جار أبي حنيفة
قيل: إنه كان لأبي حنيفة جار إسكاف ( صانع الأحذية ) بالكوفة يعمل نهاره أجمع فإذا جنه الليل، رجع إلى منزله بلحم أو سمك فيطبخ اللحم أو يشوي السمك ويشرب معه الخمر فإذا دب فيه السُّكر أنشد:
أضاعوني وأيَّ فتى أضاعوا ... ليوم كريهةٍ وسداد ثغرِ !!
ولا يزال يشرب ويردد هذا البيت إلى أن يغلبه السكر وينام، وكان الإمام أبو حنيفة يصلي الليل كله، ويسمع حديثه وإنشاده، ففقد صوته بعض الليالي فسأل عنه فقيل: أخذه العسس ( شرطة الليل ) منذ ثلاثة أيام وهو محبوس.
فصلى الإمام الفجر وركب بغلته ومشى واستأذن على الأمير فقال: أئذنوا له، فلما دخل على الأمير أجلسه مكانه وسأله عن حاجته ؟
فقال: لي جار إسكاف أخذه العسس منذ ثلاثة أيام فأرجو أن تأمر بتخليته.
فقال: نعم، ثم أمر بتخليته؟
فركب الإمام وتبعه جاره الإسكاف فلما وصل إلى داره
قال له أبو حنيفة: أترانا أضعناك ؟
قال الرجل: لا بل حفظت ورعيت جزاك الله خيراً عن صحبة الجوار ورعايته ولله عليَّ أن لا أشرب بعدها خمرا.
فتاب من يومه ولم يعد إلى ما كان عليه.