جين بإنزعاج : بالرغم من أنك من طلب العودة لحمايتهم فهو يتصرف وكأنه الملك هنا . نظر النصف لجين وقد رفعوا أحد حاجبيهم بإستنكار بينما نظر له النصف الآخر بغباء . فريدريك : حسناً , إنه الملك بالفعل كما تعلم . هنري بإبتسامة : لا يهم ذلك على الأقل لقد إستعدت عملي ... إنه افضل من الجلوس هنا بلا اي عمل ومن ثم .. البقاء مع سيدي الأمير يسرني حقاً . كلاود : بما انها رغبتك فلا شأن لنا بالأمر ولكن هذا القصر مفتوح لك دائماً . هنري : شكرا جزيلاً لكم يا أصدقاء . إيزابيلا وقد أخفضت رأسها : هذا يعني أنك ترغب بالتخلي عني . تقدم هنري نحوها ليمسك بها من ذقنها برفق : لا تتفوهي بهذه الحماقات .. كنت سأطلب منه أن آخذكِ معي ولكن أخبريني من سيهتم بأمور آرثر إن غادر كلانا ؟ تعلمين أن شقيقك الأحمق سيظن أننا تخلينا عنه . إبتسمت إيزابيلا له لتومأ بالموافقة قبل أن تتحدث بحماس : سأعتني به جيداً . قام هنري بضمها له بحنان . فريدريك بإبتسامة واسعة : جين ماذا حدث لعينك اليمنى بالمناسبة ؟ لماذا هي منتفخة . أشاح جين بوجهه عنه وقد بدت علامات الغضب تظهر جلياً على وجهه .. بينما ظهرت إبتسامة رضى على وجه كل من كلاود ولورا . جولييت : أحسنتما عملاً . ......... في مكان آخر في مدينة الكنيسة : جوليان بإبتسامة : هل عدت أخيراً يا أخي ؟ كارل بشيء من الغضب : أجل .. أعتذر على التأخير .. سأخلد إلى النوم . جوليان وهي تمسك بيده : إنتظر قليلاً .. ماذا حدث لك أخي ؟ هل انت على ما يرام ؟ هل تشاجرت مع أحدهم ؟ كارل : ليس بعد ولكن أعدك سأقضي على أدريان ذاك قريباً جداً . جوليان وقد قطبت حاجبيها : إنه مزعج وشخص لئيم كذلك .. لقد إنقلب ضد شقيقه الأكبر .. إنه حتى لا يعلم ماهو الشيء الذي عاناه دانيل من أجله .. عيناه الحزينتين .. لم يبتسم قط بسعادة حقيقية لأجله هو .. هدفه منذ البداية هو مساعدة أدريان .. أنت كارل لم ترى كيف كان يهتم بالغرفة التي بجوار غرفته .. لقد كان يعدها له عندما يحضره أتفهم ؟ ولكنه .. تفوه اليوم بكلامِ قاسِ جداً .. ( بدأت نبرة صوتها تميل للحزن الشديد ) : لابد أنه تألم بشدة بسبب ذلك .. لقد وضع إحدى يديه على قلبه بينما عض على شفته السفلية ولم يتوقف عن ذلك حتى بعد أن جُرحت .. وأنا تركته بكل بساطة لإن فرناندو هددني أنه سيقوم بعقابك انت على خطئي .. لو أنه أخبرني أنه سيعاقبني أنا لما تركته أبداً .. لم أكن لأتخلى عن قائدي . لتجثي على الأرض وهي تبكي بشدة .. أبعد كارل ملامح الغضب ليجلس على ركبتيه ويضم شقيقته الصغرى إليه .. لم يتفوه بأي حرف .. وكيف لا وهو أيضاً تخلى عن الشخص الذي أنقذ شقيقته الصغرى من الهلاك والعذاب مع أول تهديد تلقاه من سيده . .......... عودة إلى زنزانات الكنيسة : فرناندو بهمس في أذن دانيل الذي كانت عيناه مفتوحة بدهشة وألم : إذن ما رأيك ؟ هذه الزنزانة دانيل مخصصة لتعذيب فقط .. لم يدخلها أحد من قبل سوى أدريان .. أترى الدماء المنتشرة هنا ؟ إنها دمائه وحده .. منذ كان طفلاً في الخامسة وحتى هذه اللحظة .. وكل هذه الأدوات سببت له ألاماً مُبرحة لم تمكنه من النوم ليلاً . أغمض دانيل عينيه بألم شديد ليتحدث : أنت ستدفع الثمن أقسم لك . فرناندو بإبتسامة سخرية : لا بأس دعني أدفع الثمن ولكن دانيل أخبرني أنت بماذا سيستفيد أدريان من ذلك ؟ لقد فقد ثقته بك .. أتعلم عندما كان في الخامسة وحتى أكمل العاشرة من عمره كان دائماً يقول عندما يشتد به الألم " أرجوك .. أي أحد يحبني .. أرجوك أن تظهر الآن وتساعدني .. أمي .. أبي .. أخي أو أختي .. أصدقاء .. أي أحد أرجوكم لا تتركوني هنا لوحدي " .. ولكنه ما إن أكمل إحدى عشر عاماً حتى توقف عن الإستنجاد بأي شخص .. لقد كان يصرخ بألم فقط دون النجدة أو التوسل لإنه فقد الأمل .. لم يعد يتوسل إلي أو إلى معذبيه أن يتوقفوا بل كان يسير إلى إحدى الزوايا الزنزانة ويضم نفسه وهو يبكي بصمت منتظرا عذابه . لم يستطع دانيل حقاً أن يمنع دموعه من الإنهمار وقد ألقاه فرناندو إلى إحدى الزوايا التي مُلئت بدماء شقيقه الجافة .. تقدم خصمه منه ليمسك بذقنه بإحدى يديه بينما مسح إحدى الدموع لينظر له بسخرية أشد . فرناندو بسخرية شديدة : أخبرني بماذا ستفيده هذه الدموع دانيل ؟ هل ستعيد إليه طفولته الضائعة ؟ أم هل ستنسيه تلك اللحظات التي شعر بها بخوف شديد ؟ أتعلم أنني كنت أستخدمه أحياناً كتجربة عندما أجد فكرة ما لتعذيب الفاشلين حتى لو لم يرتكب هو أي ذنب .. وعندما كان يسألني عن ذنبه أخبره ببساطة أن لا أحد هنا من أجله ولن يهتم أحد بموته .. لقد كان يصمت فقط ويتقبل الأمر .. بالرغم من الخوف الذي كان يظهر جلياً على عينيه . نظر دانيل له بحقد ليقول : كيف تدعي في النهاية أنك الشخص الذي إختاره الإله لتنقية قلوب البشر ؟ كيف يأتي الأشخاص من شتى أنحاء البلاد لكي يطلبوا منك المعونة إذا أذنبوا أو أخطأوا ؟ وأنت قمت بتعذيب طفل صغير بلا قوة أو حول .. وأنت كنت السبب في شجار شقيقان إثنان بل إنك تجرأت وادعيت أن كلاً منهما رفع سلاحه على الآخر ؟ أخبرني كيف تريد لحكم الكنيسة أن يسود وأنت من يفسد هنا . فرناندو : الغاية تبرر الوسيلة يا صغيري .. ومن ثم أنا وبعد أن أحكم هذه البلاد سأقوم بطلب المغفرة من الإله . دانيل بحدة : وهل دماء الأبرياء تُغفر يا هذا ؟ أقسم بأنه إن لم أكن أنا فلابد أن يظهر شخص آخر يقضي عليك أتفهم ؟( إنخفض صوته وقد بان الألم فيه ) : حسناً أعترف أنه بالنسبة لي لقد هزمت .. أنت المنتصر .. لم تعد لدي الرغبة الكافية لنهوض و القتال مجدداً .. ليس بما أن أخي سيقوم بحمايتك ولكن لن تتمكن حقاً من هزيمة الآخرين أبداً . فرناندو بإبتسامة خبيثة : حقاً دانيل ؟ إن رحلت أنت لن يقاتل اي من الثوار ولا حتى للإنتقام لأجلك .. ألا تعلم أنهم يرغبون بالعيش بسلام فقط ؟ جوليان تخلت عن الثوار وعنك ما إن وجدت شقيقها .. وأيضاً كلاود ولورا و فريدريك وجولييت سيقومون بالإرتباط ببعضهم رسمياً بعد فترة قصيرة ربما شهر ونصف فقط .. لماذا عليهم القتال ؟ رفع دانيل وجهه لينظر إليه وهو يتحدث : كلاود ولورا و فريدي وجولييت ؟ لكن كيف علمت ومتى .. إعترف كل منهم للآخر ؟ فرناندو : علمت ذلك من جنودي هناك و أيضاً اليوم حدث كل شيء .. لقد عاد الحاكم وأسرته إلى قصره .. هنري سيعود ليمسك الجيش لدى الحاكم .. كل شيء بخير .. أنت من اعطيتهم السعادة والأمان ولكن لقد مضى أسبوع كامل على وجودك هنا .. الواقع لقد ظننت بأنهم سيهجمون علينا بعد فترة قصيرة من الوقت . دانيل بحدة : وهل ترى أنهم مجموعة من المجانين ؟ بالطبع لن يفعلوا ذلك وكل أولئك الخونة في صفوفهم .. هم سيقومون أولا بتنقية الجيش .. ومن ثم لا يهمني إن أتوا إلى هنا لإنقاذي أم لا .. ما يهمني حقاً هو ان يتمكنوا من هزيمتك في أحد الأيام فرناندو بنبرة إستهزاء : أتعني أنك لن تتألم ؟ إن لم يظهر أي منهم لإنقاذك دانيل .. إن إحتفلوا بإرتباطهم .. واحتفلوا بطرد الخونة من بين صفوفهم .. وأنت هنا تتألم لوحدك ألن تشعر بالخيبة ؟ أو أنك طعنت من الخلف .. دانيل ستذوق تماماً ما تذوقه أدريان عندما علم أن شقيقه الأكبر حي وهو قائد للثوار .. لجيش كامل وبالرغم من ذلك لم يقم بإقامة معركة لتحريره .. خشية أن تعرضهم للخطر من أجله فقط . دانيل : ماذا تعني الآن ؟ فرناندو بجدية وقد إلتف ليغادر : أعني .. لن يغامر أي من الجيشين بالمجيء وإنقاذك عندما يشعروا بأننا هنا نستعد لقدومهم ونصب الأفخاخ لهم خشية من أن يفقدوا الأعزاء على قلوبهم .. وبهذا يكونون قد قرروا التخلي عنك بحجة أنهم غير مستعدين بعد .. لا ليس التخلي بل التضحية بدمائك وحياتك كما قمت أنت بالتضحية بدماء وحياة وسعادة شقيقك .. أنظر حولك واستشعر ألم شقيقك في كل ثانية قضاها هنا .. وأقسم لك بأن دمائك إبتداءاً من الغد ستتناثر في إنحاء المكان مندمجة مع دمائه .. ستتذوق الألم ذاته الذي تذوقه شقيقك من قبل .. كل هذه المعدات منذ الغد سوف تعمل لتعذيبك أنت بدلاً منه . ليخرج ويغلق باب الزنزانة من خلفه بعد ان فك قيود دانيل الذي بقي يحدق بالفراغ بدهشة بينما تنساب دموعه الحارة على وجنتيه كي تشعر النيران بهما كما كان قلبه يشتعل من الداخل بشدة . .......... في المنطقة ذاتها : جاكوب بملل : ماذا كنت تفعل حتى هذه اللحظة ؟ أدريان بهدوء : لقد قمت بجمع الضرائب ..كما أنني أخطط لقتل ذلك المدعو بكارل وشقيقته جوليان . قطب حاجبيه لينهض عن الأريكة ويتحدث : ولماذا ترغب في قتلهما ؟ أدريان بإبتسامة غريبة : إنه سر .. لن أخبره لأحد . جاكوب بعدم إهتمام : ليس وكأن الأمر يهمني حقاً . كاثرينا بإبتسامة : الغداء جاهز . أدريان بإنزعاج وبهمس : لماذا يجب أن تكوني شقيقة للمزعجين . جاكوب : أدريان هيا تحرك . أدريان : أنا قادم .
........ لم تحدث المزيد من الأحداث المهمة في ذلك اليوم ليطوى بعدها ويصبح مجرد ذكرى .. أليمة أو سعيدة .. لم يحمل الأسبوع التالي أي احداث مهمة حقاً .. في كل يوم مضى كان دانيل يشعر بوحدة غريبة إضافة إلى ألم جسدي ونفسي شديد حتى أنه بدء يشعر بأنه مختلف كلياً عن ذاته القديمة .. لقد فقد الأمل تماماً بأن يكون قادراً على إكمال هذه الحياة القاسية .. كما إزدادت تصرفات أدريان غرابة عن شخصيته اللطيفة التي عرفها الجميع وأحبها وبات شخصاً يغضب من اي كلمة وهو يرى أن كل الموجودين حوله مجرد أعداء ! .. شعر جاكوب بشيء خاطىء وبالخطر من إتجاه سيده و أدريان فهو على وشك أن يفقد ثقته بهما أو لنقل بسيده فقط فهو ولسبب ما لا يخشى حقاً من أدريان .. لم يتغير حال الثوار كثيراً وهم للآن يحاولون التخلص من الجواسيس دون أن يتمكنوا من تحقيق ذلك لليوم .. إختلت ثقة الشعب بجاك الذي غادر قصره وغاب عنه مدة طويلة ولم يكن قادراً على الهجوم حالياً على فرناندو بسبب الرسائل التي وصلته من الدول المجاورة والتي لم يجب عليها في وقتها فقد إضطر لدعوتهم لحفلة ما .. حتى يريهم أن كل شيء على ما يرام وهاهو يجهز لها .. ويفكر في المناسبة التي عليه أن يتخذها سبباً لإقامة هذه الحفل . ........... بعد مرور ثلاث أسابيع في مدينة الثوار : هنري بتعب : ماذا حدث سيدي ؟ هل هو بخير ؟ أخي آرثر .. ماذا حدث له ؟ الحكيم وقد أخفض رأسه : إنه يحتضر .. أنا آسف لم أتمكن من مساعدته حقاً . جثى هنري على ركبتيه وقد بدأ جسده بالإرتعاش فجأة كطفل صغير اضاع والدته في مكان مجهول الهوية له . شعر بيد فريدريك تربت على ظهره وقد سمعه يتحدث إليه إلا أنه لم يفتح فمه بحرف .. بل لم يستمع حتى لما قاله له .. وكيف يفعل وهو يشعر الآن بأنه على وشك أن يفقد حياته كُلها .. سعادته وسر إبتسامته .. بلسم جروحه و الشخص الذي كان له الأب والأم معاً . نهض بصعوبة بالغة ليسير بخطوات مترنحة وقد إصفر وجهه إلى أن وصل لتلك الغرفة التي وضع شقيقه بها .. وقعت عيناه على إيزبيلا التي كانت تبكي بشدة وهي تمسك بيده المرتجفة .. رفع نظره لينظر إلى وجهه الذي بدى الألم جلياً عليه .. إمتلئ جبينه بقطرات العرق .. لم يتمكن من كبح دموعه و منعها من الإنهمار .. سار ببطىء حتى جثى بالقرب من قدميه .. لم يتحمل السير أكثر .. أمسك بهما بيديه اللتين لم تتوقفا عن الإرتجاف ليبكي بعدها بحرقة .. بينما وقف أصدقائنا الثوار أمام ذلك المشهد وهم يشعرون بالألم والعجز الشديدين . فريدريك بحزن : أرجوك سيدي .. ألا يوجد أي شيء يمكن فعله لإنقاذه ؟ الحكيم بحزن شديد أيضاً : ليتني أعلم الطريقة .. لقد إعتبرته كابن لي .. أحببته حقاً .. لا أريد أن أفقده .. ولكن هو لم يقاوم حتى .. لا أفهم السبب . هنري بألم شديد : أنا هو السبب .. أنا من جعله يتألم دائماً .. لقد كان يعاقب بقسوة شديدة ويتحمل الشتائم والإهانات من أجلي وحتى لا أشعر أنا بأي شيء .. وحتى عندما علمت الحقيقة .. لم أستطع منع نفسي من البكاء وإشعاره بأنني بخير .. بأنه أكثر من كافِ لي .. لقد عوقب بسببي وتحمل أخطائي .. وأيضاً شعر بحزن شديد بسبب دموعي .. لم يرفع يده في حياته لصفعي أو ضربي ولكن أنا فعلت .. لقد صفعته ومرتين ربما .. لقد تفوهت بأمور جرحت مشاعره .. أنا السبب . نهض بوهن ليسير بضع خطوات تحت أنظار مراقبة أصدقائنا وأخته الصغرى القلقة .. ليسقط أرضاً بالقرب من رأسه .. أمسك بإحدى يديه ليضع الأخرى على جبينه تحدث بصوت مخنوق بسبب شهقاته : أرجوك آرثر إفتح عيناك الآن .. أتوسل إليك .. سأفعل أي شيء من أجلك .. دفن وجهه الباكي في صدر شقيقه الأكبر ليشعر بالإختناق الشديد وهو يشعر بأنفاس شقيقه المتعبة و الضعيفة .. هذا الصدر الذي إعتاد أن يبكي دائماً به .. بينما تلك اليد الحنونة تربت على رأسه .. نهضت إيزابيلا من مكانها بسرعة وهي تهتف إيزابيلا بقلق : أخي هنري ؟ لتتوجه نحوه بينما فعل الجميع المثل .. فقد بدأت أنفاسه بالإنقطاع وهدأ جسده فجأة . فريدريك وهو يمسك به : هنري هل أنت بخير ؟ إستمع لي دعنا نأخذك للخارج لتستنشق بعض الهواء . أمسك به ليساعده على النهوض ولكنه شعر بهنري يبعده عنه وكأنه يرفض النهوض والإبتعاد دون أن يفتح فمه بأي حرف . إيزابيلا : أخي أرجوك .. فقط قليلاً وعد إلى هنا . نهض بصعوبة وقد أمسك بذراع فريدريك ليستند عليها .. بينما أمسك فريد به برفق ليأخذه إلى الخارج ولكنهما ما إن كادا يخرجان من باب الغرفة بدأ جسد آرثر بالإرتجاف وهو يأن بألم شديد .. لا يعلم هنري حقاً من أين ظهرت له تلك القوة حقاً .. ولكنه ترك ذراع فريد ليعود إلى آرثر الذي أمسك الحكيم به وهو يجلسه ويعطيه دواء ما . هنري بصوت مخنوق : ماذا يحدث الآن له ؟ الحكيم : آسف بُني ولكن .. هذا الأمر طبيعي في هذه المرحلة أن تأتيه مثل هذه النوبات من الألم .. بكل حال بعد القليل من الوقت سيجبره الألم على الإستيقاظ . أغمض عينيه في محاولة فاشلة منه لأن يمنع دموعه من التدفق مجدداً .. وما إن إبتعد الطبيب عن آرثر حتى جلس هو على حافة السرير ووضع رأس شقيقه في صدره وهو يضمه بقوة إليه .. بينما كانت إيزابيلا تبكي دون أن تعلم ماذا عليها أن تفعل لمساعدة شقيقيها . وكذلك الأمر بالنسبة للباقيين وللويس الذي دخل منذ برهة ليسمع كل ما جرى .. فهو لم يتمكن من هول الصدمة أن يتحرك أو يحاول على الأقل مواساة هنري . هنري وهو يمسح على شعر شقيقه : أرجوك أخي .. أعطيني إياه كله .. دعني أتحمل هذا الألم بدلاً مِنك .. أو على الأقل نصفه يمكنني تحمله بل يمكنني تحمل أي شيء ما دمت إلى جانبي .. ولكن لماذا أنت لا تستطيع تحمل هذا لأجلي .. لماذا لا تحاول على الأقل فأنا هنا بجانبك .. ألا أهمية لوجودي معك ؟ شعور بالدفئ غمره فجأة ليشعر بأن ذلك الألم المزعج بات يغادره .. فتح عينيه بوهن شديد ليجد نفسه بين أحضان شقيقه الأصغر .. بينما يده اليمنى قد بللتها دموع إيزابيلا .. فتح عينيه بصدمة وهو يستمع لصوت شقيقه الباكي وكأنه للمرة الأولى يشعر بأن إستسلامه وضعفه يسبب له الألم الشديد .. حرك يده اليسرى بوهن ليتشبث بقميص هنري بضعف واضح . أبعد هنري نفسه قليلاً ليمسح على وجهه بهدوء بينما إمتدت يد آرثر لإبعاد الدموع من على وجنتيه وكذلك فعل بالنسبة لإيزابيلا . آرثر بقليل من الألم : أنا لم أمت بعد حتى تبكيا بهذه الطريقة .. لا تقلقا سأكون بخير لم يتمكن هنري من التحدث .. بل إكتفى بوضع إحدى يديه على قلبه وهو يشعر بألم شديد .. نظر آرثر له بقلق .. بينما تقدم فريد وأمسك بهنري بهدوء . فريدريك بإبتسامة : نتمنى ذلك حقاً آرثر أن تعود إلينا بكامل صحتك وقواك .. والآن هنري تعال معي قليلاً للخارج .. عليك أن تستنشق بعض الهواء المنعش . أومأ الأخير بأجل ليغادر برفقة فريدريك إلى الخارج .. بينما تقدم لويس الذي مسح دموعه بسرعة ليجلس بجوار آرثر ليتحدث معه ويشاركه بقية أصدقائنا ليبتعد القلق عن أعينهم قليلاً وهم يرونه يبتسم وقد تناول طعامه بأكمله دون إعتراض للمرة الأولى فقط ليتناول الدواء بهدوء غريب . .......... في الخارج : إستلقى هنري على الأرض الباردة وهو يلتقط أنفاسه بصوت مسموع فقد كاد أن يختنق في الداخل .. جلس فريدريك بجانبه . فريدريك بهدوء : هل أنت بخير هنري ؟ هنري وهو يومأ سلباً : لا , ولن أكون كذلك .. تباً لقد كاد قلبي يتوقف عن العمل عندما توقف هو عن الأنين وكذلك هدأت أنفاسه دون أن يصحوا .. لقد أخبرنا الحكيم أنه سيستيقظ مباشرة وإن لم يفعل فهو سيموت .. لقد .. سُحقاً له . فريدريك وهو ينظر للنجوم : فقط لنأمل أنه سيحاول المحافظة على حياته .. الحكيم قال لنا أنه إن بدأ آرثر بالإلتزام فإن هنالك فرصة لإنقاذه .. صعبة أجل ولكنها ليست مستحيلة . نظر هنري له بدهشة قبل أن يبتسم وهو يجلس : هل أنت جاد ؟ أعني أيمكن إنقاذه حتى بعد أن وصل إلى هذه المرحلة ؟ أومأ فريدريك برأسه إيجاباً لتتسع إبتسامة هنري وهو يشكره لينهض ويتجه للداخل. نهض فريدريك بهدوء وهو ينظر له ليتحدث بشيء من الحزن : أخشى أن تتفائل أكثر من الازم هنري ومن ثم ... تباً أنا لا أعلم حتى كيف يفكر آرثر ؟ لا يمكنني نسيان ما قاله قبل مدة . .......... لنعد معه إلى ذلك اليوم : فريدريك : ماذا تعني آرثر ؟ آرثر بهدوء وبنبرة غريبة : أنا مللت .. لم أعد أرغب حقاً بالعيش .. لماذا لا تتركوني وشأني فقط . كلاود بحدة : وماذا عن هنري و إيزابيلا أجبني . أشاح آرثر بوجهه ليتحدث بهدوء والقليل من البرود قد إعتلى ملامحه ونبرة صوته : هنري أصبح رجلاً الآن وهو قادر على تدبر أموره بنفسه .. وأنا واثق أنه سيعتني بإيزابيلا .. ومن ثم لماذا علي القلق دائماً لأجله ؟ ألم يحن الوقت لينضج ؟ لن أتمكن من رؤيته يتألم دون أن أتدخل ولكن في الوقت نفسه لقد مللت حقاً من ذلك .. مللت من رؤيته . علت الصدمة وجوه الجميع بما فيهم إيزابيلا التي كانت قد دخلت للتو إلى الغرفة بينما كانت الدموع تسيل من وجنتيها . .......... أستيقظ من تلك الذكرى وهو يرى هنري يغادر المكان .. أراد أن يسأله عن سبب مغادرته ولكن إيزابيلا بحزن : لقد سمع هنري كل حرف نطق به أخي آرثر في ذلك اليوم .. فهو كان يريد الإعتذار له عن شجار إفتعله معه قبل أن يسمح له بمغادرة منزل الحكيم .. ولكنه بعد سماعه لتلك الكلمات غادر بهدوء وتوجه إلى قصر الحاكم مباشرة دون العودة وتوديعكم أو شكركم على ما قدمتوه له . نظر فريدريك لها بصدمة ليتحدث بحزن : ولكن .. لماذا لم يخبر أحداً عن ذلك ؟ أخفضت الأخيرة راسها لتتحدث بحزن شديد : أخي آرثر هو كل شيء بالنسبة له .. وإن كان هو من سبب الحزن له فكيف تريد منه أن يشكوه لأحد .. وهو لا يثق أساساً إلا به . كلاود بحدة : آرثر ذاك فقد عقله بسبب هذا المرض أقسم . لم يتحدث فريدريك بل أخفض رأسه وهو يرى غضب كلاود الشديد .. إبتسم بحزن وقد علم أن كلاود تذكر ما فعله به قبل أعوام عندما تخلى عنه بسبب أخطاءه الكثيرة .. دخل كلاود بسرعة إلى داخل الغرفة التي يجلس آرثر بها ليتبعه فريدريك وإيزابيلا بسرعة .. وما هي إلا ثواني معدودة حتى صدم الجميع بسبب تلك الصفعة التي تلقاها آرثر من كلاود . كلاود بغضب وحدة : أنت ! هل أنت سعيد الآن ؟ ألم تنتهي من إنتقامك بعد ؟ أأنت مستمتع بتعذيب شقيقك الأصغر ؟! نظر آرثر له بصدمة وكذلك البقية ليردف هو بغضب وحزن : لقد ذهب هنري ليسير قليلاً في القرية إلى أن ينتهي الأمير من زيارته لك ويعود معه إلى القصر .. لم يجلس معك بل هو لم يتحدث إليك وإذا لاحظت لقد أبقى رأسه مخفضاً ولم يرفعه حتى لترى ملامح وجهه .. ألم تلاحظ أنت الرجفة التي سرت في أوصاله عندما لمسته لمسح دموعه ؟ لقد أبعد نفسه عنك وغادر . آرثر بتردد : م .. مامعنى ذلك ؟ كلاود بحزن شديد وهو يمسك بيد فريد : معنى ذلك أنك جرحته بقوة وبكل قسوة ووحشية في أعماق قلبه .. حيث أنك لو قضيت طوال حياتك تحاول التكفير عن ذلك لن تتمكن من شفائه .. ولا إبعاد نظراته التي سيخالطها التردد و الحزن دائماً .. حتى لو توسلت إليه مئة مرة .. لن تتمكن من شفاء ذلك الجرح أبداً .. ( غطت خصلات شعره الأمامية على عينيه ليكمل بنبرة أشد حزن ) : لإِنك الأوكسجين الذي يتنفسه .. و الشخص الذي إعتبره هو كنزا ثميناً لا يمكن الحياة من دونه .. الشخص الذي وضعه بقلبه وأغلقه .. وأنت قمت بتمزيق ذلك القلب الذي إحتواك عندما سمعك تتحدث معي أنا وفريد في ذلك اليوم . شعر بأن مياه متجمدة قد ألقيت عليه فجأة ليبعد الغطاء عن جسده وينهض بسرعة وهو يتحدث . آرثر بقلق وتردد : ماذا تعني بأن سمع كلامنا ؟ كيف علمت ؟ ومن ثم لماذا ... إيزابيلا بهدوء وحزن : لقد .. هو من أحضرني في ذلك اليوم إلى هنا .. ولكنه قرر الرحيل عندما سمع ما قلته عنه .. وأيضا هو كان يبكي لذلك .. لم أستطع حتى أن أوقفه . جلس آرثر بهدوء مفاجأ على سريره وهو يضع رأسه بين يديه ليتحدث بهدوء : لم أقصد ما قلته بالطريقة التي خطرت ببالكم .. ما قصدته هو أنني مللت من رؤيته يتألم أمامي ويبكي .. مللت من رؤية أحلامه تتحطم دون أن أفعل شيئاً لحمايته .. كيف تظنون .. بل كيف يظن أنني أقصد التحدث عنه بتلك الطريقة السيئة . جين : وكيف ستقنعه بذلك الآن ؟ لويس : ربما إن تحسنت وشعر بأنك ستصبح بخير تماما .. حينها سقبل الإستماع إليك . فريدريك : أنت محق فأنا لو كنت مكانه لما رغبت في الحديث مع شخص يحتضر بهذا الخصوص إذ أنني سأوافق على كل كلامه دون أن أخرج ما في قلبي خوفا على صحته . آرثر وهو يستلقي : ولكن ألن يشعر بالحزن الشديد طوال تلك الفترة ؟ ........... دعونا منهم الآن ولنذهب إلى مناطق الكنيسة : كارل بحدة : عليك أن تتعلم حدودك يا هذا . أدريان بغضب وهو يستل سيفه : تذكر أنك من بدأ بالشجار وأنك من أخرج سيفه أولاً .. حان الوقت لتخلص من أمثالك إلى الأبد ! نهاية البارت |
__________________
كل عااام وانتم بألف خير
أشكركم حقاً على كل الاوقات الجميلة التي قضيتها هنا
وكل الصديقات التي قادني الأيام للتعرف عليهن
ولكن الآن أنا لم أعد قادرة على الدخول , لدي الكثير من المشاغل
التي تشغلني .. لذلك سامحوني أرجوكم عن أي خطأ بدر مني
وتذكروني بدعائكم
من يعلم قد أعود في أحد الأيام لهذا الصرح لذا لن أقول أنه إعتزال مؤبد
فمن يعلم متى قد أتمكن من العودة و الدخول |