السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد مثل الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده {1266-1323ه 1849-1905} وتلامذته أعلام مدرسة الأحياء والتجديد والإسنتارة في عصرنا الحديث ..وقد لا يعلم الكثيرون أن فكر شيخ الإسلام ابن تيمية {661-728ه 1263 1328م} كان له حضور متميز في هذه المدرسة الإحيائية والتجديدية التي قادت الإصلاح الإسلامي في عصرنا الحديث ...
فلقد دعا محمد عبده إلى إنصاف ابن تيمية ووصفه بأنه "أعلم الناس بالسنة وأشدهم غيرة على الدين"..وذلك عندما نتحدث عن الظلم الذي لحق عددا من أئمة المسلمين ..مثل حجة الإسلام الغزالي {450-505 ه 1058-1111م} الذي أحرقت كتبه في "غرناطة" في عصر المرابطين {483-541 ه 1090-1147م} ..وشيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال عنه محمد عبده :"لقد قال قوم يعدون أنفسهم مسلمين في ابن تيمية وهو أعلم الناس بالسنة وأشدهم غيرة على الدين إنه ضال مضل وجاء على إثر هؤلاء مقلدون يملأون أفواههم بهذه الشتائم وعليهم إثمها وإثم من يقفوهم بها إلى يوم القيامة "
وبعد هذه "الشهادة" من محمد عبده لابن تيمية والتي لا تزال موجهة لخصوم ابن تيمية في واقعنا الفكري المعاصر جاءت شهادة الحركة الإصلاحية الإسلامية في بلاد المغرب العربي على لسان الإمام الشيخ البشير الإبراهيمي {1306 – 1385ه 1889 – 1965} لابن تيمية عندما قال :
" وما علمنا فيمن قرآنا أخبارهم وتقفينا آثارهم من علماء الإسلام مثالا في شجاعة الرأي العام أكمل من الإمام ابن تيمية ..فقد شنها حربا شعواء على البدع والضلالات أقوى ما كانت رسوخا وشموخا وأكثر إتباعا وشيوخا يظاهرها الولاة القاسطون ويؤازرها العلماء المتساهلون المتأولون "..
كما نبه الشيخ البشير على دور فكر ابن تيمية وفكر محمد عبده في تبلور بواكير الإصلاح الديني الذي واجهت به "جمعية العلماء المسلمين بالجزائر" تحالف "الطرقية" والاستعمار الفرنسي فقال :
"إنهم قبل أن يظهر الإصلاح بهذا الوطن وتلهج الألسنة باسمه كانوا يلعنون ابن تيمية وابن حزم {384-456ه 994-1064م} ومحمد عبده {1266-1323ه 1849-1905م} وغيرهم من أئمة الإسلام الذين جهروا بإنكار البدع فلما ظهر الإصلاح بالمظهر الفردي كان أمضى سلاح يقاومونه به قولهم :"تيمي عبداوي"! نسبة إلى ابن تيمية ومحمد عبده !..
ثم يتحدث الشيخ البشير عن تأثير كتب ابن تيمية وابن القيم {691-751 ه 1292 -1350م} والشوكاني {1173-1250ه1760- 1834م} "في التمهيد للدعوة الإصلاحية" بالجزائر وبلاد المغرب العربي ..."
أما دور الفكر التجديدي والإصلاحي لابن تيمية في حركة الإصلاح الإسلامي بالمشرق العربي فيتحدث عنه الإمام عبد الحميد بن باديس {1308-1359 ه 1889-1940 م} رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر عند حديثه عن الشيخ طاهر الجزائري {1268-1338ه 1852 -1920 م} "الذي ولع في صباه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكانت جمهرة الفقهاء في عصره تكفر ابن تيمية تعصبا وتقليدا لمشايخهم فلم ير الشيخ طاهر الجزائري لتجنيهم بابن تيمية إلا نشر كتبه بينهم من حيث لا يدرون فكان يستنسخ رسائله وكتبه ويرسلها مع من يبيعها في سوق الوراقين بدمشق بأثمان معتدلة لتسقط في أيدي بعضهم .....وبذلك وصل إلى فرضه من نشر آراء شيخ الإسلام التي هي لباب الشرعية
هكذا كان فكر ابن تيمية حاضرا ومؤثرا في حركة الإصلاح الإسلامي الحديثة في مصر ..والمغرب العربي ....والمشرق العربي كما أعلن عن ذلك هؤلاء الأئمة الأعلام .