عرض مشاركة واحدة
  #116  
قديم 03-02-2014, 05:59 PM
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



Back



/~

مشاعر مبعثرة

المشهد الثاني

عَيناي جاحظتان تبرقان بشرار احمر
انفاسي تتصاعد بوتيرة عشوائية , بينما اجتاح الخدر جسدي .

تأملت بركة الدماء التي تتابع الانتشار على ارضية الطريق الساخنة , وانا اقاوم لسعات الدموع التي تعلن عن انهياري القريب .

هويت على ركبتاي قرب جسده الساكن , كان صغيراً في التاسعة او العاشرة ربما
كان اكثر نحولاً من ان يصمد في مواجهة معدن سيارتي , واكثر براءة من ان يستحق ما حدث .

" يا الهي .. ما الذي فعلته ؟! .."

انطلقت الكلمات من بين شفتاي المرتجفة بينما سرى خوف بارد في عروقي .
اقتربت منه اكثر فحصته بعيناي اولاً ثم قربت يدي المرتعشة منه وضعتها على منحنى رقبته وانا ادعو ان اجد نبضاً
بقيت انتظر عدة دقائق بلا فائدة ثم تراجعت الى الوراء كمن لدغته افعى ..

انه لا يتحرك , لا يتنفس
و قلبة لا ينبض !
لا حياة به على الاطلاق ..

اطلقت صرخة قصيرة وقد باغتني الادراك , لقد قتلته ! ..

تضاربت الاحتمالات داخل رأسي جاعلةَ اسوأ مخاوفي تطفو الى اعلى , ان علم احد بأني قتلت الصغير فمصيري
هو القصاص بلا شك ..

إنهاء حياة كان جريمة لا تغتفر مهما كانت المبررات , لذا لا احد سيهتم حقاً بكوني لم اقصد صدمه بسيارتي , ولا احد سيهتم بأن اسراعي كان بسبب القلق الذي اعمى جوارحي فعائلتي تقبع الان بين السنة اللهب ولا اعلم ان كانوا احياء او ان كنت قد فقدتهم بالفعل .

جلت بنظري على طول الطريق , لم يكن هناك احد ..

نظرت مجدداً نحو جسد الطفل

ماذا كان يفعل هنا في وسط طريق مهجور لا منازل قربه الا على بعد مئات الاميال ؟! , هل كان تائهاً يبحث عن طريق العودة للمنزل ؟

امعنت النظر به , كانت ملابسة رثة ذات قماش مهترئ ملأته الفجوات حتى تكاد لا تستر جسده جيداً , كنت ادرك انها كانت على هذا الحال دوماً وانها لم تصبح هكذا جراء ارتطام سيارتي به , ملابسة تركتني اتساءل ان كان يملك منزلاً ؟! .

اغمضت عيناي لمدة حتى وان لم يكن يملك منزلاً او عائلة لم يكن ذلك ليغير حقيقة كوني
قد انهيت حياته

ارتفعت عن الارض وانا اتلفت يميناً وشمالاً ما يزال الطريق خالياً , القيت اخر نظرة نحو جسده وجهه مضرج بالدماء , اصابعه الصغيرة باهته مزرقة اللون

شقت قطرات الدموع طريقها على خداي بينما ركضت نحو سيارتي جلست خلف المقود , ادرت المحرك واندفعت مسرعة الى الامام وانا اشهق بالبكاء
تاركة الطفل خلفي .

ادركت ان طيفه سيلاحقني اينما ذهبت واني لن انسى جريمتي يوماً ولكني لم اهتم
هربت بعد ان انتصرت الانانية الخالصة على صوت الضمير الذي ارتفع داخلي وسكت تماماً بعدما
اقتاله الخوف ..



/~


المشهد الثالث




دفعت الباب الى الامام حين باغتتني سحابة غبار سببت لي العطاس

التفت الى الوراء نحو الثنائي الجبان وقلت

: لا اظن اننا سنجد شيئاً غريباً في هذا المنزل سوى كمية الغبار .

ردت " كورتني " التي تحاول التخلص من قبضة " جوانا " الملتفة حولها

: حسناً حسناً , تابعي استعراض شجاعتك يا " ميل " و ادخلي اولاً .

قلت وانا اتخذ اولى خطواتي داخل المنزل

: هذا ما كنت سأفعله على كل حال .

دخلت الى المنزل وانا اسمع خطواتهن البطيئة خلفي , لم اكن ارى شيئاً بفعل الظلام تحسست الحائط بحثاً عن الزر الذي يشعل النور وانا اغلق انفي بيدي كي لا تصل تلك الرائحة النتنة الي ..

صدح صوت " كورتني " المتذمرة مجدداً

: يا الهي ما هذه الرائحة .

اجبت بتهكم وقد عثرت اصابعي على الزر

: انها رائحة منزل مهجور ..

غرق المكان في الضوء احمر خفيف يعمل للحظة وينطفئ في الاخرى
قالت " جوانا " بنبرة مهتزة : فضلت المكان اكثر دون اضاءة .

حاولت كبح ضحكاتي وانا اراها تنظر نحو شبكة العنكبوت المتدلية امام وجهها الاسمر وقد توسعت عيناها وهي ترتجف
قلت وانا انفض بعض الغبار الذي التصق بقميصي الابيض

: حسناً " كورتني " لقد اقتحمنا المكان وتعرضنا للغبار وشباك العنكبوت هل نستطيع الرحيل الان ؟!.

ابتسمت وهي تردف بنبرة تضج سخرية

: ماذا هل ارعبك منزل " العجوز بيل " المهجور " ميلي " هل بدأت اخيراً تصدقين ما يقال عنه ؟

نظرت اليها مطولاً بجمود لم اكن خائفة وهي كانت تعلم ذلك جيداً

تابعت بعد ان تعبت من انتظار ردي

: " اميلي " دعينا نستكشف المكان قليلاً اولاً ثم نرحل .

هززت كتفاي بيأس وانا اتساءل عن سبب صداقتي لهذه الفتاة , جررت " جوانا " من معصمها حتى اقطع وقفة التمثال المرعوب التي كانت تؤديها حتى الان امام شبكة العنكبوت .

سرنا عبر بهو ضيق يقود الى عدة ابواب قلت

: لتختر كل واحدة منا باباً .

نظرت الي " جوانا " بحدة وهي تزعق برعب

: هل جننتِ ؟ , انا لن اجول وحدي في منزل الاشباح هذا .

قالت " كورتني " وقد امسكت يدها

: اذاً هيا سنذهب انا وانت معاً , ولنترك الانسة شجاعة تجوب وحدها كما تريد .

ترددت " جوانا " قبل ان تذهب مع " كورتني " داخل احدى الابواب

توجهت نحو باب اخر وانا اسأل نفسي ذات السؤال للمرة المئة منذ ان خرجت من بيتي " لمَ قبلت هذا التحدي الاحمق ؟ " , التجول في هذا المنزل الذي تنبعث منه رائحة مكب نفايات سامة ما هو الا مضيعة لوقتي الثمين الذي كنت سأستثمره في النوم بلا شك .

دخلت غرفة معتمة ومجدداً

بدأت البحث عن زر تشغيل الضوء لكن هذه المرة دون نجاح تنهدت وانا اخرج هاتفي المحمول من جيبي انرته وبدأت بالنظر في انحاء الغرفة كان هناك مزهرية محطمة على الارض , اوراق مبعثرة في كل مكان , شيء ما بشأن الفوضى جعل قشعريرة باردة تمر في عمودي الفقري .

تابعت السير في الغرفة لم يكن بها اثاث سوى اريكة في المنتصف و خزانة قرب احدى الزوايا , كنت اشعر بالتعب فكرت بالذهاب والجلوس على الاريكة حتى تقرر " كورتني " مغادرة المكان ففي النهاية هي تأشيرة خروجي من هنا فهي من يملك رخصة القيادة .

تزحلقت قدمي بشيء دبق على الارض وجهت الاضاءة نحو قدمي كان حذائي مغموراً بسائل احمر , بهت وجهي وانا اتابع توجيه الضوء في اتجاه السائل , تجمدت تماماً حين سقط الضوء على يد بشرية مقطوعة ثم بقية اطراف اخرى .

اخترقت صرختان من مكان بعيد سكون الغرفة علمت لمن كان صوت الصراخ

لم استطع المحافظة على الهاتف يبن يدي المرتعشة فأسقطته وغرق المكان في العتمة مجدداً , لم اخذ ثانية للتفكير بما يجري التفت راكضةَ نحو الباب حين شعرت بيد تمسك مرفقي اطلقت صرخة عالية سرعان ما كتمت حين التفت اصابع حول فمي
التصق وجه من يمسكني بأذني حين همس

: صدقيني لن تتعذبي طويلاً ان لم تقاومي ! .

تململت بين ذراعية رافضة الخضوع رغم اني علمت ان المقاومة
لن توصلني الا لطريق مسدود .


/~




لي عودة قريبه

في حفظ الرحمآن




__________________
Flames just create us but burns
don't heal like before

التعديل الأخير تم بواسطة Andrya ; 03-03-2014 الساعة 01:07 PM