عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-22-2014, 12:47 AM
 
القيم الاسلامية الجزء العاشر

الحمد لله على خصوص المنح وعموم النعماء وله الشكر على ما أولى من عظائم المنن وكرائم الآلاء. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الرسل وخاتم الانبياء. اما بعد وفقنا الله واياكم لطاعته نتابع معا ما جاء عن *المساواة *
1 / تعريفها : تعني المساواة : المماثلة والعدالة ، والمراد بها : المماثلة والمشابهة بين الشيئين في القدر والقيمة . فإذا قلنا : الإنسان يتساوى مع أخيه الإنسان ، إنما ذلك يعني أنه يكافئه في الرتبة ، ويعادله في القيمة الإنسانية ، وله من الحقوق مثل ما له ، وعليه من الواجبات مثل ما عليه .
2 / أهميتها : المساواة مبدأ هام في حياة البشر ، أقره الشرع ، ورضيه العقل ، وأملته سنة التمدن والاجتماع ، ومن أجل دفع التميز بين فرد وآخر للحصول على هذه الحاجة أو تلك المنفعة ، كان لا بد من وضع قاعدة مستقيمة ، تحفظ هذا الحق للجميع في ظروف متشابهة ، فكانت المساواة أنسب قاعدة له ، إذ عن طريقها يمكن أن تضمن الحقوق البشرية كلها ، فضلا عن الحقوق التي يطلبها اثنان من الناس .
3 / أنواعها : للمساواة في الإسلام أنواع كثيرة ، يمكن حصرها وتطبيقاتها في الآتي :
أ- المساواة في القيمة الإنسانية :
جاء الإسلام ووجد الناس يتفاضلون في الخلق والنشأة ، ويتميزون في الأحساب والأنساب ، ويتقاتلون للحمية والعصبية ، ناسين أنهم من أصل واحد ومصدر واحد . فقد كان الهنود البراهميون يقرون التفاضل في القيمة الإنسانية ، وأنهم يفضلون غيرهم في ذلك . أما اليونان فقد كانوا يعتقدون أنهم شعب مفضل على سائر الشعوب وأنهم خلقوا من عناصر تختلف عن العناصر التي خلقت منها الشعوب الأخرى ، التي أطلقوا عليها اسم البربر . و أما الرومان فقد نصوا في كتبهم أن غير الرومان مجردون من جميع ما يتمتع به الرومان من حقوق ، وأنه لم يخلق غيرهم إلا ليكون رقيقا للرومان . وأما اليهود فقد اعتقدوا أنهم شعب الله المختار ، وأن الكنعانيين -بقية الشعوب الأخرى -شعب وضيع بحسب النشأة الأولى ، وأن الله خلقه لخدمتهم . و أما العرب فقد رأوا أنفسهم أنهم أكمل شعب على الإطلاق وأن بقية الشعوب -التي سموها الأعاجم -شعوب وضيعة ناقصة الإنسانية . تلك هي الظاهرة الاجتماعية التي كان الناس يعانون منها ، ويقاسمون آلامها ، حيث فرقت البشر فرقتين ، فرقة الأشراف وفرقة العبيد .

المساواة في الإسلام : أما الإسلام فقد حرص كل الحرص على تقرير المساواة بين الناس في القيمة البشرية ، وعدها من الأمور الأساسية التي يجب أن يدين بها كل إنسان ربه ، فقد قرر أن الناس سواسية كأسنان المشط ، في أصل نشأتهم وتكوينهم ، وأنه لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى ، ولا بين العربي والأعجمي ، ولا بين الأبيض والأسود ، ولا بين السيد والعبد ، ولا بين الغني والفقير ، لأن هؤلاء جميعا ينحدرون من أصل واحد هو آدم ، وآدم من تراب . و عن هذا النوع من المساواة ، نوه القرآن الكريم فقال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } والتكرم هنا شامل للجنس كله فجنس الإنسان مكرم عند الله بلا تفرقة بين مجموعة وأخرى ، بل كل مجموعة ينظر إليها بمنظار واحد هو الإنسانية فالإسلام لا يسمح بقيام نظام طبقي تسيطر فيه طبقة على أخرى ، كما لا يسمح بتحكم فئة تدعي لنفسها الاستعلاء بالبيئة أو العنصر أو اللون أو الجاه على الفئات الأخرى ، بل إنه ألغى كل سبب يدفع الإنسان إلى الاستعلاء والتحكم في الآخرين فقد قال تعالى { يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } وقال صلى الله عليه وسلم : « الناس سواسية كأسنان المشط » ، « وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم أبا ذر الغفاري -وهو عربي-يعتدي على بلال بن رباح -وهو حبشي- ويقول له : يا ابن السوداء ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا وانتهر أبا ذر وقال : طف الصاع طف الصاع ثم اتجه إلى أبي ذر وقال له : إنك امرؤ فيك جاهلية ، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى أو عمل صالح ) فوضع أبو ذر خده على الأرض ، وأقسم على بلال أن يطأه بحذائه حتى يغفر الله له زلته هذه ، ويكفر عنه ما بدر منه من خلق الجاهلية الأولى . » .
ومما سنطلع عليه غدا ان شاء الله هو هل المساواة في القيمة الإنسانية ينافي التفاضل بين الناس ؟
رد مع اقتباس