انا هنا اليوم لأنني أود ان احكي قصه..قصة وبكل أسف صارت تتكرر كثيرا في زماننا هذا..
قصتنا تحكي عن طفله ولدت في اواخر حزيران 1996... في ليلة من لياليه الأخيره والمعروفه بحرارتها الشديده..
ولدت في احدى العواصم العربيه..وكانت فرحة والديها الأولى..
منذ مولدها ولأنها ولدت لأبوين مميزين وضع لها الجميع افضل توقعات ولم تخب توقعاتهم تلك وقتها..
كانت طفلة هادئه وخجوله وقد كبرت هاتان الصفتان معها وهي تكبر...
بعد أن أكملت عامها الثاني بخمس أشهر ولد شقيقها الأول ولم يغير هذا كثيرا في حياتها...
التحقت بالمدرسه الابتدائيه قبل أن تكمل الخمس سنوات بقليل وكما توقع الجميع فقد أظهرت اداء أكاديميا متميزا جدا...
استمرت بكونها نموذجا للتلميذة المثاليه حتى نهاية الصف الرابع..
في الصف الخامس بدأت ملامح شخصيتها تتضح ولم تعد تلك الطفلة التي ستنفذ كل مايطلب منها دون تفكير...
في هذه الفترة برزت موهبة فتاتنا في الكتابه وتحديدا في الفن القصصي..
كانت تمتاز بخيال واسع جدا وقد اعتادت في طفولتها الباكره ان تغير قصة كل برنامج أطفال لا يعجبها فيه شئ ما بحيث تعدل مالا تريده وتحذف شخصيات لتضيف اخرى..وهذه كانت بدايتها مع الروايات...
في الصف الخامس كانت لديها صديقة تشبهها في كثير من الصفات وقد اتفقتا على ان تقوما بإعداد مجلة خاصة بهما,,وبالفعل بذلت بطلتنا جهدا كبيرا طوال العطلة في كتابة القصة الرئيسية للمجله وكانت هذه أول مرة تكتب فيها قصة بنية انها تود كتابة قصه...فكل قصصها السابقه كانت لمواضيع التعبير في المدرسه...بالاضافة لقصصها الخاصة التي لم تفكر في كتابتها يوما...وربما لم تكن لتفعل لولا اقتراح صديقتها بإنشاء مجلتهما المشتركه....
انها العطلة الصيفيه بعد الصف الخامس...وصغيرتنا تشعر بملل قاتل...صحيح أنها تعمل بجد على المجلة لكن اربع أشهر فترة طويلة جدا في نظرها وهي لا تحتمل فكرة البقاء في المنزل...ونتيجة لهذا الملل الذي يزداد يوما بعد يوم قررت والدة بطلتنا ان تتصل هاتفيا بالمشرفه الطلابيه في مدرسة ابنتها وتسألها عن اي كورس صيفي جيد يمكنها ارسالها له...
لم يكن الأمر مفاجأة كبيره للأم عندما طلبت منها المشرفة ان تحضر ابنتها للمدرسة ليدرسوها الاشياء الاساسية في مقرر الصف السادس خلال شهرين وتخضع لامتحان تقييم في أخر الفترة على ان تنتقل للصف السابع مباشرة لو نجحت فيه...فهي تعلم جيدا ان المشرفة كانت تصر بعناد على هذه الفكرة منذ العام الماضي..وازداد اصرارها عندما اجريت اختبارات الذكاء للتلاميذ واتضح ان اعلى نسبة ذكاء بين الفتيات هي نسبة بطلتنا....
الام استخارت ثم قررت ان ترى رأي ابنتها...ولسبب ما فالفتاة قد تحمست للفكره رغم انها انزعجت قليلا كونها ستفترق عن صديقتها لكن لا بأس فالأمر بدا ممتعا بشكل ما...
وبالفعل بدأت دروسها الخاصه وقد اختارت لها الادارة معلمين مميزين كانت علاقتها بهم جيده من خلال تدريسهم لها في العامين السابقين...
معلم اللغة العربيه الذي كان معلمها في الصف الرابع فوجئ جدا من التطور الرهيب الذي حدث لمهارتها في الكتابه وقد كانت صدمته كبيرة جدا عندما قامت بتسليمه موضوع التعبير الذي كان عنوانه (قصة من نسج خيالك) ....واحتار من ادخالها لبعض المعلومات عن الدلافين في صياغ القصة التي كان الدولفين شخصية عابره بها..شخصية عابره لكنها غيرت منحنى القصة بشكل تام...
في ذلك اليوم وبعد انتهاءه من قراءة القصه وبعد ابداء اندهاشه منها بدا عليه الاحباط وهو يقول بعد ان كتب لها تعليق (ممتاز) على الدفتر : ممتاز,,,مع الأسف هذا كل مايمكنني فعله من أجلك...أتمنى لو كان هناك شئ افضل استطيع فعله لكن مع الاسف ليس بيدي شئ....
يومها اندهشت من احباط المعلم وظنت انها ارتكبت خطأ ما ازعجه لكنها لاحظت ان معلم اللغة الآخر الذي كان معهما يومها ورأى الموضوع و أعجب بأسلوبها في الكتابه وبخيالها الواسع كان يبتسم ابتسامة لم تفهمها وقتها لكنها بدت كإبتسامة رضا..
وبعد مرور السنوات وتكرار المواقف المشابهه اتضح لها سبب احباط المعلم الذي كان منزعجا من عجزه وعدم قدرته على دعم موهبتها...وقد بدا له ان هذه الموهبة لن تجد من يدعمها وستضيع وهذا بالفعل ماجرى لاحقا,,,اما ابتسامة المعلم الآخر فقد كانت ابتسامة حالمه لكن بماذا كان يفكر وبماذا تنبأ لها؟...هذه أسئلة تتمنى الاجابة عليها يوما ما...
عموما هذا الموقف من المواقف التي تبتسم بطلتنا بسعادة كلما تذكرتها -حتى بعد مرور 8 سنوات عليه -ففكرة ان هناك من اراد مساعدتها بصدق تخفف عنها بعض ماهي فيه من معاناه...وهي دائما تتمنى ان تقابل المعلمين مجددا وتشكرهما على كل شئ..
مر الشهران بسرعه وجاء الموعد المتفق عليه للإمتحان وكما كان متوقعا نجحت بتفوق فهي مازالت طالبة الامتياز المميزه..
.
.
.
يتبع.. |