عرض مشاركة واحدة
  #525  
قديم 06-03-2014, 09:28 PM
 






- إنه لا يفتح، لقد أرهقت

رفعت يدها ومسحت جبينها بإعياء فالصندوق الذي أعطته لها السيدة كيران لم يفتح بعد وهي تجاهد في سبيل إشباع فضولها عما فيه
تعجبت مينابو منه فرددت ببلاهة
- لما أعطتني السيدة كيران شيئاً لا يفتح؟

ألقت بالسكين جانباً ووضعت الصندوق على الأرض بقيت لفترة من الزمن تحدق به من خارجه وعيونها تسترجع العديد من الأشياء المريبة نحوه متعجبة بسر سيدتها آن ذاك تذكرت آخر كلماتها عندما سلمته إليها فقالت
- عندما يحين الوقت المناسب

عادت لحمله ووقفت بغية وضعه في دولابها بكل رضا وتقبل بواقع أنها لم تستطع رؤية ما بداخله
- عندما يحين الوقت المناسب، لكن متى هذا الوقت؟

تحيرت أكثر من ذي قبل فأسرعت بإحلال الصندوق مكانه وصفقت دفة دولابها ثم أسندت ظهرها عليه تفكر

أغمضت عينيها على نحو يبدو فيه الإرهاق متأصلاً بهما فلما تحاول تجاهل شعور يدب بذاتها منذراً لها بشيء غريب سيحصل
- ليس عليّ الاكتراث لشيء سيحل مع الزمن


شيء سيحل مع الزمن، وستحل معه ذكريات كانت في سرداب محكم الإغلاق، سن عليها هذا الزمن أن تصمت وأجبرها على الإذعان لسيادة الطاعة







انحنت تودعهم لتستهل طريقها متأبطة حقيبتها السوداء اليدوية
مضت ميدوري وقد تركت القصر بكل خطوة واثقة رحلت بعد خروجها متضحة بتذمرها الغريب الآن
- لم يتغير؟!!

نفت برأسها
- ولما عليّ أن أهتم له هكذا... لن أبكي عليه أبداً سأنساه كما فعل مع كلماتي البارحة

رفعت شعرها القسطلي الغامق المتناثر عن هامتها وأبعدته عن مجرى رؤيتها ثم نظرت للأعلى بابتسامتها الضاحكة الآن بكل مرح
- لكنني اليوم ابتدأت حملتي للرد على كلامه اللاسع

ضحكت بغباء أكثر على فعلتها فطوال اليوم كانت تتجنبه وتتجنب الحديث معه بداعي الانتقام منه وخصوصاً أنه لا وجود لشخص يساعده بما أن تامينا عادت متعبة بعد تلك المشاجرة مع لوكا فهو مجبر على طلب العون منها... لم يفعل ذلك فقد قام بكل شيء لوحده وهي تراقبه من بعيد بكل برود كما عادته هو معها

أوقفت سيارة أجرة قادمة من جهتها واستقلتها لبيتهم
بعد مدة من السير دفعت الأجرة للسائق ونزلت مسرعة الخطى لبيتهم وما إن أدركته حتى أبت خطواتها زيادةً مثولاً لدهشة ضربتها
- هل هو ضيف يا ترى؟

سيارة فخمة رمادية اللون مركونة أمام بيتهم
رأتها ميدوري فتعجبت منها كونهم أناس بسطاء جداً من عساه يأتي إلى بيتهم ويزورهم وهو يمتلك مثل هذه السيارة

توسطها التعجب حتى أطبق عليها نفسها عندما سمعت صوت أبيها وهو يطلق ضحكات تتعالى وصلتها، لم تفهم ما هي

نظرت يمنة ويسرة لعلها ترى أي شيء قد يعيد لها سكينتها المفقودة جراء تدافع الأقاويل في نفسها

من مكانها ذاك رفعت رأسها للأعلى لتلمح شجرة... ثم أنزلتها ناظرةً للجدار
تأكدت بأن التسلل بهذا الموقف هو الشيء الكفيل بإشباع رغبتها الملحة على كشف ما يدور هنا دون أن تكشف
لوت شفتيها والحماس يتطاير من عينيها الذهبيتين
- حسناً، لقد اشتقت لهذا

كانت تشعر بتفكيرها هذا أنها عادت لعشر سنوات خلفاً
لم تهمل تلك الذكريات كطفلة تقفز من على الجدار ثم تنزلق نازلة منه مستعينة بالشجرة من قبل

بسرعة قامت بالتراجع وتعليق حقيبتها وراء ظهرها مشمرةً عن ثيابها متأهبة بكل استعداد منها
تراجعت بينما نظراتها الحارة ترمق الجدار بحدة غير متناهية ثم انطلقت متشبثةً بأعلاه
تنهدت بقوة تنم عن تعبها فهي لم تعد صغيرة على تسلقه بمثل ما فعلت الآن
- يا إلهي الأمر متعب حقاً... لم أعد كما كنت

أعلت عينيها للشجرة كآخر خطوة للهبوط ثم أحكمت الإمساك بها وحاولت جاهدةً كبح قدمها من أن تخونها ومع أن ذاك لم يتناسب مع التنورة التي ترتديها فقد نجحت حقاً

نفضت شعرها من أي غبار قد يعلق به ثم مرت بخطواتها قاصدة الغرفة وأذنيها تحاولان سحب أي ذبذبة قد تلتقطهما، لم يفاجئها أمر مغادرة من معهم رغم تكبدها مشقة التسلق فالوقت متأخر والشمس غادرت منذ بضعة دقائق
أخرجت نفساً متأوهاً مما عانته تسخر على نفسها
- رقم واحد بالحظ العاثر، آه

أطلق همسةً كفيلة بسحب جل عقلها المتذمر نحوه
- ميدو،... تعالي

رمشت عينيها بسرعة تحاول ربط ما أقدمت عليه وما رآه منها
- هل رأيتني؟

ببلادة تماطل بقوله مشيراً لها أن تتقدم دون خوف على ما سيقوله
- أجل لقد رأيتكِ

تقدمت نحوه مكورة ليديها بهيئة موحية أنها ستجرأ على ضربه إن لم يصمت
- حاول أن تشي بي وسأرسلك لكوكب آخر "إتسوكي"

نفى إتسوكي شقيقها الصغير بيده، يعي حتى وإن كان ينظر لها من النافذة كحاجز آمن فهو لن يسلم أبداً من نيران عقابها فقال مروحاً عنها وعن نفسه
- لن أفعل لكن

ضيق شقيقها الصغير "إتسوكي" عينيه المشابهتين لعينيها بمكر كما عادته عند طلب مقابل على خدمة ما منها لكن هذه المرة خدمة من نوع خاص
- هذا شيء خاص بكِ، قد لا تحبذينه

- وما المقابل؟

- المقابل لا يتعدى ثلاثين ين فقط

انبلجت عينيها وبسبب هذا المبلغ المهول بالنسبة لها سحبته من تلاليب قميصه وهزته بعنف فبقدر المال كانت أهمية الخبر، قالت بعد أن صدمت جبينها بجبينه
- أسرع وانطق مع تخفيض، وإلا فإنك ستودع المجرة

صاح بها مندداً مبتعدا، فهو لن يسلم منها حتماً
- حسناً سأخفضه لكن لا تضربيني فقط رجاءً

ترجاها ضاماً يديه بكل طفولية فعدلت عنه وصعدت من النافذة كشخص هارب لتقف بعدها مقابلة له نداً بند
تنفس هو الصعداء وأشار لها
- الأفضل لكِ التخلي عن هذه التصرفات

قصد بالتصرفات هو تسلقها للجدران وقفزها متلصصة وهي في بيتها لكنها لم تكن بمزاج يجعلها تفهم ما عنى
- ماذا!!!؟

عدلت من وضعية حقيبتها وسحبت مشبك شعرها لينسدل متدرجاً بحرية وما أجبرها على الصراخ بوجهه هو تأخره عن قول هذا الخبر
- هيا فلتتكلم

- حسناً روعكِ فحسب!!!

شبك يديه خلف ظهره قائلاً بكل وقار لم يعهد من طفل بمثل سنه
- ستتزوجين

- ماذا؟؟؟

هل تصدقه، أم تصفعه وترديه بعيداً
ما الذي ستفعله؟؟!!
تحيرت وهي تعيد السؤال وليته كان خبراً غبياً غير صحيح
- من... مــ، ماذا قلت ؟

- إنه "هاجيمي هاناكو" هو إبن رئيس عمل والدي

اتسعت عينيها فهل ما تسمعه منه صحيح، ضحكة مستفزة اعتصرتها من بين شفتيها
- توقف عن قول الحماقات إتسوكي!!

لقد نال كفايته منها اليوم... تلفت جانباً مشبكاً يديه حتى هو لم يرد تصديق أن هذا قد حصل
- ما رأيته وسمعته هو ما يثبت لي ميدوري

يثبت له ماذا؟، أليس الأجدر بها حتى هي أن تربط ما شهدته أمام منزلها المقفر
وتلك السيارة الفخمة وسبب دخولها للبيت خفية وضحكة والدها التي نادراً جداً ما تسمعها، وما يدفعها للتلصص وكل ذلك
حركت رأسها نافية ومحذرة للصغير
- لا تكذب مجدداً... ولن تأخذ من عندي يناً واحداً الآن كعقاب على ما قلته

أرسلت خطاها بعيداً عنه لخارج الغرفة وشكوكها تراودها كذلك حتى جمدها بنبرة واضحة متمثلة بتلك الإجابة
- هذه هي الحقيقة ميدوري آسف

خالت نفسها لم تسمع وادعت ذلك فمن هو هاجيمي ذاك لينغص عليها حياتها زيادة عما تعيشه

ما إن التمست يدها مقبض باب غرفتها حتى داهمها صوت أمها الرقيق
- عزيزتي ميدوري أهلاً بعودتك

لم يخفى على ميدوري علامة الاستفهام الكبيرة التي تشكلت بوجه والدتها اللطيف
فكيف دخلت دون أن تلاحظها أو حتى أن تلتقي بضيوفها الثقال والغير مرغوب فيهم

اكتفت ميدوري بإماء رأسها تحت تلك التساؤلات
- والدكِ يرغب بتزويجكِ

قالت والدتها ذلك مباشرة، تعلم بقوة ردة فعل ابنتها وصواب رأيها
لكن ميدوري ليس هذا ما أرادته، بل هي لم تحببه بيوم من الأيام... لم تفكر فيه، بل لم تعرفه بالأصل
كيف صدمها هكذا، أرغمها على الدخول بزيجة مباشرةً و دون الأخذ برأيها أو التلميح فقط
- لا أرغب به

أتت إجابتها مؤيدة لوالدتها فهي أكثر ذكاءً من أن ترسل بابنتها للهلاك بمجرد عقد مع والدها
تنفست بهدوء وقالت
- لكن والدكِ

- أين هو ؟؟

تغيرت نظرات ميدوري وهي تشتعل بداخلها ليس لهذه الدرجة لكي يستغني عنها
ألقت حقيبتها أمام باب غرفتها دون أن تفتحها وتوجهت صوب الصالة التي تقع على مقربة منها دخلتها وصاحت دون سابق إنذار بوجه والدها، اكتفت منه ومما يفعله
- لن أتزوج به والدي...

كان متكأً على تلك الأريكة العتيقة مشبكاًً ليديه على صدره
لم يدم بتلك الوضعية بعد دخول ابنته الوحيدة، حيث وقف برعبة من نبرة صوتها الجاد ليس كما كل مرة
- ماذا؟؟ لكنه عقد يا ابنتي

علم بأنها بطريقة ما عرفت بما يخطط له ولا شيء يمنعها الآن من أن تقوم بتأنيبه أكثر من ذي قبل
- عقد على حياتي، عقد على من، أجبني؟؟!!

أشارت لنفسها بجدية لم يسبق وأن أُنتُظرت منها

هتف والدها مخففاً عن نفسه الوضع... لم يغادر ضيوفه سوى منذ مدة قصيرة فيكف له أن يتفاهم مع طفلته الآن، فكما خيل له قبل أن ينطق بقرار لا يد له فيه
- أرجوكِ إفهميني يا ابنتي قبل أن تقولي أي شيء بوالدكِ؟

تكتفت مشيحة بوجهها عن والدها المثير للشفقة
- هيا أتحفني فلتسرع

بكل خيبة أمل بثها في نفسه نطق متردداً
- لم أسدد قرضي الذي سحبته من عندهم وأنا مهدد بالسجن إن لم أفعل... لم أجد أي حل آخر سوى أن أخبره بأن لي فتاة وحيدة وسأزوجها له دون مقابل فقط أن يأخذكِ على أن يزيد من مدة تسديد القرض

- أكُنا نعيش على أفضاله؟، أكنا نأكل مما ينفقه علينا؟؟

أمسكت برأسها بعد كل هذه الكلمات التي هشمت جدار الثقة بينها وبين والدها
لأجل تمديد الوقت فقط... رهن بمستقبل وحيدته دون ضمان
صاحت بوجهه
- أنت والد سيء تباً لك...

تقدمت منه وأشارت إليه بشجاعة مقاتل مقترب للحرب... قربت إصبعها السبابة إلى صدره
- أنت سيء... وأنا لن أقبل بهذه المهزلة كن رجلاً لتحل مشاكلك لوحدك!

مواجهان لبعضهما والدها ذو الملامح المتهكمة مع خصل شعره البنية التي غطت هامته وعينيه الملتهبة بخفوت بقي صامتاً فما قالته واقع به

قالت عندما تحسست صمته بسخرية
- تعلم بأنك كذلك، لن ترى وجهي ثانية حتى تصبح والداً جيداً

همت بالمغادرة لكنه أمسك بيدها
- أرجوكِ ميدوري لا أستطيع!

تكذب إن قالت أن هذا الواقع لم يحزنها
تكذب إن ظهرت على وجهها دلائل اللامبالاة والبرود
ولكنها صدقت عندما دمعت عينيها دون أن تستدير نحوه لكن صوتها المبحوح استرسل ذاك عبره
- آسفة بل أنا لا أجرأ على العيش معه... وإن فعلت فسأقتله أبي وسأسجن معك

- ماذا عني يا ابنتي وافقي أرجوكِ

سحبت يدها بفظاظة وأدارت رأسها صارخة به ودموعها شقت مسيرةً آبية للتوقف على وجنتيها
- أبي، أتركني أعش... أنت سبب في تأجيلي لدراستي العليا ورسوبي في امتحان القبول

بتأنيب هامسةً أضافت
- أتركني الآن!

كبحت دموعها الجارية عن السيلان وداهمته بنظرة محترقة غير آبهة لمشاعره
سرعان ما تلفتت عنه عندما علقت عينيها بعينيه التي خاب أملها ورجائها

والدها له دخل بكل ما تعانيه الآن، تحملت المسؤولية بعمر مبكرة لكونها تركت مقاعد الدراسة الجامعية
فمثيلاتها الآن بعد سنيتين سيتخرجن وهي متوقفة عن متابعة دروسها

لم يؤلمه الأمر بقدر ذلك بل كلمتها بأن يتركها تعيش بعثت اليأس بوجهه الشاحب
ما إن خرجت وتوارت عنه ابنته حتى أرخى جسده على تلك الأريكة وراح يفكر بأي ذنب قد رماه على كاهله هذه المرة
بل عليه أن يستقيم بنفسه وأن يتحمل مسؤوليات أسرته لوحده

خرجت ميدوري وهي تكفكف دموعها المتوقفة بمكانها ما عساها أن تفعل سوى أن تخرج من هذا البيت وتهرب منه

اختبأت والدتها عنها فقد سمعت كل شيء مع إتسوكي الصغير الذي فهم الأمر رغم صغره... لم يتحمل علو أصواتهم الغير مهدية بالنسبة له فبكى بمرارة لم يحبسها عن أمه

شهقاته جعلته ينسى كل شيء، لطالما تمنى أن تكون له لعبة ثمينةً يحافظ عليها ولم يستطع امتلاكها
لطالما أراد أن يبتعد من واقعه ويتفاخر بين أقرانه في الإبتدائية حتى ولو تلفيقاً و افتراءً منه
شد الإمساك على يد أمه وهي تراقب ابنتها بهدوء... لم تمنعها عن تفكيرها فهو الأصح لها والأفضل

أن يُواجِه والدها ما هو محتم عليه أفضل من أن تمسح السكين بابنتها
لاحظتها وقد عادت بحقيبتها تجر خطاها خلفها موحية بذلك مواظبتها على المضي دون سبب يثني من بأسها
مرت أمامهما ثم بعثرت شعر إتسوكي وابتسمت لوالدتها بكل ود وقبلت جبينها
وعادت للمرور لواجهة المنزل

رفعت من صوتها قاصدةً وصوله لوالدها الذي خمد بمكانه من هول المواجهة
- أنا ذاهبة، فلا تبحثوا عني... ولن أعود إلا إذا تغلب أحدهم على نفسه

رمت كلمتها المفخخة بوجهه وأوصدت باب البيت الخشبي المهلهل ثم ركضت في الشارع تحررت هي مما كان يرهقها بقيود مثقلة لنفسها فالآن وفقط استطاعت أن تقول كل ما بعقلها وقلبها... لا تريد العمل لأجل والدها لكنها تعمل لأجل أخويها ووالدتها
فردت يديها عالياً وصاحت
- لن أتزوج من أي كان... شخص واحد أرغب به عنهم جميعا

وضعت يديها على خصرها كضابط شرطة متأهب... هي وحدها بالشارع الأفضل أن تبوح بكل ما بقلبها وتبعثره أمامها
- يوغامي، فقط ولا أحد غيره... سأفقأ عينيه إن لم يغرم بي غصباً

علت ضحكاتها بالمكان وراحت ترتفع مع شهقة ما، أجل شهقة تبين مدى انكسار قلبها الذي انهار بسبب موقف يوغامي
لما لم تنسه بعد، بل لما بقيت تفكر به حتى بكت لقد وعدت نفسها بعدم فعل ذلك

مسحت دموعها المختلطة ببقايا حبها المتمسك بيوغامي وبما واجهته مع والدها اللحظة وعزمت على السير لشقة كانا فهي ستؤنسها وتنسيها على الأقل شيئاً مما تواجهه الآن










ذلك الشاب ذا العينين المزرقتين بشحوب لازال غير راضٍ على نفسه
فكيف لها أن تقف بوجهه وأن تكبه على عقبه خاسراً
دون كلمة قالتها طوال اليوم هو بات يمقت تصرفها اللامبالي والذي هو متأصل فيه
زم شفتيه بحنق
- تباً، ليس عليّ التفكير فيها لم تكن سوى غبية محبة للأشجار!

زفر يوغامي بحنق شديد بسرعة تحول هذا إلى ابتسامة جانبية ساخرة على ذاك النعت
تذكرها عندما توقفت أمامه وسألها عما إذا كانت تقصده فأجابت بدورها أن كلماتها كانت موجهة للأشجار...
كيف له أن يصدق ذلك من عندها هو بنفسه علم لكنه لم يكن يجد بالنظر إليها أي مغزى بذاته لم يعتبرها بتلك الأهمية.

وقف مبتعداً عن الطاولة البيضاء الكبيرة التي توسطت مطبخ الخدم
كان يجلس عليها طوال نصف الساعة الماضية يفكر بميدوري وقصتها اليوم معه
ظن لوهلة بأنها ستحطم الرقم القياسي بعدم نيل توبيخ منه وهو محق بذات الأمر
تلك الأثناء رمى كل ما خمن به وحذفه من رأسه المشبع بهموم القصر كفاية وعاد متجهاً للخارج حيث أشجار التفاح تلك وحيث تَلَبَسَ سواد الليل حلة للمكان
أخذ صندوقاً صغيراً كان موضوعاً هناك وعلى ما اتضح من الصوت الصادر منه
أنها القطط تلك الهررة الصغيرة والتي استحال يوغامي والداً لها
إبتسم وهو يمشي ناظراً لها بكل ود ليدخلها ويطعمها














منذ أن أتت الروسية من موعدها وهي منكمشة بمكانها داخل غرفتها
ملتفة بغطائها الثقيل دون أن تخرج منه فحتى يوسان سألتها عدة مرات عن صمتها فهي لم تجهل هذه العادة فيها فكلما غضبت سكنت عن أي شيء تفعله
تحاول تجنب التفكير في أن السيد لوكا تجاهلها وتجاهل كونها شابة فتية واجتنب تبرير موقفه وتأخره عنها
- مجرد غبي تافه لا نفع منه... شبيه الضفدع

شبيه الضفدع نعت مناسب له... نظراً لنظارته الكبيرة وطريقة انتقاءه لألفاظه تجعل من أمامه يتمنون قتله فعلياً

طرق باب غرفتها لمرة أخرى مؤكدةً هذه المرة أنها يوسان
- تفضلي خالتي يوسان؟؟!!!

أطلت يوسان برأسها بإبتسامتها الودودة دوماً وقالت
- السيدة كيران ترغب بأن تحضري إليها

رفعت تامينا جسدها محاولة عدم التحدث بقدر الإمكان فقد عصت أوامر الطبيب لعدة مرات اليوم وأولها انفعالها مع لوكا
قالت بصوت خافت
- حسناً سآتي

أماءت يوسان برأسها ثم أغلقت الباب وخرجت تحت هجرة عقل تامينا لمكان آخر أو بالأحرى نحو تخيل موقفها مع كيران

تساءلت من أين لها أن تتكلم حول هذا الموعد الكارثي الذي انتهى على غير ما يرام
أتكذب عليها وهي من ساعدها أم تظل صامتة مدعية عملها بأوامر الطبيب؟؟
اختارت آخر فكرة على أمل نجاحها فكل شيء سيكتشف حتى بإفصاح لوكا وشكوته لكيران... لكن الأخير مترفع عن هذا

وقفت متقدمة الباب وخرجت بذات ثيابها الصباحية
لم تغيرها ولم تأتيها رغبة لذلك فهي الآن مع مشكلة عويصة صنعتها بنفسها فمن أين لها الإفلات

وصلت إلى حيث مكان كيران في تلك الصالة الواسعة ذات الأثاث الباهظ الأنيق من كل نواحيه
وجدتها تقرأ أحد الكتب جالسة على أريكة ذات لون رمادي باهت متلاحم مع الفضي
ولم ترفع ناظريها عنه إلا عندما تكلمت تامينا وعلامات الهدوء تتموضع متضحة بين تقاسيم وجهها الذي لم تعهده بهذا الصمت
- مرحباً سيدة كيران

- أهلاً بكِ

أغلقت كيران الكتاب الذي كانت تطالعه ثم وضعته جانباً واعتدلت بجلوسها
قالت بعد فترة صمت مريب
- كيف كان الموعد، مع السيد لوكا؟

حاولت تامينا أن تختصر فكل توقعاتها بمحلها
- جيد نسبياً

بالنسبة لها جيد لأنها أمسكت أعصابها ولم تقم بوضع حد له
ففتاة بعصبيتها وأعصابها الساخنة كان بإمكانها أن تقوم بفصل رأسه عن جسده بسهولة دون رفة جفن
- ما الذي ناقشكِ به... أم أنه أمر خاص؟!!

كيران لم تكن فضولية لكنها تحاول أن تبدو مهتمة بتامينا فكون الأخيرة عازبة وعمرها قارب الثلاثين رغم عدم وضوح هذا عليها
فالأجدر بها أن تجد رجلاً مناسباً ويبدو بأن لوكا سيكون مناسباً بنظر كيران التي ابتسمت على إجابة تامينا العفوية
- لا، لم يكن خاصاً بما تظنينه سيدتي!

بدأت تلعب بأصابعها مدعية الفتور
- الجيد بالمحادثة التي جرت بيننا أنه قام بدعوتي للتدريس بمدرسته التي ستفتح مستقبلاً

- جيد أرجو لكِ التوفيق عرض كهذا لا يمكن أن تفوتيه تامينا

أجابت كيران وهي تعرف مسبقاً أن الروسية تغتم كل الفرص المواتية لأجل كسب مكانة لها
لكن من أين الآن... لابد لها من أن تكذب أو تصدق وفي كلا الحالتين توريط لنفسها من جديد
- النقاش لم يجري كما يجب... سكبت الماء عليه عنوة

اتسعت عيني كيران العسلية تتمعن بالروسية وكارثتها تعي جيداً من خلال السنين الماضية أن تامينا فتاة لا يمكن أن تظلم أي شخص إن لم يجني على نفسه
ولوكا قد تعدى حدوده بالتهجم عليها والتضييق بكلامه دون عذر
- ماذا... الماء عنوة لما ؟؟؟

- لقد أهانني وتلفظ بأشياء مخزية لي... الأجدر ألا أقولها أخاف أن تفسد العلاقة بينكما

ابتسمت كيران على ما قالته وردت
- أعلم أنكِ شابة متعقلة ولست بعقل يسمح لكِ أن تتسرعي... هل هو كذلك فحسب أم؟؟؟

قاطعتها ترد بسخرية مما حصل أول اليوم
- تأخر ولم يعتذر وكان عليّ أن أنتظره لأكثر من ساعتين دون أن أذكر آخر مرة قام بها بقطع حديثنا مدعياً أنه تلقى اتصالا وأنه منشغل حتى الانكماش

لأول مرة منذ أن أتت من هذه المقابلة تحدثت بطلاقة أبدتها لكيران المذهولة والمتأنية بحكمتها لما فهمته من كلام الروسية فلوكا لم يكن ليتأخر حقاً، ولم يستخف قطعاً بتامينا لولا مشكلته العائلية التي تحتم عليه ملازمة البيت بعض الأحيان لأجل رضاها
- وما الذي ستفعلينه الآن تامينا؟

أشاحت ببصرها مفكرةً
- لأصدقكِ القول سيدة كيران... لن أكمل معه

رفعت تامينا يديها بعدها بقلة حيلة تلوح برأسها نافية
ومضيفةَ
- آسفة سيدتي لكنني إن رأيته مجدداً قد لا أستطيع كبح نفسي

ابتسمت كيران دون إدلاء تضيفه وضحكت بود لكلماتها الساخرة رغم عدم وضوح موقف لوكا الغريب
- عمتم مساءً!!!!

نبرة صوته المستغربة أخرجت كلتيهما من نطاق حديثهما مقاطعةً له
فراحت أمه بود تخاطبه
- عمت مساءً بني

أما الأخرى فهي لم تلحظ هيئته لهذا الصباح وقد فاتها شيء مهم خصوصاً أنها لم تقم برميه بمحاضرة من النوع الثقيل أمام البوابة
- سيد كوجي... هكذا إذاً بدأت عملك اليوم لو كنت هنا فقط

- أعلم كنتِ ستفسدين هيئتي

زفر بملل متجنباً أي حديث آخر يصدر منها لكنه بهذا تجاهل أهم شيء
الاشتباك معها
قفزت تامينا أمامه ورفعت يده
- أنظر أنت لم تعتني بنفسكِ بشكل جيد... هكذا

مال بظهره للأمام وهي تقوم بضربه بكل مرح جاد دون أن يردعها أو يقذفها بكلمة باردة كما عادته
فمن تعبه هذا اليوم فقد قام بأخذ جولة سريعة في كافة أنحاء الشركة دون إهمال جزء منها، حتى المخزن الذي هجر منذ مدة طويلة دخل ليتفقده

وكأي شخص يحافظ على عمله بتلك الشركة فهم أيضاً أخذوا الحيطة منه واهتموا بما يقومون به

بعد مدة أحس بنفسه يتألم من ثقل دمها المنصب عليه فأبعدها قائلاً
- من حسن حظي أنني لم ألتقي بكِ

- لست منطقياً، تعلم بأنني كنت سأجعلك أكثر وسامة

تقدم كيوجا من والدته وجلس بجانبها مقابلاً لتامينا
- ولما أليس العمل أهم من أن أقوم بالاهتمام بنفسي لأجله، ثم إنني لن أستفيد أي شيء فأنا

رفع قبضة يده اليسرى مشيراً لذاك المحبس الفضي اللامع الذي يرتديه ببنصره فيها
بعد أن جلس مستريحاً على الأريكة واضعاً لقدم فوق الأخرى بجوار أمه مسنداً ليده اليمنى على حافتها بكل شموخ
قائلاً
- مرتبط الآن

حملقت به تامينا بكل تغابي منها ومما فعله الآن أمامها ظنت أنه قد تمكن فعلاً من مواساة نفسه بابنة عمه التي لم تظهر بالقصر اليوم

رفعت عينيها صوبه بكل تحدٍ تحاول إثارة أمر غابر قد مر عليه الكثير
- أأنت متأكد بهذا الشأن سيد كيوجا!!؟؟

لم تفهم كيران بما يتحاوران فوجهت نظرها لولدها والذي بدوره تهكمت ملامح وجهه الباردة متجهة للانزعاج مما قالته تامينا
- سبق وانتهى الأمر، أجهل لما تلحين؟

أشاح وجهه بغرور لجهة أخرى هارباً من كلماتها التي ستتفوه بها
- آه، أجل لقد انتهى وكذلك معك، لا تقلق ينتظرك مستقبل باهر بالشركة

قالتها بكل إدعاء ودرامية بحتة فحتى كيران أخرجت ضحكة صغيرة رغم عدم تمكنها من الفهم لكنه هو بصعوبة أعاد بصره صوبهما
- تضحكان أولست مجلبة للسخرية من كلتيكما؟؟

تلفتت والدته نحوه ومسحت على رأسه بطيبة
- أنت من تجلب ذلك لنفسك على الأقل تحدث بما نفهمه

إبتسم لوالدته وقال
- وعلى الأقل يعجبني أنكِ تضحكين بسببي

تنفست تامينا براحة وهي تنظر لهما على الأقل الآن تراءى لها منظره يبتسم لكن تلك هي ابتسامة مزيفة فيه رغم كل ما دفنه فهي لم يخفى عليها ذلك لأنها تفعل شيئاً مماثلاً وإن صدقت

غادرت تاركة لهما يتكلمان بشأن ما قضاه بأول أيامه في الشركة وعادت لغرفتها
فتحت بابها ودخلت بهدوء، شغلت الإنارة وجلست على مرسمها تحاول التفكير برسم لوحة جديدة تنفي كل همومها من رأسها

ما إن أغمضت عينيها تحاول الاسترخاء حتى تراءت لها صورته
هو... الشخص الوحيد
هو أبوها، أمها... أخوها، كل شيء بحياتها كان يذهب ويذوب بقدومه
كان أملها به رغم فارق السن بينهما
فهي طفلة بالحادية عشرة من العمر وهو شاب كاد يبلغ العشرين
رأت ابتسامته المرحة الواسعة تلاطفها من جديد مداعبة لضحكاتها السعيدة المتعالية

بين تلك التلال البيضاء التي غطتها الثلوج في قريتها والمروج الشاسعة
كانت طفلة تركض بإعياء فجأة توقفت وقامت بتكوير الثلج بيدها وضمت قبضتها عليه حتى أحالته كرة بيدها ثم استدارت وألقتها عليه

هربت منه فهو أقسم على إعادتها للبيت وجعلها تذعن لما يطلبه منها شاءت أم أبت ذلك... تمردها فاق توقعاته بأشواط هذه المرة

انبلجت عينيها وبات قلبها يدق مضطرباً
أفاقت من آخر لحظاته معها وأجبرت نفسها على نسيانه لأمد أبعد
لكنها فشلت خلال هذه السنوات السبعة عشر... ولم تستطع

هو لحد الآن يزورها في أحلامها وأحيانا يُخيل لها سراباً بواقعها يبتسم بود وإطلالته المشرقة السعيدة لم تمحى من باطنها... لما لم تستطع؟!!
ألهذه الدرجة تعلق فؤاد طفلة صغيرة كبرت بشخص قد اندثرت أخباره للأبد ولم يعد له وجود

تنفست بهدوء أعادته لنفسها، وعادت كذلك لنفض كل ذكراه عن رأسها
رمت الفرشاة جانباً وجلست على فراشها بصمت رحلت عنها الرغبة في الرسم الآن

تذكرت بأنها لم تتفقد حقيبتها والمبلغ الذي صرفته لنهار اليوم فقامت مسرعة تسحبها من على مشجبها
فتشت فيها على حافظة نقودها، عددت مصروفها الذي بها... لكنها توقفت وبعثرت كل حاجياتها على الأرض
جثت كذلك أمام أغراضها تبحث فيها... عن شيء واحد، عن تلك المذكرة السوداء اللون
حافظت عليها لدهر طويل أين هي الآن ؟؟
- يا إلهي أرجو بأنني لم أضيعها

يئست من إيجادها بعد أن بحثت بكل مكان عنها
كآخر أمل رفعت الدفتر الذي كانت تدون به بدل الكلام
- لقد ضيعتها؟؟، يا لكِ من غبية تامينا كيف لكِ!!!؟

وضعت رأسها بين يديها تندب حظها من أن يكشف ما فيها رغم تفاهته
بعثرت شعرها بحنق على نفسها
- أين هي؟؟، عليّ التذكر

كزت على أسنانها بتعصب ورفعت رأسها للأعلى
- عليكِ التذكر أيتها البلهاء، تامينا كم أنتِ مهملة، أين لكِ أن... أن "المقهى"!

رفعت يدها وقد اهتدت للمكان الذي لربما نسيت فيه مذكرتها العزيزة
- غداً سأعود لذاك النادل وأستلم من عنده مذكرتي، أرجو أنه لم يفتحها وأنها لديهم

بجدية كانت تسترسل عبارتها في نفسها هي الواثقة بكل ما تفعله
لكن لما كتبت بتلك المذكرة خزعبلات غريبة تجعلها تفقد كل ما بنته من اعتزاز
أخيراً انتبهت للفوضى التي فرشتها أمامها فقامت بلملمتها، فجأة وبينما هي منكبة على تنظيف مكانها رن هاتفها فانتشلته من بين أغراضها دون أن ترفعه لأذنها
لاحظت أن المتصل هو شخص لا تعرفه، لكن لا بأس بأن تكتشف من هو
- مرحبا، من معي؟

- وتدعين أنكِ لا تعرفين من أنا!

رفت شفتيها باضطراب تنطق عندما عرفت من هو من نبرة صوته الساخرة التي لم تخفى عنها
- إنه أنت المغرور الغبي، لوكا

لا يخفى عليه كذلك من صوتها أنها تعنيه بألفاظها الغير مؤدبة مع شخص بمثل سمعته، قال بحنق كتمه خلف نبرة صوته
- من فضلكِ يا آنسة لا تتسرعي وتصفيني بالغرور والغباء وأنتِ حتى لم تتعرفي عليّ سوى من موعد قمتي بإفساده بيننا

- من أفسده أيها السيد... آه، أجبني أنا أم أنت!

كلاهما قاما بإفساده، من جهته المستفزة والساخرة ومن جهتها الغير صبورة والعصبية
- لست بمزاج جيد لأنقاش شخصاً مثلكِ لكنني رجل قد أُطيح بكرامته وعليكِ كمخطئة أن تعتذري

لم يكلف نفسه حتى أن يتودد لها لأنه كذلك مخطأ، أحس بكونها فتاة ضيقة نفس وصعبة التعامل مثله... لكنه ألقى كل ما شعر به بعيداً ففاجأته بسخرية تلمسها من صوتها
- إذاً كرامتك هي من سقطت... هل تعلم بأنني كنت بلحظة هادئة و لم أقم بإيذائك!

أحكم إمساكه بذاك الدفتر أو بالأحرى "مذكرتها" بعد حديثها الغريب بالنسبة له

رفع حاجبيه وهو يسير نحو شرفة غرفته الهادئة كذلك والتي تطل خارجاً مجيباً لها بكل دم بارد مستفزاً
- ها، وما الذي كنتِ ستقومين به أيتها الشجاعة؟

كزت على أسنانها فما الذي ستقوله... هي امرأة وهو رجل، أين التكافؤ بين قوة كليهما، تخيلت وضعها الميئوس منه بمواجهته حقاً وراحت تروح عن نفسها، حتى أعاد حديثه بسخرية
- هل ستضربينني أم ستقومين بقتلي مثلاً؟!

بقيت صامتة أمام كلماته المهينة من شأنها لمائة مرة فكرت تلك الثانية بأن تغلق الخط بوجهه لكن ما أجبرها على سماعه شيء ما لم تفهمه
ثقته وهو يحدثها... أحست بأنه يدس لها شيئاً وكان ذلك
- لما اتصلت بي، ومن أعطاك رقم هاتفي ؟

- أول جزء من سؤالكِ سأجيب عنه فيما بعد أما الثاني فلا شأن لكِ لا تكوني حشرية

اتسعت عينيها من قوة ثقته بالتأكيد جنت لتذعن لكل ما يتفوه به وتصغي إليه
- أتعلم أنك وقح وبأنني سأغلق الخط الآن !!؟

- سأمزقها

كاد إصبعها ينزلق ويضغط على زر الإغلاق وفي آخر لحظة سحبته عندما سمعت كلمة واحدة فقط، بسرعة أفلت لسانها لتترجاه
- لا

- ستعتذرين

أخذت نفساً عميقا وقالت
- أحذرك من أن تلحق أي أذى بها أو حتى تفتحها

علمت بشكل ما أن مذكرتها عنده ومع هذا الاتصال الغريب منه ثبت توقعها، ويال سوء حظها
جلس لوكا على الأرض الخشبية أمام الشرفة وتربع يتصفح المذكرة دون اكتراث لتحذيريها مجيباً
- لم أفهم طلاسمكِ هذه!!!

لقد فتحها حقاً، هي محرجة أن يكشف ما فيها لكن ما طمأنها هو أنها باللغة الروسية تذكرت ذلك فجأة رغم فزعها وهي اللغة التي من النادر وجود شخص يتقنها
قالت براحة أشبه بالثقة
- إنها باللغة الروسية

هتف بسخرية من عنده ليخمد تلك الآمال المشتعلة نصراً
- لست جاهلاً، أفهم الروسية جيداً يا آنسة

- مغرور غبي لما قلت عنها طلاسم

صاحت هكذا فكل ما هي عليه الآن بين يديه و يفهمه أيضاً، ما هذه الورطة الكبرى
قال بعنفوان مستهزأً
- خطك غير مفهوم تقريباً ثم عليكِ أن تحسني من تعاملكِ معي، لقد احترمت مشاعركِ كفتاة طائشة وحمقاء

أغلق المذكرة وألقاها جانباً، هو كاذب بكل ما قاله فما قرأه بخط جيد نحواً ما وهو كل ما بقلب تلك الفتاة الطائشة كما أطلق عليها
ردت تامينا
- من فضلك لا تجعلني أشعر بأنني مثيرة للشفقة، كم أدفع لك لتعيد لي دفتري؟

شبك يده إلى صدره وهو ينظر للأرض بإمعان
مهان من قبلها... لا شيء يريده سوى اعتذار وإن عملت غصباً بمدرسته التي سيبنيها مستقبلاً بالطبع ذلك سيهدأ قليلاً من ثأره ويقتص لنفسه
- لست بحاجة للمال، أنا بحاجة لكِ

- لي؟؟؟، يا لك من منحرف وقح بليد

هاجر عقلها لمكان آخر في حين أنه أحرج من تفوهه بما قال فصحح وهو يعدل من نظارته التي غطت وجهه
كيف أفلتت كلمة منه بذاك المعنى؟!
- ليس لكِ أيتها الخرقاء بل لموهبتكِ، لا تحسبيني شخصاً بمثل ما وصفتي أيتها النزقة الخرقاء

- غداً بنفس المكان والوقت، لن أحتمل أي تأخر

حاولت اختصار الحديث معه لعلها تنقص من كم الشحن السلبية التي تنبعث بكل منهما، فهم هو ذلك واختصر أيضاً
- حسناً

قالها بهدوء ثم أغلق الهاتف بوجهها دون أن ينتظر منها شيئاً
عاد لحمل مذكرتها وتصفحها للمرة الثالثة اليوم لا يوجد فيها أي شيء مميز لا خط ولا كلمات عدا أنه نفس التاريخ أعادته لمدة سبع عشرة مرة، يوم واحد و كل صفحة تمر عليه سنة
علم بأن كل صفحة بها كلمات معينة وكذا يتغير بها خطها على نحوٍ ليصبح أكثر تحسناً
إبتسم وهو يقرأ
- سر خطير وأظن أنه سبب غضبها على فقدان المذكرة

رفع يده ليسحب تلك القبعة التي أبانت على خصلات شعره البنية الغامقة اللامعة بشدة

فوقف ونزع نظارته ووضعها على مكتبه الصغير مع مذكرة تامينا والذي بدوره تموضع بمنتصف غرفته المتناسقة بين اللون الأبيض و الأسود
بعدها توجه صوب الإنارة و أغلقها ثم عاد للخروج و تفقد زوجة أبيه المنسة المصابة بالخرف والتي تعيش معه سوى هي وخادمته "هينا"
لطالما كان باراً بها كأنما أمه التي لم تلده... فهو قد فقد أمه بسن مبكرة ومخافة والده من أن يضيع ولديه قرر أن يتزوج، بعد مدة من ذلك توفي والده وسافر شقيقه الأكبر وتركه مع زوجة والده التي ربته بكل حنان وجعلته رجلاً متمكناً وليرد لها عطائها كان عليه أن يعتني بها في كبرها وعجزها.












- كانا أنظري أهذا ما نحتاج له!؟؟

- لا، ثمنه باهظ ولست أملك مبلغه

تبدلت ملامح ميدوري من المبتهجة إلى متهكمة فكلتيهما الآن تقتنيان بعض الأغراض اللازمة لطهو العشاء فكانا لم تكن لتطبخ شيئاً لنفسها لكن بإلحاح ميدوري الجائعة التي بقيت تخبرها بأن تحسن معاملتها كضيف وافقت الأخيرة

أخذت ميدوري كيس لرقائق البطاطة ووضعته بمشترياتها ثم انطلقت نحو كانا والتي لم تقم بأخذ أي شيء عدا علبة و يبدو من شكلها أنها طعام معلب كذلك وسريع الطهو، لم تعلق بل اكتفت بسحب كانا معها للدفع
- ميدوري على الأقل ادفعي ثمن ما اشتريته، أخبرتكِ أنني لا أمتلك ولو فكه واحدة!

توقفت ميدوري بمكانها ما الذي ستفعله فهي بنفس المأزق والأدهى من هذا أنهما قد وضعتا ما اشترياه أمام البائع للحساب
حولت ميدوري نظرها من البائع لكانا
- على الأقل ضعيه على الحساب لأجلي

لم تشفق كانا على ميدوري بل أخذت الكيس لتعيد ما قامتا باقتنائه قائلةً
- لست مستعدة لتحمل ديون أخرى على عاتقي

رفعت ميدوري حاجبيها تعجباً من رفيقتها الغريبة وهي تهم بإعادة المشتريات لكن فجأةً يد منعتها من أن ترجع
أعلت كانا ناظريها نحوه وقالت بتمتمة بعد أن توضح مظهره الحسن الإطلالة لها
- السيــ...السيد كوباياشي!!

- مرحباً ما الذي تفعلانه هنا؟

إحتارت ميدوري وكانا من تواجد هايتو ومعه مينابو التي قفزت بعد أن كانت تقف خلفه بنفس المكان فقالت الأولى محاولة التفسير
- بل أنتما ما الذي تفعلانه؟

رفع هايتو كيساً وأشار لمينابو
- كنت سآخذ دروساً في الطهو من عندها

وخزته مينابو بخفة فكون هذا أمر سري خاص لا يجب أن يعلم عنه أحد وفي خارج هذا الموضوع قالت
- وأنتما، هل من خطب ؟؟

أجابت ميدوري بحشرجة فهذا يذكرها بموقفها قبل مدة مع والدها
- لا، فقط كنت سأعطي دروساً في الطهو لكانا

بدت كذبة أكثر منطقية من أن تتفوه أمام هايتو بكل شيء
وكانا التي دهشت وحرجت من هذا فحتى لو أنها فتاة عليها أن تجيد الطبخ... كيف لصديقتها أن تزج بها في هذا الموقف
همست لها ميدوري بخفوت علها تساندها
- هيا أجيبي وسأدفع

- آه، أجل ستقوم ميدوري بتعليمي أسس الطبخ من أول قاعدة

بدت موافقة لها بابتسامة متسعة عندما تعلق الأمر بالدفع

مينابو لم تفهم ما بالهما هي تعلم أن كانا تجيد الطهو لوحدها كما أنها لأول مرة تحاول فهم الحاصل فيما بينهما

نظرت للكيس الذي كانت كانا تحمله فرفعت حافظة نقودها وأخرجت مبلغاً كفيلاً بالتسديد ودفعت عنها تحت تعجب الجميع ومن أولهم هايتو

أزاحت كل الإستفهامات حول ما قامت به قائلةً
- ولأجل أن تتعلم كانا الطهو بشكل جيد دفعت عنكما هذا اليوم، أرجو أن أتذوق طعامها عندما تحترف

ضيقت ميدوري عينيها بمكر وسحبت مينابو بخفة من قلنسوة سترتها الطويلة وأجبرتها على المشي معها مبتعدةً عن هايتو وكانا
توقفتا بمكان لا يمكن أن يسمعهما أحد فيه بذاك المتجر الكبير نوعاً ما خلف أحد الرفوف المتمركزة هناك
- تستخفين بنا مينابو أم ماذا... لما دفعتي ؟

كانت الفرصة مواتيةً جداً لمينابو فهي متسائلة
قالت بقلق متجنبة تساؤل ميدوري عن الدفع
- ما الذي يجري معكما لا تكذبي عليّ مجدداً بشأن أنكِ ستقومين بتعليم كانا الطهو... خاطبي خدع أما أنا فلا!؟

ضحكت ميدوري بصعوبة من هذا فهي أيضاً كانت ستصدق هذه الخدعة بعد مدة تذكرت آلامها وردت
- ليس لديّ رغبة في قول كل شيء بالوقت الراهن

- متى إذاً ستخبرينني؟؟

ردت ميدوري
- سأقرر أن نجتمع بيوم ما... وسأقص عليكِ كل شيء

كانت مينابو تعلم بشكل أو بآخر أنها أصبحت مقصرة بشأن صديقتيها لأنها لم تزرهما أو حتى أنها كانت تتصل بهما فوقتها جله انصب باهتمامات عملها... حاولت التفكير كذلك بوقت ما لتكون فيه برفقتهما
بعد مدة صمت
- ما رأيك بالغد، أقصد أن تأتي أنتِ وكانا وتمضيا الليلة معي

تذكرت تلك الشابة الصاخبة حيويةً وأضافتها كذلك
- تامينا، عليكِ أن تحضريها معكِ ستكون ليلةً للمبيت الجماعي بشقتي

وافقت ميدوري بسرعة فلا بد أن كلتيهما ستستمتعان برفقة مينابو وتامينا أيضاً
سرعان ما تذكرت
- سيشك خاطبكِ بشأن تأخرنا

- لا تقلقي بشأنه هو لا يكترث بالتأخر كثيراً

مضت ميدوري تحاول إغضاب مينابو بخفوت
- لا يكترث بالتأخر أم أنه وجد حسناء غيركِ ليتسكع معها رجال اليوم، لا يهتمون

ضيقت مينابو عينيها بمكر تشير لها حول يوغامي وبروده
- تقصدين بعضهم... وليس كلهم ميدو، ثم لا تخافي فهايتو أذكى من أن يتركني ويذهب لسواي

نفخت ميدوري وجنتيها من الضيق فهذه حقيقة لا تنكرها منها ومن الجميع
- هل تعلمين، سأفقأ كلتا عينيه

وضعت مينابو يدها على كتف ميدوري وابتسمت بود كما نظراتها عندما تكترث لشخص يهمها أمره حقاً
- لا تقلقي لن يجد فتاة مثلكِ، وإن فأقتي عينيه فأنتِ الخاسرة

ضحكت كلتيهما، حتى وإن كان لبعض الوقت فهو حتماً شيء جيد لتبقيا معاً به وتغيرا من هذا الشعور المريب

وصلتا إلى حيث وجود هايتو وكانا التي بدت بإطلالتها المرحة كما عهد منها بدا وكأن حديثاً جرى بينهما

كان هايتو يسألها عن حال دراستها خصوصاً أن الاختبارات على وشك البدء وهي تجيبه لم يغب عليه آن ذاك أن يتذكر نفسه وهو بذات عمرها كيف أن مدير ثانويته لاحظ فيه قدرة استيعاب نادرة بين الطلاب فقد حاز على اهتمامه

أتت ميدوري وبصحبتها مينابو ليقطعا هذا الحديث المملوء بالذكريات من طرفه فقال بود
- سننصرف الآن، عن إذنكما

مضى ولوحت مينابو لميدوري هامسةً
- سنلتقي في الغد، لا تتأخروا

تلفت نحوها هايتو مستفهماً، عقف أحد حاجبيه بغرابة
- ما الذي ستفعلنه؟؟

أسرعت مينابو وتأبطت ذراعه مدعية عدم المعرفة أو بالأحرى تجاهلتها
- لا شيء، مبيت جماعي بشقتي اشتقت لصديقاتي أولم تفعل أنت؟؟؟

لم يعلم لما سؤالها ذاك جعله يتذكر ما واجهه قبل سنتين تلك الحقيقة المرة التي كان عليه مواجهتها لكنه فر منها
لم يكن ليصارحها فكل شيء خمد وكان من الأفضل له أن يتستر على ما اقترفه هناك وإلا فإن هذا سيهدم كل أماله وما سعى لتحقيقه

مجرد هفوة في شبابه جعلته يصدق أنه سيصبح ثرياً
كان يكره ذاته لكونه شعر بالسذاجة التي أبداها دون تردد
هتفت لتخرجه من مطبات ما فات
- هايتو تكلم

إبتسم بوجه بديع التقاسيم جعلها أسعد بشر تلك اللحظة
- ماذا، آه تذكرت لا تقسي عليّ إن أخطأت يا معلمتي

قالها ممازحاً فوخزته لمرة أخرى
- ستضطرني لإنزال عقاب بك

- لما، أولستِ لطيفة أم أنكِ تخفين قناعاً خلف براءتكِ؟؟؟

أخرجت نفساً متأنياً على ما تفوه به مهما حاولت أن تؤثر عليه فلن ينفع
- أجل... لكنني أتحول بوقت الشدة

رفع يده الحرة وسحب قلنسوة سترتها ليضعها على رأسها أصبحت بذلك كالطفلة
ضحك بدوره عليها وهمس
- هيا بنا، يا آنسة "شرسة"

مضى أمامها يسرع بخطواته فقد جاءا مشياً وهي من طلب ذلك

ركضت خلفه تحاول تأنيبه
- توقف عن قول أنني شرسة أنا لست كذلك








أخذ دفتر كشف أجور العاملين، تحت ذاك الضوء الخافت بغرفته جلس، مع أنه أول يوم له بالشركة فهو جاد لحد كبير
حك شعره الأسود بينما يقلب صفحاته ويقرأ أسماء الموظفين بين أعمارهم والأقدمية
- سأرفع أجر الأكبر من خمس وأربعين أما الباقي فبحسب عدد الساعات سيكون أجرهم

زفر بملل لم يبدو أبداً بهذه الجدية قبلاً، وراح يحاول حساب عدد العاملين ومردود الشركة بالشهر الفائت لينظر على ذاك الميزان، فحتى هيجيكا أخبره بأنه قد راجع كل شيء وأنهى مهامه قبالة قدومه والأخير فضل أن يقوم بإعادة كل شيء بنفسه

كانت الساعة تشير للواحدة والنصف ليلاً حين أنهى مراجعة الدفتر وخرج من غرفته ليذهب لحديقة التفاح أسفل القصر
مضى حافي القدمين علَ ذلك يشعره بسكينة هذه الليلة "العديمة"
عديمة القمر
ما إن نزل واستشعر برود العشب تحت قدميه حتى إبتسم بلطف لم يكن أحد ينتظره منه
أهي سعادته بترأسه للشركة
أم شيء آخر
رفع عينيه بنشوة فرح للأعلى ونظر للسماء الحالكة أشد سواداً من شعره
- ليلة مستقلة...؟؟

- بماذا مستقلة، هل كنت بحرب أم ماذا؟

انبلجت عينيه على وسعهما لما عليها أن تظهر بوقت متأخر من الليل كلما كان بحاجة للبقاء لوحده، فزع من مظهرها أكثر من أي وقت مضى
قال بصعوبة يستجمعها
- تــ... تامينا بربكِ ما الذي تفعلينه هنا؟

زفرت تامينا بملل وهي تظهر قارورة مياه من خلفها
- هل لديك مانع من أن أشرب أيضاً، تباً لك لقد أفسدت مزاجي

إبتسم ببلاهة لم يسعه أن يرد عليها وعلى لسانها الدائم الإفلات منها فكلام لوكا معها جعلها أكثر عدوانية من قبل

قال كيوجا مستفسراً
- لما أنتِ غاضبة لحد الآن؟

رفعت القارورة وشربت ثم عادت لإغلاقها بعيون متعجبة
- كم من شخص قادر على قراءة وفهم اللغة الروسية؟

- ربما واحد من أصل ألف شخص، أي قرابة صفر فاصل اثني عشر

لما هي تسأله عن هذا وقد رمت كل أحاديثها التي دائماً ما تؤنبه بها جانباً هذه المرة!!

تردد كيوجا قبل إجابتها فشدت هي على شعرها أشبه بأنها ستنتفه بغير صبر
- ولما عليه أن يكون هو الواحد من الألف هذا غير منصف بحقي... لما عليه أن يكون من الصفر فاصل اثني عشر

- ما الذي يحصل معكِ يا امرأة؟؟

قالها كيوجا وهو يخطو مبتعداً عن تامينا الغير مدركة لتصرفها المتعصب بدا غير مرتاحاً لهذه النوبة التي غزت كل ملامحها بريبة

شدت بيدها على القارورة حتى شوهت شكلها وجعلتها أشبه بالمهملات المستهلكة، وكزت على أسنانها ناطقةً
- أن يقوم شخص باحتقارك وأخذ أهم ما لديك فكيف سترد عليه!!!

أخذ أهم ما لديه
سبق وفُعل ذلك به
سبق وأن تم افتكاك ما يريده لنفسه منه بكل قسوة استشعرها

انتصب بمكانه جاثماً يراوده ذاك الإحساس الذريع المر مرة أخرى
دون رفة جفن ينظر لتامينا غابر الحس
التالية فجأةً سكنت مكانها وتلفتت نحوه بتلقائية فهو قائم دون حراك
تائهاً بعيونه الشهباء المضمحلة للسواد دون لمعان نحو اللاشيء نحو فراغ مهجور
- ما الذي فعلته؟

أفاق كيوجا من حيرته رمش عينيه لعدة مرات سائلاً لتامينا التي فرقعت أصابعها أمام عينيه علها تخرجه من باطن أغواره اللامتناهية
- لم أفعل شيئاً كنت أندب حظي وأنت تفكر بحياتك مع السيدة ريناتشي

فكرت تامينا بأن تزيح عنه ما غاب فيه
تعرف بأنه يفكر بحبه القديم بشكل مشوش لذا قامت بنطق اسم من تكرهها غصباً عنها بدل صديقتها الأخرى

هو بأول مراحل النسيان فهي التي لم يستطع أن يخفي هذا عنها... هي مثله لكن بطريقة أخرى ولا أمل مرجو منها أبداً
- أكل هذا للسيد تاكيشيما؟؟؟

- أجل له، وهل تعلم لقد أطاح من شأني وأنا لن أصمت

حدثته تامينا بكل ما خبأته من تخمينات فرد كيوجا واضعاً ليديه بجيب بنطاله ناظراً بشموخ للأعلى
- إذاً عليكِ أن تصلحي الأمر معه... ما رأيكِ

- سأصلح كل شيء، لكن بطريقتي

ضحكت تامينا هامسةً بمكر معيدةً خطاها بهدوء نحو الداخل مثنية لظهرها بطريقة تنبئ بحدوث كارثة حتمية وعيناها اللتين تمثلتا بضيق ونظرةٍ خبيثة أشبه بالثعلب

مال بجذعه ينظر لها كيف اختفت هي وضحكتها التي لا تبشر بخير
ابتسامة جانبية غزت ثغر كيوجا وقد أغمض عينيه براحة تلمسها مع خلو الجو وعودة لحظات سكونه
- طريقتها، أتمنى أن أتعلم منها فقط!

رفع كتفيه بخفة دون إدلاء حقيقةً يرغب بأن يعرف طريقتها بمعالجة المشاكل














__________________
ليسَ وهماً ، لكنهُ حقيقةٌ جميلة تَمَنيْت أن تدومَ
أكْثر~






التعديل الأخير تم بواسطة رايـآن ; 06-04-2014 الساعة 02:04 AM
رد مع اقتباس