خرجت من نطاق الملعب حيث أماكن إستراحة اللاعبين، وصلت للغرفة التي يستريح فيها فريق كيفين بعد سؤال بعض الناس المرايين هنا، في البداية ترددت بالدخول، لكن عندما إستجمعت قواي لكي أدخل فتح الباب و خرج منه شاب فارع الطول مثل أي لاعب كرة سلة طبيعي، أي انه لم يكن عملاقاً أو قزماً، كان طوله مناسب و منسق، شعره أسود قصير و عيناه كحليتان..
وجهت نظري للأعلى لكي أرى وجه، بينما هو نظر للأسفل عندما إصطدم بي قليلاً، ما إن رأني حتى إبتسم و قال: مساء الخير، ايتها الآنسة.
ألقيت التحية أنا كذلك، فقال لي و قد وضع يديه على خصره: إذن، هل من شئ تريدينه هنا؟ توقيعي؟
ثم اردفت: أريد رؤية كيفين فحسب..
إعتدل في وقفته و قال بنبرة طفولية: لماذا كيفين هو الوحيد الذي يجذب الفتيات؟!
ثم قال و هو ينظر يميناً و شمالاً: لا أعرف أين ذهب في الحقيقة، لكن..
ثم إبتسم إبتسامة كبيرة وقال لي: دعينا نتحدث قليلاً!
جلسنا على أحد الكراسي العامة، فقال لي و قد قوس ظهره و شبك أصابعه: أنا ماكس سامويل، أنت؟
فجأة إنتصب عموده الفقري و نظر لي بنوع من الدهشة، لكنها سرعان ما تبددت خلف إبتسامة تدل على الراحة، ثم قال: فهمت، إذن أنت كاثرين.
فقال و قد أسند ظهره على الجدار: كيفين كان يكلمني عنك بإستمرار.
شعرت بالخجل، و قلت له: م-ماذا كان يقول؟
فقال لي بإبتسامة ماكرة: هل أنت مهتمة بالموضوع؟
إحمر وجهي و بدأت أشعر بالحر، فأجابني هذا الشاب عندها: كيفين مثلما تعلمين يهتم بالناس أكثر من نفسه، لذا دائماً كنت أقول "ياله من شاب مسكين" طوال هذا الوقت، مع انه كان محبوباً من الجميع، المعجبين و أعضاء الفريق، كانوا كلما يشعرون بضيق يأتون له و كأنه ينتزع هذا الضيق من قلبهم..
ثم اردف: لذا سألته ذات يوم، "هل هناك إنسان أنت مرتاح له ؟"، ما إن سألته حتى إبتسم و أخبرني بإسمك، و قال بأنه يريد أن يعرفني إياك في يوم من الايام..
ثم قال لي فجأة بنبرة طفولية قد أخرج هاتفه المحمول من جيبه: صحيح! أعطيني رقم هاتفك!
تراجعت للوراء قليلاً و قلت له: ل-لماذا؟
فقال لي بنبرة مرحة و بشغف: للأننا أصدقاء بالطبع!
فقلت متمتمة: لقد تقابلنا للتو..!!
تنهدت، ثم أخرجت هاتفي و أعطيته رقم هاتفي، بجانب أنه كذلك فعل نفس الشئ..
فجأة! و قبل أن يقول ماكس شيئاً جديداً، سمعنا صوت ممزوج بنبرة من الغضب و الانزعاج تقول: ماكس!!
فتوجه كل من نظري و ماكس إلى كيفين، حيث كان واقفاً أمامنا و قد إختلجت ملامح وجه، و إختلطت بين فرح و إنزعاج و حزن و غضب، غريب أليس كذلك؟
لم أعرف ماذا أفعل في تلك اللحظة، إلى أن إنتصب ماكس على رجليه و قال و قد أمسك يد كيفين: هيا! يجب أن نذهب! الشوط الثالث سوف يبدأ!
رجعت لمقعدي حيث لوي، فرأيته شبه نائم، ما إن جلست على الكرسي حتى إستيقظ، و قد أسند رأسه على كفه وهو يحملق في الملعب و اللاعبين، ثم قال: يبدو بأن كيفين سوف يدخل اخيراً.
توجه نظري للملعب، فرأيت كيفين بالفعل قد دخل للملعب، فتعالى صراخ الجمهور أعلى من السابق، هل هو بسبب كيفين؟
على كل ، بدأ الشوط الثالث، كانت الامور تسير بشكل أقل من الطبيعي، لكن الغريب في الموضوع، بأن كيفين هو بطل الفريق، لكن على مدار اللعب بأكمله لم يلمس الكرة حتى، إنابتني قشعريرة في بدني مرة اخرى، بينما لوي قد تنهد و قال: مالذي يحاول فعله هذا الاحمق؟
أجابني بجدية: أنا مثلك لا أعلم الكثير عن كرة السلة، لكن أي شخص سوف يلاحظ تحركات كيفين الغريبة..
ثم أردف بإبتسامة مفاجئة: أنظري لرجله جيداً، تحركاته برجله ليست مثل إنسان يستطيع السير على رجله بشكل طبيعي.
شعرت بعاصفة قد إقتلعتني من مكاني عندها، ليس بشأن كيفين، لكن بشأن تلك الابتسامة التي غُرِزَت على وجه لوي فجأة، أعني بأن الموضوع لا يستدعي الابتسام بمثل هذه الطريقة المرعبة، مالذي يفكر فيه؟ هل هو سعيد؟ لا أعتقد..
تواصلت المباراة، إلى أن وصلت مجاريها لسدود مغلقة، حيث أغلق على فريق كيفين بشكل تام، كان كيفين ممسكاً بالكرة عندها، في خارج قوس الثلاث نقاط يجول بنظره على أعضاء فريقه الذين قد تم الاحكام عليهم بشكل تام، لم يكن أمامه إلا التسديد و إلا سوف ينتهي الامر..!
أمسك الكرة بكلتا يديه و قفز عالياً لكي يرمي الكرة من على مسافة بعيدة، ثم تدخل في السلة بنجاح، كانت قفزته غريبة نوعاً ما، لم يقفز بسلاسة مثل أي لاعب آخر، أكاد أحس به و هو يمسك بالكرة بعنف شديد، خفض وركيه بصعوبة ملحوظة لكي يقفز و يسدد الكرة، فما إن هبط على الارض.. حتى تهاوى جسمه و سقط على الارض! كأنه فراشة قد تحررت من شباك عنكبوت إلا بعد أن جاء أجلها..