مشاعِر مُبعثَرة - 4
السكُون الذي بطّن الغُُرفة البيضاء أشعرني بالخوف , إذا لطالما ارتبَط الهدوء بالنِهايات..
إلا ضخبُ المشاعِر فهو لا يأتي إلا عند النهاية !
أمسكَ بكفي فرفعتُ رأسي إليه ليقول بشبه ابتِسامة..
_يدُكِ دافِئة..
ابتَسمتُ وأنا أضغَطُ على يدِه أحاوِل أن أقاوِمُ عبَارَاتي , لو انهَرتُ الآن لعلِمَ أنه سيرحَل..
رُبما هو يُدرِك هذه الحقيقة أساساً , وكأنما قرأ أفكاري وشاء أن ينفيها قال..
_لا أُطِيقُ صبراً , أريدُ أن أغادِر هذا السرير..
آلمني صوتُه المُتعَب , ويده الهزيلة , وعيناه الحائرتان ترمُقان الأجهِزة حوله بنظرة سأم..
_آن..
ضغط على يدِي في حين أغمض عينيه , فقُلتُ مُباشرة..
_أنا هُنا .. ماذا تُريد؟
التَزَم الصّمت , أصِبتُ بالرُعب حينها , لا يزالُ دافئاً..
عليّ أن أخبِره , يجِب ألا يمُوت بكِذبة, وأعيش مع تأنيب الضمير..
لاحظتُ أن يحاوِل أن يقول شيئاً , فأصغيتُ بإمعان..
_حين أخرُج.. هلّا ذهبنا إلى الحدِيقة العامَة مرة أخرى؟
أومأتُ برأسي وقد شعرتُ بدموعي تُذرف..
_هذا أكيد..
تمنّيتُُ ألا يقرأ إجابتي بشكلٍ آخر..
لطالما كان هذا حالُنا , ردُودي تبدو له تصريحاً بإعجابي..
هذا ليس صحيحاً !
أنا لم أكُن أتلاعَبُ بمشاعِره , لم أفعل !
لماذا أنا سيئة إلى هذه الدرجة؟!
كان يتحدّث عن الأشياء التي سيفعلُها لاحِقاً , لم يكُن واعِياً حينها بسبب المُخدِر الذي يعبثُ بإدراكه حيناً بعدَ حين..
كِدتُ أن أصرُخ أن ’توقَف’ , كان الأمرُ يؤلِمُني وأنا أعلَم أنه لن يبقى طويلاً..
وشَت دموعي بالكثير , خاصَة حين قال العِبارة التي أخرَسَت كُل ما اختلَج بداخلي..
_آنجيلا , أنا أحِبك..
الكلِماتُ التي كنتُ على وشكِ قولها ضاعَت جمِيعها , تلاشت الأفكارُ مع عِبارةٍ واحِدة منه..
أشارت الشاشة بجانبي إلى نبضات قلبه التي بدأت تضعُف ..
التفتُ إليه , فتَحَ عينيه ليرى ردّة فعلي على قوله..
عليّ أن أقولها..
لن أدعهُ يرحَل هكذا , إن دفئه يتلاشى..
_أنا ..
أشكرك؟ هذا يسُرني؟! آسِفة؟
تردّدت , فابتَسم في شيء من خيبَةِ الأمل..
_وأنا أيضاً , أحِبك..
لم أذرِف هذا القدر من الدموع طوال حياتي , لم أتألم بهذا القدرِ من قبل..
_هذا مُطمئن..
أغمَض عينيه , فأصِبتُ بالفزَع , هتفتُ به ..
_انتظِر .. لا ترحل الآن !
ابتِسامةٌ هادئة مُطمئنة ارتسمت على شفتيه..
بعيداً عن شهقاتي ونحيبي , كنتُ سعيدةَ لأنه ابتَسَم..
بغَضِ النظر عن السنواتِ المُتعِبة التي عاشها , هو راحِلٌ بابتِسامة..
رحَل مُرتاحاً , دون أن يصطدم بواقِع سيؤلِمه أكثر..
هذا بعَث فيّ الراحة..
وخِلافاً للعادة: تِلكَ النهاية كانت ساكِنةَ المشاعِر !
~
سأعود قريباً (:
في أمان الله..