أبو بكر شخصيته و عصره المؤلف : الدكتور علي محمد الصلابي إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. مقدمة أبو بكر رضي الله عنه سيد الصديقين وخير الصالحين بعد الأنبياء والمرسلين، فهو أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وأعلمهم وأشرفهم على الإطلاق، فقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم : «لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي». وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي عمر أيضا: «اقتدوا بالذين من بعدي: أبي بكر وعمر». وشهد له عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بقوله: أنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم. وقال عنه علي بن أبي طالب لما سأله ابنه محمد ابن الحنفية بقوله: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال: أبو بكر. و حياة أبي بكررضي الله عنه صفحة مشرقة من التاريخ الإسلامي الذي بهر كل تاريخ وَفَاقَه، والذي لم تَحْوِ تواريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة لأجل المبادئ السامية، التعريف بأبي بكر ** اسمه ونسبه وكنيته وألقابه: هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي, ويلتقي مع النبي صلى الله عليه و سلم في النسب في الجد السادس مرة بن كعب ويكنى بأبي بكر، وهي من البكر وهو الفَتِيُّ من الإبل، والجمع بكارة وأبكر، وقد سمت العرب بكرًا، وهو أبو قبيلة عظيمة. ألقابه لقب أبو بكر رضي الله عنه بألقاب عديدة، كلها تدل على سمو المكانة، وعلو المنزلة وشرف الحسب، منها: 1- العتيق: لقبه به النبي صلى الله عليه و سلم ، فقد قال له صلى الله عليه و سلم: «أنت عتيق الله من النار»، فسمي عتيقا. وفي رواية عائشة قالت: دخل أبو بكر الصديق على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: «أبشر، فأنت عتيق الله من النار». فمن يومئذ سُمي عتيقًا. 2- الصدِّيق: لقبه به النبي صلى الله عليه و سلم ، ففي حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: إن النبي صلى الله عليه و سلم صعد أحدا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم فقال: «اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان». 5- الأواه: لقب أبو بكر بالأواه، وهو لقب يدل على الخوف والوجل والخشية من الله تعالى، فعن إبراهيم النخعي قال: كان أبو بكر يسمى بالأواه لرأفته ورحمته. ** مولده وصفته الْخَلْقِيَّة. لم يختلف العلماء في أنه ولد بعد عام الفيل، وإنما اختلفوا في المدة التي كانت بعد عام الفيل، فبعضهم قال بثلاث سنين، وبعضهم ذكر بأنه ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وآخرون قالوا بسنتين وأشهر، ولم يحددوا عدد الأشهر. وأما صفته الخَلْقية، فقد كان يوصف بالبياض في اللون، والنحافة في البدن، وفي هذا يقول قيس بن أبي حازم: دخلت على أبي بكر، وكان رجلا نحيفًا، خفيف اللحم أبيض. وقد وصفه أصحاب السير من أفواه الرواة فقالوا: إن أبا بكر اتصف بأنه كان أبيض تخالطه صفرة، حسن القامة، نحيفًا خفيف العارضين، أجنأ، لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه - الحقو هو معقد الإزار - ، يعني الخصر ) رقيقا معروق الوجه - المعروق: هو قليل اللحم. - ، غائر العينين - دخلت في الرأس- ، أقنى (أقنى واستقنى: حفظ حياءه ولزمه ) ، حمش الساقين أي - دقيق الساقين - ، ممحوص الفخذين , الممحوص: هو الشديد الخلق في الفخذين، مع قلة اللحم بهما ، كان ناتئ الجبهة، عاري الأشاجع أي - هو مفاصل الأصابع ، ويخضب لحيته وشيبه بالحناء والكتم. ** وأما أولاد أبي بكر رضي الله عنه فهم: 1- عبد الرحمن بن أبي بكر 2- عبد الله بن أبي بكر: 3- محمد بن أبي بكر: 4- أسماء بنت أبي بكر: 5- عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: 6- أم كلثوم بنت أبي بكر: إسلامه و دعوته رضي الله عنه فقد حدث عن نفسه فقال: كنت جالسًا بفناء الكعبة، وكان زيد بن عمرو بن نُفيل قاعدا، فمر ابن أبي الصلت، فقال: كيف أصبحت يا باغي الخير؟ قال: بخير، قال: وهل وجدت؟ قال: لا، فقال: كل دين يوم القيامة إلا ما مضى في الحنيفية بور أما إنَّ هذا النبي الذي ينتظر منا أو منكم، قال: ولم أكن سمعت قبل ذلك بنبي يُنتظر ويبعث، قال: فخرجت أريد ورقة بن نوفل -وكان كثير النظر إلى السماء كثير همهمة الصدر- فاستوقفته، ثم قصصت عليه الحديث، فقال: نعم يا ابن أخي، إنا أهل الكتب والعلوم، ألا إن هذا النبي الذي يُنتظر من أوسط العرب نسبًا -ولي علم بالنسب- وقومك أوسط العرب نسبًا، قلت: يا عم وما يقول النبي؟ قال: يقول ما قيل له؟ إلا أنه لا يظلم، ولا يُظلم ولا يُظالم، فلما بُعث رسول اللهصلى الله عليه و سلم آمنت به وصدقته . وبإسلام أبي بكر عمَّ السرور قلب النبي صلى الله عليه و سلم ؛ حيث تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: فلما فرغ من كلامه (أي النبي صلى الله عليه و سلم) أسلم أبو بكر، فانطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم من عنده، وما بين الأخشبين أحد أكثر سرورا منه بإسلام أبي بكر . لقد كان أبو بكر كنزًا من الكنوز ادخره الله تعالى لنبيه، وكان من أحب قريش لقريش، فذلك الخلق السمح الذي وهبه الله تعالى إياه جعله من الموطئين أكنافا، من الذين يألفون ويؤلفون، والخلق السمح وحده عنصر كاف لألفة القوم، وهو الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر» .
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |