نحو استراتيجية عربية لعصر العولمة من المعلوم أن الانسان خلقه الله وأكرمه فاستخلفه في الأرض وفضله على مخلوقاته ومكنه، والرغبة في التنافس جعلت سعي الامم مختلفا متعدد الاتجاهات والغايات، وتفاوتت بذلك أوضاعهم الحياتية،فأين موقع أمتنا العربية من ذلك؟ سؤال مختصر،يحتمل إجابات شتى.ربما حصل البعض منها خلال المؤتمر السادس لمؤسسة الفكر العربي المنعقد بالمنامة دولة البحرين ،تحت عنوان "الاستراتيجية العربية لعصر العولمة"بماله من اهمية قال الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي أن المؤتمر السنوي السادس لمؤسسة الفكر العربي يطرح قضية "الإستراتيجية العربية لعصر العولمة"، ويحشد لها من خيرة أهل الاختصاص في عالمنا العربي ونظرائهم في بلاد العالم ، كما قال سلمان:الحديث عن العولمة هو حديث عن واقع جديد مبني على تنافس وتعاون الكتل الاقتصادية على الموارد والتقنيات والثقافات والأفكار في العالم" ،كما ركز الامير خالد" على أن عامل الزمن يضيق علينا الخناق ويزيد النفق،ظلمة ،فعلينا أن نعلي قيم العلم والعمل وتوحيد الجهود وتكاملها كي نلحق بفريق الأقوياء، واجبنا ان نطمح الى ان نبدأ من حيث انتهى الآخرون"هذه آمال مشروعة وآراء قابلة للتطبيق، وبدورنا نتطلع الى تلك الآمال،لكن كيف ومن أين نبدأ؟ كل تطور مرهون بالانسان،والتربية رسالة سامية ، لأنها تبني الإنسان وتزكيه، ويحتاج القيام بهذه الرسالة وحملها إلى جهد وصبر ، وكابدة وحكمة، لا سيما إذا كانت تسير في طريق حل مشكلات الأسرة التي هي حجر الأساس في بناء المجتمع السوي. إن العلاقة بين الأسرة والمجتمع جدلية، فصلاح المجتمع مطبوع بمدى تكوين الأفراد واستقامتهم وانسجامهم داخل الأسرة، والاسرة لا يكون صلاحها إلا في محيط اجتماعي سليم يضمن حقوق الأفراد ويحقق واجباتهم،لذا قد لا نضيف جديدا إذا قلنا إن نجاحنا والتحاقنا بفريق الأقوياء، وقدرتنا على إعلاء قيم العمل والعلم لايمكن أن يتحقق إلا بتسخير الجهود لجعل الأسرة العربية أسرة منسجمة،والنظر اليها نظرة موضوعية غير متاثرة بالنزوات والتشيعات الدينية والسياسية والعشائرية،ولنا في شريعتنا الإسلامية السمحاء اسوة حسنة،فالتشيع والتعصب القبلي لا يصدر إلا عن الجهل وثمارهما الفساد.إذا، لايمكن المشاركة في السباق بأرجل مكسورة. ومعالجة موضوع الأسرة يطلب إلقاء الضوء على بعض الخطوات يمر بها تكون الاسرة نفسها،مع استجلاء اهم المصاعب التي تواجهها. إذ لا يختلف إثنان في إن دوافع السعادة وآمال العشرة الطيبة هي الخطوة الاولى في بناء الأسرة،تتألق السعادة بكل وضوح على شفتي العروس الباسمتين، وتعلو دموع الفرح عيناها البراقتين إنها فرصة انتظرتها سنوات عديدة، وهى ترتدى ثوب الزفاف الأبيض فينعكس ضوءه على وجنتيها فتزداد لمعانا، تتأبط ذراع فارس أحلامها ذو الحلة السوداء الحالكة، والهندام الأنيق،والسعادة تطل من خلجات وجهه، فتزداد سعادتها ويتضاعف أملها ولسان حالهما يقول:من يمكنه افساد سعادتنا؟.لكن لسبب أو لآخر تجد المرأة نفسها كمن يحاول القبض على فقاعات الصابون الطائرة في الهواء،فلا هي بزوج ولاهي باولاد ولاهي تنعم بعذريتها حتى. ويجد الرجل نفسه يبحث عن شريك جديد وقلبه يتمزق ،إنه الطلاق أبغض الحلال إلى الله،(؟)، و الاسلام حين اباح الطلاق بين الزوجين إنما شرع ذلك لحكمة وهي ان يكون الطلاق حلا إذا تعقدت الأمور بين الزوجين واستعصى حل المشكلات التي قد تتفاقم بينهما وتحول حياتهما إلى جحيم،بدل السعادة والوفاق ،لكن كثيرا من الازواج يستعملون الطلاق في غير موضعه تخذ الطلاق وسيلة للضغط على المرأة لبسط سلطته وحملها على تنفيذ بعض رغباته أو منعها من ممارسة بعض الامور التي يرغب عنها وبعضهم يتهاون في الطلاق ويستغل قدراته المادية، جهلا أو استخفافا بالاحكام الشرعية وما يترتب على الطلاق من عواقب ، وأخر يستعمل الطلاق لإشباع رغباته الجنسية، وما يقال عن الرجال يصدق بعض عن الإناث فبصهن يستعملن الطلاق لإشباع رغباتهن،وأخريات يستعملنه لتغطية عجزهن، وستر العادات التي اكتسبنها في بيت النشأة الاولى، هكذا تكون النهاية السيئة لتلك البداية الحسنة،آ لآم الوحدانية للزوجة و النكوص للزوج ومتاعب للأبناء إن كان لهما أبناء . إن نجاح الحياة الزوجية يتطلب دون شك قدرا من التفاهم والتسامح والتجاوز عن الهفوات، والتغاضي عن الزلات والتعالي على الأنانية والعناد وتصيد الأخطاء والبحث عما يرضي الطرفين،والطلاق القسري يحدث بعدما يخل أحدهما بواجبه أو تسقط الاقنعة أو ينساق أحدهما الى هواه،إما أن ذلك الرجل الرومانسي اللطيف الذى أحببته وتزوجته المرأة تظهر شخصيته الحقيقية، فيصبح جافا فى تصرفاته قاصيا في معاملاته،أو منصرفا عنها تماما،أو يلجأ إلى الزواج من اخرى حينما تتجاهله وتتعالى باستمرار ويزداد عنادها ،ويشعر بالإهمال من زوجته ،أو تتغلب عليه الظروف المادية ومتاعب الحياة.كالفقر والبطالة .لكن الدراسات التي أنجزت في بعض الدول العربية والتي نأخذها بتحفظ من حيث استنتاجاتها نظرا لما سبق ذكره"كتقرير سعودي نشر في مارس الماضي"، بين إن المجتمع السعودي يشهد ارتفاعا كبيرا في معدلات الطلاق وصلت إلى 60 في المائة خلال ال 20 سنة الماضية، ، وأن معظم حالات الطلاق شكلت المرأة عاملا أساسيا في حدوثها بنسبة 60 في المائة لعدم قدرتها على الوفاء بمتطلبات زوجها،وفي نفس المنحى اشار تقرير لمصالح العدل بالجزائر الى ان الطلاق أصبح مشكلة اجتماعية كبيرة لها نتائجها الخطيرة جاء في صحيفة ''الخبر'' اليومية الصادرة بتاريخ 11/02/2007 عدد 4934، نقلا عن وزارة العدل أن عدد حالات الطلاق لسنة 2006 ،خمسة وثلاثين ألف حالة·· حالات الطلاق التي وقعت بين الازواج الشباب، والاحصائيات في السعودية مثلا بلغت حالات الزواج 90982 حتى عام 2001 وحالات الطلاق 18765 اي ما نسبته 20,6 بالمئة ، وفي ليبيا بلغ عدد حالات الزواج فيها 37637 حتى عام 2003 وحالات الطلاق 1739 اي ما نسبته 4,6 بالمئة ، وفي الاردن بلغ عدد حالات الزواج 58935 كما افاد الكتاب السنوي لدائرة قاضي القضاة للعام 2005 وبلغ عدد حالات الطلاق 1739 اي ما نسبته 3,6 بالمئة وهذا يعني أن أكثر الشباب ومعظم الشابات المتزوجين غير مؤهلين ماديا وادبيا لتحمل مسؤولية الأسرة، أي أن زواج الكثير من شبابنا يتم بطريقة خاطئة و نتيجة الخطأ تكون الطلاق المحتومة، فأكثر الشباب ليس له فكرة عن اختيار الطرف الآخر وعن الزواج نفسه، إلا بما يقدم ويروج له في وسائل الاعلام،والمظاهر الآنية في الشوارع، وأكثر ها لا يصلح للتطبيق في أرض الواقع، فعلينا مساعدة هؤلاء الشباب والفتيات؟ وتفادي جفاء الزوجين. وهنا نفتح قوسا، لنشير الى الجدل الدائر حول قرار وزارة العدل البحرينية برفع سن الزواج الى15سنة بالنسبة للإناث 8بالنسبة للذكور، الذي قال عنه أبرز علماء الدين الشيعة في البحرين: إن القرار يبطل زواجا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، في (إشارة إلى زواجه من السيدة عائشة) وعلى المسلمين أن يستحوا من أن يخطئوا الرسول هذه التخطئة الواضحة وأن يسلبوا عن فعله الشرعي" ونفس الجدل أنتج قانون منع تعدد الزيجات في الجزائر-.هذه واحدة من نقائص عديدة تعاني منها مجتمعاتنا العربية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ضعف اهتمام الحكومات بالطفولة،البرامج والناهج التعليمية المهلهلة،فوضى وضعف في سوق العمل غياب الاهتمام بالمرأة الريفية وغياب حق المواطن في السكن،والإعلام والاستفادة من الدخل الوطني.تفشي العنوسة يشل مذهل،وارتفاع نسبة التشرد والتشرذم ،وبروز سلوكيات غريبة تتنافي وقيمنا. والسؤال المطروح هل يعرف المسئولون كم هو عدد حالات الطلاق التعسفي في الوطن العربي؟ ومن كان الضحية في كل منها؟ وكم هو عدد حالات الطلاق الذي كان لمصلحة أحد الزوجين أو هما معا؟ كم هي حالات الطلاق التي كان سببها الفقر؟كم هي القضايا المطروحة على العدالة؟ كم هو عدد الأطفال الذين يتموا والذين سيواجهون مستقبلا صعبا،إنها علاقة جدلية فالمستوى الثقافي والتعليمي و القدرة على القيام بالواجب؟ والاستعداد لتحمل المسؤولية،من أساسيات بناء الأسرة ومن تم بناء المجتمع السليم الذي ينافس المجتمعات الغربية،وكل استراتيجية بدون البناء السليم للأسرة يعد ترقيعا و عملا مبتورا لا يمكن ان يواكب عصر العولمة ويشارك في تنافس وتعاون الكتل الاقتصادية على الموارد والتقنيات والثقافات والأفكار والفضاءات في العالم،وكل عمل لاتكون مقدماته مبنية على الاهتمام بعالم التربية، وخدمة الانسان يكون مرودا على فاعله.
__________________
الحياة زهرة ،نورها الإيمان وماءها ومرعاها المحبة والوئام، أحسن لغيرك تزداد صورتك جمالا، وابتعد عن الشر تزداد أمنا وآمان |