عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-30-2013, 01:37 AM
 
لايؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره

الحمد لله رب العالمين ، شكرا لنعمته ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارا بربوبيته ووحدانيته ، والصلاة على رسوله محمد وآله وصحبه أما بعد : في صريح السنة للامام الطبري رحمه الله قال القول في أفعال العباد . وأما الصواب من القول لدينا فيما اختلف فيه من أفعال العباد وحسناتهم وسيئاتهم : فإن جميع ذلك من عند الله تعالى ، والله سبحانه مقدره ومدبره ، لا يكون شيء إلا بإذنه ، ولا يحدث شيء إلا بمشيئته ، له الخلق والأمر كما يريد . عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه » .
و في قصة سيدنا موسى عليه وعلى نبينا افضل الصلاة وازكى السلام حين سال ربه ان يريه عدله عبرة لمن اعتبر . قال حجة الاسلام الغزالي رحمه الله في التبر المسبوك . الظلم نوعان: أحدهما: ظلم السلطان لرعيته وجور القوي على الضعيف والعني على الفقير. والثاني: ظلمك لنفسك وذلك من شؤم معصيتك فلا تظلم ليُرفع عنك الظلم كما جاء في الخير.
كان موسى عليه السلام يناجي ربه عز وجل على الطور فقال في مناجاته: إلَهي أرني عدلك وإنصافك. فقال له: أنت رجل عجول حاد جريء لا تقدر أن تصبر. فقال: أقدر على الصبر بتوفيقك. فقال: اقصد العين الفلانية واختف بأزائها وانظر إلى قدرتي وعلمي بالغيوب. فمضى موسى وصعد إلى تل بأزاء تلك العين وقعد مختفياً فوصل إلى العين فارس فنزل عن فرسه وتوضأ من العين وشرب من مائها وحل من وسطه همياناً فيه ألف دينار فوضعه إلى جانبه وصلى، ثم ركب ونسى الهميان في موضعه وسار فجاء صبي صغير فشرب من العين وأخذ الهميان فجاء بعد الصبي شيخ أعمى فشرب من الماء وتوضأ ووقف في الصلاة فذكر الفارس الهميان فعاد من طريقه إلى العين فوجد الشيخ فلزمه وقال: إني نسيت همياناً فيه ألف دينار في هذا الموضع هذه الساعة وما جاء إلى هذا المكان سواك. فقال الأعمى: تعلم أني رجل أعمى فكيف أبصرت هميانك؟ فغضب الفارس من كلامه وجذب السيف فضرب الأعمى فقتله وفتشه عن الهميان فلم يجده فمضى وتركه فعند ذلك قال موسى: إلَهي وسيدي قد نفد صبري وأنت عادل فعرّفني كيف هذه الأحوال؟ فهبط جبريل عليه السلام وقال: يا موسى الباري تعالى يقول: أنا عالم الأسرار أعلم ما لا تعلم. أما الصبي الصغير الذي أخذ الهميان فأخذ حقه وملكه وذلك أن أبا الصبي كان أجيراً لذلك الفارس فاجتمع عليه بقدر ما في الهميان فالذي أخذه الصبي حقه. وأما ذلك الأعمى فإنه قبل أن يعمى قتل أبا ذلك الفارس فقد اقتص منه ووصل كل ذي حق إلى حقه وعدلنا وإنصافنا دقيق. فلما علم موسى ذلك تحير واستغفر. وهذه الحكاية أوردناها ليعلم العقلاء، ويتصور الألّباء، أن الله جلّ ذكره لا يخفي عليه شيء وأنه ينصف من الظالم في الدنيا ولكن نحن غافلون عما جاءنا لا ندري من أين أتانا.