عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12-27-2013, 09:56 AM
 





استمرت مشادتهما لبضع دقائق أخرى ، شعرت روينا خلالها أنها ستنفجر داخليا و خارجيا !

حتى انبثق فجأة من حيث لم يدري أيهما .... نصل سيف حاد لامس عنق ستيفن الذي اتسعت عيناه صدمة ،
و رافق تلك الهجمة المباغتة الغير اعتيادية صوت خفيض قوي النبرة ... أنيق اللكنة ، يقول بتحذير و وعيد :
_فلتترك الشابة أيها الرعديد !

المفاجأة أخذت كليهما على حين غرة ، فتسمرا في محاولة للاستيعاب !

أنسى الذهول روينا غضبها و منعها من تكوين سؤال حتى ... فحدقت في الشاب الغريب صاحب السيف بإندهاش ،
بدا بثيابه السوداء و الزرقاء الغريبة ، الغير مألوفة كمحارب ثائر خارج من فيلم ما عن العصور السحيقة !
شعره "الفضي جدا" تماما كعينيه لم يكن مألوف اللون ، و بشرته العاجية بدت كما لو أنها تومض في ضوء الغروب الخافت الذي انعكس من ورائها و ستيفن !
كان ستيفن الأسرع في تمالك دهشته فهتف فيه نصف غاضب و نصف حائر :
_ما الذي تفعله ؟! هل أنت مجنون ؟ ابعد هذا الشيء عني !!

ازدرد ستيفن ريقه حين حدق فيه الرجل الغريب و كأنه لم يسمعه ، لكنه لم يجرؤ على التحرك فنصل السيف الحاد و اللامع كان يلامس عنقه تماما في المنتصف !!

تكلم الشاب الغريب بذات النبرة الهادئة الحازمة :
_لتترك الآنسة في سبيلها !

انتبهت روينا لحظتها كما انتبه ستيفن إلى أنه مازال قابضا على ذراعها على نحو يوحي بالعدوانية ،
فتركها من فوره ... أمره الشاب الغريب بالمغادرة ، و تحت تهديد السلاح لم يجد ستيفن خيارا آخر ، فانصرف متوعدا بجلب الشرطة .... و ما إن غادر حتى طوح الشاب الغريب بسيفه و أعاده إلى غمده بملامح صلبة و هادئة.

لم تسمع روينا تحذير ستيفن لها بالإسراع إلى بيتها تجنبا للرجل المعتوه ... كانت قد وثقت بشكل ما أنه لن يؤذيها .... تفرست فيه قليلا تحاول تذكر أين رأته من قبل ، و سألت :
_من أنت ؟!


تبادل الاثنان النظرات للحظة ...
انحنى الشاب الغريب بعدها بتحية فيكتورية أنيقة ، فتهدل شعره الفضي الذي يصل كتفيه حول وجهه ... بينما يقول بلكنته العجيبة :
_أنا "اتشارمونت كليفند" ... دوق و فارس من البلاط الملكي ...

رفع رأسه و التمعت عيناه حين التقت بعيني روينا وهو يواصل :
_إنه لسرور أن أقدم لك نفسي آنستي ... و سيكتمل سروري لو عرفتني باسمك !



تمتمت روينا بابتسامة مرتبكة من طريقة حديثه الأنيقة الحاذقة ككل إيماءة فيه :
_روينا سكوت .... طالبة ثانوية و راقصة باليه مستقبلا !

أومأ برأسه كما لو أن معرفة المعلومة الوحيدة التي استطاعت ارفاقها باسمها قد سرته حقا !
و عندها ... و على نحو مفاجئ ... التمع في ذهنها السبب الذي جعله مألوفا لها إلى ذلك الحد !
اتسعت عيناها و هتفت غير مصدقة :
_التمثال من المتحف ... لقد كان لك .... لكن ... كيف ؟! أهذه مزحة ؟!

_كلا ...

أومأ نفيا و تابع بصوت حمل جدية عميقة انعكست في عينيه :
_آنسة روينا ما من دعابة في هذا ... أنا ذاك التمثال نفسه !




فتحت روينا باب منزلها الصغير و اندفعت إلى الداخل باشتياق إلى سريرها العزيز عل ذلك يقلب مزاجها في هذا اليوم العجيب ،
كان نهارها فظيعا و سيئا و هي بأمس الحاجة إلى غفوة الآن تعيد الأمور إلى نصابها ..... و منطقيتها !!!

مرت بغرفة المعيشة المتواضعة و رأت والدها مسترخيا على أريكته المفضلة ، يقلب محطات التلفاز بيد و بالأخرى يهرش بطنه المغطاة بقميص ضيق خاص بالشباب الصغار من جيلها ، كم هو عجيب اختياره الدائم للملابس ، و لتسريحة الشعر ، و حتى انتقاء المفردات عند الحديث ..... دوما يحاول والدها أن يظهر أصغر عمرا و أكثر شبابا لسبب لا تفهمه !
تتساءل مرارا لماذا لم تولد ضمن عائلة منطقية و حقيقية ........ عائلة لا تكون هي "الغريبة الأطوار" أفضل من فيها عقلا !
اسرعت ترتقي الدرج نحو غرفتها دون أن تكلف نفسها عناء إلقاء تحية لن تجد ردا عليها في لحظة كهذه ،
و ما أن أغلقت الباب على نفسها كاتمة بذلك شيئا من ضوضاء الموسيقى الصاخبة التي تسمعها أختها في الحجرة المجاورة ،
حتى ألقت حقيبتها الدراسية بجانب الباب.
نزعت حذاءها ، ثم معطفها ، و الحقته بكنزتها الصوفية لتكوم كل الأغراض بفوضوية أسفل سريرها.

أجفلت من الصوت المميز الخافت يخاطبها فجأة :
_من بعد إذنك .... علينا أن نتحدث !



التفتت ناحية مكتب دراستها الصغير ،
لتراه واقفا أمامه ، و من خلفه النافذة المشرعة و الهواء يتلاعب بستائرها القصيرة !
لم تتبين ملامحه و الشح القليل من ضوء الغروب المتسرب من النافذة وراءه قد جعل وجهه مظلما ... ما بعث فيها إحساسا مفاجئا من عدم الراحة ...
هيئته لحظتها جعلت من الصعب تصديق أن ادعاءه غير حقيقي !!

عيناه ذات اللون غير اعتيادي كانت تلمع في وجهه المظلم ، كنمر متحفز !
بقدر ما أرادت تصديق أنه طبيعي ، بقدر ما بدا بعيدا عن البشرية ..... هو طيف ، شبح ، أو شيطان ليست تدري حقا !
لكنها علمت أن شيئا فيه لم يكن اعتياديا !





~تنبيه ... الرجاء عدم الرد !

‎‏‎

[/size]
__________________




افتَقِدُني
music4