.
.
.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الموقف الرابع : حقيقة ساعة الرحيل
أتراك تصدقني و تعذرني إن علمت بالحقيقة ؟!
لم أشأ أبدا أن أسلك دربا كالذي سلكته معك ...
و اليوم في نهاية هذا الدرب .. نهايتي و نهايتك ... يقابلني مفترق طرق يكاد يمزقني !
أيكون ذنبا آخر .. إيلامك بالحقيقة في أشد لحظاتك ضعفا ؟!
أم يكون استمرارا للخيانة .. تركك غافلا و الحقيقة مخفية عنك و عن الجميع ؟!
تنظر إلي الآن بوجه شاحب أبيض كملاك محتضر ..
و تبتسم لي بوهن حين أناديك باسمك باكية ...
ترفع يدك المغروس في ظهرها إبرة المغذي ، و رغم مشقة الأمر عليك .. تداعب وجنتي برقة و أنت تمسح دموعي بإبهامك ..
و حين تقابل عيني عينيك التين تبرقان حبا و حزنا لأجلي ، يتفتت قلبي ألف قطعة ... و أعلم أني لا أستحقك !
لا استحق حبك و عطفك فهما ليسا لي !
و مع ذلك .. و رغم أنه ليس من حقي ،
إلا أني أحبك ... لو تعلم كم أحبك ... و كم أحببتك منذ اللحظة التي رأيتك فيها أول مرة قبل سنوات !
أتذكر ذلك اليوم ؟!
و كيف لك ألا تذكر الطفلة الباكية ذات الظفيرتين السوداوين ، تلك التي أشفقت على ضياعها فساعدتها على العودة لبيتها ، فقط لتلقى قنبلة تنتظرك هناك ...
كنت قد دعوتني بالصغيرة الجميلة في ذلك اليوم ، لكنك أنت من كنت جميلا و عيناك الطيبتان الخضراوان يرتسم تحتهما خطان كلما تبتسم !
أذكر أن الشمس غابت فذعرت و بكيت من جديد .. لكنك خففت عني تماما كما تفعل الآن ،
و أمطرت السماء فخبأتني تحت معطفك ... و منذ لحظتها و أنا معك في أمان جم ..
كنت قد شعرت معك و كأني لطالما عرفتك ، و كأنك لطالما كنت معي ...
لكنك ... حين التقيت والدتي تلك الليلة شحب وجهك بشدة ، كنت مصدوما ...
و لم تكن أمي أقل صدمة منك ... وحدي شعرت بالحيرة عندما تعلق ناظراك بي ... و بدوت متألما و سعيدا في ذات الوقت ، كأنك غير راغب في التصديق ،
حاولت أن تسأل أمي دون أن تتحول عيناك عني :
_هل هي ... هل هي ...
لكنك لم تستطع ، و هي لم تجبك ، بل سحبتني بعيدا عنك و طالبتك صاخبة بالرحيل ..
عرفت منها لاحقا قصة زواجها بك ، ثم هربها منك ..
مازلت لا أفهم كيف لم تنسجما ؟! لماذا قد يهرب شخص ما منك و أنت المهرب .. بل كل الأمان ؟!
فهمت بعدها عما كنت تسأل يومها و تمنيت لو أني ابنتك حقا !
أردتك أبا لي .. إلى الحد الذي جعلني أبحث عنك و أجدك بعد وفاة أمي ..
أخبرتك أنك أبي ... فصدقتني و احتضنتني تحت جناحك ،
عشت سنوات على هذه الكذبة كما جعلتك تعيشها أنت أيضا ...
و في كل يوم كانت كذبتي تتعمق و تكبر فارسم لها الأدلة و البراهين !
أنا لست ابنتك ... أحببتك بأكثر مما قد تحب الابنة أباها ... لكني لست ابنتك !
فهل تسامحني ؟!!
لم أرغب في توديعك بكذبة .. فهل ستكرهني ؟!
لماذا لا أراك متفاجئا ؟!
لماذا تبتسم لي و قد عرفت أني لا استحق ابتسامتك بعد الآن ؟!
تظلل عينيك الحبيبتين غشاوة من الدموع ... و أنت تقول لي :
_لقد تبعت قلبك بنيتي ... سأبقى شاكرا لك إلى الأبد على ذلك ... لكن ثمة ... ثمة أمر آخر .. لا تعلمينه ..
بدأت تسعل بعنف و تخبطت أجهزة المراقبة المعلقة بجسدك المريض تولول منذرة في أنحاء الغرفة ،
فتركت مقعدي و جثوت بجوار رأسك لأمسك يدك التي تشد بقوة على يدي ...
لم تكن يدك دافئة كما العادة .. و انزلقت دمعة على جانب وجهك بينما تغمض عينيك و تتنفس بعنف ...
تمنيت بكل ما لدي من قوة لو أملك سبيلا لإنقاذك ...
_أبي ...
لم أستطع أن أناديك بغيرها ، لكنك استجبت لي تفتح عينيك ببطء ... و كأن ندائي لك بتلك الكلمة هو كل الصواب !
_أصغي إلي كاترين ... أمك ... أمك لم تكن صادقة معك ... هي .. لم تتزوج مجددا .. و أنت .. أنت .. ابنتي ...
همست كلماتك القلائل بشق الأنفس ... لكني فهمت من بينها .. كل شيء ..
كل الحقيقة ..
*استخدمت أسلوب المخاطب كراوي لأول مرة .. ادري تخلف !*
>> طيران للموقف التالي xDD
.
.