الموضوع: لماذا تعفو؟!
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-02-2007, 10:51 AM
 
Question لماذا تعفو؟!

الحمدالله الكريم المتفضل بالعطايا والاحسان,والصلاة والسلام على أجود الناس وأبرهم,نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين. أما بعد:
ما أطيب العفو!
وما أجله وأجمله!
فالعفو يسل سخائم القلوب, ويذهب بوحر الصدور, ويطفئ لفحات الخصومات, ويداوي القلوب المجروحة, ويعالج الأكباد المقروحة, ويحيل الاختلاف الى ائتلاف, ويستبدل البغض بالمحبة, والانقسام بالانسجام, والقطيعة بالوصال.
والله -سبحانه-سمى نفسه بالعفو الغفور, ووصف نفسه بأنه أهل التقوى وأهل المغفرة,فهو يحب العفو, ويأمر به,ويرغب فيه, ويثيب عليه.
قال تعالى فمن عفا وأصلح فأجره على الله...) الشورى:40
قال تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الاعراف:199
والمرء ما دام في دنيا الكمد والنكد فلا بد له من أن يتعرض للأذى في دينه أونفسه أو ماله أو عرضه, أوغير ذلك مما قدره الله عليه, ليبتليه!
وهنا تاتي أهمية العفو والصفح من ذوي الخلق الكريم, والطبع الرحيم لمن تعدى عليهم أو تعرض بالأذى لهم, وهذه الرسالة دواء للقلوب المفجوعة,والنفوس الموجوعة التى عضها الظلم بنابه,ونهشها الجور بمخلبه,ونطحها الأذى بقرنه,أرسلها -مع بريد المودة لكل الأحبة الذين فاضت أعينهم حينا من الدهر بدمع القهر,لنمسح تلك العبرة,فيستحيل الحزن الى فرح, والقسوة الى لين, والجرح الى براء وشفاء باذن رب الأرض والسماء.
لماذا تعفو؟!
لأن الله تعالى يحب العفو,أفلا تحب ما يحب الله تعالى؟!
فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى عفو ,يحب العفو)
لماذا تعفو؟!
ليعفو الله تعالى عنك ذنوبك, ويمحو سيئاتك, فكم اجترحنا جميعا من الذنوب, وعملنا من السيئات, وفعلنا من العظائم! فكم نرغب الى الله تعالى أن يعفو عن ذنوبنا, ويتجاوز عن سيئاتنا, ويعاملنا بكرمه وعفوه وفضله!
لماذا تعفو؟!
لتكون عزيزا بين الناس ,شامخ الرأس طيب الذكر,حسن السيرة,نقي السريرة,فالعفو عز ومنعة,وسمو ورفعة,وعلو ومنزلة في الدنيا والاخرة..
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول صلى الله عليه وسلم قال مانقصت صدقة من مال ومازاد الله عبدا بعفو الا عزا,وما تواضع أحد لله الا رفعه الله)
لماذا تعفو؟!
لتنال الأجور العظيمة ,والمنح الكريمة التى أعدها الله للعافين عن الناس
فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم " ما من رجل يجرح في جسده جراحة،فيتصدق بها,الا كفرالله عنه مثل ما تصدق به)
لماذا تعفو؟!
لتكون من أصحاب القلوب الرحيمة, والنفوس العظيمة,والأيادي الكريمة,لا تنال منك الأحقاد,ولاتحمل في قلبك الضغائن. فأنت صاحب قلب حي ينبض بالحب للمؤمنين,وتشرق نفسك بالحنو على المسلمين
عن ابي أيوب رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث,يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا,وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)
لماذا تعفو؟!
لتكون من ذوي الأخلاق الطيبة ,والصفات المجيدة ,لا تحب الانتقام ,ولا تعشق القسوة, ولا تميل للغلظة, وتركن للفظاظة والجفاء, فطبعك يميل للسماحة والصفح, ونفسك تتطلع للعفو والصلح, لأنك لين الجانب,قريب المنال, وتلك منازل العظماء,ورتب الشرفاء, ومدارج السالكين لرب العالمين.
فعن جابر رضي الله عنهما وابن مسعود رضي اللع عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخبركم بمن تحرم عليه النار غدا؟ لى كل هين,قريب,سهل)
لماذا تعفو؟!
لتنال مقام الصابرين الذين يصبرون على الضراء والمحن والبلايا والفتن لتقتدي بخير الورى,وأفضل من خط الخطى فوق الثرى صلى الله عليه وسلم الذي أوذي في سبيل الله أشد الأذى,وناله من صنوف البلايا وأنواع الرزايا ما يفوق الوصف
لماذا تعفو؟!
لتكون من الرحماء ذوي القلوب الرحيمة الرقيقة الشفيقة التى تنبض بالايمان وتخفق بالرحمة والحنان,ولتنال من دعاء المؤمنين ما يفتح الله لك به فواتح الخير في دينك ودنياك,ولتذوق حلاوة الرضا بالقضاء وتتلذذ ببرد الايمان بالقدر,خيره وشره,حلوه ومره,فما شاء الله كان,وما لم يشأ لم يكن,ولا يقع في كون الله الا ماقدره الله تعالى,فالأنفاس معدودة,والأعمار محدودة,والارزاق مقسومة,والخطوات مكتوبة,فلا تأس على ما فات.
فالعفو خاتمة سعيدة وعاقبة حميدة للخلافات بين المتخاصمين,فبه يتصل ما انقطع,ويجير ما انكسر,لنكون مجتمعا متماسكا,كالبنيان المرصوص,والجسد الواحد,فلا نترك للشيطان وأعوانه فرصة بأن يفرقوا صفنا,أو يشتتوا شملنا,أويذهبوا بألفتنا ومحبتنا لبعضنا.
وهي دعوة صادقة لمن جمعتنا بهم رابطة الدين الواحد أن نتسامح ونتصالح ونتصافح,ولنعلن ميلاد يوم جديد,وبزوغ فجر سعيد لعلاقتنا باخواننا,لنجتمع بهم في الدنيا على خير,ثم يكون الاجتماع في يوم الجمع على سرر متقابلين,كما قال الله تعالى عن عباده الصالحين
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }الحجر47
وصلى الله على رسولنا الكريم
__________________
أنا جروح في صورة انسان

أنا ذكرى منسية

أنا دموع واحزان

بأختصار أنا قصة

طويلة ما يحفظها كتاب
رد مع اقتباس