عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 05-22-2014, 10:00 AM
 
.




















(2)








لم تغادر تلك الفتاة وكلامها الغريب رأسي لبقية المساء، قلبت حديثها في ذهني بقدر ما استطعت طوال الطريق إلى شقتي.
لكن الصداع في رأسي صعب علي التفكير باستقامة، بدا وكأنه يزداد طرديا مع محاولاتي لفك الغموض.

التفت بارتياب، ما إن شعرت بالباب ينزلق مغلقا من خلفي، لكن تلك الحركة سببت لي ألما حادا في رأسي.
أخذت أنفاسا عميقة، وتركت الألم يمضي، ثم نظرت إلى الحائط الزجاجي لغرفة نومي.
كان الظلام مخيما في الخارج، لم أستطع أن أرى سوى انعكاس صورتي على الزجاج.
رأيت شابا غريبا، يظهر فاخرا ببذلته الرسمية، شعره الأشقر الجعد بدا وكأن الشمس لوحته بحيث غدا داكنا بلون الكراميل،
أما وجهه، فكان فارغا، شاحبا ومنهكا،
عيناه -من خلف النظارة- هما الوحيدتان اللتان أضفتا حياة على قسمات وجهه الخاوية،
بحيث كانتا تبرقان على نحو يكاد يكون غير طبيعي.
بدت الصورة وكأنها لرجل ضائع، انعكاس لشخص فقد ذاته!
شعرت بموجة اضطراب في أعماقي..

سمعت أصواتا في الممر، فحولت نظري إلى الغرفة من جديد.
انزلق الباب منفتحا، لتعبر من خلاله امرأة في أوائل العقد الثالث من العمر.
كانت ترتدي رداء رماديا من قطعة واحدة، وقد عقدت شعرها الأسود الكثيف خلف رأسها.

دفعت بعربة طعام دائرية ممتلئة إلى وسط الغرفة، وضغطت بصمت، زرا معدا في أحد جوانبها، فانفصل عن الطاولة مقعد مريح.
تحركت المرأة لتقف جانبا بذات الصمت، بدا وكأنها تنتظر أي تعليمات إضافية لتنفذها.
خمنت أنها من (المعيوبين) من طريقة عرج ساقها اليمنى، لم انتبه إليها قبل الليلة.
تأملت وجهها الداكن البشرة، ورأيت في عيونها الدعجاء واستقامة ظهرها وكتفيها، لمسة صلابة وكبرياء.. لا تتواجد لدى (المعيوبين) عادة.

"ما اسمك؟"

رمقتني بريبة، لم يكن يفترض بي أن أحدثها لأنها من الخدم، لكني شعرت برغبة في كسر كل القواعد الليلة،
كلويه ومن معها... شخص ما سرب لهم معلومات بشأن الدواء الذي أتناوله، شخص حولي غير مرئي، ولا يشك (الأسياد) بأمره.

"أخبريني، ما اسمك؟"

كررت سؤالي ومنحت مائدة العشاء المتحركة تلك، نظرة منعدمة الشهية.
رفعت المرأة ذقنها وأجابت بحذر:
"مينا."

بدت مشككة في دوافع سؤالي، فقلت:
"شكرا لك مينا، لكني لا أريد طعاما الليلة.. بإمكانك إعادته والانصراف."

سألتني بتردد، بينما أخلع نظارتي وألقيها فوق المنضدة بجوار السرير:
"وماذا عن الدواء سيدي؟"

قطبت جبيني للحظة، ثم خطوت حتى المائدة والتقطت حبتي الدواء الحمراوتين بعناية من فوق الطبق الصغير، تدبرت أمر إيهامها بأني بلعت الحبتين، ثم أخبرتها أن تنصرف.
وما إن فعلت، حتى تحركت لألقي الحبوب في المرحاض.

نزعت حذائي وسترتي وتركتهما على الأرض بإهمال، ثم ارتميت على السرير منهكا.
أمرت بإطفاء الضوء، واستلقيت ساكنا أحدق في سقف الغرفة المظلمة.

كنت قد قضيت فترة زمنية لم أحددها على ذلك النحو، قبل أن تبدأ لمحات متعرجة من الضوء بعبور مجال رؤيتي... اتسعت عيناي.
راح وهم من الألوان المضيئة يتراقص أمام ناظري، تماما كتلك الشهب التي رأيتها في قاعة الحفل... أربكني ذلك وشتتني.
ولم تمضي دقائق حتى شعرت بالخدر يكتسح أطرافي على نحو مألوف، وبطنين حاد يهاجم أذني بقسوة.

في مكان ما من عقلي السابح في حالة من الهذيان، أدركت بأني أمر بنوبة من الصرع، وهو الشيء الغير قابل للتصديق، فنوبات الصرع كانت متفاوتة لا تأتي إلا على فترات متقطعة. بدا لي -بشكل ضبابي- أنه من غير الممكن أن تباغتني نوبة فور تخلي عن الدواء!
شعرت بألم حاد لا يحتمل في رأسي، أبقاني واعيا طيلة الدقائق التي استغرقتها تلك النوبة.
ثم شعرت بأثرها يخفت، وبإحساس بالغثيان والسقم يتصاعد بدلا عنها.
تقلصت معدتي في محاولة لنفض ما تحتويه، فحاولت النهوض، لكن صعب علي تحريك أطرافي المخدرة، وفكرت أن هذه قطعا ليست واحدة من أفضل ليالي!

زحفت حتى حافة السرير، وأفرغت ما كان في جوفي على الأرض.
فكرت -بينما أرتعش بشدة- ألا علاقة للصرع بحالتي هذه، لقد كنت أعاني أعراض وقف الدواء المفاجئ.
دواء مغشوش... فكرت بصخب.. عقار للتبلد ممزوج بدواء مغشوش!

انقلبت على ظهري بمشقة بالغة.. وأغلق الألم عيني.
استرخت عضلاتي شيئا فشيئا، وتباطأت ضربات قلبي.
شعرت كمن يغرق في دوامة عميقة... قبل أن أغيب عن الوعي.



تجسدت الذكريات ببطء، مثل فقاعات تطفو على سطح بئر مظلمة بلا قرار.
وجه والدي مركزا على خطة يعمل عليها وباقي الثوار..
ضحك داريل وهو يعلق بسخريته المحببة على قدراتي في القتال..
جريي في أنحاء الغابة، قاصدا مخابئي المفضلة فيها..
ثم امتد الظلام..
وانحسر الدفء..

رأيت امرأة ذات وشاح.
حدقت إليها من الضفة الأخرى لنهر تتدفق مياهه المتموجة ممزوجة بالدم!
على الضفة المقابلة، وقفت المرأة بمواجهتي، بلا حراك، وجهها مخبأ بوشاح.
أمسكت بيدها قطعة قماش تينيا خضراء، ثم رفعتها تكريما لبحر الجثث والأجساد الملقاة عند قدميها.
كانت رائحة الموت تفوح في كل مكان.
همست المرأة:
"نحن بحاجتك."
سمعت كلماتها وكأنها نطقت بها داخل رأسي. ناديتها:
"من أنت؟"

لكن لم يصدر عني أي صوت.
تقدمت خطوة باتجاه النهر، رأيت مياهه بلون الدم، عميقة جدا، يتعذر علي اجتيازها.
عندما نظرت مجددا إلى المرأة ذات الوشاح، كانت الجثث والأجساد عند قدميها قد تضاعفت.
أصبحت الآن بالمئات، لا بل بالآلاف.
بعضها مازال حيا، يتلوى وهو يحتضر!
كان بمقدوري سماع أصداء الصرخات الحزينة للبشر المعذبين وهي تتردد عبر المياه!
اقتربت مني المرأة، مادة يديها النحيلتين، وكأنها تطلب المساعدة.
صرخت مجددا:
"من أنت؟!"

لم تجب المرأة، بل مدت يدها ونزعت الوشاح عن وجهها.
كانت رائعة الجمال، لكن أصغر سنا مما تخيلت، ربما في بداية العقد الثاني من عمرها، جميلة وقوية، مثل تمثال.
كان لديها عينان عميقتين حنونتين، وشعر حريري طويل أسود اللون، يتموج على كتفيها.
شعرت أني أعرفها... وأثق بها. لكن كيف؟ ولماذا؟

فجأة بدأ يشع منها ضوء أبيض.. ويزداد إشراقا.
ثم أخذ جسدها بأكمله يهتز بشدة، قبل أن يصدر صوت صاخب كالرعد، وتنفجر متحولة إلى آلاف الشظايا المنيرة!
استيقظت وأنا أصرخ. ووجدت نفسي بمفردي في غرفتي تحت ضوء النهار.. فحاولت أن اهدأ والتقط أنفاسي.

تلاشت ذكريات كابوسي بسرعة، وحل محلها صور من الماضي العنيف، تعرضي للركلات والبصاق، وللسعات النار..
اشتممت رائحة اللحم البشري المحترق، وسمعت هسيس الجلد المشوي، والصراخ الذي يرافقه، فتشنج جسدي كله بألم...
لمحات من الماضي كانت تمر أمام عيني مثل شريط فيديو!
يتعين علي أن أعترف بأني لم أستطع احتمال تصور الماضي بتفاصيله كلها، بل تصورت أشياء أخرى كثيرة.
تصورت بأني تعرضت علنا للإذلال، والتعذيب، والشنق.
تصورت كما فعلت ملايين المرات، الفرار إلى اللامكان وملاحقة ضباط الأمن لي.

أذكر أن الثوار لم يكونوا يفارقون ذاكرتي حتى في ذاك الوقت العصيب من حياتي، لكني مؤخرا.. لم أفكر بأولئك الذين أحببتهم كثيرا ورحلوا بكرامة،
لم أستطع رؤية موت والدي إلا في الكوابيس، ولم أستطع التركيز على الدافع الذي جعلني انفجر يومها بذلك الشكل، فأفجر الوضع معي.
ببساطة.. فكرت بنفسي فقط، وبما ينتظرني في المستقبل.

أحسست بالبرد بالرغم من حرارة الغرفة، وأخذتني ذاكرتي إلى البعيد هذه المرة.

تذكرت العلبة الخشبية في يدي الصبي الصغير وهو يراقب والده يحفر مخبأ لدفنها، شعرت بحرارة الشمس، بالعرق الذي تجففه النسمات المحملة برائحة الطبيعة الجبلية.
أمكنني رؤية ابتسامة آلان تيسلر الواثقة بي، وهو يمسح جبينه المندى بكمه المتسخ بالتراب.
"الآن... ستحمل السر معك بني وتحافظ عليه، أنا أعتمد عليك."

ترددت العبارة في رأسي مثل الطنين.. أيعقل أن هذا قرر قبل أكثر من ثلاثة عشر عاما؟!
أكان أبي يعلم... بطريقة ما، أني سأبقى حيا من بعده لأصون سره وطريقه؟!
أستبعد ذلك. أستبعده لأنه مستحيل، لكن الشيء الذي دفناه سويا أمر قد غاب عن ذاكرتي كل تلك السنوات.
أجل، غاب كل شيء عن ذهني، حتى سبب بقائي حيا وقد قتل كل من كانوا معي.
(خطة محكمة) كما قالت تلك الفتاة الغريبة.. زائرة كوابيسي الجديدة.

شعرت بالرغم من كل التشوش الذي يسببه لي المرض، بأن أفكاري صافية لأول مرة منذ سنوات!
الثوار كانوا الأقوى من بيننا.
هم الذين امتلكوا الجرأة وتحدوا (الأسياد) بالرغم من كل الأخطار، فتمكنوا بذلك من لي ذراعهم، فحتى القتل ما كان قادرا على تغيير الأثر الذي أحدثوه في الناس.
إنهم، أم لعله يجدر بي أن أقول نحن، تجسيد الأمل حيث لا أمل.
و الآن، فقط من أجل إظهار أنه حتى الأمل ما هو إلا وهم من الأوهام، تم العمل من أجل إظهار (ابن القائد)، رمزا يتعاون معهم طواعية.
لا أمل... العالم برمته تحت أيديهم... تلك كانت الرسالة الوحيدة التي أرادوني أن أوصلها!
ليست الخيانة.. بل أسوأ.. الاستسلام واليأس!

الإدراك ضربني مثل كرة من التحطيم، مثل مكبس ساحق، لم توجد صورة عنيفة كفاية لاحتواء قوة ما حدث لي في تلك اللحظة!
ما عدت أبدا الإنسان المطفأ الذي كنته، ولا أثر لأشلاء الجمود التي كنت قد تدبرت تغطية نفسي ببقاياها..

رأيت وجهين في رأسي، جنبا إلى جنب.
أحدهما وجهي، الأناني الذي تجهز لقتل كثير من الناس بجرائم الأخلاقيات المبررة، المعللة من طرف السلطة!
والوجه الآخر، كان لآلان تيسلر، لم يكن هناك شبه بين الوجهين، كانا كنهار مشرق وليل شديد السواد.
ما كان ثمة سبب كي يوجد شبه، آلان كان والدي، وأتقاسم معه سمات بيولوجية مشتركة.
كان لدينا نفس البشرة السمراء، والعيون السوداء ..بل وحتى ذات التقاطيع المميزة للوجه، وبرغم ذلك كله، انعدم في عيني وجود عنصر أساسي للتشابه.
كنت أتخيل في زمن مضى أن وجهي يعكس شيئا من وجهه، إلى حد ما.
ذلك في العشر سنوات الأولى من حياتي حين كنت قد اعتنقت اختياره، واتبعت خطاه.
سماتي الآن لم تتغير، ولكن بدا لي الأمر وقتها مختلفا، وكأن بعضا من حكمته قد وسمت تعابيري.
مقدارا ضئيلا من إنسانيته يمكن تتبعه في شكل فمي.
لمحات من صبره كانت واضحة على جبيني.
كل هذه التحسينات البالغة الصغر ضاعت في وجه الإنسان الغريب الذي أصبحته الآن..
لم يتبقى بداخلي شيء من شأنه أن يعكس السنوات التي قضيتها معه... مع معلمي المخلص، وأبي بكل الطرق المحتسبة.

في رأسي عينا آلان الرحيمة لم تكن تقاضيني، كنت أعرف أنه سيغفر لي هذا العمل الرهيب الذي أنا فاعله لأنه أحبني.
لأنه ظن أنني كنت أفضل مما أنا عليه، وسيظل .. حتى وأنا الآن أثبت خطأه.
لقد برهنت فداحة ثقته بي! بؤس هذه الحقيقة كان يحرق تقريبا بقدر النار التي كوتني لسعاتها مرات لا تحصى لأجل التعذيب.
كلويه... لماذا كان عليها أن توجد؟
لماذا كان عليها أن تخرب السلام الضئيل الذي حظيت به في هذه اللاحياة التي أعيشها؟!
دواء التبلد كان نعيما مرفها مقارنة بما أختبره الآن!


كان الوقت يدنو من الغروب، ونور الشفق الذهبي يتدفق من النافذة.
شعرت بأوهامي الذهنية تجرجرني من جديد، لتعيدني إلى تلك البئر العميقة التي خرجت منها.
قاومت هذا الإحساس، وحاولت إجبار عيني على البقاء مفتوحتين على بياض غرفتي.
حاولت الجلوس، لكني شعرت أن جسدي ثقيل كالإسمنت.
وبينما أتقلب، وجدت نفسي مجددا في مواجهة النافذة.
بعدما أشرق نور النهار، اختفى انعكاس صورتي عن الزجاج الداكن، لتحل مكانها سماء ذهبية محمرة، احتشدت فيها بضع غيمات في البعيد.
هيمنت واجهة ملكية واحدة على حقلي البصري، وسط محيط من البنايات والأبراج،
كان المبنى عبارة عن قلعة حجرية مهيبة، مع سور مثلم وارتفاع يعلو ثلاثمئة قدم.



رفعت نفسي على نحو أخرق للجلوس على السرير، فيما غزت الأوجاع رأسي، قاومت الألم المبرح وثبت نظري على البناء... قصر (الأسياد).
باغتني إحساس بالدوار والغثيان حين نهضت على قدمي، فانتظرت حتى مرت الأزمة،
ثم اقتربت من الزجاج الذي بدا من وراءه ضوء النهار الراحل، شعرت ببرودة الرخام تحت قدمي الحافيتين، واجتزت المسافة حتى الحائط الزجاجي مترنحا.
ترك إيقاف الدواء الفجائي أثره على عقلي فلم يكن أقل ضبابية من بصري.
شعرت كأني تحت الماء، أحاول شق طريقي عبر عالم لزج ومعتم!

في البعيد، كانت شمس الغروب تلامس بأشعتها الحمراء مدينة (فلاندرس)، ضغطت جبيني على الزجاج البارد.
كان ظلام الليلة الماضية معذبا، لذلك سرني رؤية الطيف الكامل لأشعة الشمس حتى وإن كانت تغوص الآن أسفل السفوح.
أغمضت عيني من شدة الانهاك والألم، لكن الظلام ابتلعني مجددا.
عادت إلي رؤيا مألوفة، الفتاة ذات الوشاح، والشعر الأسود الحريري.

كما الحلم السابق، كانت تقف على ضفة نهر من الدماء، ومحاطة بجثث وأجساد تتلوى.
تحدثت إلي بصوت متوسل:
"ساعدنا!"

سيطر علي إحساس بأن علي إنقاذها... إنقاذهم جميعا.
لاعبت شعرها الجميل رياح حارة، وهمست:
"الوقت ينفذ.. نحن بحاجتك."

فجأة، ومن دون سابق إنذار، انفجرت في عمود من النار يعمي الأبصار تصاعد عبر النهر، واجتاحنا نحن الاثنين.




فتحت عيني بصعوبة شاعرا بثقل في جفني، وجدت نفسي في غرفة مغمورة بالضوء.
كان الهواء عابقا برائحة الكحول الطبية الحادة، فيما تناهى إلى مسامعي صوت آلة يرافق إيقاع قلبي.
حاولت تحريك ذراعي اليمنى، لكن ألما واخزا منعني من ذلك.
نظرت إليها ورأيت إبرة مصل معلقة بساعدي. تسارع نبضي، فزادت الآلات من سرعتها، وراح طنينها يتسارع هو أيضا.
أين أنا؟ ماذا حدث؟!
شعرت بألم حاد في رأسي، فمددت يدي الأخرى بحذر، ولمست فروة رأسي، محاولا تحديد موقع الألم.
تحت شعري الأجعد، كانت كدمة متورمة لم أعرف سببها.

"استعدت وعيك أخيرا."

تحركت عيناي بصورة آلية نحو مصدر الصوت، كان إيستن جالسا إلى جانب سريري في مقعد أحمر وثير، بدا شكله غريبا وغير متناسق مع هذه الحجرة الصغيرة.
كان يحملق في شاشة صغيرة بحجم كتاب بين يديه، وبدا متضايقا بقدر ما قد يبدو شخص تحوم حوله ذبابة!
قليل من الضيق من طرفه، وصفاء ذهني لايزال كما كان، كيف؟!
أيعقل أنهم لم يكتشفوا أمر تخلي عن الدواء بعد؟!

أطفأ إيستن جهازه ثم رفع عينيه إلي... كلا، لقد كان يعرف.
كرر اسمي بتأنيب لطيف ساخر:
"داغن.. داغن.. داغن..."

عبرت رأسي فكرة عنيفة تصور ردي على سخريته، فيما هز هو رأسه وتابع ناظرا إلى عيني:
"إلى أي حد يمكن لشابة جميلة أن توقعك في المتاعب؟"

شعرت بالبرودة في أطرافي فجأة، ولأول مرة منذ سنوات.. ليس خشية على نفسي.














.
__________________
-









أستغفر الله وأتوب اليه عدد ما ذكرهُ الذاكرون
و غفلَّ عن ذكرهُ الغافلون !

رد مع اقتباس