عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-27-2014, 03:46 PM
 









قبول حقيقة أن البشر مختلفين , وأن الله خلقهم كذلك لحكمة , ولا يصح ولا يصلح أن يكونوا جميعا متشابهين أو متطابقين , فالخلاف تنوع وثراء وهو مصدر تفاعل وحركة تعمر بهما الحياة , يقول الله تعالى : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك , ولذلك خلقهم ...." (هود 119) . وقبول الإختلاف والتعددية هو البداية الحقيقية للتعامل
الصحي مع البشر
.
المرونة , بمعنى أن كل إنسان وكل موقف يحتاج لرؤية معينة ولأسلوب معين ولتعامل معين بحيث نضع في الإعتبار التركيبة النفسية لهذا الشخص وظروفه كما نضع في الإعتبار الحالة التي هو عليها في لحظة التعامل والسياق الذي نتعامل معه فيه . ويخطئ كثير من الناس حين يحاولون تثبيت طريقة التعامل مع كل الناس وفي كل الظروف , وربما يعتقدون أن في هذا نوع من الثبات على المبدأ أو الإتساق في السلوك , والمرونة لاتعني تغيير المبادئ الأساسية في التعامل ولا تعني التعامل بوجهين أو بعدة أوجه , ولكنها تضع لكل حالة إنسانية ما يناسبها من الإستجابات الصحية , فالشخص المرن أشبه بطبيب حكيم وماهر ينتقي لكل مريض ما يناسبه من الأدوية واضعا في الإعتبار السن والجنس والحالة المرضية والقدرة المادية وكل الظروف المحيطة

القبول لأخطاء البشر على اعتبار أن الطبيعة البشرية مجبولة على القابلية للخير والشر وأن الناس جميعا في حالة مجاهدة لأنفسهم بين هذين القطبين , والنجاح في ذلك أمر نسبي ومتفاوت , لذلك لا نستغرب حين نجد أحدا يتورط في خطأ أو أخطاء , فطبيعته تحتم ذلك , وطبيعتنا مثل طبيعته , وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون , وطوبى لمن انشغل بإصلاح نفسه أولا ثم ساعد الناس على الصلاح ثانيا . والقبول هنا لا يعني الموافقة على الأخطاء ولكن يعني التماس الأعذار وتقدير الظروف التي دفعت لذلك ثم محاولة الإصلاح انطلاقا من قاعدة الحب للشخص على الرغم من رفض الفعل الخطأ الذي تورط فيه
.
التكيف مع الناس وخاصة أولئك الذين نضطر للتعامل معهم ونحن لانستريح لصفاتهم وأفعالهم , فنحاول أن نتعامل مع الجزء أو الأجزاء المريحة فيهم وأن نبتعد قدر الإمكان عن مناطق الصراع في نفوسهم أو نفوسنا , وبمعنى آخر أن نتجنب الضغط على "الزراير الحمراء" في الشخص الذي نتعامل معه بل نبقى فى حدود التعامل الآمن معه الذي لا يمس مناطق الحساسية أو عقد النقص . ويفيد في هذا أن نتجنب الشخصنة في التعامل ونركز على الجوانب الموضوعية المحايدة في التعامل . وربما مع الوقت نكتشف في الشخص الذي أمامنا نقاط جيدة تسمح بمزيد من التعاون والتفاعل على الرغم مما لديه من نقاط ومساحات غير مريحة لنا . والمثال الواضح لهذه الطريقة في أماكن العمل بين
مرؤس ورئيسه أو بين شخص وزميله
.
الإسترضاء , وهي طريقة تصلح مع من نحتاج للتعامل معهم على الرغم من وجود مشاعر سلبية لديهم تجاهنا , فمثلا إذا كانت زوجة تجد صعوبة في التعامل مع حماتها (أم زوجها) نظرا لعوامل الغيرة لديها أو شعورها بأنها خطفت منها ابنها الذي قامت على تربيته ورعايته سنين طويلة , فيمكن للزوجة هنا أن تسترضي هذه الحماة الغيورة أو المتحاملة بأن تهدي إليها بعض الهدايا التي تحبها وأن تطيعها في بعض توجيهاتها قدر الإمكان فيما يخص معاملة الزوج أو إدارة البيت وأن تعطيها الإحساس
بالإحترام والتقدير لخبرتها وحكمتها
.
فهم مفاتيح البشر , فلكل شخصية مفتاح أو عدة مفاتيح تتصل بالمحور أو المحاور الأساسية للشخصية , فذاك شخص عملي يحتاج إلى التواصل المباشر والسريع للوصول إلى الإنجاز , وهذا شخص رومانسي هادئ يولي المشاعر أهمية كبيرة , وثالث يهتم بالعلاقات الإجتماعية والقيادة , ورابع يهتم اهماما شديا بالمال , وخامس يولي القيم والمبادئ عناية خاصة , وسادس يبحث عن المتع والملذات , وسابع تحلق روحه إلى السماء عشقا للإله ...... وهكذا أنماط متباينة من البشر ومن المفاتيح التي نحتاجها لفتح مغاليق النفوس . ومعرفة المفاتيح قد تكون لدى بعض الناس بالفطرة والتجربة الحياتية , وقد يكتسبها البعض الآخر بالدراسة والمعرفة لأنماط الشخصيات وتوجهات الناس
.
إجادة قراءة اللغة غير اللفظية في التواصل , فكثير من الناس قد يغفلون عن لغة الجسد أثناء التعامل مع الآخرين فيفقدون الكثير من الدلالات في محتوى التواصل , إذ تفيد الكثير من الدراسات أن اللغة اللفظية (الكلام) تعطينا 30% فقط من محتوى التواصل , بينما اللغة غير اللفظية تعطينا حوالي 70% من ذلك المحتوى . واللغة غير اللفظية تتمثل في أشياء كثيرة منها نظرة العين , تعبيرات الوجه , حركة الرأس والرقبة , حركة اليدين والرجلين , طريقة الجلوس , المسافة بين المرسل والمستقبل , نبرة الصوت .... الخ , وكثير من الذين تفشل علاقاتهم مع الناس يكونون غير قادرين على قراءة تلك اللغة غير اللفظية فلا يفهمون الآخرين بشكل جيد وبالتالي تكون استجاباتهم في المواقف خاطئة .
ضبط المسافات , وهي طريقة من أفضل الطرق وأنجحها في العلاقات الإنسانية , وتتلخص في أننا نقترب أو نبتعد من الشخص الذي نتعامل معه حسب ظروفه وظروفنا ودرجة قبوله وقبولنا واحتياجاته واحتياجاتنا , بحيث تكون هناك حالة من التوازن الدينامي في العلاقة فلا نبتعد إلى الدرجة التي تنقطع فيها العلاقة ولا نقترب للدرجة التي تؤدي إلى الحساسية أو الإختناق . وهذه الإستراتيجية تحتاج لحسن تقدير لحالتنا وحالة الشخص الذي نتعامل معه لحظة بلحظة ثم ضبط المسافة قربا أو بعدا بناءا على هذه الحالة . ويمكن رؤية هذه الطريقة في العلاقة بين زوجين , فنرى أنهما يقتربان في بعض اللحظات إلى درجة الذوبان في بعضهما , ولكنهما مع ذلك يحتاجان للإبتعاد من وقت لآخر كي يشعر كل منهما باستقلاله وخصوصيته وتفرده وحريته , وبين هذا وذاك درجات بينية من القرب والبعد تتحدد بحالة الطرفين وتستجيب لاحتياجاتهما المتغيرة والمتقلبة . ويخطئ كثير من الأزواج والزوجات حين يعتقدون أن الحياة الزوجية تعني القرب دائما والحميمية طول الوقت على المستوى الجسدي والعاطفي , فترى أحدهما يحيط بالآخر ويقترب منه حتى يشعره بالإختناق أو النفور , والبعض الآخر يبتعد بشكل دائم حتى تنقطع العلاقة أو تكاد . وهناك بعض الأزواج كانت حياتهما الزوجية مهددة بالطلاق حين كانا معا في بيت واحد , وحين جاءت فرصة لأحدهما للسفر بعيدا من أجل الدراسة أو العمل ضعفت فكرة الطلاق واستمرت العلاقة بينهما وكانت أفضل على البعد .
والأمثلة الشعبية تؤكد هذه المعاني ونذكر منها :
"البعد جفا" .... "البعيد عن العين بعيد عن القلب" .... وهنا تحذير من البعد المؤدي للقطيعة , ثم يدعو إلى درجة من البعد تؤدي إلى تنشيط المحبة : "ابعدو تتحبوا" ..... "ابعد حبّه تزيد محبه" ..... "ان كان حبيبك عسل ما تلحسوش كله" .
وقد تزداد محبتنا لإنسان بعد أن يموت كما يقول المثل الشعبي "اللي ماتوا صاروا احباب" ... وكأن حياته وقربه وحضوره كان عائقا للحب أو مهددا لنا فلما اطمأننا لموته كنا قادرين على الإحساس بحبه أو بحب جوانب فيه كانت تحجبها جوانب أخرى تظهر في حياته . وهذا ليس فقط على مستوى الأفراد بل على مستوى الجماعات , فكثير من المبدعين والمفكرين والمصلحين لم ينالوا التكريم والإعتراف بفضلهم وريادتهم إلا بعد وفاتهم أو دخولهم في حالات مرضية شديدة , وبعضهم نال الجوائز الرفيعة وهو على فراش الموت

.
التجنب , وهو تحاشي التعامل قدر الإمكان مع الشخص الذي فشلت معه كل استراتيجياتنا السابقة , ودائما يحدث فشل في تعاملنا معه يؤدي إلي إيذائنا أو إيذائه , ويؤدي إلى تراكم مشاعر سلبية تجعل العلاقة تؤل إلى مستويات أدنى , هنا يتوجب التجنب المؤقت على الأقل لمحاولة إعادة الفهم وقراءة واقعنا وواقع الشخص الذي نجد صعوبة في التعامل معه أو العثور على مفاتيح لشخصيته تسهل الولوج إلى عالمه بشكل هادئ , فإذا نجحنا في ذلك فلا ضير في أن نعاود التعامل مستعينين بالمعطيات الجديدة , أما إذا فشلنا فليكن التجنب وسيلة لتفادي الصراع لحين إشعار آخر .




العلاقة السوية تضمن الحرية لكلا الطرفين فلا يطغي أحدهما على الآخر ولا يسلبه خياراته

والعلاقة السوية تضمن أن يظل لكل طرف كيانه المستقل فلا يلغي أحدهما الآخر أو يبتلعه مهما كانت الدوافع والنوايا .

والعلاقة السوية تعطي للآخر فرصة أو فرصا للتنفس والتنفيس الحر بمعنى أن لا تكون علاقة خانقة ومعوقة للحركة قربا وبعدا .

والعلاقة السوية هي علاقة مرنة تناوبية نابضة أي تقوى أحيانا وتهدأ أحيانا أخرى , وبمعنى آخر فهي ليست علاقة مشتعلة طول الوقت أو فاترة طول الوقت . ونستطيع أن نتخيلها في صورة دوائر تتباعد وتتقارب بدرجات متفاوتة وبسرعات متفاوتة طول الوقت
.
والعلاقة السوية هي علاقة اعتماد متبادل فكل طرف يأخذ ويعطي في هذه العلاقة , وبمعنى آخر هي ليست علاقة اعتمادية يتكئ فيها طرف على الآخر طول الوقت .
والعلاقة السوية تتميز بأنها علاقة دينامية حركية وليست استاتيكية جامدة بمعنى أن كل طرف يراعي ويحترم احتياجات الطرف الآخر في الأوقات المختلفة ويكون جاهزا للتعامل معها بالقدر المطلوب وبشكل يقظ ونشط . فكثير من الناس يخطئون حين يحاولن إقامة العلاقات مع الآخرين بشكل ثابت أو بأسلوب لا يتغير على الرغم من أن الإنسان بطبيعته كائن متغير وحاجاته بالتالي متغيرة , لذلك فتثبيت الصورة أو تثبيت الأسلوب والطريقة ضد الصحة النفسية . ولدينا نموذج في رعاية النباتات , فلو أن لديك في منزلك نباتات للزينة فأنت تسقيها بالماء على فترات تختلف حسب نوع النبات , وإذا حاولت أن تغمرها بالماء كل يوم لماتت , ولكنك تناوب بين الإرتواء والعطش كي يظل النبات في حالة جيدة , والإنسان كذلك يحتاج للتناوب بين الإشباع والحرمان

.
والعلاقة السوية ليس فيها ذلك التداخل الإعتمادي أو الإبتلاع الذي يحدث بين الجوعى للحب بشكل مرضي.
وفي كتاب "النبي" كتب الشاعر جبران خليل جبران يصور العلاقة الزوجية المتوازنة بين القرب والبعد , بين التوحد والإستقلال , بين الإمتزاج والتحرر :
لقد ولدتما معا تظلان إلى الأبد
ومعا تكونان حينما تبدد أيامكما أجنحة الموت الشهباء
نعم تظلان معا حتى في ذاكرة الله الكتوم
ولكن دعا الفسحات تفصل بين التصاكما
ودعا رياح السماوات ترقص بينكما
وليحب أحدكما الآخر , ولكن لا تجعلا من الحب قيدا
وليكن حبكما بحر يتهادى بين شاطئي روحيكما
وليملأ أحدكما كأس رفيقه .. وحذاري أن تشربا من كأس واحدة
وليعط أحدكما الآخر من رغيفه .. وحذاري أن تأكلا من رغيف واحد
غنيا .. وارقصا .. واطربا..معا .. ولكن ليحتفظ كل منكما باستقلاله
فأوتار القيثارة يمتد كل منها مستقلا عن الآخر , وإن كانت تنبض جميعها بلحن واحد
ولتقفا معا ولا تتلاصقا
فإن أعمدة المعبد تقوم كل منها مستقلة عن الأخرى







__________________


[/I]
CENTER]سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك [/CENTER]

سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم صل على محمد وعلى آله

ربي اغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات ...


وحتى من مات في هذه اللحظة
اعتقد بأنه مازال لديه متسع من الوقت في هذه الحياة !
فقط انتبه للحظات حياتك وساعاتها ولاتهملها
[/CENTER
G]