((قد ذكرتُ هذه الفرقة الهادية المهديَّة -أي: أهل السنة -
وأنَّها على طريقةٍ متَّبعةٍ لهذه الشريعة النبويَّة...
وغير ذلك مما هو داخل تحت الشريعة المطهرة،
ولم يشذ أحدٌ منهم عن ذلك سوى فرقة واحدةٍ تسمَّت بـالصوفية ،
ينتسبون إلى أهل السنة ، وليسوا منهم،
قد خالفوهم في الاعتقاد، والأفعال، والأقوال.
أمَّا الاعتقاد: فسلكوا مسلكاً للباطنية الذين قالوا:
إن للقرآن ظاهراً، وباطناً،
فالظاهر: ما عليه حملة الشريعة النبويَّة،
والباطن: ما يعتقدونه، وهو ما قدَّمتُ بعض ذكره.
فكذلك أيضاً فرقة الصوفية ،
قالت: إنَّ للقرآن والسنَّة حقائق خفيَّة باطنة
غير ما عليه علماء الشريعة مِن الأحكام الظاهرة
التي نقلوها خَلَفاً عن سلف،
متصلة بالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأسانيد الصحيحة،
والنقلة الأثبات، وتلقته الأمَّة بالقبول،
وأجمع عليه السواد الأعظم،
ويعتقدون أنَّ الله عز وجل حالٌّ فيهم!!
[ وممازج ] لهم!!
وهو مذهب الحسين بن منصور الحلاج
المصلوب في بغداد في أيام المقتدر
-الذي قدمتُ ذكره الروافض في فصل فرقة الخطابيَّة -
ولهذا قال: أنا الله -تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً-
وأنَّ ما هجس في نفوسهم، وتكلموا به في تفسير قرآنٍ،
أو حديثٍ نبويٍّ، أو غير ذلك مما شَرَعوه لأنفسهم،
واصطلحوا عليه:
منسوب إلى الله تعالى، وأنَّه الحق،
وإِنْ خالف ما عليه جمهور العلماء، وأئمَّة الشريعة،
وفسَّرتْه علماء أصحابه، وثقاتهم،
بناءً على الأصل الذي أصَّلوه مِن الحلول، والممازجة،
ويدَّعون أنَّهم قد ارتفعت درجتُهم
عن التعبدات اللازمة للعامَّة،
وانكشفت لهم حُجُب الملكوت،
واطَّلعوا على أسراره،
وصارت عبادتهم بالقلب لا بالجوارح.