كيفية تربية النفس :
لا يستطيع أن يربي الإنسان نفسه على رضى الله تعالى إلا بقوتين :
الأولى :
قوة علمية . الثانية :
قوة عملية .
يقول ابن القيم كما في ( طريق الهجرتين ) " كل سائر إلى مقصد لا يتم سيره ولا يصل إلى مقصوده إلا بقوتين ، أما الأولى : فقوة علمية ، وأما الثانية : فقوة عملية "
وقفة مع القوتين :
1-
القوة العملية :
تقوم على ركيزتين :
الأولى :
الإرادة والعزيمة .
وهما نوعان كما ذكره ابن رجب - يرحمه الله تعالى - في شرحه على حديث شداد بن أوس ، يقول : "
والعزم نوعان :
عزم المريد على الاستمرار على الطاعات بعد الدخول فيها وعلى الانتقال من حال كامل إلى حال أكمل منه وهو من النهايات "
ولا بد من معالجة الإرادة وتصحيح النية حتى تزكو النفس وتزول الشوائب العالقة بها التي ربما أبعدتها عما أرادت . يقول ابن الجوزي في ( الطب الروحاني ) : " إذا كانت الهمة الدنية طبعا لم ينجح فيها العلاج فإن كانت مكتسبة بصحبة الأدنياء أو بغلبة الطبع والهوى فعلاجها قريب "
أسباب دُنوّ الهمة :
1- الطبع بأن تكون الهمة بطبعها دنية .
2- اكتساب الدنية من الوسط الاجتماعي ، أو بصحبة سيئة إلى غير ذلك .
الثانية :
مجاهدة النفس .
فلابد من مجاهدة النفس ، ولابد من القسوة عليها حتى تحقق الغايات الطامح صاحبها إليها .
يقول ابن القيم في ( مفتاح السعادة ) : " لا يستطيع الإنسان أن يحقق المعالي من الأمور إلا بمجاهدة نفسه وجعلها عدوة له "
ويقول ابن رجب في ( شرح حديث لبيك اللهم لبيك ) : " النفس تحتاج إلى محاربة ومجاهدة ومعاداة فإنها أعدى عدو لابن آدم فمن ملك نفسه وقهرها ودانها عزّ بذلك لأنه انتصر على أشد أعدائه وقهره واكتفى شرّه "
أسباب صعوبة مجاهدة النفس :
1- أنها عدوّ من داخل الجسد ، واللص إذا كان من داخل البيت عزّت الحيلة فيه وعظُم الضرر .
2- أنها عدوّ محبوب ، والإنسان عمٍ عن عيوب محبوبه لا يكاد يبصر عيبه .
ويُخطئ الكثيرون عندما يظنون أن مجاهدة النفس غير متحقق في زمان كثرت شبهه ، وعظمت غربته ، واستفحل الشرّ فيه ، وهذا خطأ بين فإن الله عزّ وجلّ لم يأمرنا إلا بما تستطيعه أنفسنا ، وأيضا هناك من يخطئ على نفسه فيستأسد على نفسه فيمنعها حظوظها على الإطلاق ولا شك أن هذا غلط .