الفصل الثآنـي 2 :
بخطوات مترددة خطيت في ردهات الأكاديمية ،
كنت مضطربة جدًا لدرجة أني شعرت بجسدي كله يرتجف !
8:00 صباحًا ..
هذا هو الوقت حاليًا ، والدرس سيبدأ بعد خمسة وعشرون دقيقة ..
أردت أن أصل للفصل مبكرًا حتى لا يحملق أحدٌ فيَ بنظرات لئيمة ،
أو يزعجني أحدهم بتعليقات فظة !
رغم أن ما حصل بالأمس يجعل من الأمر بلا فائدة ..
لكن .. لا ضر من المحاولة !
تنهدت .. وبحذر دخلت إلى الفصل ،
شعرت براحة في داخلي عند رؤيتي للفصل الخالي ،
إبتسامة صغيرة تشكلت على شفتاي ومن ثم إتجهت لمقعدي ..
للأسف هذه الفرحة لن تدوم حين دخول بقية الأولاد للفصل ،
وكم أفزعتني هذه الفكرة كثيرًا !
عبست وجلست على الكرسي ،
واو ، بمجرد التفكير بالأمر .. يجعل من سعادتي المؤقتة تتلاشى !
هل أنا حقًا أخاف منهم لهذه الدرجة ؟
أنا أعني ليس الكبار والأولاد يخيفونني لهذه الدرجة ..
إنهم .. إنهم أولئك الفتيات اللئيمات ،
هم يكرهونني وبشدة .. وأنا لا أعرف السبب !
الأمر يجعلني أرغب بالبكاء .. لكن -
خطوات.
سمعت صوت خطواتٍ خلفي ..
تجمدت وقلبي قفز لحظتها ،
صوت الخطوات أخذ يعلو ويعلو ،
ثم .. صمت.
بتردد .. إستدرت ببطء لأرى ذات الفتى الذي رأيته بالأمس صاحب الشعر الأسود ،
جفلت لدى رؤيته وقد شعرت بإحمرارٍ طفيف في وجهي !
إلهي ، أنا حمقاء حقًا في بعض الأحيان ..
وكما المتوقع ، الفتى لم يعطيني الوقت لأستوعب حضوره ،
جلس في مقعده يحدق في السبورة السواء متجهم الوجه ..
عيناه مخيفتان !
من دون سابق إنذار نظر إلي بحدة ،
وضيق عينيه بإرتياب ..
عيناي الخضراوتان إتسعتا بخوف كما تورد وجهي كامله باللون الأحمر ،
وهممت سريعًا لأن أعود لحالتي السابقة ..
عيناي الواسعتان تحدقان بالسبورة ،
الخوف شل حركتي ولم أكن لأجرؤ أن أنظر إليه ، وجسدي شعر بالتصلب ..
بعد عدة دقائق ، كنت أكبح أنفاسي أشعر بإحراج شديد ، ثم زفرت :
- يوو.
صوته المفاجئ جعل قلبي يقفز في خوف خالص ، لكن لحظة ..
تجمدت.
هل .. هل كان حقًا يتحدث معي ؟
هل أنا أحلم ؟
آه -
- لا تتصرفِ كما لو كنتِ لم تسمعيني.
تمتم بإنزعاج ،
فورًا قفزت من مقعدي وإلتفتت لأواجهه :
- آ-آسفة .. إمم ، آ-آه ..
ثرثرت بشكل مثير للشفقة ، صوتي بدا مترددًا جدًا ، لقد كرهته ،
وحاولت كثيرًا ألا أعبس ..
لقد كنت محرجة جدًا كما لو كان خداي في حريق :
- لا تكوني هنا هكذا كل صباح ، سيكون الأمر مزعجًا !
صوته كان باردًا لكن في نفس الوقت بطريقة ما جعلني أرغب بالذوبان ..
أوه .. كم أنا غريبة !
لا عجب أن لا أحدًا يحبني ..
عبست ، أشعر بقلبي يُخترق .. نظرت ناحيته بعينيّ الحزينتين :
- أوه إمم .. لـ-لكن .. أنا لا أريد من أحد-
هذا عند سماع كلينا لأصوات جعلتني مذعورة كثيرًا :
- هآي ، أيتها الجبهة.
- ووو .. هآي جميعًا أفسحوا المجال للجبهة الضخمة !
- هه .. يبدو أنها لم تنتقل لأكاديمية أخرى بعد كل هذا.
- لماذا أصلاً هي هنا ؟ لا أحد يرغب بوجودها.
- وأيضًا .. لما تنظر لِسآسكي خاصتنا ؟
- هذا حقير !
هؤلاء الفتيات ، إنهن لئيماتٌ جدًا جدًا ..
يرمون بكلامهم القاسي علي ،
شعرت بالدموع تتجمع في عيناي وحاولت أن لا أبكي ..
فجأه تجمهروا حول مقعدي فأخذت نفسًا عميقًا :
- وردية ! من تحسبين نفسك ؟ تتحدثين مع سآسكي خاصتنا.
إحداهن قالت بإحتقار وهي تضع يدًا على خصرها ..
- إرحلن من هنا !
ببراءة إلتفت ناحية الفتى الذي كان يحملق بالفتيات في سخط ،
عيناه كانتا شرستان ، لقد كان مرعبًا !
صوته كان جافًا ورائعًا في الوقت ذاته ،
بأفواه فاغرة .. الفتيات كلهن شهقن بصوت عالٍ ، وإرتعشن للحظة :
- لـ-لكن .. سآسكي - كن ، نحن فقط نهتم لأمرك !
- قلت .. إرحلن من هنا !
مرة أخرى ، شهقن جميعهن .. تنهدن مهزومين وإتجهن لمقاعدهن المخصوصة ،
كان هناك صمت طويل.
أنا مدهوشة ، لا أصدق بأن أحدًا واجههن لأجلي ! وقد شعرت فقط ... بالصدمة.
بتردد نظرت للفتى .. صغيرة خجولة كانت إبتسامتي :
- آمم .. شكرًا ..
همست بخجل وشعرت بإحمرارٍ طفيف :
- هم .. لا تشكريني ، فقط لا أريد إزعاجًا حولي !
كانت إجابته ، كان صوته لئيمًا جدًا ورائعًا ، وقد تجاهل نظرتي ..
فقط أومأت بخجل وقد مكثت إبتسامتي وقد إلتفت لأعتدل بجلستي ، وأنا الآن أواجه السبورة ..
ومن ثم إستوعبت ..
سآسكي ..
سآسكي ؟
هل هذا ما لُقب به قبل قليل ؟
إذًا .. اسم هذا الفتى سآسكي ؟
يا له من إسم لطيف.
بعد سآعة
أنا وسآسكي لم نتكلم مجددًا ،
أثناء الصف .. الفتيات كن يحملقن فيَ بسخط وفي أنفسهن ضحكة مكتومة ،
وأيضًا يبادلنني ملاحظاتٍ إحتوت الكثير من الكلمات المؤذية لي ..
حاولت فقط التركيز على درس المعلم وإرشاداته ،
والتي كنت جيدة فيها !
كل المعلومات التي يخبرنا بها المعلم كانت ترسخ في ذهني بسرعة ،
الأمر غريب لكن .. أنا أحب المذاكرة والتعلم.
عثة كتب سيكون لقبًا أفضل لي ، أعتقد ..
إنه أفضل بكثير من أن يلقبونني بالجبهة طيلة الوقت !
على أية حال ..
إنها الإستراحة الآن وجميع الأولاد يلعبون خارجًا في الملعب ،
ما عداي ..
كنت أجلس على الأرجوحة أتأمل الأرض بعبوس ،
فجأه .. أحدهم قام بدفعي من عليها .. وأنا فورًا وقعت على الأرض ،
صرخت بخوف عند شعوري بالطين على بشرتي ، تلطخت ملابسي وقد وقعت على معدتي ،
إلتفت بسرعة لأعرف هوية من دفعني ،
وإرتجفت بخوف لدى رؤيتي لسرب الفتيات اللاتي يكرهنني بشدة ..
عيناي الخضراوتان إرتجفتا ،
لماذا .. لماذا هن يكرهنني بهذه الشدة ؟
- أيتها الغبية.
إحدى الفتيات قالت بغضب وبعنف قامت بسحب شعري الوردي ،
حاولت أن لا أصرخ ، لكني لم أستطع كبح نفسي ..
أخرجت صرخة منخفضة من شفتاي ،
أبغي تحمل الألم ، أغلقت عيناي .. وحاولت أن لا أصرخ أكثر عن طريق عض شفتي السفلى ،
خلفي .. إستطعت سماع صوت ضحكات الفتيات ، لقد شعرت بإحراج شديد !
إلهي ، أتمنى لو أملك القوة لمواجهتهن ، لكن لا ..
أنا خائفة جدًا.
- اتركوها وحدها.
قال أحدهم ..
ببطء إلتفت للخلف لأرى ..
.. لأرى الفتى صاحب الإبتسامة المكسورة !