الموضوع: في حياتنا سراب
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-08-2014, 12:11 AM
 
في حياتنا سراب

كبرنا ولم تزل فينا روح الطفـــــــــــــــــــــــــــــــــولة
صغاراً كنا نلهو كالبراعم الخجولـــــــــــــــــــــــــــــــــة
فتاتان بضفائر شعرٍ كالسكر المعقــــــــــــــــــــــــــــود
لضحكاتهم البريئة صدىً بلا حـــــــــــــــــــــــــــــدود
نمرح ونرقص ثم نســـــــــــــــــــــــــرد القــــــصص
نلتقي مع بعضٍ كلما سنحـــــــــــــــــــت الفرص
على مقعد المدرسة رسمـــــــــــــــــنا وكتبنـــــــــــــــــــا
وفي ساحاتها الواسعة ركضنــــــــــــــــــا ولعبنـــــــــــــا
فجأة باعدتنا الأيام وخطّت مشــــــــــــــــــــــوارنا
فتركنا للمستقبـــــــــــــل أن يكتب أقدرانــــــــا
وبقي في مخيلتي منها بعـــــــــــــد الغيــــــــــــــاب
ذكرياتنا، صورتها واسمهـــــــــا ســـــــــــــــــــراب
عسانا نلتقي معاً على مســـــــرح الحيـــــــــــــاة
فنشعل بأشواقنا هذه جليــــــــــــد الذكريـــــــــات



قابلتها بعد أعوامٍ في متجر المدينـــــــــــــــــــــة
كم تبدو رائعــــــــــــــةً جميلـــــــــــــةً ورصينــــــــــة
ضممتها بشوق الصديقة ضمــــــــــــةً قويــــــــــــــة
ضحكنا بكينا ها قد عدنــــــــــــــا سويــــــــــــــــــة
ثم اتخذنا ركنــــــــــــــــــاً في مطعــــــــم قريـب
وبدأنا أحاديثنــــــــا عن الحيــــاة والحبيـب
كأن الزمن عاد بنا لسنــــــــــوات المراهقــة
نقصُّ أحلامنا بقلوب البراءة العاشقـــــــــــــــة
كفتاتان مازالتا تحلمـــــــــــــــان في المــــــــدرسة
حبيبها الطبيب وحبيبي يدرس الهندســـة
أخبرتها عن زواجي وحياتي السعيــــــــــــدة
وأخبرتني أنها مرت بتجـــــــــارب عديــدة
وانتهى الأمر بها مرتين للطـــــــــــــــــــلاق
فشددت على يدها ثم بادرتها بالعنـــــــــــاق
واسيتها قائلة لعل الأفضـــــــــــل في الأتـــــي
لم أدرِ حينها أني أشعل نيران حيـــــــاتـــي


كانت أولى زياراتها في اليوم التـــالي
فرصة كي أقدمها لزوجي وأطفــــــــــــالي
أعددت لها سفرةً شهيةً وحلويـــــــــات
ووضعت في الوسط غزل البنــــــات
لأحيي في ذاكرتها شيئاً من المــــاضي
حين كنا نقتسمه في طريقنا بالتراضـــي
فيمتلأ وجهنا بشعيراته شديدة الحـــــلاوة
ويتلوّن لساننا فنظهره لبعضٍ في شقاوة
ونضحك وتملأ ضحكاتنا كل الطريــــق
أشياءٌ لا يدرك معناها سوى الصديــــق


جلسنا نأكل ونتقاسم الكلام على التـــــــــــــــــوالي
وفي الخفاء كان يحدث ما لم يخطــــــــــــــــــر ببـــــــالي
كانت تخفي خلف ابتسامتها نظراتٍ غريبة
لم أكتشفها ابداً إذ توقعـــــــــــــــــت منها الطيبة
ذهبت أجلب الحلوى ما ظننت بها سـوء
فاستغلت غيابي لتغازل زوجي بهـــــــــــــــــــدوء
واستمالته بدلع وجهها وخبــــــــــــــث نظرتهـــا
وبدأت تلفظ بإغـــــــــــــــواءٍ دخان سيجارتهــــــــــــا
وتداعب ياقة معطفـــه كما تداعب الهــــــــــــــر
ثم غمزت ورمت عنوانها في جيبه بالســـــــــــر


مرت أيام وأسابيع وبدأ يخف الوفـــــــاق
كثرت العصبية وباتت حياتنا لا تطــــــاق
قل الاهتمام وبلا أسبــــــــاب زاد الشجــــار
لم يعد بيننا طريقة واضحـــــــــــــة في الحــــوار
بدأت أشعر أن زوجي يبتعد عـــــــــــــــنـــي
لجأت إليها فوجدتها تتهرب منـــــــــــــــي
كنت بحاجة لصديقة أفضي بهمي لهــــــــــا
وكانت تتحجج دائما بكثرة انشغالهـــــــــــا
أصبحت أشك بوجود إمرأة في حياتــــــه
فرحت أراقبه في أغلــــــب تصرفاتــه
وقررت أن اتبعه بالســـــــــــــــر عند ذهابه
وأن افتش في جيوبه وداخــــــل ثيابـــــــــــــه
إلى أن جاء موعدي أخيراً مع الحقيقــــــــــــة
حقيقة خيانة زوجي مع أقرب صديقـــــــــــــة


بعد أن استيقظ قبّلني بمنتهى الرقــــــــــة
سأشتاق لكِ ولأطفالنا وهذه الشقـــــــــــــــــة
ثم أكمل : سأسافر اليابان لأســـــــــــــــابيع
لا تقلقي تركت مالاَ يكفي الجميــــــــــع
قبّلي أطفالنا وبلغيهم بحـــــــــبٍ سلامي
جهّزت نفسي لا تهتمي عــــــودي ونامي
نهضت بسرعةٍ فارتديت معطفـــــــــي
وركضت أتبعه قبـــــــــــــل أن يختفــــــــي
من دون أن ألقــــــي اهتماماً لمــــــــنظري
أو أغيّر ملابــــــــــس نومي ومظهـــــــــــري
قد كانت تشغلني قصـــــــــة هذه السفرة
فركبت خلفــــــــــه أول سيارة أجـــــــرة
كنت ارتجف وضربات قلبي سريعة
اتخيل ماذا لو حدثت أشيــــــــاء فظيعـــــة
تذكرت أطفالي فصمتت عند هذه العبارة
فجأة رأيته يركن تحت منزلها السيـــارة



تماسكت ومضيت أقرع جرس البيت
ثم تنحيت جانباً عن العين تواريـــــــت
مرّت دقائق وما أن شق طرف بــــــــــابـــــه
دفعتــــــه بقوة كوحش كشّـــــــــر عن أنيابــــــه
كانت هي متفاجأة فحاولت التحــــــــامي
ذهبت غرفة نومهـــــــــــا فوجدته أمـــــــامي
ممدداُ في ســـــــــــريرها ويهّم في الاختبــــــــاء



ما أن رأني خجل ثم التمس الرجـــــــــــــــاء
عدت إليها فشــــــــددت شعرها ووبختــــــــها
أهنتها فقد اعتبرت نفسي دوماً أختــــــــــها
أأنتِ صديقتي! كيف الصديقـــة تخون؟
فراحت تدفعني وتضحك في جنـــــــــــون
وتنظر إلينا بلا أدنى شعــــــــــورٍ بالأســـف
وقالت بهستيريا وصوتهــــــا قد ارتجف
أكره أن أرى أزواجاً سعـــــــداء مع زوجاتهم
فأهوى خراب بيوتهم وتدميـــــــــر حياتهم
أخرجوا حالاً ثم امسكتني وقالت : مهلاً
لا تعاتبيني فزوجك كـــــــان صيداً ســـــهلاً
وضحكت كالمجنونة ثم أغلقت البــــاب
فتبددت صور الماضي أمام عيني كالضباب


نظرت إلى زوجي وهو في صمته ذليـــــــــــــــــــــل
خجل من نفسه كأنما يلتمس الرحيـــــــــــــــــل
فقلت له، وماذا يقال في هكذا موقــــــــف!
لم أتوقع ألّا أعرف من كنت أعـــــــــرف
قد خسرتها لأنها لم تكن لك وخسرتنــــــــــي
دمرتك بغلّها، وأنت بغشك دمرتنـــــــــي
جرحت قلباً أحبك وسفكت دمع المآقــي
سأعود الآن وغـــــــــــداً أريد ورقة طــــــــــــــلاقي
رد مع اقتباس