقطب جبينه عاقداً حاجبيه بعصبيه ولم يرد عليها وقام إلى المطبخ ليعد العشاء وينهى يومه المتعب بلقائه معها. أما كاثرن فجلست في مكانها وكلام مارتن يدندن في رأسها ثم سألت نفسها عن تأخر أبيها مضى نصف ساعة عاد بعدها مارتن ينظم طاولة الطعام عندها في الغرفة ثم رجع إلى المطبخ لإحضار بقية الإطباق فقررت في نفسها أن تقفز وتجلس عند الطاولة قبل أن يأتي ويتكرر نفس الموقف السخيف ولما عاد وجدها جالسة تنتظره لكنه لم يبالي و لم يلتفت لها كان عشاء هادئ دون نقاش أو حديث لطيف متبادل .أنهت عشائها و عادت إلى الكنبة قفزا لم يوقفها أو يعرض عليها مساعدته بل حمل الإطباق إلى المطبخ وغسلها وصنع شاي لنفسه وعاد إلى الغرفة و جلس في كرسيه ونظر إليها وهي مطرقةً رأسها عاقدة حاجبيها تفكر كانت تبدو أجمل عندما تفعل ذلك فقال لها بطريقة غير مبالية وهو يشرب كوبه
" هل تريدي أن احضر لك شيء ؟ "
أجابته بنفس طريقته وعيناها في الأرض
"لا شكراً"
رأى منها ذلك فتحرك من كرسيه تاركاً كوبه على الطاولة وجلس بجانبها وضعاً يده خلفها على ألكنبه
" إذاً هل تريدين العودة إلى غرفتك ؟ "
كانت بحاجه إلى الذهاب إلى غرفتها بعيد عنه ولكنها تعرف ما وراء كلامه فأجابت بسرعة
"لا.... أريد أن اجلس هنا قليلا "
أبتسم مارتن وقال
"مما تخافين يا كاثرى هل تخافين مني"
لم ترد النقاش معه فوقعت عينها على المجلة التي كان يقرأها وهو نائم
"هل من الممكن أن تحضر هذه المجلة"
عرف مارتن أنها تهرب منه فانحنى وأخذ المجلة ثم عاد إلى مكانه
"هذه تفضلي"
فتحت المجلة وقلبت صفحاتها لكن الرجل الجالس بجانبها له تأثيره لم تستطع أن تقرأ حرفاً وهو يحدق في وجهها أنزلت رأسها لتوهمه أنها تقرأ بتركيز وانسدل شعرها ليحجب وجهها عنه وقد أراحها هذا كثير على الأقل لن يزعجها نظره إليها ولكن يد مارتن أزاحت شعرها إلى الخلف سرت قشعريرة في جسدها من لمسة يده لم يكن احد من أصدقائها يمد يده إلى شعرها فكيف يمد هذا يده لابد انه لم يعرفها بعد وأنها تربت تربية مستقيمة على يد راهبات الكنيسة نظرت إليه ورأت عيناه الرماديتان جامدتان وعلى فمه ابتسامة بسيطة وقد رفع حاجبه ساخراً وهو يملس شعرها الناعم بيده
" هل قال لك احد يوماً أنك جميلة"
لم تعرف ماذا تفعل وشعرت بالخوف منه و بجو خانق وكأن حبلاً لف حول عنقها غضبت كثيرا منه فقررت أن لا ترد عليه و صرفت نظرها بعيداً عنه ظن أنها خجلى أو أنها بسكوتها تشجعه فبادر يقول ساخراً
" أخبريني هل أثرت فيك يا عزيزتي؟"
حاولت أن لا يتضح غضبها في صوتها فيظن أنها تهتم لأمره فقالت راجيه أن تكون باردة كالثلج
"هذا ليس صحيح أنت تتوهم والذي سيؤثر فيني لابد أن يكون إنسان يحترمني ويقدرني لن يؤثر علي إلا بأخلاقه ورجولته ومروءته لا شخص مثلك مغرور ومتغطرس"
حاول الاقتراب منها أكثر لكنها صرخت في وجهه ألا يقترب
"صوتك يرتجف يا كاثرى"
" كف عن مضايقتي يا مارتن لا اعرف ما الذي تهدف إليه لكني لست كبقية الفتيات اللواتي ما أن يتعرضن لإغرائك حتى يصرعن تحت قدميك ثم تحطم قلوبهن وتتركهن خلفك بعد تجربة قاسية تجعلها تعانى بقية حياتها انتم الرجال كلكم هكذا تظنون أن النساء لم يخلقن إلا لكم لكن ثق أنهن بدئن ينتبهن لذلك ويجدن لأنفسهن مكانتهن الاجتماعية ويحققن ذاتهن فإياك أن تحاول الاقتراب مني مرة ثانية "
" هل هذا تهديد أم أنك تحولين إقناع نفسك بهذا؟ لقد استجبت لي قبل قليل "
" أنت رجل سافل قذر"
ومن شدة غضبها وقفت لتبتعد عنه ونسيت قدمها فترنحت في الهواء وكادت أن تسقط على وجهها لكن مارتن كان أسرع فقد هب واقفا وتناولتها يديه وأعادها إلى مكانها
" أسف أن كنت أزعجتك "
" دائما تعتذر ببرود ما كان على أبي تركك معي "
اتجه مارتن إلى درج في زاوية الغرفة و اخرج منه حذاءً وقال ساخراً
"أليس هذا حذائك الذي أضعته في الغابة يا سندرلا لقد وجدته"
" اسمع لم اعد احتمل تصرفاتك الساذجة "
" لا تفهميني خطاء إنما أردت أن تتأدبي معي وتتذكري أني تعبت حتى وجدتك مريضة ضعيفة بجانب شجرة ترتجفين من البرد والخوف يا كاثرى أنت مدينة لي بحياتك يا طفلتي ولا أريد منك سوى أن تعامليني باحترام"
" اخرج من هنا لم اعد احتمل وجودك"
"وأتركك وحدك؟! مستحيل واعلمي أن وجودي هنا ليس لأجلك بل لأجل والدك يا جميلة"
سمع مارتن صوت محرك سيارة في الخارج أسرع إلى النافذة ونظر إلى الخارج كان السيد ألبرت قادم فلتفت إلى كاثرى وقال
" الآن سترتاحين مني ولكن أرجو ألا تثقلي كاهل والدك بالشكوى فهو يتوقع منا أن نكون صديقين كما كان هو و والدي وقد خاب أمله فحققي ذلك ولو بتمثيل أمامه أن كنت تحبينه ولا تعتقدي أني سأكون صادقا معك في موضوع الصداقة يا حلوتي لأني سأمثل أنا أيضا. أنا أحب السيد ألبرت كوالدي تماما واكره ما يضايقه وعندما نكون بعيدا عن عينيه ففعلي ما تشائين هذا كله لأجله يا كاثرى أرجو أن تفهمي مع أني لا أتوقع من طفلة مثلك أن تفهم ما أقول "
لم يمهلها للرد عليه لأنه خرج ليستقبل السيد ألبرت .دخل والدها الغرفة ومارتن خلفه متكئ على الباب بكتفه وضام يديه إلى صدره. عندما رآها ولدها في الغرفة فرح وقال
"كاثي أنت هنا رائع يبدو انك تحسنت كثيرا"
ثم التفت إلى مارتن
"شكرا لك يا مارتن أنا مدين لك لكرمك معي ولطفك"
أشار الأخر بيده وقال
" لا...لا...لتقل شيء كهذا يا سيد ألبرت أنت لست مدين لي بشيء فأنت تعلم منزلتك عندي قل لي هل تناولت عشائك؟"
كادت كاثرن أن تضحك فقد كان يتصرف وكأنه زوجة تستقبل زوجها وتسأله أن كان تناول عشاءه قال له توماس
" اجل بعد أن انتهينا من العمل تناولت العشاء مع أصدقائي شكرا لك"
"العفو وكيف تمت الصفقة؟ "
" آه الحمد لله لقد كانت صفقة ناجحة والفضل يعود إليك لا اعرف ما كنت سأصنع لو انك لست موجدا ومن سيكون مع ابنتي وأنا لا أثق إلا بك"
" هذا جزء من أحسانك معي ومع والدي أنا ذاهب الآن سأعود غدا و أراك يا كاثرى إلى لقاء الغد يا عزيزتي "
اخذ مارتن سترته وقبعته من الكرسي وخرج قال لها والدها وحاجباه مرفوعان
"افهم من هذا إنكما أصبحتما صديقين لطالما تمنيت ذلك يا كاثي"
"ليس تماما ..."
لم تكمل ففرحة والدها كانت عظيمة ومنعتها من أكمال كلامها
"ولكنه نظر إليك وودعك حتى انه نسيني "
أرادت أن تبعد صوره ألصداقه التي حاول مارتن رسمها لكنها تذكرت كلام مارتن
"أن كنت تحبينه"....."اكره ما يضايقه"......"هذا كله لأجله يا كاثرى"
أبعدت تفكيرها فيه و سألت والدها
"أبي هل تكلمت مع أمي لتعود ألينا؟ "
"اتصلت بها لكنها لم ترد علي"
"أبي عندما تتحسن قدمي سأعود إلى المدينة وأذهب لها لعلي اعرف منها السبب في تركها المنزل وارى الشركة وكيفية العمل بها"
" ما سبب اتخاذك لهذا القرار المفاجئ فأنت هنا منذ أسبوعين فقط ولم ترى القرية بعد والإجازة في بدايتها ثم أن قدمك مصابة و لن أجعلك تذهبين استمتعي بوقتك قدر الإمكان حتى تنتهي إجازتك ثم افعلي ما تشائين وبما انك أنت و مارتن أصبحتما صديقان فسيكون ذلك مفيدا لأنه سيأخذك إلى إي مكان تريدينه في حال انشغالي "
" لا يا أبي الأمر ليس كذلك أنا اشتقت إلى حياة المدينة والى أصدقائي وشقتي وكل شيء هناك"
"كاثي هل قرارك هذا بسبب مارتن؟"
"كلا إن مارتن لطيف جدا لكني أردت..."
"أذا لن تذهبي "
"ماذا؟"
"ما سمعته لن تذهبي فأنا لم أوفي بعهدي بعد ثم إني لم اقضي وقت طويل معك أم انك تفضلين ترك هذا البيت الكبير لي وحدي فارغا دون حياة"
" لا أبدا والأمر كما تريد"
"دعيني أنقلك إلى غرفتك لترتاحي"
نقلها والدها إلى غرفتها وتركها بعد أن تمنى لها ليلة طيبة.هي ضائعة في بحر أفكارها في كيفية خلاصها من مارتن وماذا سيفعل غدا في زيارته وهل سيكون الموقف سهلا أم ترى والدها يكتشف أن الأمر خدعة فيحزن وهذا ما ينقصه وهي لا تريد أن تزيد متاعبه لكن والدها قوي وهي متأكدة من أن هذا الأمر لا يهمه أو بمعنى أخر لن يضره هل هذه حيلة من مارتن إذا ليس هناك من بد إلا تنفيذ ما قال مارتن ابتسمت وهي تنظر في سقف غرفتها ستلعب اللعبة معه لكن بشرط أن تكون هي من يضع قوانين اللعبة هي وحدها .
|