في ذات تلك الليلة المظلمة .. كانت الكوابيس تهاجم بقية أصدقائنا بينما لم يتمكن القسم الأكبر منهم أن ينام ولو للحظات معدودة بسبب الأفكار والذكريات التي كانت تفترس فكره وعقله دعونا نذهب معاً إلى أولئك الثلاثة الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا أي مكان يأويهم ويحميهم من تلك النسمات الباردة .. دعونا نذهب إلى تلك الفتاة التي إكتشفت فجأة أن حياتها السابقة كلها لم تكن إلا مجرد خدعة .. تلك الحياة المترفة التي إعتادت عليها ذهبت بلا عودة .. ما تواجهه الآن أقسى بكثير مما قد يتصور الآخرون .. فهي لم تفقد ذلك المكان الذي إعتادت على العيش فيه فقط .. بل إضطرت لإن تجرح الشخص الذي أحبته من أعماق قلبها !
أغمضت عينيها في محاولة كاذبة للنوم فقط حتى تحاول أن تجعل شقيقيها يشعران ببعض الراحة .. ولكن تلك الذكريات إجتاحت عقلها بأكمله :
قبل 5 سنوات :
إليزابيث بغضب شديد: إيزابيلا !!
إيزابيلا بتردد : أمرك أمي ..
إليزابيث : ما هذا المنظر ؟
نظرت إيزابيلا إلى ثيابها المبللة وشعرها الذي فسدت تسريحته بسبب المطر
إيزابيلا : لقد ... كنت ألعب فقط يا أمي .. تحت المطر و .. و أنا ...
إليزابيث بغضب شديد : هل أنتي بلهاء ؟ تلعبين تحت المطر في كل عام يتكرر نفس هذا النقاش لماذا لا تفهمين أنكِ تعيشين في منزل راقي ولستِ في منزل مهترء من العامة أتفهمين ذلك .
إيزابيلا بتذمر : العيش في تلك المنازل تحتوي على المزيد من الحرية !
إليزابيث : تباً لكِ ولجاك الأبله .
إيزابيلا : وما شأن خالي جاك ليس وكأنه من جعلني أعشق اللعب بالمطر .
إليزابيث : فقط أغربي عن وجهي الآن .
........
عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها في أول زيارة لها لقصر الحاكم :
جاك بشبه إبتسامة : أهلا بك يا عزيزتي لقد مر وقت طويل منذ آخر زيارة لكِ هنا .
إليزابيث بإبتسامة وهي تنحني بلباقة : شكرا لك أخي العزيز ولكنني أعلم مدى إنشغالك بالعمل في الفترة الماضية .
جاك بتهكم : تماماً كما أنتي لا تستطيع السنين أن تؤثرعليكي .
إليزابيث بشيء من الإنزعاج : وأنت تصبح أكثر عصبية وإزعاجاً يا أخي العزيز .
أبعد جاك نظراته عنها لتقع عينيه على إيزابيلا التي كانت تلهو بالساعة الرملية التي وجدتها على إحدى المناضد التي كانت تحتوي على الكثير من التحف الفنية وقد لفتت إنتباهها .. إبتسم بطريقة غريبة وهو ينظر لها تلهو بعفوية تامة بينما كانت كل من إبنتي إليزابيث يقفن برسمية شديدة وربما مضحكة أيضا .
جاك بإبتسامته : نقاء القلب والعفوية إنها من الأمور التي لا تتغير في البشر صحيح ؟
إليزابيث بدهشة : عماذا تتحدث ؟
نظر جاك لها ثم وجه الجميع أنظارهم نحو إيزابيلا التي كادت أن توقع الساعة الرملية من بين يديها لولا تدخل لويس .
إيزابيلا بخوف شديد : آسفة .. حقا آسفة لم أقصد .. شكرا لك سيدي .
لويس بإبتسامة أشبه بالضحك على ذعرها : لا بأس آنستي .
إليزابيث بغضب شديد : إيزابيلا ؟ّ! من أين حصلتي على هذه الساعة بل مالذي تفعلينه بها هذا بدلا من أن تلقي التحية على الحاكم وبل وسببتي للأمير مشكلة ما بغبائك .
نظرت إيزابيلا إلى لويس بتوتر وخجل وقد أخفضت رأسها وهي تتمتم بخفوت : آنا آسفة سيدي الأمير وسيدي الحاكم حقاً آسفة .. لقد أعجبتني و .. أردت تفحصها عن قرب فقط و ...
جاك بهدوء : لديك ذوق جيد في النهاية يا صغيرتي .
رفعت رأسها لتظهر عينيها المليئتان بالدموع .
لويس : لا أظن أن هنالك مشكلة حقا .. أعني لا يستحق الأمر كل هذا التوتر
جاك : إن أعجبتك فهي لك .
إيزابيلا بخجل شديد : لا سيدي أرجوك .. أنا آسفة أقسم بذلك .
جاك بإبتسامة : لا عليكي .. كل شيء بخير .. إنها لك وهذا نهائي .
إيزابيلا : ولكن ...
لويس : ثقي بي عليكي أن لا تسمحي لأبي بأن يكرر طلبه مرتين فما بالك بثلاث مرات .
إيزابيلا بتوتر : آسفة .. أنا حقاً آسفة .
إليزابيث : بلهااااء !
لويس من بين ضحكه : لا بأس لا عليكي .
دورثي بتحية لبقة : مرحبا بكِ عمتي .. أعتذر فأنا لم أعلم إلا الآن عن وجودكم .
إليزابيث بإبتسامة : لا بأس يا عزيزتي أهلا بك .
إستئذنت إيزابيلا للخروج والسير قليلاً في حديقة القصر وهناك .
إيزابيلا بحزن شديد : لماذا دائماً أضع نفسي بمثل هذه المواقف الغبية ؟ ودائماً لا أجد من يواسيني بل يبدأ الجميع بالضحك و السخرية علي .. لماذا أنا الوحيدة الخرقاء هنا !
لتجلس على الأرض بعدها وتبدأ بالبكاء المرير .. أتاها من الخلف صوت هادئ ورزين ولا يخلو من القلق .
آرثر : آنستي هل أنتي بخير ؟
نهضت عن الأرض بسرعة كبيرة وهي تحني رأسها إلى الأسفل .
آرثر : أنتي إبنة السيدة إليزابيث صحيح ؟؟ هل حدث أمر ما آنستي .
إيزابيلا : آسفة على إزعاجك .
آرثر بإستغراب : إزعاج .. ولكنك لم تفعلي أي شيء يزعجني .. هل تأمرني آنستي بأي أمر ؟
إيزابيلا : هل يمكنك أن .. أن تحضر لي كوباً من الماء من فضلك ؟
آرثر بإبتسامة : بالطبع آنستي .
هنري بغضب : آرثر ماذا تعني بتركي وحيداً بينما اتحدث إليك ..كم انت مزعج ؟
آرثر : ههههههه آنا آسف لا تغضب ولكنني رأيت أن الآنسة هنا تبكي فخشيت أن يكون هنالك أمر ما سيء قد حدث .
هنري بتهكم : أجل يا لك من عطوف .
آرثر : إهدء فقط .
هنري : لقد خرج أحد الحرس ووجدني أتحدث إلى الجدار بسببك !
آرثر : آسف .. أنا حقا آسف ههههههه
هنري بغضب أكبر : وكيف سأقبل إعتذارك وأنت تضحك ؟؟
إيزابيلا : هههههههههههههههههههه
توقف الإثنان عن الجدال ونظرا لها وهي تضحك برقة على شجارهما ذلك .
آرثر وهو ينحني : يسعدني أن شجارنا أبعد الحزن عنكي آنستي .
توردت وجنتا إيزابيلا لتخفض رأسها بخجل .
آرثر وهو يضرب جبهته : تبا لقد طلبتي مني الماء منذ مدة وبالرغم من ذلك ( إنحنى بعدها برسمية شديدة ليردف : ) أرجوكِ آنستي سامحيني على هذه الغلطة .. سأقبل أي عقوبة تتخذينها في حقي .
إيزابيلا بتوتر : لا أرجوك إنهض .. لا بأس بذلك لم يعد الأمر مهماً حقاً .
لويس : آنستي هل أنتي بخير ؟
إيزابيلا : أجل بخير .
نظر لويس إلى وضعية آرثر ..
لويس بشيء من الريبة والقلق : ه .. هل حدث أمر ما ؟ آرثر !
إيزابيلا بسرعة : لا أبدا .. لقد رآني أبكي ولهذا السبب أراد الإطمئنان علي فقط .
لويس بإرتياح : شكرا لك آرثر .
آرثر : سيدي أنا لم أفعل شيء .
هنري : سيدي لويس هذا هو العمل الذي أمرتنا بعمله .
لويس بإبتسامة : راائع شكرا لكما ... يمكنكما الإنصراف .
لويس : مالذي حدث بينكي وبين آرثر آنستي ؟
إيزابيلا بإبتسامة جميلة : هذه الحقديقة رائعة جدا .. لابد أن من عمل هنا تعب بشدة
لويس بإبتسامة رائعة : آنستي أنا أعتبر آرثر كأخي الأكبر تماماً .. لن أقوم بما يؤذيه أبداً .
إيزابيلا : لم يحدث شيء .. لقد طلبت منه كوب من الماء وفجأة ظهر الشخص الآخر وبدء بالصراخ بوجهه .. لقد كان مظهرهما مضحكا حقا .. ومن ثم تذكر أنه نسي أن يحضر لي كوب الماء .. ولا أعلم لماذا يعتذر بهذه الرسمية بسبب خطأ تافه كهذا .
لويس : آنستي أنتي هي الرائعة ... شكرا لك لإنك لم تسببي له المشاكل بسبب هذا الموقف .
إيزابيلا : أنا حقا لا أرى أنه أخطأ .. أعني .. أنا أيضا أنسى كثيراً و ...
لويس : هل قارنتي نفسك به للتو ؟
إيزابيلا : أجل ولماذا لا ؟
لويس : لا اصدق أنكِ إبنة عمتي إليزابيث .
إيزابيلا بحزن عميق : هل تظن ذلك أيضاً ؟ بأنني مختلفة عنهم .. وأيضا أنني خرقاء و ...
لويس بإرتباك : لا , انتي أعني تتميزين عنهم بشكل إيجابي .
رفعت إيزابيلا رأسها لتنظر في عينيه وكأنها تبحث عن الصدق في عينيه .
لويس وقد عادت إبتسامته : انتي حقا رائعة بهذه الطريقة فلا تسمحي لأحد بان يزعجك إتفقنا ؟
إيزابيلا بإبتسامة : أجل شكرا لك أنت حقا رائع لويس .
لويس بشيء من المكر : لويس فقط !
إيزابيلا بخوف : آسفة ..أنا لم أقصد ذلك أقسم ذلك اعني لقد ...
لويس : ههههههههه, لا عليكي يا إيزابيلا فنحن أصدقاء الآن صحيح ؟
إيزابيلا بخجل : أ .. أجل .
إبتسم بعدها ليعودا إلى داخل القصر .
..........
إنتفض جسدها تزامناً مع هبوب تلك الريح الباردة .. نهض آرثر بسرعة ووضع معطفه على جسدها .. بينما تمسكت به بقوة وهي تحاول بيئس منع دموعها من الإنهمار .. لقد تخلت عنه .. عن لويس الذي عشقته منذ أول لقاء جمعهما .. ذلك الأمير الرحيم على خدمه وحرسه .. ذو الإبتسامة الدافئة .. لماذا كان عليها أن تحطمه بقرارها والأسوء انها صرخت بوجهه بقوة شديدة وأخبرته بأنها تكرهه تلك المرأة التي قامت بتربيتها والأشخاص الذين ظنت طوال حياتها أنهم إخوتها .. كل شيء كان وهماً .. ربما لم تكن سعيدة معهم ولكنها كانت تحبهم حقا .. والآن فقدت كل شيء .. هل بدأت تندم أم ماذا ؟ أيقظها من ذلك تلك اليد التي مسحت دموعها المتمردة .. فتحت عينيها لتراهما يحيطان بها وملامح القلق ترتسم على وجهيهما .. نظرت إلى يد آرثر التي تشبثت بها ثم إلى وجهه لترى تلك الدموع التي تملئ عينيه هو ليس قلقاً فقط .. بل حزين أيضاً .. مالذي فعلته .. لقد بذل كل مافي وسعه لأجلها وهي الآن تكافئه هكذا لابد أنه علم بأنها نادمة على قرارها الأخير أغلقت عينيها هربا من عينيهما .. وما إن فعلت حتى داهمتها ذكرى أخرى لها وقع أكبر على نفسها :
..........
إليزابيث : أنت هناك !
آرثر وهو ينحني : أمرك سيدتي .
إليزابيث بإنزعاج : لم أطلبك أنت بل الذي بجانبك .
آرثر : آنا آسف يا سيدتي .
هنري برسمية : تحت إمرتك .
إليزابيث : إذهب وأحضر لي هذه الأدوات .. وأفضل أن تكون هنا بعد نصف ساعة أتفهم ؟
هنري وهو ينحني : أمرك سيدتي .
غادر هنري القصر ليحضر لها تلك الأدوات بينما عاد الجميع إلى أعمالهم المعتادة .. بقيت إيزابيلا في غرفة العرش برفقة دورثي ولويس الذين لم يتوقفا عن الشجار للحظة واحدة , بينما كان الحاكم يحاول كتم غضبه على تصرفهما الطفولي , وفجأة دخلت إليزابيث وهي غاضبة بشدة ومعها إبنتيها المدللتين إنجيلينا و إيمليا .
جاك بشيء من التهكم : ماذا الآن يا أختي ؟
إليزابيث بغضب : لقد مرت ساعة كاملة على مغادرته .
آرثر الذي كان يمسك الأوراق للحاكم أسقطها أرضاً عندما أدرك هذا الأمر وغضب السيدة .
جاك بغضب : آرثر أيها الأبله !
آرثر وهو ينحني : سامحني سيدي .. أعتذر .
وبدء بجمع الأوراق .
جاك : من هو يا إليزابيث ؟
إليزابيث : ذلك الحارس الأحمق الذي يقف دائما مع هذا الأبله !
نظر جاك إلى آرثر الذي نظر إلى سيده بنظرة أشبه بالتوسل للرحمة !
جاك : وإلى أين ارسلته ؟
إليزابيث : إلى السوق الشعبي القريب من هنا .. أقسم بأنه لو ذهبت أنا لعدت الآن .
جاك وهو يتنهد : إن لم يكن لتأخره سبب مقنع فهو سينال عقابه بالطبع .
إنجيلينا : ماذا تعني سبب مقنع يا خالي .. لايوجد أي سبب مقنع يجعله يخالف مثل هذا الأمر البسيط .
زفر جاك الهواء بهدوء وقد أغلق عينيه .. إلا أنه سرعان ما فتحهما عندما شعر بحركة غريبة في قاعة العرش ونهوض آرثر من جانبه بسرعة .
جاك : مالذي حدث لك ؟
هنري بشيء من التعب : ر .. رجال الكنيسة لقد أرادوا إقتحام القصر .. سيدتي سامحني على تأخري ... لقد وصلت في الوقت المناسب ولكن .. منعتهم من التسلل إلى القصر لم أخبركم حتى لا أقلقكم أرجوا أن تسامحيني
آرثر بقلق شديد : جراحك تنزف بشدة سيدي الحاكم أرجوك .. إسمح لي بأخذه إلى الحكيم .
لويس : أبي !!
جاك : أجل هيا بسرعة .. أحسنت عملا هنري .
هنري بإبتسامة مرهقة : شكرا لك سيدي .
إليزابيث : أيعني الحكيم الخاص بك يا أخي ؟؟
جاك : إنه للقصر بأكمله وليس لي فقط .
إميليا بدلال : كم أنت متواضع يا خالي .. أعني لو كان شخصاً آخر لتركه يموت إثر تلك الجروح وإن كان رحيماً كان ليقضي عليه .
كشر لويس ونظر لها بتهديد ..
جاك : لقد قام بحماية القصر بأقصى ما يملك وهذا كافٍ صحيح ؟
إليزابيث : عليك أن لا تفسدهم بهذا يا جاك فالخدم مجرد حشرات صغيرة وليسوا إلا أدوات نستخدمها وقت الحاجة ونقضي عليهم بعدها .
لويس : انتي مخطئة .. فهم بشر مثلنا تماما .
أنجلينا : لا تقارنا من فضلك مع الخدم سمو الأمير .
إيزابيلا : وهل تظنين أنك أفضل منهم ؟؟؟
إميليا : بالطبع أفضل منهم بمئات المرات .
جاك : هذا يكفي .. ومن ثم إليزابيث أنا لم أمدحهما وهما هنا .. لذلك لا تخافي لن أفسدهما وثانياً لا أحبذ طريقة القضاء على الشخص الذي خدمني بإخلاص لإنني لن أجد شخصاً آخر مثله .
في مساء ذلك اليوم :
جاك : كيف حال إصابتك هنري ؟
هنري وهو ينحني : إنها بخير شكرا لك سيدي .
لويس بقلق : ولكن ألا يفترض لك أن تخلد إلى الراحة ؟
هنري بإبتسامة : لدينا عمل كثير اليوم ولا يمكنني تركه على آرثر وحده .
لويس : ولكنك ستجعله يقلق عليك فقط .
هنري : لا تخف سيدي أنا بخير .. أرجوك .
أومأ له لويس ثم عاد لتلك الأمسية التي كانت مقامة لأجل الترحيب بأحد الضيوف المهمين للدولة وقد كان كل شيء يسير بمثالية تامة حتى :
إميليا بفزع : أأنت أبله ؟ ألا ترى الطريق أمامك ؟
إلتفت الجميع نحو مصدر الصوت ليجدوا هنري يجثوا على ركبتيه بألم .. بينما أوقع الكأس الذي بيده على ثياب إميليا !
آرثر وقد شحب لونه : ه .. هنري .
تقدم نحوه بسرعة وأمسك بيده ليجد أن حرارته مرتفعة
إليزابيث : الأحمق ذاته مجدداً !
آرثر وهو ينحني : سيدتي .. آنستي سامحاه من فضلكما إنه مصاب بالحمى و ..
إميليا : نسامحه ؟ ماذا لو كان هذا الكوب يحتوي على مشروب ساخن ؟؟
آرثر : ولكنه لم يحتوي عليه .
جاك : هذا يكفي , بما أنه مريض كان عليه أن يبقى في فراشه لا أن يأتي للعمل .
آرثر : ولكن سيدي أرجوك .. لا تفعل هذا أتوسل لك .. إنه ..
جاك : أغلق فمك .
هنري وهو يقف برسمية وبصوت مرهق : سامحني سيدي .. أنا تحت إمرتك بأي عقوبة تقررها .
جاك : إذن ...
أحد الضيوف ( حاكم بريطانيا .. والد ماركوس ) : إنه مصاب صحيح ؟
جاك : أجل
حاكم بريطانيا : وأين تمت معالجته ؟
جاك : في القصر .
حاكم بريطانيا بمكر وخبث : إذن لماذا لا نقوم بفتح إثنان من جراحه الآن .
آرثر برعب : لا .. سيدي أرجوك لا تفعل .. أرجوك .
إليزابيث : أنا موافقة .
إميليا : وأنا أيضا .
لويس : ولكن لا .. هذه ليست عقوبة حتى .
دورثي : هذا أمر سيء .
جاك : أنا ..
حاكم بريطانيا : لقد وافقت المعنية بالأمر على هذه العقوبة .
آرثر وهو ينحني : أرجوكم .. لا تفعلوا ذلك .. أتوسل إليكم .. سيدي إفعل بي ما يحلو لك .. أرجوكِ آنستي أي شيء .
إميليا : لا .. ولكن يمكننا أن نفتح له جرح واحد ومن ثم سأطلب منك طلب ما إن نفذته فلن نفتح الجرح الآخر .
آرثر بيأس : أرجوكِ .. لا تفعلي .. سأفعل اي شيء .. أي شيء .
هنري : لا عليك آرثر .
أمسك بعض الحرس بآرثر والآخر بهنري .. تسارعت نبضات الكثير من الموجودين في ذلك الحفل .. دورثي إيزابيلا جاك لويس وبالطبع آرثر الذي كان مستعدا لدفع حياته في تلك اللحظة من أجل شقيقه !
أغمض آرثر عينيه في تزامناً مع صراخ شقيقه المتألم بشدة وكذلك فعل أغلب المتواجدين في الحفل .. فتح عينيه ليرى شقيقه يتلوى من الألم ودمائه تسيل من ذلك الجرح مجدداً بل أقوى من السابق .. لم يستطع تحمل ذلك المنظر حيث كان الأغلب ينظرون له بتشفي وكأنه أحد أعدائهم .. وكأن دماء شقيقه هذه لم تهدر لحمايتهم اليوم .. جثى على الأرض وهو يتسائل لماذا تتم معاملتهم وكأنهم ليسوا من البشر .. ماهو الذنب الذي إقترفوه .. يبذلون أقصى ما لديهم لحمايتهم وإتباع أوامرهم وهم يعاقبوهم عند أتفه الأسباب بأقسى نوع من العذاب !
إميليا : إذن أنت .. هل مازلت ترغب بأن أطلب منك خدمة مقابل أن لا نكمل عقابه
آرثر : أجل أرجوكي .
إميليا بتفكير : ما رأيك لو .. ممم وضعت رأسك بجانب قدمي وسأقوم أنا بسكب العصير عليك ؟
نظر لها آرثر بشيء من الدهشة .
لويس بغضب شديد : مالذي تعنينه بذلك ؟
دورثي : هذا مستحيل .. لا يمكنك أن تطلب منه طلبا كهذا وأمام الجميع أيضاً .
إميليا : أنا لم أقل أنه عليه أن ينفذه فإن رغب فسنكمل عقاب ذلك الأحمق هناك .
آرثر بإنكسار وحزن شديدين : لا آنستي .. سأفعل ما ترغبين به .
لويس : ولكن آرثر !
هنري بألم شديد : أرجوك ... لا .. لا تفعل .. أنا .. بخير .. أرجوك .
لم يستمع آرثر لهم وأخفض رأسه كما أمرته تماماً ثم سكبت بعضا من العصير البارد على رأسه وبقية جسده .. وعندما إنتهت رفع رأسه وهو ينظر إلى سيده ليتحدث بهدوء شديد على عكس ما يجول في داخله .
آرثر : سيدي أتسمح لي بأخذه إلى الحكيم ؟
جاك : لا بأس .. هيا إذهبا .
...........
صرخت بصوت أفزع شقيقيها الذين كانا يجلسان بجانبها .
آرثر بخوف : صغيرتي ماذا حدث ؟
هنري : إيزابيلا ماذا حدث لكِ ؟
إيزابيلا وهي تبكي : أنا آسفة .. حقا آسفة .. أنا ..
هنري : ما بك الآن يا عزيزتي ؟
إيزابيلا ببكاء : لقد سمعتهن بعد تلك الحفلة .. كل ما فعلته كان بسبب أنها إكتشفت الحقيقة .. أقسم أنني سمعتهما ولكنني لم أفهم شيئا .. لم افهم .. لقد قامت إميليا بإيذائكما بسببي .. وأنتما تحملتما كل ما جرى لكما فقط حتى توفرا لي الراحة .. أنا أخت سيئة .. لا أستحق أن أحظى بكما .
إبتسم آرثر بشيء من الراحة عندما علم أنها لا تعاني من أي ألم جسدي .. ومسح على شعرها بحنان .
آرثر : طفلتي أنا هنا لأجلك .. كل هذا كان من الماضي الآن صحيح ؟ لا داعي لتفكير به .. أفضل أن تندمي على قرارك بإختيارنا على تبدئي بتذكر مثل هذه الذكريات السيئة .. فأسرتك بالتبني لم تترك فرصة لنا بالتنفس في كل زيارة لهم ولا أعلم كيف نجونا هذه المرة بأعجوبة .
إيزابيلا : ولكنكما طردتما من المنزل وحصلتما على عائق في طريقكما .
هنري وهو يمسح دموعها : لا تتفوهي بمثل هذه الحماقات .. وأنتِ لستِ عائقا في طريقنا .. أنا حقا لطالما تمنيت ان تكوني معنا .. ربما لم نكن لنقدم لكِ الكثير .. وربما كنتي ستحرمين من العديد من الأمور ولكن على الأقل سنعلم أنك بخير ولن نقلق بأن تكوني مريضة أو حزينة وأنتي بعيدة عنا دون القدرة على مواساتك .
إيزابيلا : أنتما أروع شقيقان في هذا الكون .. أنا مستعدة لتخلي عن كل شيء لأكون معكما فقط .
قام آرثر بتقبيلها على رأسها ثم ضمه إلى صدره وما هي إلا لحظات حتى غطت في النوم .
هنري : وأخيرا .. لقد نامت حقا .
آرثر بإبتسامة : أجل .
هنري بحزن : أنا حقا آسف .
آرثر : على ماذا ؟
هنري : لإنك في ذلك اليوم إضطررت ل ...
آرثر بإبتسامة حزينة : من فضلك أنت أيضا .. أرجوك هنري أنا لم أشفى بعد من جراح ذلك اليوم وأقسم لو انها طلبت مني تقبيل قدميها ويديها أمام جميع الحاضرين مقابل أن تتركك وشأنك لما فكرت لثانية واحدة في الرفض
هنري بغضب : ولكن انا أرفض .. توقف عن ذلك .. كبريائك وكرامتك لا تتخلى عنهما من أجلي أرجوك .
آرثر : سأتخلى عن كل شيء من أجلكما أعدك بذلك .. سأبذل قصارى جهدي الآن للبحث عن عمل ما يجعلنا نعيش بسلام .
هنري : وأنا أيضا سأفعل هذا .. بكل حال .. لدينا تكاليف صيانة المنزل و الضرائب التي ستفرض علينا .. والطعام والشراب والثياب .. أظن أن مهمة العيش بسلام ستكون صعبة .
آرثر : دع هذا الأمر لي أنا .. أنت فقط سيكون عليك تدبر أمر الضريبة الاساسية وسأتكفل انا بالبقية .
هنري بحزن : لماذا تصمم على إرهاق نفسك أخي ؟
آرثر : أنا بخير .
هنري : لا .. أتذكر ما قاله لك الحكيم .. إن أرهقت جسدك فستصاب بمرض خطير وقد تفقد حياتك .
آرثر بإبتسامة : أتمنى ذلك حقا فأنا مللت من هذه الحياة هنري .
تجمد هنري في مكانه .. ولم يستطع منع دموعه من الإنهمار أحقا يتمنى أن يرحل ويتركهما لوحدهما ؟ حتى حكم الإعدام أهون عليه من أن يفقد آرثر .. يستحيل عليه العيش دونه .. ولكن أن يكون الموت هو أمنيته .. هل مل منه ومن غبائه ؟ هل سيكون من الأنانية الغضب والصراخ بوجهه الآن .. آرثر لقد نال كفايته حقا من هذه الحياة .. لا يعلم كيف تجرا على فعلها ولكنه وجد أنه طبع صفعة قوية على خد أخاه الأكبر ليبتعد بعدها عن المكان ويتوغل بالغابة دون ان ينظر له .. لتبدء ذكرياته بالعودة إليه تدريجيا :
..........
هنري بحزن شديد : أعلم ذلك .. أقسم بأنني أعلم أنك متعب .. وأنك ظلمت كثيراً ولكن .. لماذا ترغب بالموت ؟ أعني .. سيتحسن كل شيء .. سأضحي بحياتي كلها لأجعلك تنسى الماضي .. أعلم أنني مجرد عائق ولكن .. أنت من يمنعني دائما من مساعدتك !
أسند ظهره لتلك الشجرة وبدئت ذكرياته الأليمة بالعودة إليه تدريجياً
جاك بغضب : إذن ماذا قررتما ؟
آرثر : موافقان سيدي .. إحتفظ أنت أرجوك بأختي .. وأنا سأنفذ كل أوامرك
جاك : لا ليس أنت فقط .. وهنري أيضاً .
آرثر بتردد وخوف : ولكنه في الرابعة فقط من عمره .. أرجوك أعدك سأقوم أنا بالعمل بأفضل وجه .. ولن أجعلك تندم ولكن دع أخي وشأنه .. أرجوك .
جاك بغضب : إذن إذهب من أمامي الآن وسأقوم ببيعكم لبعض الأشخاص .. ولن أهتم إن كنتم معا أم لا .
آرثر وهو على وشك البكاء : لا .. لا تفعل أنا موافق .. لكن لا تبعدني عن هنري على الأقل .
نظر آرثر بعينين مليئتان بالدموع لشقيقه الأصغر الباكي الذي كان يتمسك بثيابه بقوة شديدة .
آرثر بإبتسامة حنونة : ستكون بخير .. أقسم لك بذلك .. لا تخف يا أخي .
هنري وهو يبكي : لا أريد .. أنا لا أريد .
جاك وهو ينهض : إما أن تجعله يغلق فمه أو أغلقه انا له .
آرثر برعب : لا سيدي .. أرجوك .. هنري صغيري أرجوك إهدء الآن كل شيء سيكون على ما يرام أقسم لك بذلك .. أحبك يا أخي .. وسأبقى إلى جانبك دائماً .
هنري وهو يمسح دموعه : أتعدني ؟!
آرثر بإبتسامة : أجل يا صغيري أعدك .
رُسمت إبتسامة جميلة على وجه هنري الذي تعلق بثوب شقيقه الأكبر .
آرثر : أحسنت فتى مطيع .
جاك : جيد .. والآن أعطني الطفلة .
آرثر : أمرك سيدي .
تقدم آرثر من جاك بخطوات بطيئة حتى وضع الطفلة بين يديه وهو على وشك البكاء .. بينما كانت هي تبكي بالفعل .
..........
فتح عينيه وهو يذكر ذلك اليوم مساءاً عندما لم يتوقف آرثر عن البكاء للحظة واحدة .. لقد باع حرية شقيقه الأصغر و تخلى عن أخته .. لم يهنئ يوماً بسبب شعوره بالذنب تجاه هذا القرار الذي إضطر إلى إتخاذه .. بل بقي يلوم نفسه ويفكر بأنه لو تصرف بطريقة أخرى .. أو ربما توسل لجاك أكثر حينها كان ليسمح له بأن يحتفظ بحرية شقيقه لن يضطر لتخلي عن أخته .. فقط أن يعمل هو ويبقي اخواه في منزلهما القديم .. لطالما كان حلمه أن يعيشا تماماً كبقية الاطفال دون الإكتراث لنفسه !
..........
في الماضي :
هنري بتعب: أخي .. آرثر .. لقد تعبت من العمل اليوم .
رفع آرثر عينيه بإتجاه شقيقه ليبتسم بهدوء ويأخذ من يديه قائمة الأعمال ليبدء هو بتنفيذها وما إن ينتهي حتى يعود ليكمل عمله وفي العادة لم يكن قادراً على إنهائه .. إلا أن ينتهي الوقت وتتم معاقبته ... هذا الأمر كان ينتهي دائما هكذا .
..........
بعد مرور أربع سنوات :
آرثر بإبتسامة : هنري .
هنري بمرح وهو يتعلق بذراعه : أمرك.
آرثر بإبتسامة : هيا تعال عليك أن تكمل عملك إتفقنا ؟
هنري : أمرك .. وهل سأحصل على مكافأة ؟
آرثر : بالطبع .. ألم أخبرك بذلك مسبقاً ؟
هنري بحماس : سأنجزه بأكمله حالاً .
عاد هنري لعمله المعتاد بينما بقي آرثر يراقبه بهدوء قبل أن يعود هو الآخر إلى عمله .. كان دائماً هكذا يراقب عمل شقيقه بين الفنية والأخرى ويصلح له كل أخطاءه .. ثم يعود إلى عمله ..أما هنري فكان عندما يمل يذهب ويجلس في بعض الأحيان مع الأمير الذي كان يُسعد بذلك .. وينزعج من تدخل آرثر وأخذ هنري .
لويس : آرثر .
آرثر وهو ينحني : أمرك سيدي .
لويس بإكتئاب : لماذا لا تكون مثل شقيقك ؟ إنه يناديني بلويس فقط !
آرثر : أعتذر عن هذا سيدي .
لويس بحماس : ولماذا تعتذر أنا سعيد لهذا .. كن صديقاً لي انت أيضاً .
آرثر : سامحني سيدي ولكن لا يجوز للخادم أن يصادق سيده .
لويس بإنزعاج : ولماذا لا ؟
آرثر : لإنني لست بمستواك سمو الأمير .
لويس بغضب : هذه مجرد تراهات .
آرثر : أرجوك سيدي الأمير .. لدي الكثير من العمل فهل تأمرني بعمل ما أم أذهب لإتمام عملي .
لويس : دعني اساعدك .
آرثر : شكرا جزيلا للطفك سيدي ولكن هذا غير مقبول .
لويس : ولماذا لا هنري يسمح لي بذلك .
رفع آرثر عينيه بصدمة وشيء من الخوف يعتليه ..
آرثر بتردد : لا سيدي أنا سأعاقبه على ذلك .
لويس : وما شأنك انت به ؟
جاك : ماذا يحدث هنا ؟
آرثر بخوف : سيدي الحاكم .
لويس : أبي .. لا شيء أردت ان أسئله عن امر ما فقط .
جاك : آرثر عد حالا إلى عملك .
آرثر : تحت أمرك سيدي .
عاد آرثر للعمل في الحقل .. ولكن تفكيره كان مشغولا بمدى علاقة لويس بهنري .. ربما لويس مجرد طفل يرغب باللهو ولكن هذا لن يتسبب إلا بالمتاعب لشقيقه .. عليه أن يجد طريقة لإخبار هنري العنيد بأن يتوقف عن اللعب مع لويس .. دون جرح الأخير .. ومن دون أن يجعله يشعر بإختلاف الطبقات !
هنري بمرح : اخي هل اساعدك ؟
آرثر بصدمة : منذ متى وانت هنا ؟
هنري : منذ قليل .. لقد إنتهيت من عملي .. فالبستاني قام بمساعدتي .
آرثر بإبتسامة : هذا جيد صحيح ؟
هنري : أجل إنهم لطفاء .. إذن هل اساعدك ؟
آرثر : لا يا صغيري أجلس هناك حتى أنتهي أنا من عملي .
هنري : أمرك أخي .
حب هنري للعب لم يكن ليسمح له بالجلوس فقط دون عمل أي شيء .. لذلك نهض من مكانه وبدء يلعب بالحجارة أولاً وهو يلقي بها في كل الإتجاهات .
آرثر : من فضلك توقف عن ذلك هنري .
هنري : حسناً يا أخي آسف .
حاول مجدداً اللعب بالماء ولكن المصيبة هي أنه قام برش المياه على المحصول الذي جمعه آرثر وقام بإفساده !
آرثر بغضب : هنري ايها الابله !!!
هنري بخوف : أنا آسف يا أخي .
آرثر بشيء من التردد : والآن بماذا سيفيدني إعتذارك .. لن أتمكن من جمع المحصول مرة أخرى الآن !
هنري : ولماذا لا هل إنتهى الوقت ؟
آرثر : غبي .. أجل إنتهى الوقت .
هنري : إذن أخبر سيدي أنني أفسدته لك .. لن يعاقبك حينها صحيح ؟
نظر آرثر له بغضب وأمسكه من ياقته بقوة : إياك هنري أن تخبر سيدي بذلك أتفهم؟
إمتلئت عينا هنري بالدموع فهذه هي المرة الأولى التي يصرخ بها آرثر عليه بهذه الطريقة .
آرثر وهو يتنفس بعمق : إنسى الأمر يا أخي حسناً .. هيا إذهب لتلهو قليلاً .. لا تخف كل شيء سيكون بخير .
هنري : ولكن هل سيعاقبك بقسوة ؟
آرثر بإبتسامة : أخبرتك أن لا تخاف .. هيا إذهب وسأتبعك أنا بعد قليل .
هنري : امرك يا أخي .
غادر آرثر ولكنه لم يتبعه كما إدعى .. ذهب هنري إلى غرفتهما إلا أنه لم يجده هناك أيضاً .. بدء الخوف يتسلل إلى قلبه بينما يعلن الظلام إعتلائه على عرش الظلام في تلك الليلة العاصفة التي إختفى منها حتى ضوء القمر .. بدئت تخيلات ذلك الطفل بالعمل وقد إرتفع صوت صراخه عندما بدء المطر بالإنهمار مصحوباً بالبرق والرعد ..
هنري ببكاء : لن أكررها .. أخي أنا خائف .. لا ترحل وتتركني لن أكررها أقسم لن أغضبك مرة أخرى .. لن تتخلى عني صحيح .
ليبدء ببكاءه المرير حتى غط في نوم عميق .
في صباح اليوم التالي :
هنري بخوف : س .. سيدي ؟
جاك : ماذا تريد ؟
هنري : أ .. أين أخي ؟ هو .. لم يعد ليلة أمس .
جاك : ولن يعود اليوم أيضاً .. أخاك الأحمق ذاك قد أفسد محصول أثمن منه ومن حياته التافهة .
هنري بشيء من الصدمة والخوف : هل عاقبت أخي بقسوة ؟
جاك بإستهزاء : لا أعلم إن كنت تسمي جلده بالصوت وربطه إلى إحدى الأشجار بلا ماء أو طعام يعد قاسياً أم لا ؟
شعر هنري بغصة في حلقه و الدموع تسيل على خديه بغزارة .
جاك : والآن أغرب من وجهي فلا وقت لدي لأمثالك .
غادر تلك الغرفة وقد تحطم شيء ما بداخله إلى الأبد .. لقد إكتشف الفرق بالطريقة الصعبة .. لقد تأكد اليوم أن تلك الجروح التي كانت على جسد شقيقه منهم وليس أنه سقط كما أخبره .. إكتشف مقدار العذاب الذي سببه لأخيه دون أن يدرك ذلك ..سقط أرضاً وبدئت دموعه تنهمر بصمت ولكن ما إن مرت بضع ثواني حتى بدء صوت بكائه يرتفع أكثر فأكثر .
بعد يومين :
كان هنري يقوم بعمله بهدوء تام
لويس : هنري .
نظر هنري له بنظرة هادئة قبل أن ينحني برسمية للمرة الأولى : آسف سيدي لا أستطيع لدي الكثير من الأعمال علي أن أنجزها .
لويس : لماذا بدئت تناديني بسيدي أنت الآخر ؟
هنري : لإنك كذلك .
لويس : لا فنحن صديقان !
هنري : لا لم نعد كذلك سامحني سيدي على ذلك الوقت فأنا لم أكن أعلم ما هو الفرق بيننا .
لويس : ماذا تعني ؟
هنري : لقد كُنت السبب .. أنا .. لقد كنت أبلهاً .. إن رآني والدك ألعب معك أو أنحدث معك سيقوم بعقابي بقسوة .. نحن لسنا إلا حثالة بالنسبة لكم .. فقط ننفذ أوامركم وعندما نخطأ أو تنتهي حاجتكم منا ستقومون بعقابنا أو قتلنا .
بقي لويس ينظر له بدهشة قبل أن يبتعد وهو يشعر بالحزن .. ولكن ذلك الشخص الذي كان واقفا خلف هنري كان متجمداً من الصدمة !
هنري بإبتسامة : أخي آرثر لقد عدت .
آرثر : ه .. هنري مالذي قلته للأمير .. للتو ؟
هنري بحزن : إنها الحقيقة صحيح ؟ ( بدئت دموعه بالهطول مجدداً ) : لقد كنت تعاقب بسببي دائماً أخي أنا آسف .. أقسم لك أنني آسف .
نظر آرثر له بصدمة وحزن عميق حتى أن دموعه سالت على وجنتيه بهدوء ليبتعد فحسب عن شقيقه .
هنري : لقد سببت له حزناً عميقا دون ان أعلم .. هو كان دائماً يعاقب دون أن يخبرني لإنه أراد لي أن أعيش طفولتي أو حتى أصل إلى العاشرة على الأقل وأنا مستمتع دون أن أعلم بما يدور حولي .. والمشكلة الأعظم هو بكائي في كل ليلة بعدها .. فأنا حقاً شعرت بصدمة بسبب ما علمته .. وهو كان يتألم بصمت شديد .. لم يرد يوماً أن يجعلني أشعر بهذا الفرق الذي شعر به .. وأيضاً لقد رأى أنه ذنبه هو وأنه أخفق في حمايتي كأخٍ أكبر لي !
ضرب هنري الشجرة بقوة وهو يتحدث بغضب : لماذا يلوم نفسه دائماً ؟ لقد فعل كل ما يجب عليه فعله .. هو لم يؤذني .. لم يفعل .. لماذا يلوم نفسه على معرفتي بالحقيقة .. لقد عوقب بقسوة ولم يبالي بنفسه فقط حزن لإنني ... لماذا أنا غير قادر على إبهاجه .
سمح لدموعه بالإنهمار وهو يتابع التحدث ربما لا يوجد أحد ليسمع ما يقول ولكنه حقاً بحاجة لذلك .
تحدث من بين دموعه : لماذا أنا غير قادر على أن أجعله ينسى حزنه تماماً ويبتسم مجدداً كما يفعل هو .. لماذا عليه أن يحصل على أخ عديم الفائدة مثلي .. أنا لم أفعل أي شيء لمساعدته .. كل ما طلبه مني هو محاولة عدم تعريض نفسي لعقوبة ما ولكن أنا ...
مسح دموعه وقرر التوجه إلى حيث ترك شقيقه فهو يعلم تماماً أنه الآن سيكون قلقاً عليه .. ولكنه لن يتمكن من ترك إيزابيلا لوحدها .
ما إن وصل إلى حيث آرثر حتى إقترب منه ووضع رأسه على صدره وأخذ يبكي بصمت دون أن ينظر بعينيه .. ولكنه هدء تماماً عندما شعر بيد آرثر على شعره .