عرض مشاركة واحدة
  #123  
قديم 03-17-2014, 10:38 PM
 
السلامُ عليكم ورحمة الله..

كعادتي يجبُ أن أراكِم الأعمال ثم أحاوِل إنجازها دُفعة واحِدة >.>
أعذريني فلوري..



مشاعِر مُبعثرة - 2

صرخةٌ فزِعة انطلَقت بعد الثوانِ التي قضيتُها لأستوعِب ما حَدث..
شددّت قبضتي بقوةٍ على المقوَد , فتحتُ النافِذة لأتيقّن مما تراه عيناي..
ترجّلتُ من السيّارة في رهبة , بقدمين ترتجِفان..
وقفتُ أمام الطِفل النحيل المُلقى أرضاً وأنا أوقاوِم رغبتي الشديدة في أن أصرُخ باكِية..
"أنا فعلتُ هذا؟"
تساءلتُ مُرتاعَة بينما انحنيتُ نحوه..
"افتَح عينيك , لا تمُت هُنا , إلهي ساعِدني"
في حالة فزعٍ هتفت, وكأنني من أحتضِر الآن..
صرختُ حين رأيتُ دِمائه تسيل عند قدمَيّ..
داهمتني المخاوِف جميعها دفعة واحِدة..
الطِفل يمُوتُ بين يدي , عائلتي تحترِق ..
لم أعُد قادِرة على التفكير , أنا أضيع الوقت..
أتكيتُ الصغير على فخذي.. ومع صوتي الباكي يرجو الرب بأن يكون الغُلام حياً تناهى صوتُ ضربات قلبه إلى مسمعي..
ضحِكتُ وبكيتُ في آنٍ واحِد , الأمل موجود , رُبما يتحسّنُ الوضع..
حملتُه وهرولتُ نحو سيارتي مُسرِعة.. ركضتُ وكأن الشيطان يُطارِدُني..

شعرتُ بأن السيّارة أصبحَت أبعد مما كانت عليه بأميالٍ عديدة..
فتحتُ بابها وأرخيتُ جسده على المقعد وبسُرعةٍ جنونية انطلَقتُ بسيّارتي..
تخطّيتُ العديد من إشاراتِ المرور غير آبِهة..
أن يُقبض عليّ بتُهمة السُرعة خيّرٌ من أن أسلِب روح إنسان..
"لماذا تُباغِتُني أسوأ المشاكِل دفعة واحِدة؟"
وماذا لو احترق المنزِل؟ لا شكّ أنهم تمكّنوا من الخروج.. وإن لم يفعلوا فأنا لم أكُن قادِرة على تغيير شيء..
لماذا كنتُ مُسرِعة وكأنني سأخمِد النار بقوةٍ ما؟!
وهذا الطِفل , يُعرِض حياته للخطر من أجل كرةِ قدَم؟
سأبتاعُ له مئة واحِدة إن بقي حياً.. فقط ابقَ حياً..
أرجوك افعَل..

بدأتُ أبكي مرة أخرى , حتى توقفتُ أمام المشفى..
سلّمتُ الطِفل لأولِ مُمرِضة وقعَت عليها عيناي أرجوها باكِية أن ’أنقذيه’
تمّ أخذه إلى غُرفة الطوارئ , بينما جلستُ أنتظِر وأنتحِب..
أمسكتُ هاتِفي بيدٍ ترتعِش , واتصلتُ على أخي الأكبر..
كدتُ أجنّ من فرط المشاعِر التي اختلَجت بداخِلي وأنا أنتظِر..
جميعُها كانت تشي بالحقيقة التي كذّبتُها: ما يحدُث حولي ليسَ وهماً..

_مرحباً , نحنُ بخير , اتصلي لاحِقاً..
الوقتُ القصير الذي أخذته هذه الكلِمات كان كافِياً لجعلي أذرِفُ دموع فرحٍ وغبطة..
بقيت مُشكِلة الصغير , عليه أن يكون بخير..
وإن لم يفعل ,, فكِلانا هالِك..




مشاعِر مٌبعثرة - 3

علِمتُ أن الأمور ستأخُذ منحناً سيئاً مُذ سمِعتُ الصرير المُزعِج الذي أصدره الباب..
كان المكانُ مُظلِماً لكِن ’سارة’ أحضَرت مصباحين يدويّين , هي كانت الأكثر حماساً لهذه التجرُبة , فلا أنا ولا ’ليلى’ أردنا القدوم , لكِن الإصرار الجسور لـ سارة ورغد أقوى من أن يقِف أمام رَفضِنا الذي نُعِتَ بالجُبن..
وضعتُ قدمي على الدرج الخشبي برفقٍ خشية أن ينكسِر , أصدَر صريراً لكِنه بقي ثابتاً , التفتُ إلى الخلف بنظرةِ استِغاثة , لتقول رغد ساخِرة..
_خائفة؟ أنا سأذهبُ أولاً..

ارتقَت الدرَج تتبسّمُ في زهو لكِنها عادَت صارِخة بمُجرد سماعِها لصوتٍ تبين لاحِقاً أنه لجُرذ..
ضحِكَ ثلاثتُنا وسطَ عبُوسها , ثم قالت وهي تتجِه نحوي..
_أنتِ ستذهَبين برفقة ليلى إلى أعلى, أنا وسارة سنجول في هذا الطابِق..
وألقت إلينا بالمصباح الصغير , فافترقنا..

الحقُ أن ليلى من أكثر الفتيات جُبناً على الإطلاق , فبالإضافة إلى تكرارها المُستمِر بأن أنتظِرها , وخطواتها البطيئة للغاية -كانت تصرُخ كلما سمعَت صوتاً أو لمحَت جسماً..

الغُبارُ غلّفَ المكان , الأثاثُ كان مُحطّماً , وأغلَبُ الأبواب خُلعِت من مكانها , كانت هذه أول مرة أشعُر فيها بالخوفِ من صوت الرياح تراجعتُ إلى الخلف, فشعرتُ بأنني دستُ على شيء ما , لذا قلتُ من فوري..
_ليلى.. هلّا وجهتِ الضوء إلى هُنا..

التفت , لم تكُن خلفي , المكانُ مُظلِم وساكِن..
حاولتُ أن أفتَح النافِذة التي تحسستُها بعد فترةِ بحث , رفعتُ الجزء الخشبي إلى أعلى ليغمُر ضياء القمر الفضي الغُرفة الواسِعة , نظرتُ إلى الأسفل في الخارِج , كانت ليلى تجري مرعوبة..
سأبقى ناقِمة عليها طيلة حياتي بسبب هذه الخِيانةِ المُخيفة..
حين استدرتُ رأيتُ ما لم يكُن بالحُسبان ..
جسدٌ مُلقى على الأرض مُخضّبٌ بالدّم ..
صرختُ بملئ حنجرتي , وهو أكثَر شيء خاطئ فعلته..
إذ استوعَبتُ مُتأخِرة أن وجود الدماء السائلة يعني أن الشخص قُتِل من فترة ليست بالطويلة.. وأن قاتِله ليس بعيداً !
وكما الشكوك التي ساورتني ظهرَ ظلٌ عند مخرجي الوحيد بسكِينٍ حاد يشغَلُ كفّه..
ضجّ المكانُ بصراخي..

_النجدَة .. فليُساعِدني..-
فقدتُ القدرة على الحديث حين تقدّم نحوي مُسرِعأً ..
كان نحيلاً ورشيقاً وهو يهروِل ناحيتي , لم أعرِف ماذا أفعل..
في لحظةِ فزعٍ دفعتُ نفسي إلى الخلف في حين أغمضتُ عينَيّ , شعرتُ بجسدِي يسقُط..
دون أن أدرك ماهية الأرضِ التي سأرتطِم بها , المُهِم أن أنجو فقط..
لا أريدُ الموت في منزِلٍ مهجورٍ قذِر..
لا أريده !



لي عودة ..~

__________________
وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استَطَعت، حتَى آتيك بقلبٍ سليم و نفسٍ مُطْمئنة..