عرض مشاركة واحدة
  #234  
قديم 04-03-2014, 02:59 AM
 
الفرق بين الوحدة والغربة ؟

يعتقد البعض ان الوحدة هي الغربة و العكس و البعض يخلط بينهما !
إلا ان هناك فرق وهو جلي لمن خاض غمارها وعاش لحظاتها ، وإلا لكان الناس بأصنافهم و اطيافهم غرباء ووحيدون !

قال صلى الله عليه وسلم : ( ويأتي النبي وليس معه أحد )
البعض يعتقد الوحدة مرض على الإطلاق وهذا شئ غير صحيح والحديث يبين ذلك أن النبي يبعث وليس معه احد من
الناس اي من الأتباع ، فهل هذا النبي كان انطوائي ؟! أم أنه كان غريب ؟!

فهنا نأتي للفرق بين الغربة والوحدة فليس كل وحيد غريب وليس كل غريب وحيد !
فهذا النبي الذي يأتي وحده هو غريب وفي نفس الوقت وحيد ، لكن هناك انسان قد يكون وحيدًا لكن لا يشترط ان يكون
غريب !

وقال عليه الصلاة والسلام : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء )

هذا الحديث الأخر يبين لنا الفارق بين الوحدة و الغربة ؟
فالوحيد قد لا يجد من يتحدث معه لسبب ما ، وقد يكون مرض نفسي أدى إلى إنطوائه !

لكن كيف بدأ الإسلام غريبًا ، ثم يعود غريبًا ؟! سؤال يحتاج لوقفة !

الإسلام جاء في وقت كانت فيه جاهلية و كان بمثابة شئ جديد لم يعهده العرب في ذلك الوقت اي كان بمثابة فكرة جديدة لم يعهدها العرب لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وحيدًا في ذلك الوقت يحمل ذلك الدين الجديد وهو دين الإسلام
الداعي إلى عبادة الله و ترك الأوثان .

ثم بدأ الناس بدخلون فيه لكنهم كانوا قلة اي ان هذا الدين نادرا وقليل لهذا هم ايضًا غرباء ، لهذا قال النبي بدأ الإسلام غريبًا فالغربة ليست غربت اشخاص والا لقال عليه الصلاة والسلام بدأ المسلمون غرباء !
لكنه عليه الصلاة والسلام قال بدأ الإسلام تحديدًا ، ثم يعود الإسلام غريبا ، أي ان الغربة بين البدأ و العودة انتهت ولم تعد موجودة غربة الدين لأنه اصبح منتشرا و المسلمون في ديارهم كثرة وليسوا قلة بشرط ان يحملوا الدين السليم !

ومن هذا يتبين أن الغربة هي غربة الفكر بشكل او بأخر مع الفارق طبعًا بين الدين و الفكر فمن يحمل فكرًا نادرًا او يعتبر غير مقبول في المحيط الذي يعيشه وبين اقرانه فهو غريب ، غربته قد ترافقها وحدة وقد لا ترافقها
اي انه قد يتواصل مع الناس بشكل طبيعي بعيدًا عن افكاره لكنه في نفس الوقت غريب يحمل فكرًا غريبًا يشعر بأنه مختلف
عن الأخرين تمامًا فلا تفارقه الغربة !

هذه الغربة قد تعود عليه بشكل سلبي وقد تعود عليه بشكل ايجابي
إما انه يعتزل الناس فيصبح وحيدًا في كل شئ وغريبًا في كل شئ و اما ان لا يعتزل الناس فلا يكون وحيدًا ولكن غريبًا
و نفس الأمر ينطبق على الوحدة !

فالنبي الذي يأتي يوم القيامة وحيدًا ليس لأنه لم يجد احد يحدثه بل لم يجد قبول ورواجًا لدين الذي جاء به من عند الله للناس فتبع ذلك الوحدة .

يؤكد ما ذهبت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
هنا لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم يمشي غريبًا بل قال وحيدًا
لأنه بين اقرانه واصحابه يحملون منهجًا واحدًا و دينا واحدًا وهو الإسلام فلم يعد بينهم غريبًا لكن لأنه مشى وحدة بعيدًا
عن الناس فأصبح وحيدًا .

فطوبى لمن يحمل الإسلام الصحيح .

مع العلم ان الإسلام لا بعتبر فكر لأن الفكر من البشر و الدين لله ليس للبشر صلة به سوى التبليغ ولكنه بنسبة لعقول
البشر شئ جديد لم يعهدوه سابقًا .

والله تعالى اعلم .

بقلمي
__________________
( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )



التعديل الأخير تم بواسطة ذي قار ; 04-04-2014 الساعة 12:34 AM
رد مع اقتباس