في حين كان سويارت في مكتبه يقف أمام النافذة والغضب يعتلي وجهه فيما كانت المعركة الأخيرة بينه وبين الملك أيروسين ، فضغط على يد بغضب وقال:
-سأنتقم منك يا أيروسين سأجعلك تندم على كل ما فعلته
وأرسل بصره نحو السماء لتبدو ابتسامة ماكرة على وجهه وقال:
-وجدتها .
أما لين فكان جالسا مع نادي وألفريد في غرفت داخل المشفى وقال نادي:
-علينا أن نعرف ماذا حدث في الممالك خلال غيابنا
فقال لين: صحيح فآخر مرة كلمت فيها أحدهم كانت عندما اخبرني ساند بما ينوي صديقي فعله
ونظر لألفريد الذي أشاح ببصره بارتباك وقال:
-كم مرة اعتذرت لك؟
ولكن لين قال بأسى: لا فائدة منك ألفريد المهم سنذهب ولكن أولا علينا أن نطمئن على داني لا أشعر بأنه سيكون على ما يرام
فقال نادي: حسناً
ولكن باب الغرفة طرق فقال لين: تفضل
ففتح الباب لتدخل سارة وأيان وسار مع رومي وقال الأول:
-مرحبا
فقال لين: أهلا يا شباب
أما رومي فقال بدهشة: نادي أهذا أنت؟
فنظر إليهم وقال: مرحبا يا رفاق
فاتجهوا نحوه وقال أيان: لم نرك منذ فترة طويلة
فابتسم وقال: ظروف
فقال سار: على كل حمدا للسلامة يا لين
-شكرا لك يا سار
فيما وقفت سارة بجانب ألفريد ليتحدثا معا بانسجام فقال رومي:
-ولكن ما الذي حدث لك لتنتهي في هذا المكان؟
فقال لين: تعرضت لحادث بسيط
فقال سار: وماذا عن داني ؟
فنظر لين إليه وقال:
-في الحقيقة لقد تعرض لحادث مع يامن
فقال أيان بقلق: يامن
-أجل
وماذا حدث لهما؟
-داني بخير أما يامن.
فتح داني عينيه ببطء ومرت برهة حتى استجمع شتات أفكاره لتضح صورة الغرفة حوله فبقي على حاله لبرهة وهو يحدق في السقف وصورة يامن تتردد في ذهنه ولم يشعر بتلك الدموع التي انسابت على وجنتيه دون إرادته .
أنهى الطبيب فحص لين وقال:
-هذا جيد لقد تحسنت بشكل ملحوظ
فنظر لين إليه وقال: هل هذا يعني أن بإمكاني الخروج ؟
فابتسم الطبيب وقال: بالتأكيد
-رائع شكرا لك دكتور
-ولكن عليك ألا ترهق نفسك كثيرا
-سأفعل
ولكن إحدى الممرضات دخلت للغرفة بلهفة وقالت:
-أيها الطبيب
فنظر إليها وقال: ما الأمر؟
-سيدي لقد اختفى داني
فبدت الدهشة على وجهيهما وقال الطبيب: كيف؟
-إنه ليس في غرفته
-ماذا؟
وخرج معها فيما دخل ألفريد وقال:
-لين ما الذي حدث؟
فنظر إليه وقال: داني
-لا تقلق
-ماذا تقصد؟ أتعرف مكانه؟
-أجل إنه في.
في ذلك المكان حيث تتلاقى الأرواح مع السماء ، مكان لا ترغب بزيارته مهما حدث، وقف داني أمام قبر يامن وهو يحدق بذلك الاسم المنقوش على الحجر التعريفي فوق القبر ، فيما كانت صورته تتمثل أمام عينيه ، ولكنه هوى على الأرض والدموع تملأ عينيه وقال:
-آسف يا يامن آسف يا صديقي
وأجهش بالبكاء على القبر، ليقف ألفريد ولين على بعد منه وهما ينظران إليه فقال لين:
-هذا الموقف صعب جدا
فهز ألفريد رأسه إيجاباً دون أن يتفوه بحرف واحد.
في حين كان سويارت جالساً أمام مساعديه في المكتب وقال كون:
-ولكن لِم يجب أن نحضره يا سويارت؟
-لأنه سيكون الورقة الرابحة في يدنا للتخلص من أيروسين
فقال بيكا: حسنا سنتكفل بالأمر
-جيد
وبدت تلك الابتسامة الغامضة على وجهه.
وأمام البيانو جلس ساند وهو يحدق بالمفاتيح بشرود حتى أن دخول بيكا للغرفة لم يلفت نظره فاتجه الأخير ليجلس بجانبه وقال:
-بم تفكر؟
فانتبه إليه ونظر نحوه وقال: بيكا
-تفكر في كويت صحيح؟
-أهذا واضح علي؟
-وهل يحتاج هذا إلى سؤال ؟
فتنهد بتعب وقال: لقد اشتقت له يا بيكا ، افتقد شجارنا والمبارزات ، لقد اشتقت لصوته لا أنفك أفكر فيه
-عليك أن تكون أقوى من هذا يا صديقي
-أحاول ولكنني لا أستطيع أنت تعرف ماذا كان يعني كويت بالنسبة لي
-أجل
-وتريد مني أن أصبر
فضغط بيكا على مفاتيح البيانو بعشوائية وقال:
-المشكلة هي أنك لا تستطيع أن تفعل أي شيء لإعادته
-أعرف هذا
ومد يديه نحو البيانو ليعزف لحناً هادئا سيطرت عليه مشاعر الحزن والشوق.
وفي قاعة الاستقبال في القصر وأمام البوابة المفتوحة وقف نادي ولين وألفريد وقال الأخير:
-ألن تغير رأيك وتبقى هنا؟
-كلا علي أن أتأكد من كلام الملك أيروسين
فقال لين: ستبحث عن تينا؟
-أجل علي أن أتأكد إن كانت على قيد الحياة أم لا
فقال ألفريد: ستكون هذه مهمة صعبة
-لا تقلق أنا لها
فقال لين: حسنا يا صديقي حظاً موفقاً
وتصافحا فقال نادي: شكرا لكما يا رفاق
فقال ألفريد: لم نفعل شيء
-حسنا إذن أراكم لاحقا
ودخل للبوابة التي أغلقت خلفه فقال الفريد بتعب:
-لقد كان هذا أصعب أسبوع مر علي في حياتي كلها
وألقى بنفسه على الأريكة فنظر لين إليه وقال:
-أرجو أن تكون تينا وإيما بخير
-ستكونان كذلك لا تخف
-أرجو هذا أما الآن
ونهض وقال: هيا بنا
فنظر ألفريد إليه وقال: إلى أين؟
-لرؤية داني تعتقد أنني سأتركه في هذه الحال مستحيل
فنهض وقال: معك حق هيا بنا
وخرجا من الغرفة.
اصطدمت أشعة الشمس بالستائر لتمنعها من الدخول للغرفة وفي الداخل كان داني مستلقٍ على السرير وهو يحدق بالسقف بشرود فيما كانت الدموع تبلل وجهه وسط ذلك الظلام ، حتى أنه لم يتحرك من مكانه عندما سمع صوت الطرق الشديد على الباب،
وأمام الباب وقف لين وألفريد وقال الأخير:
-يبدو أنه ليس هنا
ولكن لين قال بعناد: بل هو هنا ولكنه لا يريد أن يفتح
-وماذا سنفعل؟
-هذا
وتراجع للخلف لينقض بسرعة على الباب ويحطمه كاملاً ويسقط أرضا فنظر ألفريد إليه وقال:
-أنت بخير
ولكنه نهض ويده على رأسه وقال:
-يا إلهي كم هذا مؤلم
-تستحق لم يطلب أحد منك أن تكسر الباب
فنظر إليه بشرر ولكن ألفريد تجاهله ودخل لردهة الاستقبال وقال:
-داني هل أنت هنا؟
أما لين فنهض وهو ينفض الغبار عن ملابسه وقال:
-أعتقد أنه في غرفته
-حسنا لنرى
وسارا نحو غرف النوم ليقفا أمام إحدى الغرف طرق لين الباب وقال:
-داني هل أنت هنا؟
ووضع يده على المقبض ليفتح الباب ويدل ولكنه فوجئ بالظلام الذي سيطر على المكان فقال ألفريد:
-داني
فمد لين يده ليضيء الضوء ويغمر الغرفة ووجها نظرهما لداني الذي كان على حاله فتقدما منه وقال لين:
-داني
ولكن داني قبض بيده على الوسادة بجانبه ورماها بغضب على لين لتصطدم بوجهه مباشرة وتسقطه أرضا فبدت الدهشة على ألفريد فيما نهض داني بتعب وقال بغضب:
-ما الذي تفعلانه هنا؟
فتراجع ألفريد وهو يبتسم بغباء وقال:
-لا تبدو بحال جيدة
أما لين فنهض عن الأرض وقال بغضب:
-كيف تجرؤ على فعل هذا أيها الأحمق ؟
ولكن داني نظر إليه وقال بغضب:
-وأنت كيف تجرؤ على الدخول إلى هنا بدون إذن ؟
فتذكر ما جاء لأجله وقال:
-صحيح أتينا لاصطحابك معنا
فنظر داني إليه باستغراب وقال:ماذا؟
-أجل سنذهب للبحر وخطر لي أنك ترغب بالقدوم معنا
فحاول داني أن يسيطر على أعصابه وقال:
-ومن قال أني أريد الذهب معكم؟
فقال لين بحماس: أنا
فنظر إليه داني والنار تشتعل فيه وقال:
إن لم تغرب عن وجهي في غضون ثانية واحدة سأعيدك إلى المشفى في أقل من دقيقة
-ماذا؟
-كما سمعت
ولكن لين وقف أمامه وقال بجدية:
-وبعد؟ تريد البقاء هنا بلا هدف وأنت تبكي ، هذا فقط ، كل ما تفعله الآن لن يعيد إليك يامن مهما فعلت
فبدت الغصة في نفس داني وقال بانفعال:
-تعتقد أنني لا أعرف كل هذا
-إذن لِم تفعل هذا بنفسك
ولكنه نهض بغضب وأمسك لين من باقة قميصه وقال بانفعال:
-وماذا تريد مني أن افعل أن أضحك وألعب في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن أحمي صديقي
فقال لين بسخرية:
-بل البقاء هنا بلا عمل تندب حظك كالنساء أفضل حل صحيح؟
فبدا الغضب على داني وهو ينظر إلى لين وتبادل الاثنان نظرات العناد لفترة حتى أبعدهما ألفريد عن بعض ووقف بينهما وقال:
-حسنا هذا يكفي
ونظر لداني وقال:
-إن كلام لين صحيح يا داني لا يمكنك البقاء هكذا حتى أن يامن ما كان ليرضى فعل هذا
فصمت ولم يجب، فنظر ألفريد للين وقال بغضب:
-وأنت أيها الأحمق أهذه طريقة للتخفيف عن الناس
ولكن لين أبعده من وجهه بيده ووقف أمام داني وقال بهدوء:
-مع كل ما مررت به منذ تسلم مهامي كحارس للبوابة تعلمت أشياء كثيرة ولعل أهمها أن علي أن أدع كل شيء حدث خلفي وأن أجعل من ذكرى من غادروني دافعاً لي للتقدم إلى الأمام
فنظر داني إليه فيما بدت ابتسامة على وجه لين وقال:
-ربما لم تكن فترة معرفتي بيامن كبيرة ولكن أعتقد أنه كان شاباً رائعا وصديقاً مخلصاً وشخص مثله لم يكن ليرضى بأن تفعل هذا أليس كذلك؟
فنظر إليه داني وابتسامة واهنة على وجهه وقال:
-صحيح
فعاد المرح لوجه لين وقال:
-إذن هيا بنا فالبحر بانتظارنا
-حسنا
أما ألفريد فنهض عن الأرض وقال:
-تبا لك يا لين
فأحاط لين رقبته بيديه وقال: هيا أيها المتذمر
-لين ستخنقني
-تريد الحقيقة أرغب بفعلها
-ذكي
ونظر لداني وقال: هل نذهب؟
فقال بهدوء: أجل
فقال لين: إذن هيا
وخرج ثلاثتهم من الغرفة التي تسللت أشعة الشمس إلى داخلها . |