المتابعة الأولى :عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله [ إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم ] . وهي ضعيفة جداً لا تكاد تصمد حتى .
أخرجهُ الطبراني في المعجم الكبير (9/68) , أخرجه أبو يعلى (9/177 ، رقم 5269) ، والطبرانى (10/217 ، رقم 10518) ، وقال الهيثمى (10/132) : فيه معروف بن حسان وهو ضعيف . وأخرجه ابن السنى (90 رقم 509) وأخرجه أيضا : الديلمى (1/330 ، رقم 1311) وقال المناوى (1/307) : قال ابن حجر : حديث غريب ، ومعروف قالوا : منكر الحديث ، وقد تفرد به ، وفيه انقطاع أيضا بين أبى بريدة وابن مسعود . ومن غريب الحديث : "انفلتت" : فرت وذهبت مسرعة . "فلاة" : صحراء واسعة ليس فيها أحد . "احبسوا على" : امنعوها من الهرب . "حاضرا" : خلقا من خلقه إنسيا أو جنيا أو ملكا لا يغيب .
وللحديث أطراف أخرى منها : "إذا أضل أحدكم شيئا" . السيوطي في جامع الأحاديث (2/518) .
قال إبن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (6/325) : [ معروف بن حسان السمرقندي يكنى أبا معاذ منكر الحديث ثنا عبد الله بن محمد بن نصر ثنا عبدة بن عبد الرحيم ثنا معروف بن حسان السمرقندي قال كنا عند الأعمش وهو مريض نعوده فدخل عليه أبو حنيفة قال فقال يا أبا محمد لولا انه يثقل عليك مجيئي لعدتك في كل يوم فقال الأعمش من هذا قالوا أبو حنيفة قال الأعمش أي لعمر الله إنك ثقيل علي في بيتك فكيف إذا جئتني قال وبصر أيوب بأبي حنيفة وقد دخل من باب بني شيبة فقال لأصحابه قوموا بنا لا يعرنا جربه ثنا أحمد بن محمد بن المغلس انا سألته ثنا أحمد بن الأزهر بن حامد البلخي ثنا معروف بن حسان الخراساني ثنا عمر بن ذر عن معاذة عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه و سلم استمتعوا بجلود الميتة إذا هي دبغت ترابا كان أو رمادا أو ملحا أو ما كان بعد ان يرد صلاحه وهذا منكر بهذا الإسناد ومعروف هذا قد روى عن عمر بن ذر نسخة طويلة وكلها غير محفوظة ] , فالرواية ضعيفة بالسمرقندي .
وفي الجرح والتعديل لأبي حاتم بروايةِ إبنه عنهُ (8/322) : [ مجهول ] .
المتابعة الثانية : إذا ضل أحدكم شيئاً , أو أراد أحدكم غوثا , وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل [ يا عباد الله أغيثوني , يا عباد الله أغيثوني , فإن لله عباداً لا نراهم ] قلتُ : هذا لفظٌ منكر جداً .
قلتُ : رواهُ الطبراني في المعجم الكبير (12/44) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/93) : [ رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة ] وعبد الرحمن بن شريك عن أبي [ كلاهما ضعيف ] , وشريك [ سيء الحفظ ] لا يعتبر بما يرويهِ .
قال الشيخ محمد المنجد في المتابعة الثالثة : وللحديث شاهدٌ من حديث ابن مسعود مرفوعاً بلفظ : (إذا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضِ فَلاةٍ ، فَلْيُنَادِ : يَا عِبَادَ اللَّهِ ، احْبِسُوا عَلَيَّ ، يَا عِبَادَ اللَّهِ احْبِسُوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي الأَرْضِ حَاضِرًا سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُمْ) .
رواه الطبراني في المعجم الكبير (10/217) ، وأبو يعلى في " مسنده " (9/177) ، وهو ضعيف أيضاً ، قد ضعفه الهيثمي في " مجمع الزوائد" (10/132) ، والحافظ ابن حجر في "شرح الأذكار" (5/150) ، والحافظ السخاوي في "الابتهاج بأذكار المسافر والحاج" ص 39 .
وقد فَصَّل الكلام عليه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" وقال رحمه الله :"ومع أن هذا الحديث ضعيف ... فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء والصالحين ؛ لأنهما صريحان بأن المقصود بـ " عباد الله " فيهما خلقٌ من غير البشر .بدليل قوله في الحديث الأول : (فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليهم) ، و قوله في هذا الحديث : (فإن لله عبادا لا نراهم) .
وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن ؛ لأنهم الذين لا نراهم عادة ... فلا يجوز أن يُلحَق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، فإن الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بيِّن ؛ لأنهم لا يسمعون الدعاء ، ولو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة وتحقيق الرغبة .
وهذا صريح في آيات كثيرة ، منها قوله تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ ، وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ، وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) ". انتهى من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (656) . والله أعلم .
أبو عبيدة الأثري .. 1432هجري .