القيم الاسلامية الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والفضل والطول والمنن الجسام، الذي هدانا للإسلام، وأسبغ علينا جزيل نعمه وألطافه العظام، والصلاة والسلام على من اختصه بالقرآن العزيز المعجز وجوامع الكلام . وبعد هذا الكتاب عن القيم الاسلامية اسال الله الكريم المنان ان يعم الانتفاع به للخاصة والعامة انه ولي ذلك والقادر عليه
ماذا نقصد بالقيم ؟
القيمة هي صفة في شئ تجعله موضع تقدير واحترام أي أن هذه الصفة تجعل ذلك الشيء مطلوبًا ومرغوبًا فيه ، سواءً كانت الرغبة عند شخص واحد ، أو عند مجموعة من الأشخاص . مثال ذلك إن للنسب عند الأشراف قيمة عالية ، وللحكمة عند العٌلماء قيمة عظيمة ، وللشجاعة عند الأمراء قيمة مرغوبة ، ونحو ذلك .
وموضوع القيمة : هو البحث عن الموجود من حيث هو مرغوب فيه لذاته ، والنظر في قيم الأشياء ، وتحليلها ، وبيان أنواعها وأصولها ، فإن فسرت "القيمة" بنسبتها إلى الصور الغائبة ، المرتسمة على صفحات الذهن ، كان تفسيرها مثاليًّا ، وإذا فسرت بأسباب طبيعية أو نفسية أو اجتماعية ، كان تفسيرها وجوديًّا . وخير تفسير للقيم ما جمع بين الاثنين ، المعنى المثالي ، والمعنى الطبيعي ، إذ لا يمكن تصور أحد هذين المعنيين في القيمة ، دون الآخر ، ولولا ذلك ، لما كان للقيمة وجود ، ولا للوجود قيمة .
1 / مفهوم العدل :
المراد بالعدل : إعطاء كل ذي حق حقه ، إن خيرًا فخير ، وإن شرًا فشر ، من غير تفرقة بين المستحقين ولأهمية العدل ومنزلته ، بعث الله رسله وأنزل كتبه ، لنشره بين الأنام ، قال تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } والقسط : العدل ، وهو قوام الدنيا والدين ، وسبب صلاح العباد والبلاد ، به قامت السموات والأرض ، وتألفت به الضمائر والقلوب والتأمت به الأمم والشعوب ، وشمل به الناس التناصف والتعاطف ، وضمهم به التواصل والتجانس ، وارتفع به التقاطع والتخالف .
وضعه الله تعالى لتوزّع به الأنصبة والحقوق ، وتقدر به الأعمال والأشخاص ، إذ هو الميزان المستقيم ، الذي لا تميل كفته ، ولا يختل وزنه ، ولا يضطرب مقياسه ، فمن رام مخالفته ، وقصد مُجانيته ، عرّض دينه للخبال ، وعمرانه للخراب ، وعزته للهوان ، وكثرته للنقصان ، وما من شيء قام على العدل ، واستقام عليه ، إلاّ أمن الانعدام ، وسلم من الانهيار .
ومن أهم دعائم السعادة ، التي ينشدها البشر في حياتهم ، أن يطمئنوا على حقوقهم وممتلكاتهم ، وأن يستقر العدل فيما بينهم ، وإلاّ فلا يعرف على وجه الأرض شيء أبعث للشقاء والدّمار ، وأنفى للهدوء والاستقرار بين الأفراد والجماعات ، من سلب الحقوق .
إذن العدل قيمة ضرورية في الإسلام ، عمل الإسلام على إثباتها ، وإرسائها بين الناس ، حتى ارتبطت بها جميع مناحي تشريعاته ونظمه ، فلا يوجد نظام في الإسلام إلاّ وللعدل فيه مطلب ، فهو مرتبط بنظام الإدارة والحكم ، والقضاء ، وأداء الشهادة ، وكتابة العهود والمواثيق بل إنه مرتبط أيضًا بنظام الأسرة والتربية ، والاقتصاد والاجتماع ، والسلوك ، والتفكير ، إلى غير ذلك من أنظمة الإسلام المختلفة وهذا يدل بوضوح على أن الإسلام ضمن قيمة العدل في جميع مجالات الحياة ، بل إنه ركز كافة أهدافه على ضوئها ، مما شهد له التاريخ على سلامة المجتمعات التي حكمها ، من الانهيار الخطير في الأخلاق ، وأمنها من اضطراب الموازين والمعايير ، وصانها من دمار النفوس ، وخراب العمران . نكتفي بهذ القدر والى غد ان شاء الله سناتي على ذكر انواع العدل |