عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-30-2014, 09:21 AM
 



زوجته هي: شميلة بنت أبي حناءه بن أبي أزيهر بن أنيس بن الخيسق بن مالك بن سعد بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن عامر بن بكر بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران



لغزارة علم ابن عباس الصحابي الجليل، لقب بالبحر إذ أنه لم يتعود أن يسكت عن أمر سُئل عنه، فإن كان الأمر في القرآن أخبر به، وإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله أخبر به، فإن كان من سيرة أحد الصحابة أخبر به، فإن لم يكن في شيء من هؤلاء قدم رأيه فيه، ومن شدة اتقانه فقد قرأ سورة البقرة وفسرها آية آية وحرفا حرفا. لشدة ايمانه أنه لما وقع في عينه الماء أراد أن يتعالج منه فقيل له: إنك تمكث كذا وكذا يوما لا تصلي إلا مضطجعا فكره ذلك.
وقد قال : سلوني عن التفسير فإن ربي وهب لي لسانا سؤولا وقلبا عقولا. سئل ابن عباس يوما: " أنّى أصبت هذا العلم"؟ فأجاب: " بلسان سؤول.. وقلب عقول".. فبلسانه المتسائل دوما، وبعقله الفاحص أبدا، ثم بتواضعه ودماثة خلقه، صار ابن عباس حبر هذه الأمة..
كان تنوّع ثقافته، وشمول معرفته ما يبهر الألباب. فهو الحبر الحاذق الفطن في كل علم.. في تفسير القرآن وتأويله وفي الفقه.. وفي التاريخ.. وفي لغة العرب وآدابهم، ومن ثمّ فقد كان مقصد الباحثين عن المعرفة، يأتيه الناس أفواجا من أقطار الإسلام، ليسمعوا منه، وليتفقهوا عليه.
حدّث أحد أصحابه ومعاصريه فقال: "لقد رأيت من ابن عباس مجلسا، لو أن جميع قريش فخرت به، لكان لها به الفخر.. رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر أن يجيء ولا أن يذهب. فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال لي: ضع لي وضوءا، فتوضأ وجلس وقال: أخرج إليهم، فادع من يريد أن يسأل عن القرآن وتأويله. فخرجت فآذنتهم: فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سالوا عن شيء الا اخبرهم وزاد. ثم قال لهم: اخوانكم. فخرجوا ليفسحوا لغيرهم. ثم قال لي: أخرج فادع من يريد أن يسأل عن الحلال والحرام. فخرجت فآذنتهم: فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوا عن شيء الا أخبرهم وزادهم. ثم قال: اخوانكم.. فخرجوا.. ثم قال لي: ادع من يريد أن يسأل عن الفرائض، فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوه عن شيء الا أخبرهم وزادهم.. ثم قال لي: ادع من يريد أن يسال عن العربية، والشعر.. فآذنتهم فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوه عن شيء الا أخبرهم وزادهم




بعث به الامام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ذات يوم إلى طائفة كبيرة منهم فدار بينه وبينهم حوار رائع وجّه فيه الحديث وساق الحجة بشكل يبهر الألباب.. ومن ذلك الحوار الطويل نكتفي بهذه الفقرة..
سألهم ابن عباس: " ماذا تنقمون من عليّ..؟" قالوا: " ننقم منه ثلاثا:
أولاهنّ: أنه حكّم الرجال في دين الله، والله يقول: (ان الحكم الا لله).
والثانية: أنه قاتل، ثم لم يأخذ من مقاتليه سبيا ولا غنائم، فلئن كانوا كفارا، فقد حلّت أموالهم، وإن كانوا مؤمنين فقد حرّمت عليه دماؤهم.!!
والثالثة: رضي عند التحكيم أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، استجابة لأعدائه، فان لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين."
وأخذ ابن عباس يفنّد أهواءهم فقال: " أما قولكم: انه حكّم الرجال في دين الله، فأيّ بأس.؟ إن الله يقول: (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)، فنبؤني بالله: أتحكيم الرجال في حقن دماء المسلمين أحق وأولى، أم تحكيمهم في أرنب ثمنها درهم.؟ وأما قولكم: انه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فهل كنتم تريدون أن يأخذ عائشة زوج الرسول وأم المؤمنين سبيا، ويأخذ أسلابها غنائم.؟؟ وأما قولكم: أنه رضي أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، حتى يتم التحكيم، فاسمعوا ما فعله الرسول يوم الحديبية، إذ راح يملي الكتاب الذي يقوم بينه وبين قريش، فقال للكاتب (و كان الامام علي بن ابي طالب هو كاتب صحف رسول الله صلى الله عليه وسلم): اكتب. هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقال مبعوث قريش: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك. فاكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، فقال لهم الرسول: والله اني لرسول الله وإن كذبتم، ثم قال لكاتب الصحيفة: أكتب ما يشاءون: أكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله.
استمرّ الحوار بين ابن عباس والخوارج على هذا النسق الباهر المعجز، وما كاد ينتهي النقاش بينهم حتى نهض منهم ألفان، معلنين اقتناعهم، ومعلنين خروجهم من خصومة الامام عليّ



لم يكن ابن عباس يمتلك هذه الثروة الكبرى من العلم فحسب. بل كان يمتلك معها ثروة أكبر، من أخلاق العلم وأخلاق العلماء. فهو في جوده وسخائه إمام وعالم. انه ليفيض على الناس من ماله، بنفس السماح الذي يفيض به عليهم. ولقد كان معاصروه يتحدثون عنه فيقولون: "ما رأينا بيتا أكثر طعاما، ولا شرابا، ولا فاكهة، ولا علما من بيت ابن عباس". وهو طاهر القلب، نقيّ النفس، لا يحمل لأحد ضغنا ولا غلا. وهوايته التي لا يشبع منها، هي تمنّيه الخير لكل من يعرف ومن لا يعرف من الناس.
فيقول عن نفسه: "إني لآتي على الآية من كتاب الله فأود لو أن الناس جميعا علموا مثل الذي أعلم. وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضي بالعدل، ويحكم بالقسط، فأفرح به وأدعو له. ومالي عنده قضيّة. وإني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضا فأفرح به، ومالي بتلك الأرض سائمة."
وهو عابد قانت أوّأب، يقوم من الليل، ويصوم من الأيام، ولا تخطئ العين مجرى الدموع تحت خديّه، إذ كان كثير البكاء كلما صلى، وكلما قرأ القرآن، فاذا بلغ في قراءته بعض آيات الزجر والوعيد، وذكر الموت، والبعث علا نشيجه ونحيبه. وهو إلى جانب هذا شجاع، أمين، حصيف




ولقد كان له في الخلاف بين عليّ ومعاوية آراء تدلّ على امتداد فطنته، وسعة حيلته.
وهو يؤثر السلام على الحرب، والرفق على العنف. والمنطق على القسر، عندما همّ الحسين بالخروج إلى العراق إصلاحا للإسلام زيادا، ويزيد، تعلق ابن عباس به واستمات في محاولة منعه. فلما بلغه فيما بعد نبأ استشهاده، أقضّه الحزن عليه، ولزم داره.
في كل خلاف ينشب بين مسلم ومسلم، لم تكن تجد ابن عباس الا حاملا راية السلم، والتفاهم واللين، صحيح أنه خاض المعركة مع الامام عليّ ضد معاوية. ولكنه فعل ذلك لأن المعركة في بدايتها كانت تمثل ردعا لازما لحركة انشقاق رهيبة، تهدد وحدة الدين ووحدة المسلمين



وكان ابن عباس يمتلك إلى جانب ذاكرته القوية، ذكاء نافذا، وفطنة بالغة.. كانت حجته كضوء الشمس ألقا، ووضوحا، وبهجة.. وهو في حواره ومنطقه، لا يترك خصمه مفعما بالاقتناع وحسب، بل ومفعما بالغبطة من روعة المنطق وفطنة الحوار.. ومع غزارة علمه، ونفاذ حجته، لم يكن يرى في الحوار والمناقشة معركة ذكاء، يزهو فيها بعلمه، ثم بانتصاره على خصمه.. بل كان يراها سبيلا قويما لرؤية الصواب ومعرفته.. لطالما روّع الخوارج بمنطقه الصارم العادل



توفي حَبر هذه الأمة الصحابي عبد الله بن عباس سنة 68 هـ بالطائف، وقد نزل في قبره وتولى دفنه علي بن عبد الله ومحمد بن الحنفية، والعباس بن محمد بن عبد الله بن العباس وصفوان، وكريب

انتهية بتمنى انو يعجبكم موضوعي
وتستفيدو كما استفدة انا منها
وخذ بعض الحكم
ورجاءً لا تنسو الليك+تقييم
+
شكر خاص
لمنضمة المسابقة سارة محمد منصور
وللمصمة الرائع التي صممة لي هذا التصميم الرائع والذي اتمنى ان يعجبكم
sakura-lover
قراء ممتعة
__________________
ﻻ بد لشعلة الامل أن تضئ ظلمات اليأس
وﻻ بد لشجرة الصبر تن تطرح ثمار الامل
رد مع اقتباس