الرد على تقسيم الصوفية للدين إلى ظاهر وباطن مستل من كتاب " أبو حامد الغزالي والتصوف " للشيخ عبد الرحمن دمشقية قام بتفريغه على برنامج الوورد ونشره عبر شبكة الانترنت أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي ) قال الشيخ عبد الرحمن دمشقية حفظه الله في كتابه " أبو حامدالغزالي والتصوف" (56-262) في الرد على استغلال الصوفية السيئ لقصة موسى والخضر عليهما السلام في تقسيمهم الدين إلى ظاهر وباطن!: ( ولو أن الأمة كلها أرادت الاقتداء بقصة موسى مع الخضر - على الوجه الذي يفهمه منها الصوفية - لبطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولأصبحت هذه القصة ذريعة الزنادقة لتحليل الشرائع، كما تذرعت الباطنية بقاعدة الباطن والظاهر في تحليل المحرمات وإسقاط التكاليف وإبطال الفرائض. ولأصبح بإمكان الزنادقة أن يصرخوا في وجه المنكرين ويسكتوهم بمجرد تذكيرهم بقصة موسى والخضر بحجة أن عليهم التزام الصمت وعدم التسرع في الإنكار كما فعل ذلك موسى (عليه الصلاة والسلام)، وهذا قد حصل بالفعل إذ حجج ضلال الصوفية قائمة على هذه القصة وكم ألبسوا بذلك على جهال المسلمين، وأوقعوهم في متاهات الضلال. أما القصة فهي حق وما ورد فيها حق، وأما استغلال الصوفية لها، فإنه استغلال لحقٍ أُريد به باطل. وذلك لوجوه تسعة: الوجه الأول: أن موسى عليه الصلاة والسلام كان يعلم منزلة الخضر عليه السلام في العلم وأنه أكثر علماً منه، وهذا كافٍ لأخذ ما عند الخضر بلا إنكار ولا اعتراض، ومع ذلك فقد أنكر موسى عليه السلام عليه بينما لم يخبر الله العباد عن حقيقة صدق المشايخ أو كذبهم وما يسمون بالأولياء عند الصوفية ولا أنزل فيهم ذكراً يجعل الناس واثقين من أن ما يرونه منهم من الأعمال المنكرة يكون له تأويلات مشابهة لأعمال الخضر عليه الصلاة والسلام. وحين سئل موسى عليه السلام: أي الناس أعلم؟ قال: أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فقال: بلى، لي عبد بمجمعالبحرين هو أعلم منك.قال: أيْ رب ومن لي به؟ قال: تأخذ حوتاً فتجعله في مكتل،وحيثما فقدت الحوت فهو ثمَ[1] . أي يكون في المكان الذي أضعت عنده الحوت. إذن فموسى عليه السلام على علم بمنزلته في العلم، وبمكانه الذي يلقاه عنده، بل هو مأمور بملاقاته كما يستفاد ذلك من الحديث . قال الطبري: (وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه أو تكلم به، فمن ثم أُمر أن يأتي الخضر)[2] . الوجه الثاني: أن ما فعله الخضر عليه السلام كان مأموراً به، ولم يفعله من عنده لقوله تعالى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} ]الكهف: 82[، وقد ذهب المفسرون إلى أن الأمر ههنا هو الوحي - وفي مقدمتهم الرازي - بحجة استحالة قتل غلام ونحوه من غير حصول وحي قاطع يأمر بذلك، فهل مشايخ الصوفية مأمورون من الله بفعل المنكرات المخالفة لأوامره ونواهيه ودينه الذي أتمه وارتضاه لعباده؟ وهل يحصل لهم الوحي في ذلك كما حصل للخضر عليه السلام؟ إن قالوا بحصول الوحي فإنهم حينئذ دجاجلة لا فرق بينهم وبين مسيلمة. وإن نفوا أن يكونوا قد فعلوا هذه المنكرات بمقتضى وحي ما، فحينئذٍ يقال لهم: ما تفعلونه مخالف لما أوحاه الله على نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا وجه يصح في استدلالكم بقصة الخضر وبأفعاله التي كانت وحياً ولم يفعلها عن أمره؟!!! الوجه الثالث: (أنهم باستدلالهم بقصة موسى والخضر عليهما السلام ينتقصون من مكانة وقدر موسى عليه الصلاة والسلام، فإنهم ينزلونه منزلة العوام الذين يرون ظواهر الأعمال ولا يتفطنون إلى معرفة حقائقها. وهم - أي مشايخ الصوفية - يدعون أنهم يعرفون ذلك، ويقدمون بذلك درجة العارف(الصوفي) على رتبة النبي[3]، جاعلين موسى في مصاف العوام الذين لم ينالوا درجة الصوفي العارف. الوجه الرابع: أنه لا يجوز الخروج على شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى شريعة أخرى، وهذه القصة حدثت في بني إسرائيل لم نؤمر بالتعبد بفعلها، قال تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ]البقرة: 134[. فقد أمر الله تعالى مريم وزكريا أن يمسكا عن الكلام ثلاثة أيام بقوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} ]مريم: 26[، وقوله لزكرياعليه السلام: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} ]مريم: 10[. فهل يجوز أن يتخذ أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الصيام عبادة له فيصوم عن الكلام مستدلاً بورود ذلك في القرآن؟ ومعلوم أن الخضر وموسى بل وسائر الأنبياء عليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم، لو كانوا أحياء لما وسعهم إلا أن يتبعوا شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لأن النبي كان يُرسل إلى قومه خاصة؛ ونبيناً صلى الله عليه وسلم أُرسل إلى الناس عامة - إنسهم وجنهم - وحين ينزل المسيح آخر الزمان، فإنه يحكم بين الناس بشريعة القرآن لا يحكم بإنجيل ولا توراة. والمسيح عليه الصلاة والسلام هو من الرسل الخمسة أولي العزم، وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل، ومع هذا فإنه يتبع ما أُنزل إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، ويحكم بين الناس فيه. الوجه الخامس: أن موسى والخضر عليهما السلام لم يخرجا عن الشريعة والنصوص في شيء، وإنما كان موقف موسى مع الخضر كموقف المجتهد المتمسك بعموم الدليل مع صاحب النص الخاص المتمسك بالدليل الخاص، وكلاهما على الدليل يعتمد، ومن الشريعة يستقي لأن هذا مأمور وذلك مأمور. فمثلاً قصة الغلام: معلومأن قتل النفس بغير نفس هو منكر ومحرم. وهذا يعلمه موسى والخضر عليهما السلام ويؤمنان به، وهذا التحريم عام في كل نفس، إلا ما نص الشرع على خصوصيته واستحقاقه للقتل فبقي موسى على هذا العموم حسب علمه. لكن الخضر عنده في هذا الغلام المعين دليل خاص فقتله إذ كان مأموراً من الله بفعله حيث قال: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً} ]الكهف: 80[ بدليل أن الخضر عليه السلام لم يقتل أحداً من المساكين - أصحاب السفينة - ولا أهل القرية الذين أبوا أن يضيفوهما، ألا ترى أنه لو كان القتل عند الخضر حلالاً ومخالفاً لشريعة موسى لكان أهل القرية أحرى بالقتل من الغلام، إذ قد منعوه اليسير من الطعام، بينما لم يكن قد أظهر الغلام شيئاً من الكفر! لكن الأمر غير ذلك. فقد قتل الخضر من جاءه أمر الله بقتله، إذ الأمر وحي من الله ووقوف مع النص، فتحريم الله القتل عند موسى عليه السلام هو تشريع من الله بذلك، وإباحة الله للخضر عليه السلام بقتل الغلام تشريع من الله بذلك. فهذا كله في واد، وما تزعمه الصوفية في واد آخر، وما هدف القوم إلا هدم الإسلام، وإلا فلماذا انتحال المعاذير وتأويل النصوص الصريحة الدالة على اجتناب المحرمات، بل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يستند إليه من ينكر عليهم فسادهم؟!!! [1]"فتح الباري"(6/431-432) . [2]"تفسير الطبري"(15/179) [3] قال بذلك محي الدين ابن عربي انظر "فصوص الحكم" (1/62 و 134) طبعة دار الكتاب العربي. ... يتبع إن شاء الله
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |