الحمد لله تعظيما لشأنه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله، وأصحابه، وبعد *الغيبة * الغيبة في اللغة والاصطلاح،
الغيبة لغة: من الغَيْب "وهو كل ما غاب عنك" , وسميت الغيبة بذلك لغياب المذكور حين ذكره الآخرون.
قال ابن منظور: "الغيبة من الاغتياب... أن يتكلم خلف إنسان مستور بسوء" .
والغيبة في الاصطلاح: قد عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((ذكرك أخاك بما يكره)) .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا قلتَ في الرجل ما فيه فقد اغتَبْته، وإذا قلتَ ما ليس فيه فقد بهَته:
جاء رجلٌ إلى ابن سِيرين، فقال له: بَلغني أنك نِلْتَ منّي، قال: نفسي أعزًّ " علي " ، من ذلك.
ومرَّ بقوم، فقام إليه رجل منهم فقال: أبا بكر، إنّا قد نِلْنا منك فحَلِّلنا؟ فقال: " إني " ، لا أحِلّ لك ما حَرّم اللهّ عليك، " فأمّا ما كان إليَّ فهو لك " .
وقال محمد بن السماك: تَجَنَب القول في أخيكَ لخَلتين: أمَّا واحدة، فعلَّك تعِيبه بشيءٍ هو فيك؟
وأما الأخرى، فإنْ يَكُن الله عافاك ممَّا ابتلاه به، كان شُكْرك الله على العافية تعبيراً لأخيك على البَلاء.
اغتاب رجلٌ رجلاً عند قُتيبة بن مُسلم، فقال له " قُتَيبة " : أمْسك عليك أيها الرجل، فواللّه لقد تلَمَّظت بمُضْغة طالما لَفَظها الكِرام.
وعاب رجلٌ رجلاً عند بعض الأشراف، فقال له: قد استدللتُ على كَثرة عُيوبك بما تكثر من عُيوب الناس،
لأن طالبَ العُيوب إِنما يَطْلبها بقَدر ما فيه منها، أما سمعتَ قولَ الشاعر:
لا تَهْتِكَنْ من مَساوي الناس ما سترُوا ... فَيَهْتِكَ الله سِتْراً مِن مَساوِيكَا
واذكُرْ محَاسِنَ ما فيهم إذا ذُكِروا ... ولا تَعِبْ أحداً منهم بما فِيكا
وقال آخر:
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثْلَه ... عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عَظيمُ
وابْدَأْ بنفسك فانهَها عنَ غَيِّها ... فإِذا انتهت عنه فأنتَ حَكيمِ
وقال عبد الله بن عبَّاس: اذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحب أن يذكرك به، ودَع منه ما تُحِبُّ أن يَدَع منك.
وقال الحسنُ البَصْرِي: لا غِيبةَ في ثَلاثة: فاسقٍ مُجاهر " بالفِسْقِ " ، وإمام جائر، وصاحب بِدْعة لم يَدَع بِدْعته. |