عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 02-01-2014, 01:39 AM
 

يوميات عائد من فلسطين



اليوم الثالث

في اليوم الثالث أسرعتُ إلى (رام الله)
تسلَّحتُ بسورة (يس) وآيات العزَّة والقُدرة
وطلبت من السائق يوصلني للسلطة فيها
وتفاءلت كثيرًا حين نزلتُ
فعلى مبنى كتبوا بالخط الكوفيِّ على بابه
آيات تُوحي بالخير
ودلفتُ إلى حيث الاستعلامات فقالوا
أوراقك عند معاليه
اذهب للمكتَب... رتِّب فيه مقابلةً.. اشرح فيها وضعَك
وذهبتُ إليه.... فقُوبلتُ بحسناوات أربع
إحداهنَّ تُدخِّنُ!
والأُخرى تُحكِم تسريحتَها!
والثالثة اسرتخَت بدلالٍ ترشُف فنجان القهوة!
والرابعة انتصبَت واقفة والسيجارة في فمِها!
قالت: كيف دخلت بلا استئذان؟ ليس الوقت مراجعة
وسيادته لم يَحضُر بعدُ
اجلس - إن شئت تُقابله -
وجلستُ
أهذي حقًّا سُلطتنا؟!
الإفطار العلنيُّ تعوَّده كل رجال الشرطة
والسروال اللاصق يُبرز ما يَسلُب عقل حليمٍ
ضحكاتٌ... ونِكاتٌ... شهقاتٌ... غنجات
يا خيبة مَسعاكَ... ويا ضيعة صومِك... اهرب... اهرب..
اهرب فالوضْع خطير
اخرج واقرأ لوحة إعلانات وتسلَّى ليَضيع الوقت
تسلَّلْتُ إلى اللوحة أقرأ ما فيها
إن هو إلا إعلان:
للإخوة مَن عاد إلى الوطن الغالي مِن أبناء السُّلطة
لوحظ أنهم امتلَكوا
أفخم سيارات فارهةٍ... وبلا جُمرك
وقد اضطرَّ - معاليه - إلى إيقاف استيراد السيارات إلى أَجَلٍ
فالسُّلطة مُرهَقة تدفع آلافًا للجُمرك للمَعبودة إسرائيل
ازدحمت ردهات وزارتِنا
والكل يُريد معاليه
ويمرُّ الوقت بطيئَا
وأنا أجلس حينَا .... أتمشَّى حينَا..
أقرأ في سري ما علق بقلبي من آيات الرحمن
أطلب وِردًا من ربي.... أرجو أن يَحضُر حالاَ
فالوقت المفروض تلاشى
وتسلَّل أكثرهم للخارج
وأخيرًا.. دخل رئيس الحُراسِ
تفقَّد كل مكانٍ قبل دخول معاليه
ساد الصمت رهيبًا والكل يُسمِّر عينه على باب المكتب
أشرق نور في الخمسين تلمَّع آخر تلميع
تتدلى حول العنُق السلسلة الذهبية
انتصَب الجَمعُ وحيَّا
وتقدَّمتُ إليه.... وسلَّمت عليه
وأبرزت (الفاكس) فأمسكه
هل فكَّر.. هل قدَّر... يضحَك مفتونًا ويقول:
وتريدُ العودة يا هذا
إن شاء الله، لقد سَمح القائد بالعودة
هذا لا يكفي، ارجع للقائد حتى يَكتُب خطيًّا وبتوقيع من حضرته
لا حول ولا قوة إلا بالله.... ألا يكفي... هذا التوقيع
إسرائيل توافق بدخول العائد من (فتح) وبتوقيع مِن قائدنا
ارجع واطلب منه العودة.. وألقَى في وجهي (فاكس) أبي عمار
جرجرتُ ذيولي... أترجَّى... لا
أتوسَّلُ.... لا
وخرجتُ... سألتُ عن (الأمُّور) فقالوا:
بالأمس عميلٌ وحقيرٌ واليومَ وزير
يا صاحب هذا القلب المُتعَب ..... لا تغضَب
إن شئت تقيم على أرضٍ نافِق.. عربِد.. وتجسَّس... تسعد
إن صرتَ عميلاً ترضَى عنك يهودُ
بل تُصبِح مسؤولاً... وتسُوَّد
في تلك اللحظة لا أدري.. كيف انتابتْني ومضة ضعف
أتمنى لو أني حين استُدعيت على الجسر إلى غرفتِهم
وافقت على أن أعمل معهم لحصلتُ اليومَ على أعظم أجر
فرَضُوه على السلطة فرضًا
وكثيرٌ أمثاله
إن وافق وَقَّع (بيرس)
وحصلتُ على رقم وهوية
سلَّمت الأمر إلى اللهِ
وأسرعت إلى الأقصى
صلَّيت العصر
طلبتُ من الله الصبر
وتهوين الأمر



__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس