عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 04-02-2014, 06:06 AM
 
الوصفة الحادية عشر للثبات :: التفكر

التفكر
ما هو التفكر ؟؟
عندما تسمع صلاة الفجر وعقلك يذهب لموقف الحساب وتعيش {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّاوَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}[الفجر:22، 23] تعرف عقلك إذا تخيل الموقف ؟؟ ربنا جاء والملائكة تقف صفوف وجهنم تشدها سبعين ألف ملك وأنت تراها هكذا وأنت في وقت الحساب .. هذه اللحظة والله ستعيشها .. والله ستأتي ..
ماذا فعلت لأجلها ؟؟
هل فكرت فيها أم لا ؟؟؟
لماذا هي بعيدة عنك ؟؟؟
هل كل شيء الدنيا فقط ؟؟؟
فلما عقلك يفكر في هذه المعاني تبدأ الدنيا تهون وتبدأ تعظم أمر الآخرة وتجد الأمور أصبحت مختلفة تمامًا، فلا يهمك الناس تقول فلان قال عنك وحدث كذا والمفترض أن تفعل كذا لأجل المال وكذا وكذا ... فلا تصبح هكذا .. وإنما دنيا دنية ..
**يقولون التفكر كان جُل عبادة أبو الدرداء، وأبو الدرداء كان من عباد الصحابة ..
وذكر عنه أنه كان يستغفر أو يسبح في اليوم مائة ألف!
تأتي أم الدرداء تقول (كان جُل عبادة أبي الدرداء التفكر)
هذا هو التفكر الذي نريد أن نصل له {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..} [آل عمران:191] إلى أن يصلوا إلى {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـظ°ذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا..} [آل عمران:191]
تفكر ..يورث تذكر .. يورث عبادة ..
**الحسن البصري كان يقول (أوصيكم بتقوى الله وإدمان الفكر، فإن الفكر أبو كل بر وأمه)
مثال :: تحتاج تستغفر .. تحتاج أن تقول لا إله إلا الله ..
حتى لا تكون طيلة الوقت في مشاكل نفسية {أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]
وحتى يبعد عنك الشيطان وعن بيتك ..
فأنت الآن ماذا فعلت؟؟
فكرت في العاقبة ...
فقال (كل طاعة تتولد عن فكر صحيح)..
**وقال سفيان بن عيينة (التفكر مفتاح الرحمة)
تريد أن يرحمك الله فكر فيه .. تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في ذاته ..
أعطاك صحة وسترك وتكفي نعمة الستر ..!!..
" إن اللهَ عزَّ وجلَّ حليمٌ حييٌّ، سِتِّيرٌ،يُحِبُّالحياءَ،والسِتْرَ"[صحيح، الألباني، صحيح النسائي(404)]
فكم أنت كريم يا رب ..
فيكون القلب فرحان أن ربنا أنعم عليه ويريد أن يشكر نعمة ربنا ليزيده الله {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم:7]
(فالتفكر مفتاح الرحمة، ألا ترى أنه يتفكر فيتوب)
هل ستظل هكذا ؟؟ وإلى متى ؟؟ {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} [التكوير:26] ؟؟
أليس كل ما تريد فعلته ؟؟ ماذا ستفعل بعد ذلك؟؟
هل أنت مرتاح؟؟ مبسوط ؟؟ تشعر أنك أفضل إنسان في الدنيا ؟؟
أم أن هذه الذنوب لها حساب مر بين يدي رب عظيم شديد الانتقام ؟؟!!
آآآآه ..
فعندما يتفكر هكذا .. أقف بين يدي الله والكتاب {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف:49] .. الحق قبل فوات الأوان ..
وماذا بعد ؟؟
ربنا يقول {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123]
الحق قبل فوات الأوان ..!!
هذا هو التفكر .. (ألا ترى أنه يتفكر فيتوب)..
**وكان أبو سليمان الداراني يقول (إنما يعاينون إذا تفكروا)
ماذا يعني ؟
يعنى أنه عندما يجلس يفكر في ربنا إلى أن يصل لمرتبة الإحسان، يعبد الله كأنه يراه..
** وقال الحسن (التفكر مرءاة تريك حسناتك وسيئاتك)
وهذه الطريقة المطلوبة أن يكون لديه الأمرين؛ أن يتفكر في الخير والشر الذي فيه..
لأن هناك واحد ينشغل بالشر إلى أن يحصل له تشاؤم وإحباط واكتئاب..
فلو جلس يتفكر في الجانب المظلم عنده فقط يأتي له إحباط وقنوت ..
{لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ }[الزمر:53]
والذي يفكر في الجانب المشرق الذي فيه فقط ! ويقول أنا جيد أنا أفضل من غيري... فهذا يورثه الغرور ..
إنما التفكر أن تنظر لسلبياتك وتنظر لإيجابياتك ..
أنا ينقصني كذا وكذا وكذا .. وأحتاج أن أستدرك الذي فات هذا ..
(المرآة التي تريك حسناتك وتريك سيئاتك هي التفكر)
** وقال خليفة العبدي (والله ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق ربهم تبارك وتعالى حتى أورثهم اليقين بالله رب العالمين، حتى كأنما عبدوا الله وهم يرونه)
إذن التفكر ... عرفت كيف تتفكر ؟؟
أن تجلس هكذا وتتأمل ..
الحساب على مثقال ذرة .. {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُï´وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزلزلة:7، 8]
فلو فكرت بهذه الطريقة الآخرة تدخل قلبك والدنيا تخرج منها ..
تفكر .. فتثبت ..
الثبات يأتي بهذه الطريقة ..
لأنك تفكر في الأمور بطريقة ربانية ..
مثال ::لو ابتليت .. الشيطان يقول لك ربنا لا يحبك، أنت ملعون، .. فيوقعك ..
إنما الإيمان والعلم والهدى يقول لك (إنما يبتلي ليهذب لا ليعذب) {مَّا يَفْعَلُ اللَّـهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ} [النساء:147]
فتفكر بطريقة صحيحة؛ تقول ربنا أرسل لي هذا البلاء لأفق، أنا كنت تائه وكنت غافل شيئا في الدنيا وما فيها، فالواحد أخذ الألم أفاق .. لم يكن ليفيق إلا هكذا .. لابد من صدمة لنقول يااارب ليس لنا سواك يااااارب ... {لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّـهِ كَاشِفَةٌ} [النجم:58] {وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّـهِ إِلَّا إِلَيْهِ } [التوبة:118]
نحن غفلى يارب، نحن مذنبين مقصرين يارب، نبوء لك بنعمتك علينا ونبوء بذنوبنا فاغفر لنا..
لم تكن تأتي هذه إلا هكذا ...
فلابد أن يرسل لك هذا، يرسل لك هذا البلاء ..
(وكم في البلية من نعمة خفية)
ظاهرها بلاء لكنها فيها نعمة لكنك لا تنتبه لها، لأن هذا البلاء جعلك تركز مع ربنا..
انظر كيف أن الله رحيم بعباده ! حتى في البلاء يبتلي ليهذبهم لا ليعذبهم ..
والشيطان يقول لك بل هو يفعل فيك هذا لينتقم منك .. لماذا؟؟
ربنا منزه عن مثل ذلك .. لو أراد أن الكون كله هذا في لمح البصر وأقل من ذلك وأدنى من ذلك كله يكون في جوف الأرض ! في ثانية سيكون ! ما المشكلة ؟؟
سبحانه وتعالى وهو أهون عليه..
إذن السبب الحادي عشر (التفكر) ..
من درس " التفكر ... المجاهدة ... الهمة " للشيخ / هاني حلمي
رد مع اقتباس