04-02-2014, 05:58 AM
|
|
الوصفة الثالثة للثبات: أن تكون رجل عقيدة وصاحب رسالة العقيدة هي التي تثبت أما لو كان الرجل إيمانه ضعيف وعقيدته ليست ثابتة وأي شبهة أو محنة ينفك ،فهذا علامة على عدم ثباته وعلى عدم قوة إيمانه فهذا ضعف في الإيمان. علينا أن نلتزم بعقيدة أهل السنة منهاج النبوة إذ كان الإنسان على عقيدة ثابتة ثبت عند المحن أما أصحاب العقائد الباطلة فحالهم كما قال فيهم الرازي: نهايــــة إقــــــدام العقـــول عقال *** وأكثر سعي العالمين ضـــلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وحاصل دنيانــــــا أذى ووبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا *** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا قال بعض السلف: أكثر الناس شكًا عند الموت أصحاب العقائد الباطلة. أما العقيدة التي نتكلم عنها هي العقيدة التي تربيك على التوكل فاتركها لله تقول لي يا شيخ الوضع الأمور الفتن وكذا وسيحدث وكذا وأقول لك اتركها على الله { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ }، { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } وهذه هي العقيدة التي تعلمك الإيمان بالقضاء والقدر فالذي يحدث مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن يُخلق الإنسان بخمسين ألف سنة، طالما من عند ربنا هل تحزن؟ بلاء .نعماء..أي شئ يأتي من حبيبي هو حبيبي فإذا اصطدم الإنسان بزلازل الشدائد إذا به يثبت ويصبر { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }.. تقول أنا مديون ولا أعلم ماذا أفعل والبلد تزداد سوء والاقتصاد واقع { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } بلى سيكفيك فهو خلقك ويتولى رزقك.. هذه العقيدة الصافية تجعله لا يتسخط كما يوسوس له الشيطان ولكن تجعله يقول قدر الله وما شاء فعل وتجعلك مرتاح هادئ مطمئن وهكذا شأن أصحاب العقائد. العقيدة الصافية من عوامل الثبات قصة محنة الإمام أحمد في خلافة العباسيين أتى المأمون وتأثر بمجموعة من حاشيته كانوا مغرمين بعلوم الفلسفة والكلام وكانت طائفة اسمها المعتزلة فقام شخص وقال له أن من يقول أن القرآن كلام الله خطأ وأنه ليس كلام الله وأنه خلق من مخلوقات الله وأتى له بأدلة عقلية فوصل به الحال أنه أصبح يقول أنه يجب أن يقول الناس كلهم كما يقول هذا الرجل وأصبحت تتولى الدولة هذه العقيدة فبدأوا يمتحنوا العلماء ويسألوهم هل القرآن كلام الله أم مخلوق فمن يقول مخلوق يمر دون أن يفعلوا معه شئ أما من يقول كلام الله يكون جزاؤه السيف. ما الفرق بين أن القرآن كلام الله وبين أنه مخلوق من مخلوقات الله؟ لو قلنا أنه من كلام الله فهو صفة من صفات الله أما لو قلنا أنه مخلوق إذن به صفات الخلق وهذا هو ما عمل المشكلة. ثم جاء المعتصد بعد المأمون وبدأ يسير فى سكة المأمون وقالوا أنه من يقول أن القرآن كلام الله يُقتل، بعض العلماء قالوا أنه في وقت الفتنة وهم مكروهون فيمكن أن يستخدموا ما يسمى بالتقية، فبعض العلماء سُئل هل القرآن كلام الله أم مخلوق؟ قال هذه مخلوقة وأشار إلى يديه حتى يتخلص من هذه المشكلة، والبعض بدأ يستخدم التورية في الكلام والبعض مشي في ركاب الموضوع وركب الموجة خوفا من السيف فوق الرقاب إلا بعض العلماء وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل. أتوا بالإمام حنبل سنة 220 وفي العشر الأواخر وضربوه بالسياط ودخل عليه العلماء وهو في السجن يقنعوه أن يقول أن القرآن مخلوق، ودخل عليه مجموعة من العلماء قالوا له نعمل مفاوضات فقال لهم : كيف تصنعون بحديث خباب : إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار ، لا يصده ذلك عن دينه فأيسنا منه قال الإمام أحمد فكنت أصلي بأهل السجن وأنا مقيد وضعوا في رجلي أربعة قيود وجئ إلى أحمد بدابة فحُمل عليه وقيدوه وجعلوا عليه الأقيام مثل حجر شديد على كتفه ويده على عنقه فكاد أكثر من مرة أن يخر على وجهه لثقل القبود فجئ به إلى دار المعتصم وأدخلوه في حجرة وأدخلوه إلى بيت وأقفلوا الباب وذلك في جوف الليل وليس في البيت سراج (سجن انفرادي) فلما كان الغد أخرجوه ليناظر رأس المعتزلة الذي كان قائم بالمشكلة اسمه أحمد بن أبي دؤاد فأتوا به وهو منهك حتى يناظره رأس المعتزلة وبعد ثلاثة أيام من المناظرة والإمام أحمد يفحم كل من يتصدى له حتى أنه يقول فضربوني فغاب عني وعيي فصرت والله أتكلم بكلام لم أعي به من قبل كان يُنطق الله به لساني..يجري الله على لسنه كلام يفحمهم. .فإذا بالمعتصم يأمر في نهاية الأمر أن يُضرب بالسياط ولما رءاه رق له لكن أحمد بن أبي دؤاد قال له لو أرجعته سيقولوا قد انتصر عليك وعلى أبيك المأمون وهذه ستكون فتنة كبيرة حتى قال بعض الجلادين لقد ضربت أحمد ثمانين سوطًا لو ضربت به فيلاً لسقط..ضُرب ضربًا شديدا فكان العلماء يقولون بعده لولا أحمد بن حنبل وبذله لذهب الإسلام. مصطفى صادق الرافعي قال "والإمام شيخنا أحمد بن حنبل قد ضُرب بين يدي المعتصم بالسياط حتى غُشي عليه ولم يتحول عن رأيه وذلك لأنه كان لا يتحمل وإنما لم يتغير لأنه وضع في نفسه معنى ثبات السنة وبقاء الدين".. فهو لم يعد الإمام أحمد بل أصبح الإسلام وأصبح السنة والعقيدة فطالما هو يحس أنه يخاف على نفسه فيحس بالضربات لكن لما يكون خائف على دينه فما شعر بذلك.. .وهكذا أصحاب العقائد الراسخة يصنعون مثل ذلك. من درس "إخلاص .. صدق .. عقيدة" للشيخ / هاني حلمي |