عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-28-2014, 11:11 PM
 
[قصه مُبدِعهه..،]صَدَىْ...~




ابدعت حقاً..تابعي جميلتي..:")
.

شكراً غاليتي
мємoяιєѕ على التصميم المذهلْ...


أغلى الأشياء يمكن أن تتلاشى فقط حين ندركُ قيمتها..
وأعز ما نملك يمكن أن يستحيل إلى رماد فقط ما أن نملكه..
ولكن....وماذا بعد؟.



بين ظلال تلك الغرفة الكَئيبة التِي عبَقت أجواءها برائِحةٍ لطالما كرِهها هو..كانَ نائماً.
رائحةُ الأدوية التي أصبحَتْ خانقةً لمن يشمها..كانت تحاول عبثاً أن توقِضه من سباته التي طالتْ كثيراً..ولكن..بِلا فائدة.
صوتُ صفيرٍ خافتِ ينطلق بين الفينةِ والأخرى من ذاك الوحش الحدِيدي الأنيق الذي كان بجانب رأسهْ..
صفير..صفير..صفير..
كل مرّة يولَد ذاك الصوتْ يكون خافتاً...ثم يعلو محاولاً الصراخ ليقول بكلِ ثقةٍ :
قلبُ هذا الشخص مازال ينبضْ!!.
ولكن سرعان ما يشرعْ بالخفوتِ بعدَ أن يملأه اليأس من إيجاد من يصغي..يهتم..ويجيب.
الستائِرالسوداءْ السميكة التي غطَتْ وجه النافذة الوحيدة ذاتِ الإطارِ الخَشَبي,قتلت أيَّ شعاع مضيء قادم من الشَمسْ فكَرَ في عبورها..لتعملَ كحاجزٍ فولاذيٍ أشبه ببوابة لعالم آخر ..تصل بين أرض الصَخبْ والضوء في الخارج..و بين سجنِ الهدوء المُظلِم الذي في الداخل.
نعم!..هو سجنٌ تمَّ حَبسه فيه .. مكان هو مُجبَر على أن يلازمَهْ..حتى وإن كان جَسَده نائِماً لا يشعُرْ..ولكن روحُهُ هنا! إنهُ حيٌّ! ويستحق العيش حيث تداعب نَسماتُ الهواء بَشَرَته التي إمتلأتْ ثقوباً بسببِ الحقن الطبية وأدوات الجراحة, ولكنْ كيف لِشَبيهِ الموت أن يُناديَ برغبةِ الحياه؟!.

فُتِحَ البابُ الحديدي للغُرفة معلناً عَنْ حضورِ زائر ما..
سَجانٍ..ممن يرتدون البياض وينادونَ بقُدرتهم على الشفاء.
في نَظَرِهِ ما هم إلا مُتطفلون يريدون إقتحام هالة الوقار الكئيب التي أسدلَت بثناياها على سريره.
لكن..لم يكن الزائرْ الفضولي سوى إمرأة في الأربعينيات مِن العمر, بوجهٍ كئيبٍ بَدَتْ علامات الحزنِ والإرهاق بادية عليه..
تلك الملامح الكئيبة التي إستحلَتْ مُحياها..ذاكَ المُحيا الذي لم يَذق يوماً سوى طعم بشارَةْ الأسارير..
تلك الهالات السوداء التي غَلفتْ عينيها لتتلاشى أطرافها مختلطةً بآثارِ الدموعِ على وجنتيها..
ذاكَ القلب الذي تَمَزَقْ..ويَتَمَزَقْ مع كل ثانية ترى فيها غاليها على هذه الحالْ.
يرافقها رجلٌ في الخمسينيات من العمرْ ..لم يَكُنْ حاله بأفضل منها..إلا أنه كانَ يُغَلف وجهه بملامح القسوة واللامبالاه, فَكيف له أن يُعلِنَ عن إنهياره أمام رَفيقة دربهِ التي لإنهارت مُسبقَاً ؟.
يكفي أنها بالكادِ تقوى على الوقوفْ..لذا لن يجرؤ حتى على التفكيرِ بأن يُشعِرَها بأن من تعتبره دعامة القوة التي تَستند عليها بآخر شظايا القوة التي تبقت في روحها..قد إنهارت.

إقتربت المرأة من ذاك السرير الحديدي البارد..حيث كانَ هوَ نائِماً...
ألا يبدو هذا السرير كقضبانِ سجنٍ من نوعٍ آخر؟..
برأيه..السجن أكثر راحة.على الأقل السجناء يسيرونْ..يتحدثون..يَضحَكون..
والأهم..صاحوْنَ لا يترقبون الموت في كلِ ثانية على أنهُ مَصير مُحَتَمْ لا مَفَرَ منهْ وإن حاولوا وحاول كل من حولَهمْ جعلهم يفلتون منه..ولكنْ..دوّن جدوى.
مدت يديها المُرتَجفتَينْ نَحوه ببطء ..إنها تحاول إلتماس القوة منه. تلك القوة التي تتولَدْ حين يسندُ يائسٌ قلبه ليائسٍ آخرْ.
وَقتها لن يتولد الأمل..لكن فقط هي مسألة غريزية تجعلهما يشعران بالراحة..وإن كانت كاذبة.
لامس طرف إصبعها الأوسط خَدَه الشاحب..
شاحب؟..إنهُ أكثر من ذلك بكثير!..فخده بارد كالثَلجْ.بشرته بيضاء تماما تميل للإصفرار قليلا..وشفتاه بلون غامق قريب من اللون الأرجوانيْ..إنه وكما تردد في رأسها بقوة لحظتها
ميت..لا محالة!.
إنهارت باكيةً وهي تضع رأسها الذي نَهَشَتْ باطنه وحوشُ أفكار الخوفِ ,الترقبْ..والقادم السيء.وهي ماتَزال تضع يدها على خَدِهْ..
إقتربَ الرجل منها ببطءٍ ووجه مازال خالياً من أي ملامح..فقط..تِلكَ النَظرة الآسفة.
لو كان هذا المشهد حَصَلَ قَبلَ ستة أشهر..أي حينما بدأت دوامة المشاكل هذه لكانَ سَقَطَ منهاراً بجانبها لا يعلم ماذا عليهِ أن يفعل..أيواسيها؟..أم يواسي نَفسَهْ؟..
ولكن الآنْ هذه الصورة باتت مكررة..عادية..فقط إعتاد ببساطة على ..تَحَملْ طعم الخسارة المرير.

لا شيء بارد..لا يحيط بهِ سوى الفراغْ.هدوءٌ قاتِلْ يدعو إلى الترقبْ..
الترقبْ للمجهول..تَرَقُب يَدفَعُك الى انتظار المستقبل بفارغ الصبر وإن كان هذا المستقبل يعني النهاية.
كم مضى عليه هنا؟..سابحاً في اللامكان ينظر إلى اللاشيء..بعينين فارغتين وقلب مجوف.
ذكراه هي كلُ ما يبقيهِ واعياً..الذكرى التي غدا الآن .. أسيرها الأبدي.
الذكرى التي تَقتل الروح فيغدو الجسد هَيكَلاً فارغاً أقل ما يقال عنه أنه..بلا حياه!.
- تنتظر؟.
إتسعت عيناه مما سَمِعَ..هل كلمه أحدٌ للتو؟!..
حاول النطق جاهداً..حاول أن يجيبْ..يستغيث..ينادي..فقط أن يَتَشبث بخيط رفيع جداً من الأمل ولو كان وهماً.
فجأة..ظهرَتْ أمامه فراشةٌ زرقاءٌ صغيرةٌ ..تتألق أجنحتها ببريق مشع وسط كل هذا السَوادْ.
رفع يديه ومَدَها إلى الأمام ..ببطئ محاولاً أن يصلَ إليها فقط..ولو أن يلامسها بطرف إصبعه..
كل ما يتمناه ان يلامسها!.
ولكن قبل أن يصل..إنهارَ كلُ شيءٍ حَولَهْ ليسقط هو إلى الهاوية..
من اللاشيء..وصولاً إلى اللاشيء..لحظتها فقط إستطاع النطق.. فصرخ بأعلى صوته وبأقصى قوته ..
ليتردد صدى صوته في أرجاء الفراغ.

تحول صوت الصفيرِ المُتَقطع الذي تعب من النداءِ لصوت متواصل بلا إنقطاع..يتسابق لإعلان الخبر الشنيع.
إتسعت عينا المرأة لتتوقف عن بكائها..
رفعت رأسها لترى أن الخط المُتَعرج الذي كان يظهر على شاشة الجهاز..قد أصبح مستقيما.
كرهته!..وآه كم كرهت الإستقامة بعد ما رأته..صرخت وصرخت..بكت .. ناحَتْ ونادَتْ..ولكن من تنادي؟..
فصدى صرخاتِ قلوبنا..لا يَستَطيعُ أن يمزق بمخالبه الهشة..أركان حاجز الفقدْ الأبديْ.


أغلى الأشياء يمكن أن تتلاشى فقط حين ندركُ قيمتها..
وأعز ما نملك يمكن أن يستحيل إلى رماد فقط ما أن نملكه..
ولكن....وماذا بعد؟.







التعديل الأخير تم بواسطة ✿N!αɳ N!αɳ MαЯσ✿ ; 03-01-2014 الساعة 12:24 PM
رد مع اقتباس