06-09-2014, 03:46 PM
|
|
كأس العالم يا إخوة الإيمان، بدأتِ اليَومَ الملهاةُ الكُبرَى، أو كأسُ العالمِ لكرةِ القدمِ كما يُسَمٌّونَه... ويَعلَمُ اللهُ أنَّنِي لستُ من أعداءِ الرياضةِ، بل أنا مِمَّن يحبٌّونَها، ويمارسُونها، ويَدعُونَ إليها كما دعا إليها الإسلامُ كوسيلةٍ, للصِّحَّةِ والقوةِ... ففي صحيح مسلم أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((المُؤمِنُ القَوِيٌّ خَيرٌ وَأَحَبٌّ إِلَى اللَّهِ مِنَ المُـؤمِـنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُـلٍّ, خَيرٌ... )). ومن وسائلِ اكتسابِ القوةِ، ممارسةُ بعضِ الأنشطةِ الرياضيةِ التِي تُنمِّي الجسـمَ وتقوِّيهِ، كالرمايةِ، والسِّباحةِ، والمصارعةِ، والعدوِ، ونحوِ ذلكَ... وبهذا جاءت توجيهاتُ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- وصحابَتِهِ الأبرارِ... فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمُرٌّ على أصحابِهِ في حلقاتِ الرَّميِ فيُشَجِّعُهُم ويقولُ: ((ارمُوا وَأَنَا مَعَكُم)) ـ البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيكُم بِالرَّميِ فَإِنَّهُ مِن خَيرِ لَعِبِكُم)) حديث رقم 4065 صحيح الجامع. وقد كانَ الصَّحابةُ -رضي الله عنهم- يتسابقونَ على الأقدام، والنبيٌّ -صلى الله عليه وسلم- يُقِرٌّهُم عليهِ، ويُروَى أنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- صارعَ رجُلاً معروفاً بقوَّتهِ يسمى رُكانةَ، فصَرَعَهُ النَّبِيٌّ أكثَرَ من مرَّةٍ,، كما شَهِدَ -صلى الله عليه وسلم- احتفالاتِ المبارزةِ، فقد رَوَت عَائِشَةُ زوجُ النبيِّ الكريمِ: (كَانَ الحَبَشُ يَلعَبُونَ بِحِرَابِهِم فَسَتَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَنظُرُ، فَمَا زِلتُ أَنظُرُ حَتَّى كُنتُ أَنَا أَنصَرِفُ) ـ البخاري. وقالَ عمرُ -رضي الله عنه-: "عَلِّمُوا أولادَكُمُ السِّباحةَ والرِّمايةَ، ومُروهُم فَليَثِبُوا على ظهورِ الخيلِ وَثباً". فهذه ألوانٌ من اللهوِ، وأنواعٌ من الرِّياضَةِ كانت معروفةً عندَهُم، شرَعَها النَّبِيٌّ -صلى الله عليه وسلم- للمسلمينَ، لمُزاوَلَتِها أو للفُرجَةِ، ترفيهاً عنهُم، وترويحاً لَهُم، وهي في الوقتِ نفسِهِ تُهَيِّءُ نُفُوسَهُم للإقبالِ على العباداتِ والواجباتِ الأُخرَى، أكثرَ نشاطاً وأشَدَّ عزيمةً... من هنا أريدُ أن أقولَ: إنَّ الإسلامَ يُقِرٌّ ويَحُضٌّ على الرِّياضةِ الهادفةِ النَّظيفةِ، التي تُتَّخَذُ وسيلةً لا غايةً، وتُلتَمَسُ طريقاً إِلىَ إيجَادِ الإنسانِ الفاضِلِ المتميِّزِ بجِسمِهِ القوِيِّ، وخُلُقِهِ النَّقِيِّ، وعَقلِهِ الذَّكِيِّ، فمن حقِّنا أن نتمتَّعَ بالرياضةِ، إذا كانت وسيلةً لا غايةً، واستِمتاعاً لا تَعَصٌّباً. إخوةَ الإيمان، ما أبشعَ البعضَ عندما يُصيِّرونَ الحلالَ حراماً، فالمصارعة حلالٌ، ولكن عندما تتحوَّلُ إلى استعراضٍ, للعُريِ، فإنَّ هذا النَّوعَ من المصارعةِ وليسَ مُطلقَ المصارعةِ يدخلُ قائمةَ المحظوراتِ من الرِّياضاتِ، فضَرورةُ سَترِ الأجسادِ لا تحتاجُ إلى دليلٍ,، يكفي قولُهُ -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا يَنظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَورَةِ الرَّجُلِ، وَلَا المَرأَةُ إِلَى عَورَةِ المَرأَةِ، وَلَا يُفضِ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوبٍ, وَاحِدٍ,، وَلَا تُفضِ المَرأَةُ إِلَى المَرأَةِ فِي الثَّوبِ الوَاحِدِ)) مسلم. وسِباقُ الخيلِ حلالٌ، ولكن عندما يُصبِحُ السِّباقُ بُؤرَةً للمراهَناتِ، فإنَّ السباقَ يدخلُ دائرةَ المَيسِرِ والقِمارِ المُحَـرَّمِ والمَنهِيِّ عنه، وكُرَةُ القدمِ من أنواعِ الرياضةِ المباحةِ، ولكن شريطةَ ألا تَشغَلَنَا عن واجباتٍ, ثِقالٍ, تلاُحِقُنا من يمينٍ, وشِمالٍ,، ونحن نلاحظُ أن الرياضةَ ـ وخاصَّةً كرةَ القدمِ ـ صارت كالبلاءِ أو كالسٌّعارِ، حيثُ انحرفت عن طَريقِها المقبولِ، وزادت عن حدِّها المعقولِ، فالجماهيرُ الغفيرةُ منَ الناسِ تترُكُ أعمالَهَا من أجلِ كرةِ القدمِ، والألوفُ تتجَمَّعُ حَولَ أَجهِزَةِ التلفزيونِ لمشاهدةِ هذِهِ المبارَياتِ بِحِرصٍ, وشَغَفٍ, مجنونَينِ، وليتَ هذه المشاهدةَ تَتِمٌّ في هدوءٍ, وحكمةٍ,، ولكِنَّها تمتلئُ بالصَّخبِ والضَّجيجِ، والمناقشةِ الحادَّةِ، والتَّعصٌّبِ الأحمق، مما يؤدِّي إلى خلافٍ, عنيفٍ,، أو إلى خصومةٍ, هائجةٍ, بين الأصدقاءِ والمعارفِ، وبين الأزواجِ والزَّوجاتِ، وبين الأبناءِ والآباءِ، قد تبلغُ حدَّ التقاذُفِ بالتٌّهمِ والشتائمِ...
التعديل الأخير تم بواسطة ★Mφφπ ℓเgнτ ; 06-10-2014 الساعة 12:57 AM |