عرض مشاركة واحدة
  #82  
قديم 05-11-2014, 10:04 PM
 
الفصل السابع
( عودة الغائب )
حنين للوطن
إشتياق للأحباب
هي مجرد بداية
للفوهة
شهر مر منذ لقاء التصالح الذي جمع بين آليس وكابريس حصل لها كابريس على عمل في المقهى الذي يعمل فيه وكثرت لقاءات الأصدقاء وحل السلم وسكينة إلا أن جاء ذلك اليوم الموعود.
فُتحت بوابة المطار وخرج منها شاب ربيعي العمر لتستقر قدماه على الأرض الإسفلتيت وهو يحدق بالسماء بعينين رماديتين وشعره الداكن يتطاير مع هبات النسائم .. أيقضه من شروده هذا صوت قريب يناديه: " لينس "
نظر المعني نحو مصدر الصوت ليرمي بثقل جسده في حضن ذلك الرجل وهو يصيح: " إشتقت لكَ لويس "
ضربه لويس على رأسه وهو يضحك ثم ردد: " ألم يعلموكَ الإحترام يا فتى "
همس لينس بحزن: " بسببه تذوقت العلقم "
مسح الأخير على رأس الأول بعطف وكتفى بالصمت ولم يقل شيء حتى وثب لينس من حضنه وهتف بحماس: " جولة إسترجاعية للماضي .. ما رأيكَ "
_ هيا بنا .. فاليوم أخذت إجازة من العمل لأجلكَ
_ رائع
وبهذه العبارة شقَ الإثنان طريقهما نحو السيارة السوداء التي ركنها لويس في مواقف السيارات التابع للمطار بعدها إنطلقا يجوبان أرض المدينة التي أجبر لينس على تركها لسنة .
***
في النقيض كان ذلك الرجل أسود الشعر تفاحي العينين يجلس خلف مكتبه بكل هدوء مسنداً مرفقيه على صطح المكتب وكفيه متشابكين أمام فمه يحدق بورقة وضعت مقابله على المكتب ثم ما لبث بأن همس: " إذاً فعلتها يا لويس .. حسناً فقد بدأت الحرب الآن "
_ سيدي ماذا علينا أن نفعل ؟
وجه السيد نحو محدثه نظرات حادة قوية أربكته لكنه حافظ على رباط جأشه: " دعهم يخطون الخطوة الأولى ثم سأبدأ برمي القنابل عليهم وسيدركون جميعهم انهم إختاروا الشخص الخطأ لتحديه .. ليس ليون ويلنتون من يسقط أمام هؤلاء الصعاليك "
***
عادت من عملها منهدت القوى إثر الجهد الذي بذلته اليوم فقد كانت تقام حفلة في المقهى الذي تعمل فيه مما جعل الزوار يتهاتفون عليهم من كل صوب ولكن كل هذا التعب إنحسر ما إن وقعت عيناها على ...... شعر داكن كالليل وعينين بلون التفاح الأخضر .. نفس الوقفت الثابتة ونفس الإبتسامة الجذابة .. إنه هو لا محال هذا هو ..... ثواني حتى تمكنت آليس من إستيعاب هوية الشخص الواقف أمام باب شقتها حتى ترامت في حضنه مطلقة العنان لدموعها وشهقاتها في التعبير عن إشتياقها إليه حتى مسح ذلك الأخير على شعرها بعطف بينما إكتفى بالهمس: " عُدت "
جعلتها هذه الكلمة تزيد من قوة إحتضانها له وهي تهمس باسمه: " لينس .. أيها المغفل .. إشتقت إليك "
تظاهر لينس بالغصب وأردف: " ماذا ؟ ماذا ؟ مغفل ! أهكذا تعلمتِ كيف تستقبلين أخيكِ "
إبتعدت آليس عنه وهي تمسح دموعها ثم هتفت بمرح: " هذا ما علموني إياه "
_ علينا إعادتها للمدرسة الإبتدائية حتى تتعلم من جديد .. أليس كذلك يا لويس "
ضحك لويس بعد أن عانق آليس التي إنتبهت له فور إبتعادها عن حضن أخيها وقال: " لا تقلق سأتكفل أنا بتعليمها "
تظاهر لينس بالبكاء: " مذ أن كنت صغيراً لم يكن هنالك أحد يدللها كما كنت تفعل بينما أنا أتلقى التوبيخ بدلا منها "
ضحك الجميع على تمثيل لينس كما ضحك هو على نفسه بينما لويس إقترب منه وعانقه بيده اليمنى واليسرى لازالت محيطة بآليس .
ولكن قدر لهذه الفرحة القصير ألا تدوم ويحل محلها السكون والدهشة فقد سمع الثلاثة صوتاً رجولياً ثابتاً ينادي " آنسة آليس " نظر الثلاثة ناحية مصدر الصوت بعد إبتعدوا عن بعضهم بمقدار خطوة ليتراءى لهم شابان ربعيا العمر الأول يمتلك عينان تركوازيتان وشعر يشارك العينان لونها أما الثاني فقد كان يمتلك شعر نيلي وعينين داكنتين .. منظر هاذان الأثنان جعلا آليس تزدرق لعابها بإرتباك ثم تجيب بصوت منخفض: " الضابطان كيم وسامويل .. أهلاً "
حدق كل من لينس ولويس في بعضهما قبل أن يجيب كيم: " هل من الممكن أن نحادثكِ أنت السيدان لينس ولويس لدقائق "
حدقت آليس في سامويل لثواني قاطعها صوت لويس القائل: " المعذرة ولكن من أنتما أيه السادة "
أخرج كِلا الشابان شارتهما ليقول كيم: " ضابطا الشرطة .. كيم تراي وسامويل لينون "
في هذه الأثناء كانت آليس صامتة تفكر في شيء ما بينما لينس إكتفى بالمراقبة تاركاً للويس زمام الأمور ليقول ذلك الأخير بحذر: " يمكنكما أيه السادة الحديث معي أما آليس ولينس فهما متعبين الآن "
تحدث آليس مسرعة كأنها أخيراً وصلت لجواب: " الأمر يخص ويلنتون صحيح "
حدق الجميع في آليس بحيرة ماعدا سامويل الذي أجابها برزانة: " نعم آنستي هو كذاك "
في هذه اللحظة تبدلت ملامح لينس إلى الحدة والخشونة ثم أجاب بعد صمت طويل: " نحن آسفون ولكننا لا نعرف شيء " ثم وجه حديثه لآليس: " هيا بنا آليس .. أريد أن أرتاح لقد أرهقتني هذه الرحلة "
وما إن أوشك لينس على الحراك حتى قالت آليس: " أريد أن اسمع ما لديهم لينس لدقائق فقط "
احتد صوت لينس كما لو أنه خائف من شيء ما: " لا يمكنكِ ذلك آليس "
عرفت آليس في هذه اللحظة بأن لينس يعرف ما يريدان هذان الضابطان لذلك قالت بثبات: " إذاً ما رأيكَ أن تخبرني أنتَ "
كاد لينس أن يجيب لكن لويس قطع حديث الأخوت الذي احتد بقوله: " كفا .. وأنتما أيها السادة دعا حديثكما معي وحدي "
لم يعترض كيم فقد شعر بأن لويس ولينس لا يريدان لآليس الاستماع لهذا الحديث لذا وافق بدون تردد ففي اليومان الذين إلتقا آليس فيهما استنتج بأن آليس وكجميع الفتيات لن تتحمل خبر كهذا لذا وافق في حين أن سامويل لم ترقه الفكرة لكنه وافق ولم يعترض لكن آليس رفضت رفضاً قاطاً لا يمكن ثنيه فقد قالت: " أعلم حرصكم وخوفكم علي من المعرفة ولكن من حقي كفرد من أفراد هذه العائلة أن أعلم ما الذي يجري وماهو مصير كل فرد فيها .. أرجوكَ لينس اسمح لي بهذا "
لم يستطع لينس الإجابة بالرفض أو القبول لذا كان على آليس أن تبتسم لكي يتقبل لينس هذا الواقع الذي وقع فيه وحدث ماكانت تريد فقد سمح لها بمعرفة ما سيقولانه الضابطان لذا كان اللقاء في حانة سرية تابعه لرجال الشرطة حيث يتم الإلتقاء السري فيها دون علم الطرف الآخر بأن هذه الحانة تابعه للشرطة لذا لم يكن يعلم الثلاثة عن هذه الحانة ولن يعلموا أبداً .
***
تسارعت دقات قلبها .. وشحب وجهها ثم اصفر .. رجفت يداها .. بردت أطرافها .. اسطكت أسنانها .. تسارعت انفاسها .. باتت تشعر أنها تعيش في فلم سينمائي أحداثه خياليه لكن لاشيء ينكر ما يقولانه حتى تعابير وجهيي لينس ولويس توحيان بدرايتهما بالموضوع .. توقعت جميع الإحتمالات عدا هذا .. تجارة الممنوعات .. لم يستطع عقلها الباطني تصديق الأمر لذا حملت نفسها وهربت من بينهم تحت أنظارهم ولم يستطلع أحدهم منعها فقد كانت كالجثة تسير من غير هدى .. لا ترى غير السواد أمامها .. حتى قادتها قدمها جهة البحر حيث لا أحد هناك فقط هي لوحدها والقمر المنير إختار هذه الليلة من بين كل الليالي ليختفي ولا يظهر وهكذا ظلت وحيدة تحدق بالثرى منتكسة على نفسها تفكر وتحلل وتصحح وتختار ثم تعيد ترتيب أفكارها من جديد وضلت صديقتنا على هذه الحال لدقيقة فساعة وأصبحت الساعة ساعتان وهي لاتزال داخل هوة من الأفكار التي لا نهاية لها ولم تفق من سباتها إلا على صوت دافئ يقول: " الساعة الثانية والنصف ليلاً "
انتفض جسدها وأصدرت شهقة صغيرة تنم عن غيابها التام وبعدها عن هذا العالم أما الطرف الآخر ما إن شاهد إنتفاض جسدها حتى قال: " أعتذر على إخافتكِ "
حافظت آليس على انتظام أنفاسها ثم أجابت: " لا بأس "
تابع الأخير حديثه بنغماس: " ما سمعته صحيح ولا شيء من المعلومات التي نمتلكها ينفي هذا الأمر عنه لذا قدمنا طلباً لمعونتكم "
صمتت هي في محاولة لسترجاع أفكارها وبقيت لنصف دقيقة تعيد حديث كيم إلى ذهنها وفي هذه الأثناء انسلت بين شفتيها جملة غامضة محيرة: " عندم ينتهي كل شيء سأعود إليكما "
نظر لها الجالس بجانبها نظرات تأمل من بين هذا الظلام قاطعته بلتفاتتها نحوه وسآلها بطريقة طفولية لا إرادية: " والدي .. هل تعرف من هو والدي سيد سامويل "
تفاجأ سامويل من سؤالها لكنه أجاب: " هذا صعب فقد محى زوج أمكِ جميع المعلومات الخاصة بيوم ميلادك أنتِ واخيكِ لكن لا بأس سأحاول "
أظهرت آليس القليل من الفرح وهي تشكره: " حقاً .. شكراً لك َ "
تردد سامويل قليلاً قبل أن يسأل: " لكن لماذا .. إذا لا تريد الإجابة فلا بأس "
أعادت آليس نظرها إلى الأمام ثم قالت: " بعد رحيل لينس بأيام وصلتني رسالة من مجهول لم أعرفه .. خط أول حروف الرسالة بحبر أحمر وهي آليس بعدها بدأ الحديث عن ما جرى في المنزل كما لو أنه كان بيننا ويعلم ما يجري وختم رسالته بقوله لقد كبرتِ كثيراً منذ آخر لقاء لنا " أخذت تفكر قليلاً ثم تابعت: " لقد شاهدته منذ زمن لكني لا أتذكر فما قاله بثبت ذلك "
صمت سامويل يحدق في تعابير وجه آليس كما لو أن شعوراً بالذنب يعتريه ويعتصر قلبه لكن أبعد هذه الأحاسيس واكتفى بقول: " هوني عليكِ "
حدقت به آليس لنصف دقيقة ثم أشاحت بوجهها للبحر وماهي دقائق حتى رن هاتفها باسم تيفاني فأجابتها آليس بإبتسامة مصطنعة: " أهلا تيفاني كيف حالكِ "
_ أين أنتِ
تحولت نبرة آليس للجد فسألت: " ما الذي حصل "
أجابتها تيفاني بتوتر: " تعالي لمنزلي حالاً هناك شيء يجب ان تستلميه "
وقفت آليس في الحال فنفضت الغبار عن ثيابها ثم قالت: " انا في طريقي " وأغلقت الإتصال
وقف سامويل فور رؤيته لها تقف ثم عرض عليها توصيلها فوافقة لأن الوقت تأخر ومنزل تيفاني يقع بالرغم من قربه إلا أنه يحتاج لمسيرة ربع ساعة على الأقدام من وقعها ولم يكن لديها خيار آخر إلا الموافقة .
مرت الربع ساعة بصمت دون أن ينكسر هذا السكون لكن وصل آليس لبيت تيفاني حطم السكون بقولها: " هذا هو المنزل شكراً لكَ "
ألقى سامويل نظرة متفحصة على المنزل فقد كان المنزل صغير ذو طابق واحد يكفي فقط لشخصين بعدها أجاب: " حسناً .. إلى اللقاء "
ولكن قبل أن يخطو خطوة للخلق سارعة آليس بالقول: " أرجوكَ أريد أن أعلم من يكون أبي الحقيقي "
إبتسم لها ثم قال: " لا تقلقِ تدعي الأمر لي "
بعدما رحل سامويل وأصبح بعداً عن مرآ البصر دقت آليس الجرس مرتين ليفتح لها الباب بعد
24 ثانية وتفسح لها تيفاني المجال للدخول .
ما إن رست رجل آليس داخل حدود المنزل حتى ظهر لها شخص تعرفه لكن ما الذي يفعله في هذه الساعة المتأخرة وفي منزل تيفاني لذا كان عليها طرح هذا السؤال: " كابريس ما الذي تفعله هنا "
أجابها كابريس: " أجلسي أولاً ثم سنتحدث "
لم تنطق تيفاني بحرف وإكتفت بلزوم الصمت تاركة زمام الأمور لكابريس بينما آليس بدأت أعصابها تتلف بسبب هذا الصمت لكنها حافظت على هدوئها تنتظر أن يبدأ أحدهما بالحديث لكن أحدهما لم يحرك ببت شفه فقالت آليس مغيرة لمجرى الأمور: " إذاً كيف حالكما "
أجابتها تيفاني: " لا أعلم .. لكن ... "
لم تكمل يفاني حديثها فقد أخرج كابريس ظرفاً قدمه لآليس التي ما إن رأت الغلاف حتى عرفت المرسل فوراً وحدقت به بدهشة بينما أناملها ترتجف وهي تفتحه بتوتر وفي أكثر من مرة كاد أن ينزلق منها الظرف ويقع إثر رجفة يدها وحين تمكنت من الظرف وجدت ....
للماضي أثره على المستقبل
وبيدنا الرضوخ له أو تجاوزه
فما هو الخيار المتاح هنا
رد مع اقتباس