الشبهة الثالثة عشر قولهم: أن في قصة إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار اعترض له جبريل في الهواء فقال:
ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، دليل على أنه لو كانت الاستغاثة بجبريل شركاً لم يعرضها على إبراهيم؟ جواب الشبهة الثالثة عشر
اعلم أن جبريل إنما عرض عليه أمراً ممكناً يمكن أن يقوم به فلو أذن الله لجبريل لأنقذ إبراهيم بما أعطاه الله تعالى من القوة فإن جبريل كما وصفه الله تعالى: ((شَدِيدُ الْقُوَى))[سورة النجم:5] فلو أمره الله أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها ويلقيها في المشرق أو المغرب لفعل ولو أمره أن يحمل إبراهيم إلى مكان بعيد عنهم لفعل ولو أمره أن يرفعه إلى السماء لفعل. وهذا يشبه لو أن رجلاً غنياً أتي إلى فقير فقال هل لك حاجة في المال؟ من قرض أو هبة أو غير ذلك؟
فإنما هذا مما يقدر عليه، ولا يعد هذا شركاً لو قال نعم لي حاجة أقرضني، أو هبني لم يكن مشركاً. الخاتمة وبعد أن عرفنا الجواب على هذه الشبهة، فإنه لابد أن يكون الإنسان موحداً بقلبه وقوله وعمله، فإن كان موحداً بقلبه ولكنه لم يوحد بقوله أو بعمله فإنه غير صادق في دعواه، لأن توحيد القلب يتبعه توحيد القول والعمل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". فإذا وحد الله كما زعم بقلبه ولكنه لم يوحده بقوله أو فعله فإنه من جنس فرعون الذي كان مستيقناً بالحق عالماً به لكنه أصر وعاند وبقي على ما كان عليه من دعوى الربوبية، قال تعالى:((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً))[سورة النمل:14] وقال تعالى عن موسى أنه قال لفرعون:((لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ)) [سورة الإسراء:102]. ولا يعذر من عرف الحق، ولكن لم يفعله خشية مخالفة أهل بلده ونحو ذلك من الأعذار، وهذا العذر لا ينفعه عند الله عز وجل، لأن الواجب على المرء أن يلتمس رضا الله عز وجل ولو سخط الناس. وأن غالب أئمة الكفر كانوا يعرفون الحق لكنهم عاندوا فخالفوا الحق كما قال تعالى: ((الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ))، وقال: ((اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً)) فكانوا يعتذرون بأعذار لا تنفعهم كخوف بعضهم من فوات رئاسة وتصدر المجالس ونحو ذلك. ومعرفة الحق دون العمل به أشد من الجهل بالحق، لأن الجاهل بالحق يعذر،
وقد يعلم فيتنبه ويتعلم بخلاف المعاند المستكبر، ولهذا كان اليهود مغضوباً عليهم لعلمهم بالحق وتركهم إياه،
وكان النصارى ضالين لأنهم لم يعرفوا الحق، لكن بعد بعثة الرسول صلى الله عليه
وسلم كان النصارى عالمين فكانوا مثل اليهود في كونهم مغضوباً عليهم. وإن العمل بالتوحيد عملاً ظاهراً دون فهمه، أو اعتقاده بالقلب فهذا هو النفاق، وهو أشر من الكفر الخالص لقوله تعالى:((الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)) [سورة النساء:145]. والله اعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. --------------- 1) هذا البحث قمت بنقله واختصاره من كتاب كشف الشبهات للشيخمحمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وقد دمجت شرح الشيخمحمد بن صالح العثيمين رحمه الله لكشف الشبهات مع كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حتى يظهر بالصورة المناسبة، وهذا والله أعلم.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |