عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-20-2014, 12:15 AM
 
Wink








وكما كل مرة سننتقل إلى مكان آخر مكان جميل بباريس فخم وراقي يبرز مكانة ساكنيه لقد كان ذلك بيت أو بالأحرى قصر الإمبراطورة –ماري- لقد كان في ذلك القصر المالكة –ماري- بالطبع وابنة عمها –صوفي- ذات الشعر القصير الأشقر و فتاة قدمت لتدعي أنها ككل مرة –آناستازيا- لكن هذه المرة كان ألم الجدة في ازدياد وربما وصل حده لأن كذب هؤلاء الفتيات كان دائما في ازدياد وكان يؤذي قلب تلك العجوز المشتاقة والمتلهفة لمقابلة حفيدتها بعد عشر سنوات من الفراق، لم يكن قلبها يستطيع التحمل أكثر فهمست –بصوفي- التي كانت منشغلة بإخراج الدوقة المزيفة من الغرفة: لا مزيد،...لا مزيد.. فقالت –صوفي- بصوتها العذب والحاد في نفس الوقت وهي تسكب الشاي في الكوب: يجب علي بالفعل أن أعتذر، لقد ظننت أن هذه هي الحقيقية. حسنا لست أعني كإنسانة بالطبع لكنها ليست الحقيقية التي نبحث عنها. ثم أضافت: لكن يجب أن لا نخدع في المرة القادمة لا سأفكر في أسئلة صعبة جدا. فأجابتها الجدة وقد قامت من على كرسيها بجدية: لا قلبي لا يستطيع التحمل أكثر من هذا لن أرى أي فتاة أخرى تدعي بأنها - آناستازيا-. ثم اتجهت نحو صورة حفيدتها وقلبتها نحو الأسفل.
أما أصدقاؤنا فبالفعل قد وصلوا إلى باريس ووصلو بالضبط لبيت الأنسة -صوفي- كان –فلاد- هو الطارق ففتح الباب وكانت وراءه خادمة - صوفي- وهي تقول بصوت رقيق باللغة الفرنسية: oui monsieur/ نعم سيدي. فما إن لمحته –صوفي- من وراء الباب حتى دفعت الخادمة وأخذت تستقبله بحرارة جعلتها تنسى من معه فتفطنت لموقفها وقالت: لكن أنظر لي أين لباقتي ادخلوا....ادخلوا جميعكم.. فما ان ولج الثلاثة البيت حتى نطق –فلاد- قائلا: اسمحي لي أن أقدم لكي الدوقة –آناستازيا- قال هذا وهو يشير إلى - آنيا- فأخذت – صوفي- تتصفحها من الأعلى إلى الأسفل وتقول: أوه..يا إلهي.. إنها حقا تبدو مثل - آناستازيا- لكن الأخريات أيضا بدون مثلها. ثم بدأت بطرح الأسئلة المعهودة قائلة: أين ولدت؟ فأجابت –آنيا-: في قصر بيتر هوف.فسألت مرة ثانية:وكيف كانت –آناستازيا- تحب الشاي؟..فردت: أنا لا أحب الشاي فقط ماء حار وليمون... لكن الإختلاف هذه المرة كان في سؤال طرحته فقالت: وأخيرا السؤال الأصعب.. الأغلبية سيجدون هذا السؤال غريبا لكن أجيبيني كيف هربت عندما كان الحصار في القصر. تفاجأ –ديمتري- من السؤال الذي طرحته –صوفي- كيف لا وهو لم يخبر –آنيا- بهذه المعلومة لكن الغريب في الأمر أن –آنيا- أمسكت قلادتها وقالت: لقد كان هناك صبي...صبي كان يعمل في القصر.. لقد فتح جزءا من الجدار..أنا آسفة هذا جنون الجدران تنفتح ههه. عندها اتسعت عينا –ديمتري- لما قالته –آنيا- لأنه كان ذلك الصبي الذي أخرج الأميرة و جدتها من القصر في تلك الليلة لقد توضحت أمامه الصورة بالتأكيد لم يكن الشبه وحده بل هي بالفعل –آناستازيا-.
فقال –فلاد-: إذن هل هي من أل –رومانوف-؟ فردت –صوفي :أوه..حسنا....لقد أجابت على كل سؤال.. فانتفض –فلاد- من مكانه وقال: هل سمعت ذلك صغيرتي لقد فعلتها. فقامت –آنيا- من مكانها وعانقته تعبيرا عن فرحتها. أما –ديمتري- فقد خرج تاركا المكان وغمامة حزن تغشى وجهه. فالتفت –فلاد- ل-صوفي- وهو يقول: إذن متى سنذهب لمقابلة الإمبراطورة. فردت –صوفي في حزن: أخشى أنكم لن تستطيعوا مقابلتها. فقال –فلاد- بدهشة: أعيدي ما قلته عزيزتي. فردت –صوفي-: الإمبراطورة لا تود مقابلة مزيد من الفتيات فقد تعبت من الخداع و الكذب. فقال –فلاد-: ماستي اللامعة أنا متأكد من أنك بطريقة ما ستدبرين لنا مقابلة مختصرة مع الأرملة لن أتنازل حتى أحصل على رد. فردت وهي توجه خطابها –لأنيا-: هل تحبين الباليه الروسي، هم يعرضون في باريس الليلة، الإمبراطورة وأنا نعشق الباليه الروسي، فنحن لا نفوته أبدا. خرج –فلاد- للحديقة عند –ديمتري- وترك –آنيا- مع –صوفي- وقال بأعلى صوته: لقــــــــــد فعلناها... سنذهب لرؤية الإمبراطورة بنفسها الليلة،و سنحصل على عشرة ملايين روبل. فهمس –ديمتري- بحزن شديد: -فلاد-.....-فلاد- إنها الأميرة فعلا. أما –فلاد- الذي لم يسمعه فقد أضاف: أما –آنيا- لقد كانت مذهلة أنا وكدت أصدقها، و-صوفي- آه.... في تلك اللحظة خرجت –آنيا- وهي تقول: -صوفي- تريدنا أن نذهب للتبضع لحفل الباليه، التبضع في باريس هل يمكنك تصديق هذا..
ذهب الجميع للتبضع وكل الأثواب بدت جميلة على –آنيا- لكن حزن –ديمتري- لم يفارقه ولا لحظة وتأنيب ضميره كان كفيلا بإسكاته.
حانت اللحظة الأهم اللحظة التي تحمل فيها كل ألوان المشاعر والأحاسيس اللقاء، الحزن، الشوق، اللهفة، كل شيء لحظة اللقاء بين الإمبراطورة وحفيدتها المفقودة.
كان –فلاد- و-ديمتري- ينتظران –آنيا- أمام باب مسرح الباليه متأنقان يبدوان كسيدان محترمان، أما –فلاد- المتوتر يمشي ذهابا وإيابا فصاح به –ديمتري-: -فلاد- لا يوجد شيء نقلق حياله، إنها الأميرة. فقال –فلاد-: أنا أعلم أنا أعلم.... فرد عليه –ديمتري- في نوع من الحنق: لا لا أنت لا تعلم لقد كنت الفتى في القصر ، الفتى الذي فتح الجدار، إنها الحقيقية –فلاد-. اتسعت عينا –فلاد- من الصدمة وقال: هذا يعني أن –آنيا- قد وجدت عائلتها لقد وجدنا وريثة العرش الروسي، (ثم اكتسى نبرته نوع من الحزن)، و أنت؟؟. فرد الأخر في حزن: سأخرج من حياتها للأبد، فأجاب –فلاد-: لكن... فبثر جملته بقوله: الأميرات لا يتزوجن فتيان المطابخ.. فرد –فلاد- بسرعة: أنا أعلم ولكن... فقاطعه قائلا: يجب أن نواصل هذا.. كأن شيئا لم يتغير. فغير –فلاد- نبرته للجدية: يجب علينا أن نخبرها. أن تخبراني ماذا؟؟ قالت –آنيا- التي وصلت المكان للتو.. فرد –ديمتري- متداركا الوضع: أن نخبرك كم تبدين جميلة. فردت: أوه...شكرا.. فمد –ديمتري- يده داعيا إياها أن تمسكها.... صعدت –آنيا- الدرج بعدما نزعت معطفها الفرائي الأزرق.. التفت إلى –ديمتري- لتخبره أن يصعد الدرج مثلها فوجدته يقدم معطفه للحارس فما إن التفت إليها حتى فتح عينيه على مصراعيهما من شدة الصدمة لقد كانت تبدو بديعة في ذلك الفستان الذي يبدو لونه كلون البحر فما مرت مدة وهو في تلك الحال حتى تدارك نفسه وصعد الدرج. اتخد الإثنان مكانا بين المقاعد لمشاهدة العرض كانت –آنيا- تبدو متفاجئة بعض الشيء فهي لم تعتد هذا النوع من العروض أو اللباس أو أي شيء يخص ذلك المكان. قدم –ديمتري- منظارا مقربا –لأنيا- كي تتمكن من رؤية الإمبراطورة فما إن رأتها حتى همست: يا رب...أرجوك ...اجعلها تتذكرني.. مر العرض ببطء شديد في نظر –آنيا- والتوتر سيقضي عليها. وعندما انتهى العرض أمسك –ديمتري- يد –آنيا- وقال: هيا أعتقد أن الوقت قد حان. وفي الطريق إلى غرفة الإمبراطورة ترددت –آنيا- بعض الشيء من الذهاب لكن –ديمتري- ساعدها على التشجع فعندما وصلا إلى غرفة الإمبراطورة قال: حسنا انتظري هنا لحظة سأدخل وأناديك في الوقت المناسب . وعندما هم بالذهاب استوقفته جملة –آنيا- : -ديمتري-..... فالتفت قائلا: نعم.. فأكملت جملتها: لقد قضينا كثيرا من الوقت معا..وقد أردت فقط أن... فقال بتلهف لما ستقوله: نعم.. فأكملت قائلة: حسنا..شكرا لك..أظن..نعم..شكرا لكل شيء. فالتفت بخيبة أمل ولكنه تشجع قليلا و قال: -آنيا-...أنا... فالتفت هي الأخرى بشوق لمعرفة ما سيقول: نعم... فأكمل بتلعثم: أن..أنا..أنا..فقالت بشوق أكبر :نعــــــــم.. فقال: أ... أود أن أتمنى لك حظا سعيدا أظن.. فأحست بخيبة أمل هي الأخرى ، فمد هذا الأخير يده ليصافحها وهو يقول: حظا سعيدا.. إذن ها أنذا ذاهب. دخل الغرفة لكنه نسي أن يقفل الباب جيدا لسوء حظه بالتأكيد. رأى واحدة من مرافقات الإمبراطورة فقال لها: من فضلك اعلمي الإمبراطورة الأرملة أنني وجدت حفيدتها، الدوقة –آناستازيا-، إنها تنتظر هناك أمام الباب. فأجابته تلك المرافقة بقولها: أنا آسفة جدا أيها الشاب لكن الإمبراطورة الأرملة لن تقابل أحدا سمعت السيدة -ماري- حوارهما وقالت: أخبري ذلك الشاب الوقح أنني رأيت ما يكفي من الدوقات –آناستازيات- ما يكفيني مدى العمر. فالتفتت إليه المرافقة وقالت: من الأفضل أن تذهب الأن. فقال: أرجوك فقط دعيني....فقاطعته –ماري- قائلة: إذا أذنت لي أود العيش ما تبقى من حياتي الوحيدة في سلام. فقالت المرافقة وهي تسدل ستائر الغرفة التي تجلس بها الإمبراطورة: سأوصلك إلى الباب. فأرادت المرافقة اخراجه لكنه عاد للغرفة لأنه لن يتحمل عذاب الضمير وهو يعلم أن –آنيا- الدوقة الحقيقية. فقال: يا جلالتك أنا لا أنوي أن أصيبك بأي أذى، اسمي –ديمتري- لقد كنت أعمل في القصر. لكنها تركته لتغادر الغرفة فقفز نحو الباب وهو يقول: لا انتظري أرجوكي، اذا استمعت لي فقط... لكنها قاطعته بغضب: أنا أعلم ما تسعى وراءه لقد رأيتك من قبل رجل يدرب الشابات ليتصرفن كأنهن من عائلة ملكية. لكنه أجاباها قائلا: لكن سموك إذا انصتت إلي فقط... فقاطعته مرة أخرى: ألم يستمع إليك بما فيه الكفاية لقد ذقت درعا لا أهتم كيف ألبست هذه الفتاة لتبدو –كآناستازيا- تتحدث مثلها أو تتصرف مثلها، ففي النهاية لن تكون أبدا هي.. فقال بعصبية: لكن هذه المرة إنها هي. فردت: اممم –ديمتري- لقد سمعت عنك أنت ذلك الشاب المحتال من سانت بيطرسبيرج الذي يقوم بجمع الفتيات ليجد شبيهة –لأناستازيا-..... كانت تلك الجملة كالصاعقة تنزل على قلب –آنيا- المسكين فوضعت يدها على فاهها من اثر الصدمة ومن هول ما سمعت. اما –ديمتري- في الداخل فكان يخاطب الإمبراطورة قائلا: لكن سموك لقد قطعنا المسافة من روسيا إلى هنا فقط لرؤيتك. فأجابته: والأخرون قد قدموا من تمباكتو. فقال: لكن سموك.... فقاطعته قائلة: كم من الألم ستنزله بعجوز مثلي من أجل المال (وخاطبت الحراس) أخرجوه من هنا. فحملوه فأخد يصرخ قائلا: لكنها –آناستازيا- الحقيقة إنها الدوقة فعلا لو أمكنك فقط التحدث إليها.. لكن دون جدوى فقد رماه الحراس خارجا حيث كانت –آنيا- بقلبها المحطم فقالت وهي محطمة: لقد كان كل شيء كذبا أليس كذلك؟. فقال: لا لا، فقالت بصوت حزين ومنزعج في نفس الوقت: لقد استغللتني، كنت فقط جزءا من حيلتك لتحصل على مالها. فقال محاولا الدفاع عن نفسه: لا لا لا اسمعي ربما بدأ الأمر على هذا النحو لكن كل شيء قد تغير الأن..لأنك أنت فعلا –آناستازيا- أنت هي... فردت بحنق: توقف..من البداية كنت تكذب وأنا لم أصدقك فحسب أنا في الواقع....آه.. فقال: اسمعيني عندما تحدثت عن الجدران التي تفتح والصبي لقد كان ذلك..... لكنها لم تمنحه فرصة وقالت :لا أريد أن أسمع أي شيء عن كلمة قلتها أو شيء تذكرته أنت فقط دعني وشأني. أمسكها من يدها لكن الصدمة الكبرى التي لم يتوقعها أحد هي الصفعة التي وجهتها له، ورحلت تاركة المكان وذلك القلب الحزين وراءها.
لم يجد –ديمتري- إلا أن ينتظر أمام قاعة العرض بحزن يندب حظه السيء لكن ربما كفة الحظ ستميل إلى جهته هذه المرة فمع وقوفه امام القاعة أبصر السيدة –ماري- خارجة منها فاستغل فرصة أنها صاعدة إلى السيارة وفرصة انشغال السائق وركب مكان هذا الأخير وأدار المحرك منطلقا بالسيارة التي تحمل الإمبراطورة بسرعة جنونية جعلت الجدة تميل يمينا ويسارا فما إن أدركت –ماري- أن –ديمتري- هو السائق طالبته بالتوقف بسرعة لكنه لم يستمع إليها بالتأكيد وقادها إلى المنزل الذي كان الثلاثة استأجروه لتقابل –آنيا- هناك. و هناك أوقف السيارة وترجل منها واتجه إلى مقعد –ماري- وقال بغضب: يجب عليك أن تتحدثي إليها، فقط انظري إليها، أرجوك. فأجابته: لن تنطلي علي خدعك بعد الأن. فأخرج من جيبه صندوق الموسيقى وقال: هل تعرفت على هذا.. وأشار إلى الصندوق. تفاجأت –ماري- وأمسكته بيدها وقالت: من أين أحضرته؟. فأجاب: أعلم أنك تأذيت، لكن من الممكن أن تكون تائهة ووحيدة بقدرك... فالتفتت إليه قائلة: لن يوقفك أي شيء أليس كذلك؟ فقال: ربما أنا عنيد مثلك. ففتح لها الباب لتصعد إلى –آنيا- التي كانت منشغلة بتوضيب حقائبها حتى سمعت صوت طرق الباب فقالت بعفوية: اذهب بعيدا –ديمتري-. لكن الباب قد فتح ولم يكن ديمتري كما توقعت بل السيدة –ماري-. فالتفتت لتصرخ في وجهه ظنا منها أنه هو ففوجئت بكونها –ماري- وقالت: أوه..أنا أسفة...لقد ظننت أنك... فقاطعتها قائلة: أعلم جيدا من ظننتني.. من أنت بالضبط فأجابت –آنيا- بحزن: كنت آمل أن تخبريني أنت. فأجابتها: عزيزتي أنا امرأة عجوز.. وقد تعبت من الكذب والخداع..فقالت –آنيا- : أنا لا أريد خداعك. فأجابتها: و أرجح أن المال لا يهمك أيضا. فأجابت –آنيا- بعفوية: أنا فقط أريد أن أعلم من أنا، وهل أنتمي إلى عائلة أم لا، عائلتك... فالتفتت إليها –ماري- وأضافت في سخرية: أنت ممثلة بارعة بالفعل، الأفضل للأن في الواقع لكن، لقد نلت ما يكفي. وذهبت مبتعدة عن –آنيا-. فقالت –آنيا- جملة جذبت السيدة –ماري-: رائحة النعناع. فردت الأخرى: إنه زيت ليدي. فالتفتت –آنيا- وقالت: نعم.. لقد افرغت الزجاجة على السجاد و قد كان مملوءً بالكامل ومنذ ذلك الحين ورائحتها تشبه رائحة النعناع هه.. مثلك أنت.. اوه وقد تعودت أن أتمدد على ذلك السجاد ..وكم اشتقت إليك عندما ذهبت، عندما جئت إلى هنا..إلى باريس.. فطلبت –ماري- من –آنيا- الجلوس وعندها لاحظت عقدها وقالت في تساؤل: ما هذا؟؟ فأجابت –آنيا-: هذا (قالتها وهي تمسك العقد) لقد كنت أحمله معي دوما مذ أستطيع أن أتذكر. فقالت الجدة بحنان: هلا أعطيتني إياه. فنزعته –آنيا- من عنقها وقدمته -لماري- فعندما رأته قالت: لقد كان هذا سرنا.. سري أنا و –آناستازيا-. فأخرجت صندوق الموسيقى من حقيبتها.. فانتفضت –آنيا- وقالت: صندوق الموسيقى..(ثم أمسكته بكلتا يديها) ل..ليغني لي عندما كنت أنت في باريس.. فأخذت القلادة وأدخلتها في فتحة الصندوق وأخذت تردد ذلك اللحن الذي كانت تردده مع جدتها –ماري- فسعدت الجدة كثيرا وعلمت أن الواقفة أمامها هي حفيدتها المفقودة –آناستازيا- وأخذت تحتضنها وتقول: -آناستازيا- حبيبتي –آناستازيا-.... كانت تلك لحظة من المشاعر الملتهبة المختلطة دون أن ننسى دموع الفرح بالتأكيد.
أما –ديمتري- فقد غادر المكان بعدما نفض يديه من –آنيا- للأبد.
في ذلك الوقت كان الشرير-راسبيوتن- يحضر خطة شريرة ليقضي على –آناستازيا- فقد قرر قتلها عندما سيقام حفل تتويجها و تلك كانت خطته المجنونة كما العادة.

و بعيدا عن أمور الشر تلك كانت الفتاة و جدتها يتسامران ويبدو أن –آنيا- آه عفوا لقد عادت –آناستازيا- من جديد قد استعادت ذاكرتها وأضحت تتذكر صورا واضحة لماضيها الغابر. وكان تلك الفرصة المناسبة للجدة لتريها التاج الذي سترتديه مستقبلا بدت بالفعل متفاجأة لروعته وبريقه الفضي المميز. لكن وكما العادة الجدة لا تصبر أبدا بل حملت التاج ووضعته على رأس –آناستازيا- و قد بدت كإمبراطورة رغم ملابس النوم التي ترتديها.
حانت اللحظة المهمة في حياة –آنيا- لحظة تتويجها ولحظة الإحتفال بعودتها أيضا كانت تتجهز بفستانها الباجي اللون وتاجها الفضي دون ذكر شعرها الذي يسطع مع الأضواء..
أما الجدة –ماري- فقد استدعت –ديمتري- لتقدم إليه الجائزة المالية التي وعدته بها ففي تلك الغرفة كان ينحني قائلا: هل أرسلت في طلبي جلالتك.. فقالت –ماري- وهي تشير إلى صندوق قربها: عشرة ملايين روبل.. كما وعدتك.. ومع امتناني أيضا.. فقال و قد تغيرت ملامحه إلى الحزن: أقبل امتنانك جلالتك.. لكنني لا أريد المال.. فقالت بتساؤل: وماذا تريد إذن؟.. فأجاب بنفس نبرته: للأسف، شيئ.....،لا يمكنك تقديمه لي. وانحنى باحترام للإمبراطورة وهم بالمغادرة لكنها صاحت به : أيها الشاب..من أين أحضرت صندوق الموسيقى ذاك؟؟ فالتفت ببطء وأكملت جملتها قائلة: لقد كنت ذلك الصبي أليس كذلك؟؟ ذلك الخادم الصغير الذي أخرجنا من القصر، لقد أنقذت حياتها..وحياتي.. وقد أعدتها إلى كذلك.. والأن لا تريد الجائزة.. فأجاب: ليس شيء أبدا.. فردت عليه: ماذا غير رأيك.. فأجابها: الذي تغير هو قلبي.. ثم أضاف: علي الذهاب.. وانحنى مرة أخرى وتركها مغادرا الغرفة.. وفي ذلك الحين ابتسمت الجدة –ماري- ابتسامة جانبية عبرت فيها عن معرفتها لمكنون مشاعر –ديمتري-.
وعند نزول –ديمتري- من الدرج شاردا كانت –آناستازيا- صاعدة هي الأخرى.. فقالت ببرود شديد بدى فيه أن الجليد دافئ على نبرة صوتها: مرحبا –ديمتري-. رفع رأسه بتفاجأ وقال: مرحبا.. فقالت: هل أخذت جائزتك المالية.. فرد: تمت مهمتي كلها. وبعد أن أنهى جملته سمع رجلا عجوزا يخاطبه قائلا: أيها الشاب يجب أن تنحني لسمو الأميرة ولا تخاطبها إلا بسموك.. فقالت –آناستازيا- : لا بأس ذلك ليس ضروريا ..لكنه قاطعها بيده وقال: أرجوك.... (وانحنى) سموك.. سعيد لأنك وجدت ما كنت تبحثين عنه.. أما –آناستازيا- فقد كانت محرجة قليلا من الوضع الذي واجهه –ديمتري- فقالت: أجل..وسعيدة لأنك وجدت ما تبحث عنه أيضا. لكنه ما إن أنهى جملته حتى غادر المكان، بقوله : حسنا إذن...وداعا... وانحنى مرة أخرى قائلا: سموك... لكنها كانت حزينة جدا رغم محاولتها إخفاء ذلك وقالت بهمس: وداعا...
في مكان أخر حيث كان –فلاديمير- يتجهز أيضا للحفل دخل عليه –ديمتري- و قد كان يبدو أنه يحاول توديعه رغم الحزن الذي يجتاح قلبه فقد كان لا بد أن يغادر لكن –فلاد- قال بابتسامة على وجهه وهو يحتضن –ديمتري- : آه...يا فتى صدقني أنت ترتكب خطأ فادحا... فرد عليه: ثق بي.. هذا الشيء الوحيد الصحيح الذي أفعله..
في القاعة حيث تقام الحفلة بمناسبة عودة –آناستازيا- كانت هذه الأخيرة واقفة تراقب الحضور بشرود وهي تبحث عن شخص نعلم جميعا من هو.. أتت جدتها لتقاطع عزلتها فقالت بصوتها العذب: إنه ليس هناك... فردت بدهشة: أنا أعلم أنه ليس هناك... ثم أضافت ببلاهة: من الذي ليس هناك جدتي؟؟؟ فأجابت: الشاب الرائع.. الذي وجد صندوق الموسيقى.. فردت بسخرية: بالتأكيد فهو مشغول بإنفاق جائزته المالية بأسرع وقت ممكن.. فردت جدتها بحنان: انظري اليهم يرقصون (قالت هذا وهي تشير إلى الحضور).. لقد ولدت في هذا العالم علم الجواهر المتألقة و أصحاب الألقاب ..لكنني أتساءل إن كان هذا حقا ما تريدينه.. فردت: بالطبع.. بالطبع هذا هو..لقد وجدت ما كنت أبحث عنه.. لقد عرفت من أنا... و قد وجدتك... فردت عليها: أجل لقد وجدتني بالفعل.. وسأكون معك دوما... ثم احتضنتها وقالت: لكن هذا ليس كافيا.. عزيزتي.....هو..لم يأخد المال.. فردت بدهشة وصدمة: لم يفعل.. ثم أتممت الجدة جملتها: رؤيتك حية..رؤية الشابة الجميلة التي أصبحت عليها يجلب لي السعادة التي لم أظن أنني سأحسها من جديد... ثم قبلتها على جبينها بحنان.. ثم قالت: مهما كان اختيارك...فسأكون دائما معا.. ثم قالت –آناستازيا- بتساؤل: جدتي ألا يمكنك اخباري ب... لكنها عندما التفتت لم تجدها.. اتجهت نحو الستار وأرادت عبوره لتذهب إلى الحفل لكن شيئا ما منعها وأخذت تفكر بعمق إلى أن سمعت نباح –بوكا- جروها الصغير.. فأخد الكلب يجري مبتعدا وتبعته هي إلى أن وصلت إلى الشرفة فرأت جروها يبتعد أكثر فقررت اللحاق به..
في تلك الأثناء كان –ديمتري- في محطة القطار يستعد لأخذ تذكرة فبينما هو ينتظر أخرج وردة حمراء من جيبه و أخذ يبتسم بسعادة رغم حزنه القاتل...
في تلك الأثناء كانت –آناستازيا- بالفعل قد لحقت بجروها وتبعته إلى أن ساقها إلى جسر كبير خارج القصر فبدأت أشياء غريبة بالوقوع وبدأت تظهر لها أضواء خضراء اللون ونعرف لمن هي هذه الأضواء بالتأكيد –لراسبيوتن- الشرير... وعندما وجدت جروها الصغير بعد نوبة القلق التي تسبب فيها هو والأضواء الغريبة سمعت صوتا غريبا مبحوحا ويشبه فحيح الأفاعي ينطق اسمها: -آناستازيا-... فانتفضت من مكانها بذعر.. وأخذت تحاول الفرار لكن الصوت عاود ذكر اسمها ومن كثرة خوفها وهي تجري سقطت بقوة على الأرض... وسمعت الصوت يبادي اسمها للمرة الثالثة.. لكن هذه المرة لم يكن مجرد صوت بل أظهر ذلك الشرير صورته القبيحة تلك لها فما ان رأته حتى بدأت تتذكر خلقته وشكله وقالت بفزع: ذلك الوجه.. اللعنة... فأخذ يهاجمها بسرابات وحوشه تلك أما هي فقد توضحت صورته لديها وقالت بحنق: -راسبيوتن-... أما هو فقد أصدر أمره لجنوده ليهاجموها. فباغتوها من كل جانب ومزقو ثوبها وهي لا حول لها ولا قوة... لكنها تميزت بالشجاعة والقوة رغم كونها فتاة وقالت: أنا لست خائفة منك.... لكن قوته كانت تفوق خاصتها بكثير فقد أطلق ضوءا أخضر من أنبوبه الزجاجي تسبب في تدمير الجسر و بالضبط البقعة التي كانت تقف عليها.. لكنها أمسكت بطرف الجسر و في تلك اللحظات لم تكن تمني نفسها بالعيش فوضعها خطير ولن تستطيع التمسك أكثر فقال - راسبيوتن-: هههه والأن لا أحد سينقذك مني.... وفي تلك الأثناء سمع صوتا يخاطبه من الخلف: أ تراهن على ذلك... وباغته صاحب الصوت بلكمة على وجهه أسقطته أرضا... لكن وضع - آناستازيا- كان يزيد سوءً وكادت أن تسقط لولا يدا –ديمتري- التي أنقذتها من موت محتم.. لكن –راسبيوتن- لم يتحمل الوضع وهجم على –ديمتري- وأبعده عنها، وأدخله في معركة محتدمة مع حصان حجري كاد أن يودي بحياته.. أما ذلك الشرير فقد اتجه –لأناستازيا- وأمسكها من شعرها وحاول رميها من أعلى الجسر لولا تمسكها بطرف هذا الأخير ( الجسر) وأخذ ذلك القبيح يمنى نفسه ويقنعها بأنه استطاع أخيرا القضاء على سلالة –رومانوف-، لكن وكما قلنا من قبل انه غير محظوظ البتة فحتى –بوكا- لم يتحمل خبثه وأخذ يعضه من ساقه مما منح –آناستازيا- بعض الوقت لتستجمع قوتها وتنقذ نفسها، لكن الجرو المسكين اضطر أن يجابه وحشا من وحوش –راسبيوتن- الشرير... وبينما كانت أميرتنا المسكينة تتمسك جيدا وتحاول أن تصعد أسقطت بدون قصد حجرا كبيرا من الجسر أصدر صوتا بعد ارتطامه مع الماء فظن كل من –ديمتري- و –راسبيوتن- أنها هي من سقطت، أما الشرير فقد كانت تلك أمنيته لذا فهو سعيد مغتبط أما المسكين –ديمتري- فقد حزن وغضب في نفس الوقت وقال في حنق و غضب: لالالالالالالالالالالالالالالالالالا.....-آنيا-.. واتجه نحو النهر رغبة في القفز لمساعدتها لكن ذلك الحصان اللعين اعترض طريقه ومنعه.. ووسط فرحة –راسبيوتن- فاجأته وريثة أل –رومانوف- بهجومها عليه وتشابكها معه كأنها ليست بفتاة بل رجل قوي.. لكنه أبعدها عنه وحمل أنبوبه قصد الهجوم عليها لكنه نسي أن –بوكا- في الجوار. قفز عليه الجرو الصغير وأخذ أنبوبه العزيز ورماه باتجاه –آناستازيا- التي كانت تنتظر فرصة مماثلة، فوضعت الأنبوب تحت كعبها العالي وأخذت تضربه ضربات متتالية وهدفها كسره لكنها نسيت تبعات ذلك فبعد أن ضربت الضربة الأولى تدمر الحصان الذي كان يتعارك مع –ديمتري- وسقطت صخرة على رأسه فسقط مغشيا عليها فغضبت –آنيا- فور رؤيتها لذلك المنظر وقالت باعلى صوتها وهي تشدد على كل ضربة: هذه –لديمتري-،..... وهذه لعائلتي... وهذه..هذه لك..من –آنيا-.... فبفعل الضربة الأخيرة تدمر الأنبوب ومعه بالتأكيد حياة –راسبيوتن- عفوا مجددا بل هو بالفعل... فقد تحول بتأثير طاقته نفسها إلى رماد حمله الريح معه كأنه لم يكن قط...
أما –آنيا- فقد اتجهت –لديمتري- وقلبته ولم يكن يبدو أنه يحرك إصبعا واحدا... فقالت: أوه...لا..-ديمتري-..... فترامى إلى ذهنها أنه فارق الحياة فجلست قربه تتساقط دموعها كالحبات الزجاجية وتلوم نفسها على ما حدث له... ووسط كل أجواء الحزن تلك رفع –ديمتري- يده كأول علامة على أن قلبه ما زال ينبض ثم حاول حمل جسده ليستطيع الوقوف عندئذ رفعت –آنيا- رأسها بعدما سمعت أنينه وتأكدت أنه حي و التفتت بدهشة رغم أنها أفسدت الأمر بصفعها له عن طريق الخطأ لكنها ارتمت عليه في سعادة و هي لا تصدق أنه ما زال حيا... فلما استويا وهما جالسان قالت –آنيا- أولا: كنت أظن أنك ستذهب ل... لكنه قاطعها قائلا: كنت سأفعل... فقالت بتساؤل: أنت لم تأخذ.. لكنه قاطعها مرة أخرى وهو يقول: لم أستطع.. فقالت: لماذا؟؟.. فرد عليها: لأنني... كان الإثنان منسجمان جدا لولا –بوكا- الذي يفسد الأمر دائما بنباحه... كان يحمل التاج بين فكيه.. فأخذه –ديمتري- وأمسكه بكلتا يديه وكأنه يظن أن هذا الكلب قد نطق وأخبره عن مكانته ومكانتها وأن ما يفكر فيه مستحيل أن يحدث يوما فقال بحزن: إنهم ينتظرونك.. أمسكت –آنيا- التاج وقد جالت في ذهنها واحدة من أفكارها المجنونة....
لقد قامت بإرسال التاج لجدتها - ماري- مع رسالة توديع كانت كلماتها كالأتي:
جدتي الحبيبة... تمني لي الحظ... سنكون معا في باريس ثانية قريبا.. إلى اللقاء
فأمسكت –صوفي-الرسالة وقالت في دلع: حبيبتي..أليس هذا شاعريا...إنها نهاية قوية..
فردت –ماري- وابتسامة عريضةعلى وجهها: لا إنها بداية مثالية.....
أما الأميرة –آناستازيا- فقد قررت الزواج –بديمتري- وتبعت مراد قلبها فنالت السعادة الأبدية........
.................♥♥.................
تَمَتْ.




__________________

صديقتي الخنفوشارية:
رد مع اقتباس