عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-15-2014, 05:35 PM
 
[ حكم طلب المدد من الرسول ]


س : نسمع أقواما يتنادون مدد يارسول الله ، أو مدد يانبي ، فما الحكم في ذلك ؟ .

جواب :

هذا الكلام من الشرك الأكبر، ومعناه طلب الغوث من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أجمع العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم _ رضي الله عنهم _ وأتباعهم من علماء السنة على أن الإستغاثة بالأموات من الأنبياء وغيرهم، أو الغائبين من الملائكة أو الجن وغيرهم، أو بالأصنام والأحجار والأشجار أو بالكواكب ونحوها من الشرك الأكبر ، لقول الله عز وجل:{ وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحد }[ الجن: 18] وقوله سبحانه: { ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لايسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير }[ فاطر:13-14] .

وقول الله عز وجل:{ ومن يدع مع الله إلها آخر لابرهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون }[المؤمنون:117].

والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهذا العمل هو دين المشركين الأولين من كفار قريش وغيرهم، وقد بعث الله الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام وأنزل الكتب بإنكاره والتحذير منه، كما قال سبحانه: { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغـــوت } [ النحل:36]، وقال سبحانه :{ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي اليه أنه لا اله الا أنا فاعبدون }[ الأنبياء:25]، وقال عز وجل:{ كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير * الاّ تعبدوا إلاّ الله إنني لكم منه نذير وبشير}[ هود 1،2]، وقال سبحانه :{ تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * الا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار }[ الزمر: 1-2]، فأوضح سبحانه في هذه الآيات أنه أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده لا شريك له بأنواع العبادة من الدعاء والإستغاثه والخوف والرجاء والصلاة والصوم والذبح وغير ذلك من أنواع العبادة ، وأخبر أن المشركين من قريش وغيرهم يقولون للرسل ولغيرهم من دعاة الحق ما نعبدهم – يعنون الأولياء – إلا ليقربونا الى الله زلفى ، والمعنى : أنهم عبدوهم ليقربوهم إلى الله زلفى ويشفوا لهم ، لا لأنهم يخلقون ويرزقون ويتصرفون في الكون ، فأكذبهم الله وكفرهم بذلك. فقال سبحانه : { إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } فبين سبحانه أنهم كذبة في قولهم إن الأولياء المعبودين من دون الله يقربونهم الى الله زلفى ، وحكم عليهم أنهم كفار بذلك . فقال سبحانه { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} وبين سبحانه في آية أخرى من سورة يونس أنهم يقولون في معبودهم من دون الله إنهم شفعاء عند الله ، وذلك في قوله سبحانه { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله }[يونس: 18] ، فأكذبهم الله سبحانه فقال { قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانـه وتعالــى عمــا يشركون }[ يونس:18 ] وبين عز وجل في سورة الذاريات أنه خلق الثقلين الجن والإنس ليعبدوه وحده دون كل ما سواه ، فقال عز وجل : { وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون } [ الذاريات : 56 ] .

فالواجب على جميع الجن والإنس أن يدعوا الله وحده وأن يخلصوا له العبادة ، وأن يحذروا عبادة ما سواه من الأنبياء وغيرهم ، لا يطلب المدد ولا بغير ذلك من أنواع العبادة ، عملا بالآيات المذكورات وما جاء في معناها ، وعملا بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم وعن عيره من الرسل عليه الصلاة والسلام أنهم دعوا الناس الى توحيد الله وتخصيصه بالعبادة دون كل ما سواه ، زنهوهم عن الشرك به وعبادة غيره ، وهذا هو أصل دين الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وخلق من أجله الثقلين ، فمن استغاث بالأنبياء أو غيرهم ، أو طلب منهم المدد أو تقرب إليهم بشىء من العبادة ، فقد أشرك بالله وعبد معه سواه ، ودخل في قوله تعالى : { ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملـــــون } [ الأنعام: 88 ]، وفي قوله عز وجل : { ولقد أوحي اليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين }[ الزمر: 65 ]، وقوله عز وجل { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }[ النساء: 48 ] وقوله سبحانه { إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنّة ومأواه النّار وما للظالمين من أنصار }[ المائده: 72]، ولا يستثنى من هذه الأدلة إلا من لم تبلغه الدعوة ممن كان بعيدا عن بلاد المسلمين ، فلم يبلغه القرآن ولا السنة ، فهذا أمره الى الله سبحانه ، والصحيح من أقوال أهل العلم في شأنه أنه يمتحن يوم القيامه ، فإن أطاع الأمر دخل الجنة وإن عصى دخل النار ، وهكذا أولاد المشركين الذين ماتوا قبل البلوغ ، فإن الصحيح فيهم قولان: أحدهما أنهم يمتحنون يوم القيامه ، فإن أجابوا دخلوا الجنة ، وإن عصوا دخلوا النار . لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عنهم (( الله أعلم بما كانوا عاملين )) متفق على حصته . فإذا امتحنوا يوم القيامة ظهر علم الله فيهم ، والقول الثاني : أنهم من أهل الجنة ، لأنهم ماتوا على الفطر قبل التكليف ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( كل مولود يولد على الفطره )) وفي رواية : (( على هذه الملة ، فأبواه يهودانه،أو ينصرانه أو يمجسانه ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في روضة من رياض الجنة وعنده أطفال المشركين .

وهذا القول هو أصح الأقوال في أطفال المشركين للأدلة المذكورة ، ولقوله سبحانه : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [ الإسراء :15]، ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله ، في الفتح جـ3 ص 247 في شرح باب : ما قيل في أولاد المشركين من كتاب الجنائز: إن هذا القول هو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون ،

انتهى المقصود .

ويستثنى من ذلك ايضا دعاء الحي الحاضر ، فيما يقدر عليه ، فإن ذلك ليس من الشرك لقول الله عز وجل في قصة موسى مع القبطي { فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه }[ القصص:15] ، ولأن كل إنسان يحتاج إلى إعانة إخوانه فيما يحتاج إليه في الجهاد وفي غيره مما يقدرون عليه ، فليس ذلك من الشرك ، بل ذلك من الأمور المباحه ، وقد يكون ذلك التعاون مسنونا ، وقد يكون واجبا على حسب الأدلة الشرعية . والله ولي التوفيق .


__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس