عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 11-28-2013, 01:40 PM
 
الناظر في واقع هذه الأمة العظيمة أمة محمد صل الله عليه وسلم يعلم أنها تعيش اليوم حقبة هي الأسوأ والأضعف في تاريخها، حيث أصبحت أمة مستباحة يسومها أعداؤها سوء العذاب يقتلون أبناءها ويحتلون بلادها وينهبون خيراتها.

وكان هذا الواقع الذي تعيشه أمتنا اليوم نتاجا مرا للحركة الاستعمارية التوسعية الغربية في القرن الماضي، حيث أنهم عرفوا أن عز هذه الأمة إنما هو بهذا الدين، وأنهم ما تمكنوا من بلاد الإسلام إلا بعد أن فرط المسلمون بدينهم، وأن بقاء هذا الدين في حياة الناس شرعا يعملون به ويتحاكمون إليه هو أعظم سبب لصحوة هذه الأمة وعودتها لعزها ومجدها، وهو كذلك أكبر خطر يهدد مصالحهم وهيمنتهم على بلاد الإسلام، فجاءوا بكذبة الديمقراطية ليعزلوا هذا الدين عن الحكم ويجعلوه محصورا في المساجد، واستبدلوا الشرع المطهر بدساتير وضعية وضيعة تضمن أولا عزل الدين عن الدولة ومن ثم تؤمن هيمنتهم وتكفل تبعية المسلمين لهم، وتضمن ثانيا بقاء معاول الهدم والتغريب في هذه الأمة بما تبيحه من حريات في الاعتقاد والسلوك.

وعلموا أن الناس على دين ملوكها وأن الكدر من رأس العين فسلطوا على الناس شرارهم.. حكاما فاسدين سفهاء، لا يرجون لله وقارا ولا يرفعون بشرعه رأسا، فكانوا عملاء مخلصين ووكلاء أمينين لا يألون جهدا في طاعة أسيادهم وتنفيذ مشاريعهم إذا سلمت لهم شهواتهم ومناصبهم.

وأعظم شيء حرصوا على تغييبه وطمس معالمه من هذا الدين هو الجهاد في سبيل الله، لأن مفهوم الجهاد في الإسلام لا يقف أمام مخططاتهم ويأمر بتحرير بلاد الإسلام منهم فحسب، بل يتعدى ذلك إلى غزوهم في بلادهم وإدخالهم في سلطان المسلمين إما باعتناقهم الإسلام أو إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون خاضعون لأحكام الإسلام ودولته.

فصوروا الجهاد بالإرهاب وجعلوه تهمة وجريمة، وأمروا بتغيير المناهج _ التي هي في الأصل مشوهة _ لضمان خلوها من أي مفهوم صحيح للجهاد، وقام الوكلاء بواجبهم فأسكتوا كل صوت وكسروا كل قلم يدعو للجهاد، وزجوا في السجون حتى من يحدث نفسه به، أما من يتجرأ ويخرج ليجاهد فقد أعذر من نفسه فلا تنفعه عندهم شفاعة الشافعين، ولا يقبلون منه صرفا ولا عدلا.

وانبرى لتزيين باطلهم بعض من ينتسبون للعلم والدعوة فاختزلوا مفهوم الجهاد بالدفع وعن الوطن فقط، وأبطلوا بفتاواهم الجهاد وعطلوه، وحملوا الراية للصد عن سبيل الله وتشويه صورة المجاهدين، ولم يكتفوا بذلك بل باركوا احتلال بلاد المسلمين بدعوى تحريرهم وأضفوا الشرعية على الأنظمة التي صنعها المحتلون، ودعوا المسلمين للإنضواء تحتها.

ومن هذا المنطلق أردت أن أبين بعض فضائل الجهاد وحقائقه تثبيتا للمجاهدين وإنذارا للقاعدين وإعذارا للمخدوعين وتذكيرا لللغافلين بأن الجهاد في سبيل الله هو السبيل لعودة هذه الأمة إلى عزها ومجدها ومكانتها، وهو السبيل لحماية البيضة وصيانة الأعراض، وهو الطريق الأفضل للفوز برضا الله والجنة، والنجاة من غضبه والنار.

محمد الحصم
__________________
( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )


رد مع اقتباس